أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد محمد رحيم - وعود وحكي جرائد














المزيد.....

وعود وحكي جرائد


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 1670 - 2006 / 9 / 11 - 06:37
المحور: الصحافة والاعلام
    


تتعرض الصحف إلى تهمة الخداع والكذب أكثر من أية وسيلة إعلامية أخرى، حتى باتت مقولة "حكي جرائد" رائجة عراقياً، تُنعت بها الصحف لنقلها التصريحات والوعود التي يطلقها هذا المسؤول أو ذاك، من هذه المؤسسة الحكومية أو تلك، لا سيما إنْ لم تكن لتلك الوعود والتصريحات حظ من الواقعية أو أساس من الصحة، وهذا يرتبط، كما أحسب، بملابسات تاريخ العراق الحديث حيث أُغرق الإنسان العراقي، منذ عقود وحتى يومنا هذا، بعسل الوعود الكثيرة التي لم تتحقق، وعود بحياة حرة كريمة، وعود بالازدهار والرفاهية، وعود بالأمن والسعادة، وعود بالتنمية والتحضر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، الخ. ولا داعي إلى الإسهاب في قضية كم تحقق من هذه الوعود فصورة الراهن العراقي لا تحتاج إلى ذكاء خارق للتعرف على وضعها.
غالباً ما يسألني أولئك الذين يعرفون مدى اهتمامي بالصحافة ودأبي على الكتابة فيها سؤالاً يبدو للوهلة الأولى استفزازياً؛ هل الجرائد تقول الصدق؟. وبصدق أقول أن سؤالاً كهذا يصيبني بالإحراج وحتى بالارتباك أحياناً لأنني أعرف ما الذي يرمي إليه السائل على وجه التحديد. فحين ترد عليه بسؤال آخر؛ ما الذي يجعلك تظن أنها لا تقول الصدق؟ يسرد عليك قائمة طويلة عن أخبار نشرت خلال الأشهر الماضية تتعلق برواتب الموظفين والسلالم التي أبرزتها على صدر صفحاتها الأولى هذه الصحيفة أو تلك وكذلك الأمر مع قانون التقاعد الجديد وتحسين حال الكهرباء وتوفير النفط الأبيض بحصة محسوبة لكل عائلة قبل حلول الشتاء، وتوفير مفردات البطاقة التموينية من دون تأخير، وتعبيد الطرق وتوسيع نطاق الخدمات البلدية وإيصال المياه الصالحة للشرب للضواحي والقرى وتعويض المتضررين جراء حالات الضرر العديدة التي لا تعد ولا تحصى النازلة على رأس المواطن العراقي المسكين. ناهيك عما يتعلق بالحالة الأمنية والمعيشية عموماً.. تلك الأخبار التي بقي معظمها محض حبر على الورق.
الغريب في الأمر إن الذين يتذمرون من هذا كله لا يشيرون، في أغلب الأحايين، إلى الجهات التي قالت وصرحت ووعدت، وإنما يصبون جام غضبهم، بالقول طبعاً، على الجرائد مباشرة ويتهمونها بالكذب وخداع المواطنين وإغرائهم بشراء نسخها التي لن يشتريها أحد إن لم تمتلئ بمثل هذه الوعود، والهدف في النهاية تجاري كما يتصورون. فمثلما يستغل التاجر والبقال والسمكري وسائق سيارة الأجرة والموظف المرتشي المواطن تستغله الجرائد أيضاً، والقضية في نهاية المطاف مغالبة لا أول لها ولا آخر.
هذا لا يحصل مع التلفزيون، في سبيل المثال، لأن المسؤول أو الناطق الإعلامي أو الرسمي لمؤسسة ما حين يظهر على الشاشة ويدلي بتصريح أو ينثر الوعود فإن صورته تنطبع في ذهن المشاهد الذي سيشير إليه بإصبع الاتهام حالما يتكشف زيف أو لا مصداقية ذلك التصريح أو الوعد غير أن المسألة مع الصحافة المكتوبة شيء آخر، ولا أدري لماذا، فلا أحد يتهم غالباً مصدر الخبر أو التصريح وإنما الجرائد التي توصف بأنها لا تقول الصدق. وربما كان الأمر سيكولوجياً، أو أن أرث مقولة "حكي جرائد" يثقل لا وعينا الجمعي.
صحيح أن ثمة جرائد أساءت إلى مهنة الصحافة وفبركت من أجل الترويج وتوسيع الانتشار أخباراً ووعوداً تبين أنها عارية من الصحة، أو أنها محرّفة أو مضخّمة، كأن يتحول خبر عن اقتراح بوضع سلم جديد للرواتب إلى خبر عن قرار صادر من مجلس الوزراء بالمصادقة على مثل هذا السلّم. وفي بعض الأحيان يكون المراسل الصحافي هو السبب نتيجة ارتكاب خطأ في نقل المعلومة وعدم التأكد من صحتها أو الافتقار للكفاءة المهنية، قد تضطر معها الصحيفة إذا كانت تحترم قراءها إلى الاعتذار ومعاقبة المراسل.
لا يمكن لمقولة "حكي جرائد" أن تزول من أذهان الناس إلا إذا وجدت صحافة متمرسة كفء، وحياة صحافية لا مكان فيها للطارئين والمخادعين والفاشلين، يديرها صحافيون محترفون يحترمون قراءهم، في مقابل ترسيخ أسس الدولة القائمة على فاعلية مؤسسات رصينة تحاسب نفسها ومنتسبيها كلما أخطأت، ولا تطلق التصريحات والوعود إلا إذا كانت متأكدة من قدرتها على الإيفاء بإنجازها.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية-هالة النور- لمحمد العشري: سؤال التجنيس الأدبي
- الطريق إلى نينوى؛ حكاية مغامرات وأعاجيب وسرقات
- هذا العالم السريع
- الكتابة بلغة الصحراء: إبراهيم الكوني وآخرون
- تحرش بالسياسة
- القاهرة في ذكراها
- صور قديمة
- إدوارد سعيد: داخل الزمان.. خارج المكان
- النخب العراقية في حاضنة المقاهي
- حول المونديال
- نخب سياسية.. نخب ثقافية: مدخل
- حبور الكتابة: هيرمان هيسه وباشلار
- قصة قصيرة: في أقصى الفردوس
- حوار مع القاص سعد محمد رحيم
- تحقيق: بعقوبة ابتكارالبساتين
- قصتان قصيرتان
- في رواية اسم الوردة: المنطق والضحك يطيحان بالحقيقة الزائفة
- قصة قصيرة: الغجر إنْ يجيئوا ثانية
- من يخاف الحرية؟. النسق الثقافي والمحنة السياسية
- قصة قصيرة: زهر اللوز


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد محمد رحيم - وعود وحكي جرائد