الشقيقه الكوبرا 1-2

عدلي عبد القوي العبسي

الحوار المتمدن-العدد: 7218 - 2022 / 4 / 14 - 03:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مصالح غير مشروعه

الشقيقه الكبرى حولت مخاوفها المصطنعه وفبركاتها عن الامن القومي العربي المهدد بالخطر الى ذريعه للتدخلات العدوانيه الشريره في البلد على مدى العقدين الماضيين

هذا التدخل السعودي الخليجي السياسي والعسكري الامني في اليمن له تاريخ اسود وصفحات مخجله لاتليق بدوله تدعي خدمه الاسلام والعروبه ورعايه اواصر ووشائج القربى والتاريخ المشترك والثقافه المشتركه والهويه القوميه المشتركه
وهو تاريخ يمتد زمنيا الى اكثر من ذلك الى قرابه القرن من الزمن .

لا يستحق الشعب اليمني البسيط والمكافح و العروبي الاصيل كل هذا الكم المهول من المؤامرات والتدخلات السافره والحروب البربريه التي تشن عليه تاره مباشره وتاره بالوكاله من قبل هذه الدوله الجاره التي استمرأت ممارسه الجور علينا
استقواء بالمستعمر البريطاني ومن بعده الامريكي وبالصهيوني عما قريب !

يسمونها الشقيقه الكبرى ويتحدثون عن مصالحها ومخاوفها الجيوسياسيه المشروعه ولا يتكلمون عن اطماعها غير المشروعه وتنمرها وعدوانها ونهبها لثروات البلد وتدخلاتها المجرمه السافره

نحن كيمنيين لم نر من هذه ( الافعى الكوبرا ) وسياساتها وتحركاتها وتدخلاتها في المنطقه ككل وفي بلدنا اليمن خاصه سوى
الاطماع و النهب والعدوان وخدمه مصالح المستعمر الغربي الذي اسس دولتها
هذه الخدمه التي تتمثل في سياسه التخريب والتنكيل بكل مقاومه عربيه واسلاميه شريفه تناهض هذا الاستعمار الاجنبي وتناهض قوى التبعيه والعماله التي تصطف الى جانبه

فكما هو معلوم لكل قارئ لتاريخ المنطقه ان التدخلات السعوديه في المنطقه وفي اليمن لم تكن بعيده عن الدور الوظيفي الذي رسمه المستعمر لها وفي كثير من الحالات سيكون من المبالغ والسخيف الحديث عن مخاوف جيوسياسيه ومصالح مشروعه في الوقت الذي تبرز بوضوح شديد المصالح الاستعماريه والاطماع غير المشروعه والاستراتيجيا الجيوسياسيه المؤسسه على علاقه النهب والهيمنه والاحتكار من جانب الطرف الاقوى

وانطلاقا من الخبره التاريخيه التي راكمها الشعب اليمني حول طبيعه التدخلات السعوديه في اليمن وطبيعه العلاقات بينهما
يرى الكثير من اليمنيين ( ومعهم الحق في ذلك ) انه لا يحق للسعوديه ان تتدخل في هذه اللحظه التاريخيه الراهنه لحظه تحقيق السلام من بوابه ادعاء الحياد فقد انكشفت بشكل واضح نواياها واطماعها و فداحه مؤامراتها و ظهر لنا جليا الى اي مدى يمكنها التمادي في ارتكاب المجازر والجرائم البشعه بحق الشعب اليمني ونخبته الوطنيه البطله
وذلك كي لا تخسر اي من هذه المطامع وهذا النفوذ غير المشروع .
لا يحق لها ادعاء الحياد فهذا ضرب من ضروب الخداع الوقح الفاجر المضلل للرأي العام العالمي
لانها هي الطرف الاساس في الصراع الطرف المعتدي الطرف الذي شن الحرب
وهذه الحرب الاخيره هي حرب سعوديه على اليمن بامتياز حرب مباشره بامتياز

تختلف عن بقيه انواع النزاعات الداخليه السابقه والتي ليست اكثر من كونها (الحروب السعوديه غير المباشره ) التي كانت تحدث في العقود السابقه لان تلك النزاعات الداخليه سرعان ما كان يتضح لنا انها تستغلها وتتدخل فيها على النحو الذي كانت تبدوا فيه تضليلا وخداعا كوسيط محايد مع انها في الغالب كانت الطرف الخفي الداعم والمحرض لطرف ما من الاطراف الداخليه هو الطرف التابع العميل الذي كان ينفذ توجيهاتها ومخططاتها في الخفاء كوكيل حرب بالانابه

نعم السعوديه هي العدو التاريخي للشعب اليمني كما قال الرفيق المناضل والقائد الثوري عبد الفتاح اسماعيل

وهذا ما كانت تؤكده الوقائع التاريخيه الملموسه فمواقف السعوديه تجاه الثورات اليمنيه والانتفاضات الشعبيه خلال مراحل ثوره التحرر الوطني وما بعدها هي مواقف عدائيه تآمريه شديده

تعالوا معي نسترجع من التاريخ بعضا من تلك التدخلات العدوانيه لها في اليمن

(يؤدب فورا )

قبل قيام ثوره الستينات بحوالي ثلث قرن من الزمن
سارعت السعوديه الى احتلال اجزاء واسعه من شمال البلاد بتحريض سافر من المستعمر البريطاني
واندلعت الحرب الوطنيه الاولى قرب منتصف الثلاثينات والتي استبسل فيها اليمنيون واثبتوا شجاعه في مواجهه العدو
في تلك الحرب المشئومه دخلت القوات السعوديه الغاشمه وتوغلت الى نقطه بعيده في جنوب الساحل التهامي الغربي

توقفت الحرب ولكنها اسفرت للاسف الشديد عن اتفاقيه ظالمه مجحفه بحق اليمن والشعب اليمني هي اتفاقيه الطائف التي سمحت بتأجير الاراضي اليمنيه المحتله عسير ونجران وجيزان لمده عشرين عاما وجاء مقررا فيها ان من يرفض او يشكك او يعترض على بنود هذه الاتفاقيه لاحقا بما معناه فصيلا سياسيا او جهه او فردا من كلا البلدين (يؤدب فورا ) !! نعم ، هكذا ورد في نص الاتفاقيه عباره (يؤدب فورا !! )
في اشاره الى رغبه شديده في ترهيب كل من تسول له نفسه في المستقبل نقض الاتفاق والاعتراض على مضامينه المجحفه !!

لهذا ليس بالمستغرب ما فعلته السعوديه لاحقا حيث قامت بتأديب انظمه يمنيه واحزاب وفصائل وقاده سياسيين ومثقفين وغيرهم استنكروا ظلم الاتفاقيه واجحافها او طالبوا باستعاده الحقوق والارض اليمنيه المحتله
فالاتفافيه مقدسه وثابت من ثوابت السياسه السعوديه وهي قنطره عبور نحو الهدف الكبير
المزمع اظهاره لاحقا وهو مصادره وضم الارض اليمنيه المحتله باي ثمن كان !

حقيقه لو تاملنا التاريخ جيدا سنكتشف ان ملف ( الارض اليمنيه المحتله )ومن ضمنه استحقاقات ( معاهده الطائف ) كان احد اهم اسباب الحروب والنزاعات اللاحقه
وجذرا اساس من جذور الصراع في اليمن وكذلك الصراع بين اليمن وجارته الكوبرا التي جارت عليه !

دعم الثوره المضاده

وقد حاربت هذه الكوبرا الثوره الستينيه السبتمبريه الاكتوبريه الوليده منذ اللحظه الاولى لاندلاعها وانفقت الاموال واشترت السلاح وقامت بتدريب قوات المرتزقه الاجانب جنبا الى جنب مع المستعمر البريطاني وبدعم اميركي من الخلف
وكذلك من انظمه ملكيه رجعيه كنظام الاردن وشاه ايران ومن ورائهم الكيان الصهيوني
كل هذا من اجل وأد هذه الثوره الشعبيه التحرريه الوطنيه التي مثلت خطرا على مصالح الاستعمار الغربي
ونفوذه في اليمن و مثلت تهديدا من مصر الناصريه على الحدود الجنوبيه للمملكه السعوديه
وتهديدا بنقل شراره الثوره التحرريه الى مشيخات الخليج وهي الثوره التي رفعت شعارات القوميه العربيه الثوريه وترأس قيادتها مدنيون وعسكريون من مختلف التيارات السياسيه التقدميه بعثيون وناصريون وماركسيون

بعد سبعه سنوات من حرب اليمن في الستينات تمكنت السعوديه والقوى العميله لها انذاك من توجيه الضربه الاولى للثوره السبتمبريه ذات الملامح الناصريه عبر دعم انقلاب الخامس من نوفمبر في العام 1967 الذي ضم قوى رجعيه عميله الى جانب قوى تقدميه اخرى جرى تصفيتها لاحقا
وتم في هذا الانقلاب الاطاحه بالقائد اليمني المقرب من الزعيم جمال عبد الناصر الرئيس عبد الله السلال والذي كان اول رئيس لليمن في شمال البلاد واحد ابرز قاده الثوره السبتمبريه
استغلت السعوديه وعملاؤها من اجل تحقيق نجاح هذا الانقلاب جمله الاخطاء السياسيه التي ارتكبتها حكومه الثوره بالاضافه الى اخطاء الاشقاء المصريين والحساسيات السياسيه والفكريه و الاجتماعيه بين فصائل الثوره السبتمبريه : الحركيين والناصريين - الناصريين والبعثيين - الاسلاميين والناصريين
وبين مكون المشائخ الجمهوريين والمدنيين الثوريين

ونشأ جراء ذلك نظام خمسه نوفمبر السياسي الرجعي او جمهوريه خمسه نوفمبر التي لا زلنا نعاني من ويلاتها وتداعيات نشوءها حتى اليوم !!
وهي الجمهوريه المشيخيه العسقبليه او (الجمروكيه الجمهوريه الملكيه بحسب وصف الشاعر الكبير عبد الله البردوني ) التي يسيطر عليها عملاء السعوديه من احزاب وفصائل رجعيه مدعومه منها

منذ اللحظه الاولى لقيام ثوره الستينات حاربت المملكه كل الانظمه الوطنيه اليمنيه التقدميه وغير التقدميه في التاريخ اليمني المعاصر وعملت على اسقاطها تباعا بقوه المال والدعم العسكري والمخابرات واستخدام الارهاب وبغطاء ودعم غربي اطلسي
وهذا ما فعلته على التوالي مع الحركيين القوميين العرب في احداث اغسطس 68 ومع البعثيين في عهد الارياني في منتصف السبعينات والناصريين زمن الحمدي اواخر السبعينات ثم الماركسيين الاشتراكيين في جنوب البلاد منتصف الثمانينات
من خلال تحريض عملائها على تدبير سلسله انقلابات عسكريه واحداث عنف ضد القوى الوطنيه المذكوره اعلاه

وقد اثبتت هذه الدوله الرجعيه الفاشيه المسماه بالمملكه السعوديه انها ليست اكثر من كيان وظيفي يخدم المصالح الاستعماريه في المنطقه فقد مثلت عبر ادواتها في اليمن رأس حربه المصالح الاستعماريه في البلد منذ بواكير اندلاع ثوره الستينيات السبتمبريه الاكتوبريه
وكلنا سمع عن مشهد قيام السفير السعودي في اليمن باطلاق الرصاص على الرئيس اليمني الشهيد البطل المناضل ابراهيم محمد الحمدي الذي تصدى للتدخلات والاطماع السعوديه في اليمن وتمكن خلال فترته الوجيزه في الحكم من اقصاء المشائخ والقوى التي تتبع السعوديه وشرع في التاسيس لبناء الدوله الوطنيه الحديثه

عندما استشعرت السعوديه خطر المشروع المشترك للقائدين الوطنيين الكبيرين ابراهيم الحمدي الناصري في الشمال والمناضل سالم ربيع علي الماركسي في الجنوب لاعلان قيام الوحده اليمنيه في الرابع عشر من اكتوبر 1977 اقدمت على ارتكاب جريمتها الشنعاء وذلك قبيل سفره بايام قليله الى عدن للاحتفال بعيد الثوره وايضا لاعلان الوحده اليمنيه !!!
لادراكها ماالذي يعنيه قيام دوله اليمن الموحد الكبير التقدمي الثوري المناهض للرجعيه الخليجيه والاستعمار الغربي

و بعدها تمكنت مملكه الظلام عبر دعمها للثوره المضاده وقواها من تصفيه كل مؤسسات وقوى و مشاريع الدوله الوطنيه الوليده الناتجه عن هذه الثوره ابتداء من مطلع الثمانينيات

يتبع

#عدلي_عبد_القوي_العبسي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات