أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - رغبة الله ورغبة البشر ح1















المزيد.....

رغبة الله ورغبة البشر ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7209 - 2022 / 4 / 2 - 23:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


واحدة من الإشكالات الفكرية التي واجهها الفكر الإسلامي في تعامله مع قضية الحرية والأختيار في التدين هو التناقضات النصية والقصدية بين قاعدة (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وبين قاعدة (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) التوبة الآية 29,التناقض يبدو من غير الممكن توفيق مقتضيات النصين وفق نقطة مشتركة تعترف للنص الأول بوجوديته الدالة وللنص الثاني حاكميته الفاصلة دون أن نستهبل العقل بترديدات لأفكار سقيمة تحاول أن تفرق بين النصوص حسب عوامل الزمن والمكان وتطور القوانين الإسلامية مع واقع حال الأرض .
لو رجعنا للنص الأول وهو نص الأختيار بحقيقة كونه خطاب عام للإنسان موجه من الديان يقتضي أن علاقة الإيمان هي علاقة فردية بين طرفين الأول عالم والثاني مختار وبين العالم والمختار هناك صورة حقيقية تقتصر عليهما فقط , وهناك صورة عامة قد لا تكون بذات المصداقية هي التي بين المختار والواقع بما فيه الأخر , فمن شاء قرار ومن شاء الأخرى قرار وبين القرارين هناك ينظر العالم بعين اليقين التي لا يطلع عليها أحد سواه , وهو المسئول عن قبولها ورفضها وبالتالي لا أثر حقيقي يترتب للأخر ,لا منه ولا عليه من حقيقة هذه العلاقة لأنها ليست في مدار إحاطته الخاصة ولا تقع تحت تأثيره , فهي ملزمة وواضحة ومرتبة الأثر على طرفيها فقط .
الدليل في قوله تعالى (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) هذا النص موجه مرة أخرى لذات الشخص الذي من المفترض ومن خلاله يصل الجواب للناس ,بأن من يشاء أو من لا يشاء ليس على الأخر الموافق أو المخالف من سلطة أو أثر من تقرير يمتلكه في مواجهته لأن ليس من واجب أحد أن يفعل ,الإشاءة متوفرة ومحترمة وحقيقية لكنها ليس في وارد المجاهرة بها وهذا هو حكم النص ولا علاقة له بقضية أن تكون نص حاكم بين أن تكون مستجيب لدعوة الله أو ممتنع في تطبيق أمر يعده البعض نص ملجئ وآخرون يبنون نظريتهم عليه (قاتلواٍٍٍ) ,لكل من النصين مدار الأول خطاب ذاتي والثاني خطاب إرشادي ,وقاتلوا الذين يقاتلونكم ,المفتاح هنا موجود في كلمة اللذين وليس مطلقا ولا مفتوحا على العموم .
الدعوة لله كما جاءت في نصوص القرآن الكريم مثلا لم يكن الغرض منها تعويضا لنقص أو حاجة لملئ شاغر أو سد مكان مفقود ,بل هي غاية في حد ذاتها مبنية على منفعة المهتدي وتدور عدما ووجودا مع هذه الغاية وهذا النفع{قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون } " [الأعراف : 158,الإقرار بالقتل مقابل عدم الاستهداء إثبات ما نفي عن نفسه بنفسه {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } ,إذن العودة لشرط المقاتلة وخاصة للذين لا يؤمنون بالله أن يبادروا هم للقتال {(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين }190 البقرة ,نسبة الربط بين الإيمان والمقاتلة لا وجود حقيقي لها في النص ,نعم موجودة ومتجذرة ومتأصلة في الفكر السلطوي للمتأسلمين الذين يخلطون بين المبدأ الديني والقضية الذاتية الخاضعة للبيئة والظرف والتطبع .
لا يصح أن ننسب لله رغبة بشر ولا ندع أن الله أمر بنصف جملة ونترك النصف الأخر أبدا ,وحدة المفهوم هي عماد القصد في النصوص المعرفية البسيطة ,فكيف لنا أن نتعامل مع نصوص حاكمة ولها علاقة بنظام كوني قد يكون الإنسان ضحية عدم إدراك مديات القصد وصورته التامة فيه , الله لا يؤمن بالقتل ومن يقتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا , الله لا ينسب الفساد لعدم الإيمان به ولم نجد نصا يثبت واقعة النسبة والتناسب , ولكن الفساد في فكر الله يعتمد في أستحضار مصاديقه بالخروج عن طباع الأشياء ومقتضيات القضايا التي تنشأ في واقع سوي معتدل متوازن , والقتل خرق لقاعدة الإصلاح وفساد لقضية الإيمان وإفساد لمفاهيم الدين .
هل يعني أن الله إذ يطلب من البشر أن يتخذ طريقا سليما لسبق معرفته به وضمانا لأمنه وسلامته يعتبر تعديا على قرار الخيار بالاختيار وجرحا في الحق الإنساني الوجودي ؟,نعم إذا كان ذلك بالسيف والقهر دون وعي حقيقي بما يكون أو كان , فأنا كفرد أدافع عن حريتي وإنسانيتي سوف أختار طريق المعاندة لأن من حقي أن أكتشف وأمتلك تجربتي وأكون مسئولا عن قراري ,لكن حين لا يكون مع المرشد الداع سوى كلمة طيبة وأمل بالجمال سيكون من المنطق العقلي العادل أن أخوض التجربة بالمغامرة الإيجابية وليس بالمقامرة , إلى هنا يبدو منطق الهداية جيد ومتوازن ولا غبار عليه ,بالعودة للدين هل هناك قضية أخرى نجدها في طياته غير هذا (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) ولا تزر وازرة وزر أخرى , وربك أعلم بما في الصدور ,التجربة الدعوية هنا مغامرة محمودة العواقب تسير وفق قانون أدع إلى سبيل ربك .
المسألة الدينية بين الرب أو الخالق أو حتى مع البشر الذي يبتكر دين أو يبشر بمجموعة من القيم الأخلاقية التي تشترك مع الدين بقاعدة النصح والهداية , لا يمكنه أن يستجلب أو يفكر بإستجلاب نفع فردي من أستجابة فرد أو مجموعة لأن ذلك يخرج الدين من القيمة الأخلاقية إلى ما يشبه العمل التجاري الصرف , وهو ما يهدم فكرة الدينية , نحن نعرف ومن التجربة ومن سيرورة الإنسان في الوجود أن إيمان البشر لم يغير من خارطة القدرة الغيبية للقوى التي تدعوا للدين من باب الهداية المحضة , كما لم ينقص الكفر والجحود من مملكة الله شيء .
هنا نعود لبداية التساؤل الأول ما قيمة أن الله يؤمرنا بالطاعة أو القتال أو الجزية ,وهل ما حضر في الذهن البشري من الآيات التي يستند لها الكثير تفسيرا وتأويلا تنسجم مع حقيقة ما قدمنا , أولا والأهم في كل ذلك هو نفينا القاطع أن خيار القتل والمقاتلة هو خيار قبال الإيمان بالرب , ومن يدع أن ذلك وارد نصا وممارسة عليه أن يعيد النص لعقله للقراءة مرة أخرى , أما الممارسة فلا أنكرها ولكن أعتراضنا يصيب بمن طبقها , لو طبقها محمد الرسول بالشكل الذي يرده دعاة حرية الأديان وبما هو ثابت وليس بالمحتمل أو المروي سيكون للقضية وجه أخر وأنتزع من هذا الدين صفة الإنسانية ,.
الإيمان بالله لا يساوي في أي حال لا ابتدأ ولا عودة ولا تجدد ولا ترديد قطرة دم إنسان ولن تخضع للمساومة ,كل ما في الأمر هناك قواعد طبيعي بشرية وإنسانية تتحكم بالوجود منها ما هو تراكم تجربة ومنها ما هو تأمل وتدبر وتبصر عقلي محض ,قضية الدفاع عن النفس حق وجودي كوني تمارسه كل الكائنات , والتنازع الفكري العلمي الثقافي الأجتماعي أو الديني وحتى الأقتصادي مشروع إنساني ما لم يخرج من دائرة التنازع الطبيعي لدائر الصراع الحيواني الخارج من معيارية القياس الضابطة .
حين يكون من حق الجميع أن يستخدموا المجال الحيوي الأجتماعي للتبشير بأفكار ومعتقدات وعلى مستوى واحد من الحرية وتقديم الأدلة والحجج والبراهين في ساحات الفكر ومعاهد الدراسة في الدولة والمجتمع الفاضل , سيكون ذلك علامة أستواء الوعي الإنساني إلى الدرجة التي نثق منها أن عوامل الشر والكراهية والإقصاء ورفض الأخر لم تعد تحرك الفواعل والمفاعيل الأنانوية داخل النفس البشرية ,وهذا نموذج حالم لا يمكننا الركون إلية لصياغة نظرية تنازع الأفكار البشرية .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رغبة الله ورغبة البشر ح2
- هل من بديل روحي للدين؟
- المسافة بين الدين والتدين والاعتقاد التسليمي ح13
- وجدانيات
- المسافة بين الدين والتدين والاعتقاد التسليمي ح1
- المسافة بين الدين والتدين والاعتقاد التسليمي ح2
- الدين بين الحد الإنساني والمسلم الأخلاقي
- في أصل الصراع الوجودي من وجهة نظر الدين ح1
- في أصل الصراع الوجودي من وجهة نظر الدين ح2
- نظرية المزاحمة والإزاحة في الفكر المعرفي الإسلامي
- الدين أتباع النص قالبا أو تغليب التأويل في المعنى
- حدود الدين وحدود مفهوم الدنيا
- القضية المختارة
- ماذا لو أن الإسلام لم يخرج من مكة؟ ح1
- التاريخية العقلانية وتصادمها مع العقلانية التاريخانية
- الدينية البرغماتية
- المثالية الإسلامية وأثرها على الفلسفة والفكر الغربي
- دور الفلسفة في التفريق العنصري بين الوجود الإنساني والماهية ...
- نداء - الدين لله- وعصر الكونالية
- بعض من تاريخ المادية


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - رغبة الله ورغبة البشر ح1