أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان رشيد محمد الهلالي - كيف يتكون الرأي العام في العراق ؟؟















المزيد.....

كيف يتكون الرأي العام في العراق ؟؟


سلمان رشيد محمد الهلالي

الحوار المتمدن-العدد: 7209 - 2022 / 4 / 3 - 10:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتكون الرأي العام والخطاب السياسي الاعلامي السائد في العراق من خلال ثلاث مراحل :
المرحلة الاولى : يقوم الاعلام الطائفي والعنصري والارهابي والقومي العربي والظلامي بترويج اراء ومفاهيم وتصورات واكاذيب واخبار من خلال اعلامها وفضائياتها ومواقعها بالانترنت والفيس بوك او اليوتوب والتوك تك وتيوتر وغيرها , والتركيز على مفهوم العدوى الوجدانية والتكرار (والتكرار سلطة كما يقول رولان بارت) ومخاطبة الغرائز واللاشعور والمتخيل القومي والطائفي والدونية والخصاء والاستلاب والنقص المنتشرة عند اوساط كثيرة في المجتمع العراقي . والكلام هنا لايكون عن فضائيات معددوة او محدودة الانتشار , وانما عن الالاف من الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي بالانترنت التي تنشر عشرات الالاف من الاكاذيب والمقالات والاخبار , خصص لها المليارات من اموال البترو دولار الخليجي , استطاعت كسب الالاف من الكتاب والمثقفين من العرب والعراقيين المخصيين والمأجورين .
المرحلة الثانية : يقوم العقل الجمعي والعامة من الناس والقطيع والسديم الثقافي بتصديق اغلب تلك الاكاذيب والتصورات والمفاهيم بسرعة البرق لانها – كما قلنا – تخطاب غرائزهم المكبوتة ودونيتهم المزمنة ونقصهم الاجتماعي واستلابهم الوطني وقاعهم المظلم , وياخذون بنشرها وترويجها بدل تلك الفضائيات والاعلام والمواقع العربية والطائفية بين ابناء جلدتهم ومجتمعهم واهلهم ومناطقهم - وخاصة الجنوبية منها - حتى تصبح تلك الاراء والاكاذيب من المسلمات والبديهيات واليقينيات والحقائق المؤكدة التي لايرتقي اليها الشك او الجدل او النقاش , وتتحول تدريجيا الى رأي عام شامل في المجتمع (المتعلم منه والجاهل) . لايستطيع اي انسان الوقوف بوجهها او نقدها او نفيها او مراجعتها , لانه سيعاني من الاغتراب والغربة والانفصام عن المجتمع اولا ويتهم بالمفاهيم والتصورات التي روج لها ذلك الاعلام من قبيل التبعية والعمالة والذيلية ثانيا .
المرحلة الثالثة : (وهى الاخطر) لانها تظهر موقف المثقفين والنخبة الاكاديمية والانتلجنسيا العصرية في العراق التي من المفترض منها ان تقف بوجه تلك الاكاذيب والتدليسات بحزم , وتعريتها ونقدها وتفكيكها , لان هذا يعد ابسط وظائفها ومهاهما كانتلجنسيا ونخبة تنويرية واصلاحية مثقفة في المجتمع . الا اننا في العراق لايوجد عندنا مثل هذا الالتزام والموقف البديهي والمتوقع - ان لم يكن العكس - فالاغلبية منهم لايقف على الحياد امام ذلك القطيع فحسب (وان كان هذا يشكل جريمة وخيانة) بل يجاري الرأي العام والسديم الاعلامي , ويتبنى اغلب تلك التصورات والمفاهيم والمقولات , ويخضع كليا للخطاب السائد ويدغدغ مشاعر العامة ويطرح نفسه قائدا لهم بمختلف الدعاوي والتبريرات الزائفة . وهو مصداق عبارة لينين الشهيرة (المثقفين اقدر الناس على الخيانة لانهم الاقدر على التبرير) . واذا اطلعت على المواقع الطائفية والقومية والارهابية التي تنشر التزييف والتدليس والاكاذيب في الفيس بوك وغيرها , لاتجد فيها اي موقف مضاد او نفي او نقد من المثقفين العراقيين - ان لم يكن العكس - فالكثير منهم يبرر تلك الاكاذيب والتدليسات بدعوى انها اخطاء حكومية وغيرها . وعند هذه المرحلة الاخيرة ياخذ الخطاب الاعلامي انتشارا شاملا ويتحول الى حقيقة بعد ان كان مجرد اراء عند العامة والسديم والقطيع .
وقد يطرح احدهم السؤال الاتي : لماذا لايقف المثقفون والنخبة بوجه العامة والسديم ؟؟ ولماذا الانسياق لطروحاتهم وافكارهم وتوجهاتهم ؟ في الواقع ان هذه القضية تشكل جدلا غير محسوم عند الكثيرين , ولكن يمكن الخروج بالمقاربات الاتية :
1 – ماذكره علي الوردي وهو (ان المثففين عندنا هم عوام بداخلهم) , وان قشرة الثقافة لم تنفذ الى اعماقهم الحقيقية , ولم تشكل جزء من سلوكهم ومشاعرهم ,ولاتعدو ان تكون مظاهر زائفة وبراقة هدفها السمعة والمظاهر والرياء .
2 – ماذكره الكاتب خضير ميري بان النخبة المثقفة في العراق لاترجع في اصولها الاجتماعية الى الطبقة الوسطى (البرجوازية) العريقة بالثقافة والالتزام , وانما اغلبهم يرجع الى اوساط عائلية فقيرة وبيئات اجتماعية مقصية ومحافظات مستهدفة طائفيا وسياسيا وعنصريا من قبل الانظمة البعثية والقومية السابقة , وبالتالي فانهم حملوا في كيانهم ودواخلهم ونفوسهم جميع تلك العقد والاستلابات والنواقص والاختلالات ,واظهروها في ارائهم الثقافية ومتبنياتهم الفكرية .
3 – الرغبة بكسب العامة والبحث عن الشهرة والجمهور , واظهار انفسهم بمظهر القائد والمتبني لطروحاتهم وافكارهم , وكما قال نيتشة (لابد للكاتب من معجبين حتى لو من البقر) .
4 – الهدف السياسي والايديولوجي . هو من الاسباب الرئيسة لهذا الخضوع , فالكثير من المثقفين يعرفون تلك الاكاذيب والتدليسات والتضليلات , ولكنهم يروجون لها من اجل الاستفادة منها سياسيا وحزبيا وايديولوجيا , وهو جزء من موروث طويل من الانتهازية والخضوع والخيانة عند الانتلجنسيا العراقية التي سبق ان باعت نفسها للديكتاتورية والايديولوجيا والارهاب والسكوت عنه والتعمية عليه .
وقد يطرح احدهم السؤال الاتي : لماذا لم يبادر الاعلام الاخر الذي يقف بوجه الارهاب والتضليل والتدليس والديكتاتورية في مواجهة الاعلام الزائف والطائفي والعنصري والخليجي , وتنوير الناس والاهالي لخطورته على مستقبل المجتمع وغسل ادمغة المراهقين والشباب وتزييف الوعي وترسيخ الدونية والاستلاب ؟؟
في الواقع لااحد ينكر وجود اعلام واعي وحريص يقف بوجه تلك القوى الارهابية والاستبدادية , ويفضح ارائها وخطابها ومقولاتها وطموحها بخلق الفتنة ونشر الكراهية والغل والحقد في الساحة العراقية – وخاصة الشيعية والجنوبية – الا انه لايقارن مع تلك الامبراطوريات الاعلامية الخليجية لسببين :
الاول : امتلاكها امكانيات مالية وفنية وادارية وتقنية كبيرة جدا , وقدرتها على شراء ذمم الاغلبية من الكتاب والمثقفين والادباء والاعلاميين والفنانين العرب والعراقيين من خلال الجوائز الادبية والفنية ونشر اعمالها الثقافية والدعاية لها , من ثم كسبهم لصفها ونشر ارائها وخطابها والترويج لافكارها . فالمتتبع لقناة الجزيرة والعربية والشرقية ومجموعة الام بي سي وسكاي نيوز وغيرها يجد الامكانات الضخمة والتقنيات الحديثة ومساحة الانتشار الكبيرة بالفضائيات والانترنت . فيما نجد الامكانات الضعيفة والتقنيات التقليدية ومساحة الانتشار المحدودة عند الاعلام المضاد لها . فضلا عن عدم قدرتهم على شراء الاسماء البراقة والمعروفة من الادباء والكتاب والفنانين الانتهازيين العرب والعراقيين الذين يبحثون عن الشهرة والاموال والثراء الذي اعتادوا الحصول عليه من الديكتاتوريات السابقة وشيوخ النفط وامراء الخليج .
الثاني : (وهو الاهم) قدرة تلك الفضائيات والمواقع العربية والعراقية على مخاطبة اللاشعور النفسي والغرائز الجنسية والسقوط الاخلاقي والمكبوت الاجتماعي في النفس الانسانية والشخصية العربية والعراقية , الامر الذي يعطيها مساحة اكبر من المتابعين والانتشار في الساحة الاعلامية , كما تفعل ذلك قناة الشرقية السعودية المخصصة للعراق والام بي سي المخصصة للعالم العربي , حيث كان لهما دورا كبيرا ورئيسيا في انتشار الفساد والسقوط الاخلاقي والتفكك العائلي في المجتمع العرقي والعربي , وخاصة في مجال نشر المسلسلات التركية والعراقية الهابطة . فيما لايستطيع الاعلام المضاد والمحافظ والاخلاقي من نشر تلك الغرائزيات والمكبوتات والانحلالات في الوسط العراقي, لان ذلك يتناقض مع اخلاقياتها وايديولوجياتها سياستها العقائدية والدينية , الامر الذي لايعطيها مساحة واسعة من الانتشار عن المراهقين والشباب وحتى الكبار . وقد استغلت تلك الفضائيات الخليجية من نشر تلك الغرائزيات في تزايد اعداد متابيعيها ومن ثم استغلالها لنشر خطابها السياسي والطائفي في المجتمع العراقي بخاصة والعربي بعامة .
ويبقى السؤال الاهم : هل نجح ذلك الاعلام بفرض سياساته وخطابه واعلامه الطائفي والغرائزي على المجتمع العراقي ؟ وهل استطاع من غسل ادمغة المراهقين والشباب وعامة العرقيين وتزييف الوعي وترسيخ الدونية والنقص والاستلاب في نفوسهم ؟؟ اعتقد ان الجواب لايحتاج الى تفكير كبير , فقد نجحوا في ذلك نجاحا باهرا وكبيرا , ليس في المجال السياسي والفكري وزرع الانقسام والكراهية والغل في الوسط العراقي - وخاصة الشيعي - فحسب , بل تجاوزوا ذلك الى نشر الانحلال والسقوط الاخلاقي وترسيخ الدونية والهزيمة الذاتية في المجتمع وزرع قيم الخيانة والتجاوز واسقاط كل قيمة رمزية واخلاقية تعمل على تماسكه وتضامنه , حتى اضحى المجتمع اليوم مثل مدينة (غوثام) بالافلام الامريكية , وتلاشت الروادع الحكومية والاخلاقية والاجتماعية والعائلية والدينية , واسقطوها في نظر الناس , مستغلين ضعف الاعلام المواجه والمضاد لها اولا والفساد السياسي والحكومي ثانيا والدونية والاستلاب والنقص المتاصل بالنفس الشيعية والجنوبية ثالثا ورسوخ الثقافة البعثية والقومية والطائفية في اذهان الكثير من ابناء المجتمع رابعا . حتى يمكن القول ان المجتمع العراقي مهيئا اليوم اكثر من اي وقت للعودة للعبودية والاذلال والحكم الديكتاتوري نفسيا وسياسيا واجتماعيا , وان الامر لايعدو مجرد حدث ويعيد التاريخ انتاج نفسه من جديد , ولايقف بوجه هذا السيناريو المرعب للمخلصين والاحرار سوى التوازن الاقليمي ,والرفض الايراني لوجود نظام سياسي طائفي وقومي او بعثي على حدودها الغربية , يعمل على التامر وشن الحرب عليها بتحريض خليجي وغربي كما فعل نظام صدام حسين عام 1980 , والا فان النخبة الشيعية الحاكمة اليوم ابعد الناس عن مواجهة هذا السيناريو او مخططات الانقلاب العسكري مثلا والتحريض الاعلامي الخليجي بسبب تخلفهم وانشغالهم بالصراع الحزبي والسياسي فيما بينهم والفساد المالي والاداري . واما المثقفين والكتاب فهم – كما يبدو – متلهفين لعودة الاستبداد والديكتاتورية وحكم الاقلية حتى يعودوا لحضيرتهم كمرتزقة وعبيد في مزرعة الحيوان .



#سلمان_رشيد_محمد_الهلالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساطع الحصري ودوره في تاسيس منهج التلقين في المدارس العراقية ...
- لماذا تحول علي الوردي الى المذهب الزيدي ؟؟
- الايرانيون ودورهم في انبعاث الهوية الشيعية في العراق خلال ال ...
- الطقوس الحسينية والهوية الشيعية في العراق (اسباب الطوفان الك ...
- استلاب الحرية عند العراقيين .... هل ان كل علماني عراقي هو حر ...
- الدولة في العراق المعاصر (التأسيس – الفشل – التداعيات - الحل ...
- هل يجتمع الاصلاح مع الحقد ؟؟ (قراءة في المسارات الاصلاحية ال ...
- معرقلات الثقافة الفكرية والمعرفية في العراق (اسباب غياب المث ...
- الغارات الوهابية وهجمات الاخوان السعودية على العراق بين عامي ...
- ذكريات مع التصوف والمتصوفة
- اي الفئات الشيعية الثلاث التي تحكم في العراق ؟؟ رجال الدين ا ...
- ظاهرة الدونية عند الجماعة الشيعة في العراق ... دراسة في سايك ...
- ثورة العشرين في منظور علي الوردي (القسم الرابع والاخير)
- ثورة العشرين في منظور علي الوردي (القسم الثالث)
- ثورة العشرين في منظور علي الوردي (القسم الثاني)
- ثورة العشرين في منظور علي الوردي (القسم الاول)
- ثورة العشرين بين التقييم الوطني والموقف الشيعي
- من يصنع فرانكشتاين في العراق ..... فان فرانكشتاين سياكله
- من غرائب العراقيين .. يصفها بدولة العصابات ويتمنى العمل فيها
- بورجوازيين يتصرفون كصعاليك في العراق


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان رشيد محمد الهلالي - كيف يتكون الرأي العام في العراق ؟؟