|
رئيسة جمهورية فى الهند وميس حجاب فى مصر
محمد فُتوح
الحوار المتمدن-العدد: 7221 - 2022 / 4 / 17 - 01:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
رئيسة جمهورية فى الهند .. و " ميس " حجاب فى مصر ! فى الخامس عشر من أغسطس 1947 ، كان استقلال الهند ، مستلهمة نضال الروح العظيم " غاندى " ، 2 أكتوبر 1869 – 30 يناير 1948 ، زعيم العصيان المدنى ، وقائد المقاومة السلمية . تكبدت الهند ، ثمناً باهظاً للاستقلال عن المحتل البريطانى . دفع الرجال والنساء والشباب والأطفال ، دماءهم التى تشربت بها الأرض . فأثمرت أجيالاً أبت ، إلا أن يسلم المحتل ، متنازلاً عن جوهرة التاج البريطانى ، تاركاً الجوهرة النادرة ، لأهلها بعد سنوات طويلة ، من نهب خيراتها . الهند ، ذلك البلد الشاسع مترامى الأطراف ، والذى يعيش على أرضه مئات الملايين من البشر. طوائف كثيرة ، لها ديانات متعددة ، أكثرها شيوعاً بين السكان الديانة الهندوسية ، وهناك أكثر من خمس عشرة لغة يتكلمون بها . استقلت الهند ، وبدأت تخطو خطوات واسعة نحو التقدم والتطور. اتخذت من النظام العلمانى ، أسلوباً للحكم ، كى تشمل تحت مظلته ، كل هذه الطوائف ، بأديانها المتعددة ، ولغاتها المختلفة . سارت فى طريق العلم وامتلكت السلاح النووى ، وأنشأت قلعة صناعية ، جديرة بالاحترام ، وامتلكت مفاتيح ، العلم وأصبحت دولة متميزة ، فى مجال الكمبيوتر. فهناك قرية كبيرة بكاملها ، تصنع جزءاً أو بعض الأجزاء من الكمبيوتر ، تتفوق وتتميز على ما تنتجه ، بلاد كثيرة فى هذا المجال . الهند ذلك البلد الغريب ، الذى يجمع ما بين المتناقضات . الثراء الشديد والفقر المدقع . المرأة فيها ، تكاد تكون خاضعة للرجل ، الذى يسيطر . والذكور فى الأسرة الهندية ، ينالون اهتماماً أكثر من الإناث فى أشياء كثيرة . الهند هذه ، هى التى أنجبت أنديرا غاندى التى حكمت لفترة من الزمن ، والتى امتدت شهرتها للقاصى والدانى ، فى هذا العالم . لقد اقترن ذِكر الهند باسمها . تلك المرأة التى شربت لعبة السياسة وحكمت هذا البلد الكبير . لقد فاجئتنا الهند أيضاً ، وفى سابقة هى الأولى من نوعها ، إلى تنصيب المرأة كرئيسة لجمهورية الهند . الهند ذلك البلد الفسيح ، بفلاحيه وعماله ، وموظفيه ، برجاله ونسائه ، بطوائفه المتنوعة ، قد استقر على امرأة نصبها على قمة رأس الهرم السياسى الهندى ، لتحكمه من شماله وجنوبه ، وشرقه وغربه . إنه النظام العلمانى ، الذى لا يفرق بين النساء والرجال ، لا يفرق بين الناس بسبب دينهم ، أو جنسهم أو عرقهم أو لونهم . إن الناس فى ظله سواسية . فما يجمعهم هو المواطنة ، حيث ينتمون إلى وطن واحد . لقد سبق أن اختارت الهند رئيساً مسلماً ، بالرغم من أن هناك قلة ممَنْ يدينون بالدين الإسلامى . وهذا قد حدث فى ظل النظام العلمانى ، وبدونه يستبعد أن يحدث ذلك فى أى نظام آخر . إن النظام العلمانى ، يفتح للمرأة المجالات ، التى احتكرها للرجل . فلم يشعر الرجل الهندى، بعقدة النقص ، أو بالسخط ، لأن رئيسته امرأة . فهل تخلص الهنود من العقد الذكورية ، التى مازالت تسيطر على الرجال والنساء فى مجتمعاتنا الإسلامية ؟ . هذه هى المرأة المواطنة فى الهند ، رئيسة وزراء ، ورئيسة جمهورية . أما عندنا فى مصر ، حيث التيار الإسلامى الصحراوى الشكلى ، أصبح مهيمناً ومسيطراً على العقول والقلوب ، على الرجال والنساء على السواء . فالبعض مازال يرفض وينكر أحقية المرأة فى بعض الوظائف . على سبيل المثال فى مجال القضاء . فما بالنا فى تنصيبها كرئيسة جمهورية . إنهم وفى هذا القرن يتحدثون عن الخلوة الغير الشرعية ، ومدى صحة إرضاع الكبير ، وكيف تصبح المرأة قاضية ، وهى عاطفية ، سريعة الانفعال ، وشهادتها أمام المحاكم نصف شهادة الرجل ، واذا أقروا لها بامكانية أن تصبح قاضية ، حصروها فى مجال الأحوال الشخصية . مازلت أصر ، على أن التيار الإسلامى الصحراوى الشكلى ، هو سبب تخلف المرأة ، وكذلك الرجل . فهم يعيشون بأجسادهم فقط فى الحاضر . أما عقولهم وقلوبهم فهى تهيم ، فى الماضى . وما أسوأ النتائج التى يمكن أن تحدث من هذا الانفصال بين الجسم والعقل . ماذا تفعل المرأة فى مصر اليوم ، فى ظل هذا المد الإسلامى الرجعى ، ما هى أنشطتها ، ما هى طموحاتها ، بماذا هى منشغلة ؟ . لقد شعرت باستياء ، بعد قراءتى ، لموضوع مسابقة " ملكة جمال الحجاب " ، لتحرير القدس ، فى احدى المجلات الأسبوعية . يقول الخبر : نظمت حركة البنات الطلابية المنتمية للتيارات الإسلامية ، بــ كلية الزراعة بجامعة القاهرة ، مسابقة لاختيار " ملكة جمال الحجاب " على أنغام " D.J " الإسلامى . وكانت الأسئلة للمتسابقات ، كالتالى : ما هو سبب ارتدائك الحجاب ؟ ، هل تهتمين بمظهر الحجاب فقط أم تعملين وفقاً له ؟ ، وكيف يكون ذلك الفعل لــ نصرة الحجاب ؟ . واشتمل الحفل على لعبة السلم والثعبان . وتدور فكرة اللعبة حول كيفية تحرير القدس ، وذلك بأن يتم توجيه عدة أسئلة للفتاة التى تصل إلى الثعبان ، توضح من خلالها كيفية الوصول إلى المسجد الأقصى . وتُسأل الفتاة ، كيف ستقفين فى مواجهة الأعداء ، وأنت لا تحافظين على الصف الأول فى أداء الصلاة ؟ .وكيف ستجاهدين الأعداء وأنت لا تجاهدين نفسك ؟ . وأنا هنا ، لا أعترض على التفكير فى تحرير القدس ، والوصول الى المسجد الأقصى . ولكن ما جعلنى أشعر بالاستياء هو طريقة التفكير ، وتصور الحلول الساذجة ، التى تنم عن عقليات خاوية . بنات مسلمات فى كلية الزراعة ، وهذه هى أنشطتهن ؟! . فتيات على مسافة خطوة أو خطوتين من التخرج ، وهذه هى اهتماماتهن ؟! . فتيات يفترض بعد تخرجهن ، أن يشاركن عملاً وجهداً فى صياغة مجتمعهن ، ودفعه إلى الأفضل ، وهذه هى طموحاتهن ؟! . بهذه البساطة ، يضيعن مستقبلهن ويهدرن أوقاتهن ، بهذه البساطة تغيب عقولهن ؟؟. طموحاتهن ، الدعوة إلى نشر الحجاب ونصرته ، ونصرة القدس وتحرير المسجد الأقصى ، بمسابقات " ميس حجاب مصر " ، ولعبة " السلم والثعبان " ؟!. هكذا عندما يحافظن على ارتداء الحجاب ، ويتفوقن فى لعبة السلم والثعبان ، يستطعن أن يحررن القدس من الأعداء ، وتطأ أقدامهن المباركة المسجد الأقصى ! .. لو كان الأمر بمثل هذه البساطة . لأعطينا أصواتنا لــ " مس حجاب " ، كى تفعل ما لم يفعله العرب جميعاً ، فى صراعهم مع إسرائيل طيلة هذه العقود . كنت أظن ، أننى عندما أٌقرأ عن بنات كلية زراعة ، سأجدهن ينظمن المسابقات ، لعمل بعض الأبحاث العلمية فى مجال الزراعة ، . والتى فى غايتها أن تزيد المحاصيل ، وخاصة القمح ، كى لا نعتمد على الكفرة ، الذين لا يعرفون الحجاب أو النقاب ، فى إمدادنا بما نأكله ونعيش عليه . متى تدرك المرأة المصرية ، أن القوة هى التى تمكن الإنسان ، من تحقيق طموحاته. وخاصة قوة العلم والمعرفة ، وليس ارتداء الأقمشة التى تغطيه ؟. إن المجندات الإسرائيليات ، اللائى كن يقصفن الرجال فى حرب 1967 ، لم تملكن هذه القوة ، مما كن يتدثرن به من ملابس ، بل من التدريبات والعلم والمعرفة . بل إن إسرائيل ذات الخمسة ملايين نسمة ، أصبحت رابع أقوى جيش فى العالم ، بالإضافة إلى امتلاكها القوة النووية . كل ذلك لأنها تتمسك بالعلم وأخذت بأسبابه . بعد قراءتى لهذا الخبر ، أدركت مدى سذاجتى ، حينما حاولت الربط بين المرأة الهندية ، كرئيسة للجمهورية ، والمرأة المصرية ، فى ظل المناخ الملبد بغيوم ذلك التيار الجارف من الإسلام الشكلى الرجعى . الطريق مازال طويلاً ، والحصاد يمعن فى مرارته . ----------------------------------------------------------- من كتاب " استلاب الحرية باسم الدين والأخلاق " 2008
#محمد_فُتوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الذكور المتحرشون بالنساء من صناعة تفكيرنا وثقافتنا
-
- التبرك - بالعقل و - ارضاع - العدل
-
المناصرون لحزب الله والبحث عن بطل
-
هل جماعة الاخوان - محظورة - حقا ؟؟
-
الانتحار .. صرخة احتجاج ضد الحضارة العالمية
-
جريمة - ختان العقل - فى الصحف الدينية ... نعيش فى عصر - الكف
...
-
- شو - عمرو خالد وغضبة القرضاوى
-
لا مستقبل للاخوان المسلمين على أرض مصر
-
سيدة ليبيريا الحديدية والنموذج الاسلامى للمرأة
-
النساء الكويتيات يحترقن ليضيئن للرجال
-
تجربتى مع أحد التاكسيات الاسلامية
-
الليبرالية الحنبلية لحزب الغد
-
قانون نقل الأعضاء من الموتى .. لماذا لا يصدر ؟؟
-
كونداليزا رايس ..... أليست امرأة ؟!
-
تأملات فى مفهوم الجمال ( 5 )
-
تأملات فى مفهوم الجمال ( 4 ) الجمال فى الفكر الاسلامى
-
تأملات فى مفهوم الجمال ( 3 )
-
تأملات فى مفهوم الجمال ( 2 )
-
تأملات فى مفهوم - الجمال - ( 1 )
-
النيولوك للاخوان المسلمين .... الجهاد على أنغام الموسيقى الش
...
المزيد.....
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|