أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ضيا اسكندر - لا تعذيب بعد اليوم، هل نصدّق ذلك؟!














المزيد.....

لا تعذيب بعد اليوم، هل نصدّق ذلك؟!


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 7209 - 2022 / 4 / 3 - 13:35
المحور: حقوق الانسان
    


وأخيراً صدر القانون رقم (16) لعام 2022، المتعلق بتجريم التعذيب، ومعاقبة مرتكبه بلائحة عقوبات تبدأ من ثلاث سنوات وتنتهي بالإعدام. بعد تأخيرٍ دام 15 عاماً فقط لا غير، إثر انضمام سوريا إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة اللا إنسانية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1984، والنافذ منذ عام 1987، حيث انضمت سوريا إلى الاتفاقية عام 2006. وبموجب بنودها، يجب على أيّ دولة تنضم إليها تعديلَ تشريعاتها بما يتلاءم مع الاتفاقية. إلا أن حكومة دمشق تأخرت في إصدار القانون بسبب "الحرب" وفقاً لتبريرات رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في حكومة دمشق أحمد الكزبري.
وبرأيي كان ينبغي صدوره أصلاً منذ قيام الوحدة السورية المصرية عام 1958 وما تبع ذلك من انتهاكات مرعبة لحقوق الإنسان، ما تزال سارية بضراوتها حتى الآن. والتي ذاق خلالها معارضو النظام الويلات على مرّ السنين الماضية.
لدى سماعي وقراءتي بنود القانون، حاولتُ جاهداً فصفصة موادّه لاصطياد الثغرات التي تعتوره كعادتي في قراءة كل ما يصدر عن حكومة دمشق. قرأته مراتٍ عدة، وبتركيزٍ عالٍ، عساني أُلقي القبض على مادة أو عبارة؛ لأهتك عرض القانون، إلا أنني صُدِمت، إذ لم أعثر على مثلبة واحدة، وكأنه صيغ في إحدى الدول الاسكندنافية!
مكثتُ مفكراً متسائلاً:
ما هي الأسباب الموجبة لصدور هذا القانون؟ لماذا تأخّر كل هذه العقود؟ وما هي الحكمة من صدوره في هذا التوقيت؟ تُرى، هل ثمة استحقاق دولي بغرض تقديم النظام نفسه إلى المجتمع الدولي على أنه نظام مثالي وقابل للتعامل الحضاري أسوةً بأرقى البلدان؟
وسرعان ما توصّلت إلى أن إصدار النظام لمثل هذه القوانين، وبغضّ النظر عن الأسباب، ما هو إلا عبارة عن عملية تكتيكية استعراضية ليس إلّا، فالعبرة ليست في إصدار القوانين الجيدة على أهميتها؛ بل في احترامها وتطبيقها. والنظام تاريخياً، أكبر منتهكٍ للدستور والقوانين التي وضعها هو نفسه؛ فالدستور المعمول به حالياً على سبيل المثال يحتوي العديد من المواد والنصوص الممتازة، ولكن كلنا يعلم بأنها مركونة (على الرفّ) لا يُعمل بها. فمثلاً، المادة (53) من الدستور الصادر عام 2012 تنص: «لا يجوز تعذيب أحد، أو معاملته معاملة مهينة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك». كما تنص المادة (391) من قانون العقوبات الصادر عام 1949: «من سام شخصاً ضروباً من الشدة لا يجيزها القانون؛ رغبةً في الحصول على إقرار عن جريمة أو معلومات، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات». ولا ضرورة للتذكير أن تطبيق ما سبق الإشارة إليه من مواد لا يمتُّ إلى الواقع بصلة، فتاريخ الاعتقال السياسي في هذا البلد حافل بأقسى أساليب التعذيب التي تشيب لها الغلمان.
ثم إن القانون يتعارض مع المادتين القانونيتين (16) و (74) الواردتين على التوالي في المرسومين التشريعيين (المرسوم رقم 14 الصادر في 25/1/1969 والمرسوم رقم 549 الصادر في 25/5/1969) اللتين تمنعان محاسبة العناصر الأمنية المرتكبين للجرائم الناشئة عن الوظيفة، أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير.. وهذا يعني أن مساءلة أو محاسبة أي عنصر ارتكب انتهاكات وجرائم ومارس التعذيب على المعتقلين في السجون، تتطلب موافقة من رئيسه، وبالتالي، فإن رئيسه لن يوافق؛ لأنه هو من أصدر الأوامر بارتكاب الانتهاكات. لذلك فقد كان حريّاً بالمشرّع لو كان جادّاً وصادقاً، التنويه إلى أن كل ما يخالف هذا القانون من قوانين وتشريعات سابقة له تُعدّ ملغية.
بقي أن نقول إن القانون يعتبر سارياً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، ولا أثر رجعياً له على الإطلاق. بمعنى أن مئات الآلاف من المواطنين الضحايا؛ الذين تم اعتقالهم خلال العقود الماضية، وخاصةً خلال الأزمة السورية، والذين تعرّضوا لشتى صنوف التعذيب الرهيب الذي تقشعرّ له الأبدان، ليس في وسعهم تقديم الشكاوى على من قام بتعذيبهم. فنحن أولاد اليوم والغد.. وعفا الله عمّا مضى.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إرهـاصـات نظـام عالمي جديد
- «بوتين» ومستقبل العالم
- حذارِ الاقتراب من «الهيبة!»
- روسيا وسوريا
- كازاخستان، إلى أين؟
- الرومانسي الأخير
- وزارة الاعتذار
- عذابُ الانتظار
- العُزلة
- أهمية السيطرة الإعلامية ودورها في حياة الشعوب
- محضر اجتماع
- باقة شكر ومحبّة
- هل انهزمت أمريكا في أفغانستان؟
- مقابلة مع مسؤول
- عيشةٌ لا منديل فيها.. جدولٌ لا ماء فيه
- تحت سقف الوطن!
- عويلُ ثعلبة
- ما حدا أحسن من حدا..
- إنك تبالغُ يا عزيزي!
- أنا مريضة يا أبي!


المزيد.....




- مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران ...
- -الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا ...
- الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين ...
- الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو ...
- هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
- الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق ...
- مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه ...
- كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم ...
- سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي ...
- سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ضيا اسكندر - لا تعذيب بعد اليوم، هل نصدّق ذلك؟!