أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال قرامي - «أهل الهشاشة» بين التناول الدرامي والتعاطي الإعلامي














المزيد.....

«أهل الهشاشة» بين التناول الدرامي والتعاطي الإعلامي


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7216 - 2022 / 4 / 12 - 15:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تحوّل شهر رمضان في العشريات الأخيرة، إلى مناسبة لتكريس ثقافة الاستهلاك في مختلف أبعادها: استهلاك كمّ هائل من المسلسلات التي تُلهي الناس عن التفكير في قضايا شائكة تتصل بتحصيل القوت والدواء واسترجاع الحقوق المنهوبة والعبادة والنقاش حول الديمقراطية، والانقلاب، والشرعيات، والنظام الانتخابي والاستشارة، والفكر والثقافة...فتتحوّل وجهة النقاش ويغدو الزواج العرفي، وتعدّد الأزواج حديث الناس. ومرّة أخرى تكون «قضايا النساء» في الصدارة إذ كلّما ضاق الحال وتأزّمت الأوضاع لاذ القوم بمعين عزيز عليهم يغترفون منه ما لذّ وطاب(العري، الخيانة، الانحطاط الأخلاقي...).

ولا يستقيم عرض المسلسلات بالطبع،دون فيض من الإعلانات التي تدعوك إلى إشباع البطن والإسراف والتبذير مع أنّ السياق يستدعي التعبّد والروحنة، وترشيد الاستهلاك لمواجهة الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة. وما إن تنتهي «وصلة الإعلانات والمسلسلات» أو حصّة تخدير وتنويم الحسّ والضمير والعقل والوعي حتى تنطلق المقاهي في استقبال الزبائن ليستهلك كلّ واحد/ة ما لذّ وطاب... «وكلّ قدير وقدرو».

وعندما تتأزّم الأوضاع يكون أهل الهشاشة أوّل فئة مستهدفة قابلة للتوظيف والكسب فيتنافس البعض لتحقيق السبق الصحفي أو الإثارة buzz ولا عجب في ذلك فالمبدأ الراسخ لدى بعض منتجي المسلسلات ومنشطّي البرامج الإذاعية والتلفزية هو: أنّ «تعاسة البعض تصنع سعادة الآخرين». ويترتّب عن ذلك تحويل الاستثمار في مآسي شرائح من التونسيين/ات إلى تجارة مربحة ‘حلال’ بل هي عمل يثاب عليه المرء. وليس بين تجّار الدين والمتاجرين بقضايا المهمّشين والمنسيين واللامرئيين في اعتقادنا، فرق.

لاشكّ عندنا أنّ طرح قضايا أهل الهشاشة ضرورة لا غنى عنها وهو شكل من أشكال الانخراط في الشأن العامّ بلفت الانتباه إلى معاناة الفئات التي لا تملك صوتا. غير أنّ الإشكال هو في طريقة ‘المعالجة الفنية’ والتعاطي الإعلامي والأهداف المرسومة (المعلن عنها والمضمرة) والفئة المستفيدة من إثارة مسائل معبّرة عن هشاشة النساء وكلّ الفئات التي سحقتها بنى الهيمنة والمناويل الاقتصادية المرتبطة بالنيوليبرالية.

إن تحوّل «البرباشة» إلى موضوع عمل درامي يتطرّق إلى معاناتهم ويصف مشاعرهم أو إلى موضوع «حوار إذاعيّ» يبني صورة لهم/نّ باعتبارهم/نّ فئة ‘غريبة’ تمّ’ اكتشافها’’ ووظّفت لإحداث صدمة لدى المجتمع معناه أنّك تنصهر في نسق تمثيل الآخر(représentation)وتتكلّم نيابة عنه «مناسباتيا». أمّا إذا أعنى أحدهم موضوع التهميش فدعا ‘برباش أو برباشة’ للحديث عن نفسه فإنّ الدعوة تكون في الغالب،مسيّجة بأهداف ومحكومة بخطّ تحريري يجعل الأسئلة موجهة لخدمة مصلحة المستجوِب لا المستجوَب.

وانطلاقا من هذا التناول البرغماتي والسطحيّ أحيانا حُقّ لنا أن نتساءل ماذا جنى أهل الهشاشة من وراء هذه المشهدية أو العرض؟ هل أنّ طرح قضاياهم بهذه الطرائق ساهم في إثارة نقاش مجتمعيّ معمّق والدفع باتجاه مساءلة واضعي السياسات ومحاسبة من فرض مناويل اقتصادية حوّلت الآلاف إلى ضحايا بنى الهيمنة؟ وكيف لنا أن نفهم حيوات أهل الهشاشة بمعزل عن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ومناهج التربية والتعليم والنظام الصحي ؟ وإلى أيّ مدى ساهم هذا التناول لقضايا أصحاب/ات الهشاشة في الكشف عن التقاطع بين الفقر والطبقة والسنّ والجندر والإعاقة والدين؟ وما علاقة «البرباشة» بأزمة كوفيد19 تلك التي جعلتنا نعي أنّ سلامة كلّ فرد متصلة بسلامة الآخرين وأن لا نجاة إلاّ بالتفاني في رعاية الآخرين والتطوع لخدمتهم؟ وهل نجحت هذه المعالجة الدرامية /الإعلامية في إثارة قضايا الطفولة والكشف عن واقع الأسر التي تعيش الهشاشة والشبكات التي ينصهر ضمنها الأطفال وكيف يتسنّى لواضعي السياسات حمايتهم؟ وهل حرّك هذا التعاطي وجدان أصحاب العمائم، والمصلّين والصائمين والناشطين الحقوقيين لينطلقوا في وضع خطط العمل المجتمعي الوقائي أم أنّه ساهم في الكشف عن فئة قد تتحوّل إلى موضوع للحملات الانتخابية القادمة لأحزاب «المقرونة والقفّة» الجديدة؟

القضية يا سادة/ات لا تتعلّق بلفت الانتباه إلى الفئات المنسية فحسب بل بالأثر والنجاعة فهل اكتفينا بالتماهي مع وضع المستعمر الباحث عن «الغريب والعجيب/المستشرق/الآخر/المشاهد أم أنّنا أدركنا أنّ كرامة كلّ تونسي/ة وحقوقه هي من كرامتنا وأنّ سياسات الرعاية لابدّ أن تنطلق؟ وهل فهمنا أنّ دعوة «شيخ» للحديث عن حكم الزواج العرفي لا تعادل دعوة مسؤول/ة في الحكومة ومساءلته حول وضع هذه الفئات الهشّة اليوم وغدا؟



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجلس الشعب: الغائب الحاضر في حياة التونسيين
- موت السياسية
- المهمّشات: بين أنظمة الاضطهاد والهيمنة وواجب المقاومة
- تحية إكبار «لشباب/ات تونس» في أوكرانيا
- في علاقة الدولة بالمجتمع المدني
- الهامش يتحرّك
- لا ثقة بعد اليوم في القانون
- نساء الحكومة المحجوبات والصامتات
- لقاء احتفالي أم تصفية للحسابات ؟
- الاستشارة الإلكترونية؟
- 14 جانفي وأشكال توظيف التواريخ
- أن تكون نصف مواطن/ة
- واقع الحقوق والحريات بعد 25 جويلية
- هل تحوّل موقع المؤسسة العسكرية؟
- «صمت الدولة يقتل النساء»
- الأحزاب المعارضة وأزمة إثبات الوجود
- رئيسة الحكومة من «صمت القصور» إلى «كسر حاجز الصمت»
- «شهادة للتاريخ» عن الخروج من التاريخ
- في أشكال الردّ على العنف الممارس في الفضاء المدرسي
- التونسيون وخطاب الكراهية


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال قرامي - «أهل الهشاشة» بين التناول الدرامي والتعاطي الإعلامي