أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى محمد غريب - فسيفساء فكرية















المزيد.....

فسيفساء فكرية


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 494 - 2003 / 5 / 21 - 05:47
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                                                  

لمدخلٍ قد يكون غريباً على بعضِ الأذهانِ لكن عَلينا ولُوجَهِ بعقولٍ راجحةٍ قبلَ إشتداد المُعاناة والأزمة كي لا نتهم بالإفلاسِ والخوف من الكلمة الصادقة السائحة من القلبِ الصغير إلى البحر الكبير المتلاطم الذي يحتوي بكل غالٍ ونفيس، ٍ ولا نستغرب أبدأ ان وجدنا البعض منه نتن تعط نتانته فتزكم الأفكار وبعدها الإنوف..

لمدخلٍ فصيح اللسان مستقيم المضمار أقولُ :

لن نقبل بتحيد المفهوم بمفهوم العِرق المفضل النقي أو الإستعلاء واستصغار الأخرين بحجة الوزن والكمية ، ولا نبخل بالعطاء لأن الألوان بلونٍ واحدٍ كما هو عمى الألوان لا تفرق بينها ولا تجنح على وضعٍ مفهوم.. نحتج على القبول في الموحش والمتوحش والوحش الكامن في أعماق التصيد والمفهوم القبائلي المتخلف حتى العظم في الرؤيا والتنوع الباطل.. أو المفهوم والمعتقد عند الواحد من دون النظر إلى مفاهيم ومعتقدات أخرى تنوء تحت ضغط المسببات في خلق بؤرة عديمية يحكم فيها على المخالفين بالحديد المشوي بنارٍ لا يمكن لأي مقياس حراري أن يقيسها،  ولو أراد أحدهم أو مجموعة نفرٍ لا هم له سوى الكلام والثرثرة على الفاضي والتدخل بكل ناقة وجملٍ أن يقتل أو يمسح فينا اللون الأبيض والأخضر والأحمر والأسود والأصفر والأزرق والفضي والذهبي فسوف نتركه في حاضرة اللون الأسود ونحجب عنه النور بفعل الألوان وحقيقتها وخالقها فقط ليرى بعد الإفراج كم هو عاطل عَطّل فيه بصريات التطلع نحو الأفضل وهذا الكون الواسع الملون الممتد في سرمدٍ لا نهاية لهُ..

لن نقبل بل نحتج أن يفرض على وعينا حكمة أمرِ خائبة كي يقول عن نفسه أنه حكيم زمان أفلس من الحكماء فتحول الجاهل بضربة حظٍ أو بمال حرامٍ أو بدعم طغاة يحلمون بطغيان أعظم للحفاظ على أمتعتهم ومتاعهم ولعبتهم في الكراسي،  فيريد أن نُسَلّم بالماضي كله بدون أن ننفض عنه غبار اللعنة التي وضعت على الفكر بأسماء سميت حسب رغبة التوحش والموحش والوحش القابع في بعض النفوس المتقلد سيف القهر وكاتم الصوت في الأزمنة الحالية، فَنَحط من وعينا أيما انحطاطٍ إلى درجةٍ مدمرةٍ من درجات القبول والرضوخ والتمسكن بدون فكرةٍ عن حلٍ أو رفضٍ لا يتساويان ولا يقبلان بل يرفضان فكرة المحاورة في نصف الطريق..

لا يمكن أن تتساوى الأشياء كماً ونوعاً، لا يمكن أن تتساوى الحقيقة والباطل،  لا يمكن أن نرى الكل كشكل واحدٍ يفقد ميزة تُمَيز الأنواع  فيها، لا بل يقتل فينا بهرة الإبداع في النظرة لتحليل الظاهرة وفهم الدنيا بمسوغات جمالية تعددها جماليات الطبيعة وتنفرد لها الأفكار بدلاً من التقبح والضياع في هلامية ليس لها حدودٍ فتضيع حمية البحث لتستفيق على هلامية أخرى أكثر ضياعاً، ثم تجلس  فاقعة لا تعرف كيف يمكن الخروج من التقوقع والشرنقة المزخرفة للتحايل وخداع الإبصار لكي يتم البقاء فيها إلى الأبد.

 لا نقبل ان يقدم أحدهم ليوهم نفسه قبل غيره، بالعَالِم والفيلسوف ورجل الدين والحزبي  والسياسي والزعيم ليُقيّمنا، فنحنُ نقيمُ ما يطرح ونبادر في التدقيق في كل مفردة لكي نعرف مضمار الرؤيا ولا نخسر أنفسنا بالتهريج والهتاف المنسوخ المتبرج الذي يُظهِرُ شيئاً ويعني شيئاً آخراً، وننسف انشاء الشعارات أو استعارتها من حقبة التقديس للذات المريضة بالهلوسة وعبادة الذات  والتكبير والتأليه لمن كان يضاجع ظله في مكان الراحة، فيخرج متكبراً طاغياً يصوغ الأوامر وكأنه منزه ونقي ونظيف وذو رائحةٍ زكيةٍ وهو لو يفطن لتفسخ جثته في العراء فسوف يراها اعفن من كل جثث المخلوقات الأخرى التي تدب فوق اليابسة وتحت الماء.

لا نقبل أن ياتي شرير على شكل ملاك يخلق فتنة لأن الناس لا تعي الفتنة فيستغل عذوبة النفس فيهم فيقول لنا كيف نفكر أو نكتب أو نقرأ أو نشرب أو نأكل أو نتحدث أو نجلس أو نمشي أو ننام ولربما غداً يريد منا أن نكشف كيف يتم  معاشرة زوجاتنا فينصحنا بالحلال على طريقته وبالحرام كيفما يفكر وما يريد، ليعيد لنا طقوس التفرد والحصار والعصى بحجة نور الهدى وهو الظلام يقبع في نفسه وفي فكره، لا حاجة لنا بالتدجين على اساس التعاليم المستوحاة لإبقاء العبيد عبيداً والسادة سادة وإن تغيرت المظاهر لأن التدجين حرامٌ وضد المعتقدات الخيرة أية كانت، ولا يضرنا أن نرضى بكلمات الحب والرضى ونقيمها بقدراتنا العقلية وليست الأمرية أو التهديد والتدخل في كل شاردة وواردة بحجة النصيحة أو الدفاع عن المعتقد مادام المعتقد يؤسس قبلة للخنوع والرضوخ والطاعة، فليس الكلام المعطل يستطيع أن ينقذ التعطيل بالحركة والديمومة في الصراع الدائر المرئي واللامرئي بين الخير والشر، ولم يكن الشاعر الفرنسي أرغوان معطلاً جاهلاً باللغة عندما قال

" أنني بواسطة الكلمات أقول أشياءَ عفوية

أكثر عفوية من تساقط الثلج

كلمات عديمة الحظ، تُقرا في الصحيفة

أتكلم بها بلسان الناس "

أين النصيحة من تلك النفس التي ترى فيها فحشٌُ أكثر من فواحش الآخرين، قليلة التعليم ولكن تدعيه، خبيثة اللسان ليس لها ذوق سليم لكنها تتغنى بالزهور والخشوع، تدعي القراءة والتعلم والتواضع وهي أمية الفكر لا تعرف حتى الجنس البشري ومشتقاته الفكرية وفسيسفاء المجتمع المخلوق بإلفة إنسانية رائعةٍ، هذه النفس التي تبحث عن الصعود اللامشروع  ولا تعرف سوى الإطراء لها، والإطراء مذهبها المشروع دون الأحترام والإحتكام للعقل.

اقولُ بشعور اليقضة ومفردات الألوان كما هي أطياف الشمس التي تخلق فينا أحساس الرقة والجمال وفقهية الجمل والأفكار وتاريخ الفسيفساء البشرية.. لن نقبل أن يقول لنا احدهم ( أنا الفوق المتعلم ) ليقيدم النصيحة التي هو بأمس الحاجة لها .. نريد أن يتعلم كلمة التواضع ويقولُ بصدقٍ (  نحن المجموع الأكثر من الأنا).. أما أنا فلها خصوصية الأنا في الإبداع وخلق النظرة السحرية للجمال الموجود حولنا.. ومنح الجميع وفرة التجربة وغلاء الإبداع لتستكمل إنسانيتها بالتواضع العلمي.

التصرف الواعد المنظور واللامنظور يحتل المكان الطبيعي في دواخل البشر وليس المناظرة بالعكس لإدخال مفهوم المشاكسة و( خالف تعرف ) والتفرد بأحقية القول وامتلاك الحقيقة كاملة دون الغير، لا يمكن أن يمتلك الحقيقة كلها فرد أو مجموعة أفراد لأنها ايضاً تشكل مجاميع قد لا نستطيع الآن ادراكها..

ان للفكر حديقة مملوءة  بالأزهار ذات الإجناس المختلفة ففيها المألوف وفيها البري وفيها المزروع بفعل اليد وفيها المزروع بوحشية جمال الموجودات حتى غز الاشواك يضاهي بفعلته مكانة مميزة في عفوية الفعل كما هي عفوية الكلمات  فلا مكان للقبح ومدلول التجبس  في الصالح، وإنما في الشكل الواحد والتضاد مع الأشكال بجواهرها وفسيفساء تجمعها على الرغم من تناقضها ولكن هذا التناقض في مزايا حلوها ومرها لأنها عفوية كما هي النفس البشرية في بدء الطفولة.. لن نعرف كل شيء لأن قدرتنا ليست مطلقة ونحن نحبو من أجل المعرفة ، نحبو في كل لحظة ولن نتمكن مهما اردنا التوصل لتكون قدراتنا مطلقة ولهذا وعلى الرغم من مرور هذا الزمن الطويل مازلنا في بدايته وعلينا أن نتعلم منا ومنه في الوقت نفسه.. فنحن لم نحصل إلا على اليزر، واليزر القليل من المعارف المحيطة بنا ولعلنا نجد العزاء فيم قاله المسرحي والشاعر الألماني برتولدبرشت

" ما هو الارز بالضبط؟

 حبة الارز، هل لي ان أعرف ما هي ؟

وهل يوجد من يعرف ذلك؟

حبة الارز، أنا لا أعرف ما هي.

انني لا أعرف سوى ثمنها "

أما أفضل الكلمات فنقولها لأولئك الشعراء المغمورين واولئك التاريخين الذين ضحوا بأجسادهم وقدموا لؤلؤ افكارهم بنكران ذات وبمحبة من اجل السعادة للآخرين..

إنهم كانوا.. كعطور الوديان الأسطورية، كنواقيس الأديرة، تقبع في أفئدة الناس.. كانوا.. مثل غموض القيعان البحرية وهي تعانق نور الشمس، كانوا.. كصدى لأزيز رصاص فصول قابعة في الذكرى، ودروباً لفصولٍ تأتي وتغيب، كانوا.. وجوهاً كالحزم الضوئية تقبل راكبةً سحر مراكب كونية.. كانوا .. لا هم مازالون مثل الألوان!

ولذلك لن نقبل أية شعارات يستطيع أن يبصق عليها أي واحد منتمي أو لامنتمي.. ولا من يقول لنا أنا العارف المقتدر الفاهم الحكيم  فسقوطه حتمياً في ظلام فقره للمعرفة سيكشف ما لديه من رذائل وحماقات وغباء حتى يصل ليكون في التاريخ قرقوزاً مضحكاً بعد أن تُعَمم تجربته اللامعرفية وتكشف أن لا أصالة ولا ارتباط  لدية بهذه الفيسفساء البشرية وأفكارها النيرة.

 



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية - الجزء الرابع - ال ...
- مهزلة زبيبة والملك وجمال الغيطاني والحديث عن الماضي اليساري
- انتخبوا محمد الفرطوسي رئيساً جديداً للعراق!! - شر البلية ما ...
- الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية - الجزء الثالث - ال ...
- ألا تتقيؤن الشعار العار.. - بالروح بالدم - ؟!
- الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية تاريخ ونضالات وآفاق ...
- الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية تاريخ ونضالات وآفاق ...
- لنحتال على الضحك........!
- هل جاء الإحتلال رحمة لأقطاب النظام العراقي ؟
- الفرق بين الشجاعة والتضحية ونبْلهما ومهزلة والجبن وعاره الأب ...
- المثقف وحرية الجماهير في طقوس الممارسة العكسية
- هل نستطيع التخلص من الغوغائية في الفكر والضوضائية في العمل ا ...


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى محمد غريب - فسيفساء فكرية