ترانيم الغواية

مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 7215 - 2022 / 4 / 11 - 23:21
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

ترانيم الغواية ليلى الاطرش، رواية تقع على متن 294 صفحة من القطع المتوسط، وهي من اصدارات منشورات ضفاف في بيروت والرياض ومكتبة كل شيء في حيفا وصدرت بطبعتها الاولى سنة 2014.

من خلال قصة عائلة مسيحية اورثودكسية ، تصحبك ليلى الأطرش في رحلة جميلة إلى حواري و شوارع مدينة القدس ، تلك المدينة التي ورغم كل ما تحتويه من كنائس ومعابد ومساجد ورغم العدد الكبير للقديسين والشيوخ وسطور التاريخ الكامنة في تاريخها ، إلا أن الحروب و الصراعات لم تفارقها .

ترانيم الغواية، رواية تاريخية اجتماعية عن القدس، تتناول بالعرض والتفصيل الديانة المسيحية وتحديدا الطائفة الارثودكسية، وهذا يظهر جليا في كل صفحات الرواية ومن خلال مسرد زمني يتمثل في اواخر عمر الدولة العثمانية وحتى عمر الانتداب البريطاني عبر مائة عام، كل ذلك من خلال تتبع سيرة عائلة ابو نجمة المسيحية من خلال احداث تقع مع (ميلادة) احد شخوص الرواية الاساسيين، ومن خلال استعراض قصة زواجها من الخوري متري الحداد، والوثائق والاوراق والمستندات المخبئة في بيته والتي تكتشفها قرابتها المخرجة راوية ابو نجمة والتي تعود لزيارتها بحجة تسجيل فيلم.

في هذه الرواية تبدو قصة القدس كأنها قصة كهنتها وسدنتها وأحبارها وطوائفها المسيحية.. الرجال الذين عاشوا مقسمين بين الله وقلوبهم، مثل الخوري متري الحداد والبطريرك ذيميانوس، لكنها أيضا سيرة وصيرورة الحياة الاجتماعية في كل مدينة وفي كل زمان.

وقد يكون السؤال المطروح على متن الصفحة 205 من الرواية يتضمن اجابة على موضوع الرواية وفحواها: هل اكتب سيرتي؟ ام قصة مدينة؟ بتعدد اجناسها وتنوع مللها؟ والصراع المعلن والخفي بين طوائفها؟

وقد يكون ايضا ما جاء في ص 208 تعبيرا عن الاهتمام المركز في الرواية حول الامور الفضائحية فتقول: ان عمل ابي في المحكمة الكنسية يكشف اسرار الطائفة ...وصايا ارث او حرمان، اعلانها سيقطع اوصال العائلات، ويفجر صراع اشقاء..وقضايا تفضح علاقات زوجية وخيانة، وتهين ذكورة خذلت اصحابها، واسرار اخرى تفرض محاباة من يطلع عليها.

تبدأ فصول الرواية ومنبع الحكاية من عند راوية أبو نجمة مخرجة الأفلام الوثائقية، والتي تعود بتصريح زيارة خاص إلى القدس التي عرفتها قبل هزيمة 1967 لتدبير أمور عمتها العجوز الوحيدة، وهدفها الخفي تصوير فيلم عن حياة الناس يحكي قصة طفلة امها يهودية وابوها عربي، او يهودية تتبناها عائلة عربية ص 189.

ومن خلال ذاكرة العمة، وصديقتها زوجة سادن الحرم، والصور والوثائق المخزنة في صندوق ومحفوظات الخوري متري الحداد يتكشف ما خفي في قصة العشق المحرّم التي عاشتها العجوز يوما مع الخوري متري الحداد. تكشف أوراق الخوري أيضا عن مشاركته في النزاع مع البطريركية الأرثودكسية اليونانية من أجل تعريب الكنيسة، وهبة المسلمين في القدس بزعامة مفتي الديار لمناصرة العرب المسيحيين في هذا الصراع، بالاضافة الى تكشف اسرار كثير من بيوعات الاراضي وتسريبها للسماسرة ومن ثم للوكالة اليهودية، اضافة الى تكشف اسرار واسباب وفضائح كثير من العائلات المقدسية ولهوها وفجورها وانغماسها في المجون.

الرواية ترصد تطور القدس الاجتماعي وصراع الأقوام عليها وفيها. نتعرف على القدس في زمن العثمانيين والانتداب على مدى ما يزيد على مائة سنة منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى ما بعد الاحتلال الإسرائيلي.

الرواية تتحدث عن ذلك التاريخ الفضائحي والمسكوت عنه من تاريخ القدس، فهي تتحدث عن الليالي الحمراء وليالي الغواية والمجون والعلاقات الجنسية المشبوهة والمتداخلة والتي تستهدف الامساك بزمام الامور بالمدينة وفي حكمها والتي تستهدف الاستيلاء عليها ، انها صوت الهمس المنبعث من خلف الجدران وغرف النوم الحمراء، الى ان دخلت الكهرباء الى القدس في 1929 لتكشف كثيرا من هذه الدروب وتسلط الضوء على اؤلئك الرجال الذين يخرجون في الليل من بيوت العربدة واللهو متثاقلين..، إنها سيرة حياة اجتماعية في أزمنة التحولات الكبرى، الأخلاقية والسياسية والاجتماعية.

الرواية غنية بالمعلومات التاريخية والدينية والاجتماعية... وهذا يظهر حجم الجهد المبذول على هذا العمل، لكن الرواية كثيرة الرتابة وقليلة الديناميكية ومرهقة، والتفاعل والترابط بين اشخاص الرواية ضعيف ويذهب بالرواية نحو المنحنى التقريري الجاف ... ولم يبرز فيها دور أحد من شخوصها سوى ميلادة والمخرجة راوية عيسى وسالم ابو نجمة (الملاك والتاجر ومتعهد المشاريع والذي يرهن ارض المرج لصالح مشروع سكة الحديد ثم يتسبب بخسارتها) ...

#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات