عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 7209 - 2022 / 4 / 2 - 21:48
المحور:
الادارة و الاقتصاد
يكمن الهدف من تخطيط وتنمية المسار الوظيفي للعاملين في اية منظمة برفع قدراتهم وتنمية مهاراتهم وصقل خبراتهم بما يتوافق مع رغباتهم وميولهم نحو الوظيفة التي يقومون بها, ليكون العمل هادفا, اي يحقق اهداف العاملين الشخصية في اطار الاهداف العامة للمنظمة, وبما ينعكس ايجابيا على تحسين الاداء العام للمنظمة, لتلافي التأثيرات السلبية الناتجة عن التعيين والاختيار العشوائي للعاملين, والذي قد يؤدي الى تعيينهم او ترقيتهم في وظائف لا تتفق مع ميولهم وانتماءاتهم وقدراتهم ومهاراتهم, مما يترتب عليه انخفاض مستوى الاداء في ضوء نمو الاتجاه ات السلبية نحو العمل وانخفاض الرضا الوظيفي (الطويان والسيف, 1995, ص18).
تطوير المسار الوظيفي (career development)
ان مراجعة الدراسات الادبية في علم الادارة تظهر عددا من التعاريف للمسار الوظيفي. فيعرفه (نصر الله، 2002 ، ص 249( بأنه "عبارة عن سلسلة الوظائف التي ينتقل خلالها العامل في حياته العملية".
وقد لاحظ الباحث وجود عدد من التعريفات و التسميات لعملية التخطيط المهني أو ما يسميه البعض بالمسار الوظيفي أو التخطيط للمسار الوظيفي أو تطوير المسار الوظيفي، حسب استخدام الباحثين، فمهما اختلفت التسميات أو المصطلحات فجميعها تدور حول مفهوم واحد فالمسار الوظيفي عند (ديسلر، 2000 ،ص 354 ) يمكن تعريفه بأنه "مجموعة المراكز الوظيفية التي يتدرج خلالها الفرد خلال حياته الوظيفية". أما (Armstrong,1999,p190) فيرى أن مفهوم تخطيط المسار الوظيفي "يعبر عن التصور المستقبلي المتعلق بكيفية تقدم وترقي العاملين في المنشاة في إطار كل من حاجة ومتطلبات الأداء في المنشأة من ناحية، وتطلعات هؤلاء الأفراد العاملين من ناحية أخرى".
أن عملية التخطيط الوظيفي (Career planning) يعرفها (Ivancevich,1986,p.541-544)بانها " تعنى بمواءمة التطلعات الوظيفية للإفراد مع ما توفره المنظمات من فرص"، بينما المسار الوظيفي هو التتابع لوظائف معينة المصاحبة لهذه الفرص، وهاتان العمليتان متوائمتان ،فبينما تهتم عملية التخطيط الوظيفي بتحديد الوسائل للوصول للأهداف المرغوبة، وفي نفس السياق تكون المسارات الوظيفية هي تلك الوسائل لتحقيق الأهداف".
(Career Development) التطوير الوظيفي (Hodgetts,1992,p.401- فيما يعرف ( 402
على انه "العملية التي يقيم من خلالها الأفراد والمنظمات مواطن القوة والضعف لديهم ويخططون للحراك المهني "، كما وعرف المسار الوظيفي على انه "عملية تحديد المهام الوظيفية المتعاقبة والتي يحصل عليها الفرد من المناصب التي يتقلدها" ويرى انه غالبا ما تتواجد المسارات الوظيفية بشكل غير رسمي في المنظمات، غير أن المنظمات اليوم قد أضافت الصبغة الرسمية على هذه البرامج لمساعدة الأفراد في تكوين خطة العمل الخاص بهم. و أما إذا أضفنا التخطيط أو التطوير للمسار الوظيفي فيصبح تعريفها " عبارة عن
عملية نظامية أو هي الجهود النظامية تربط بين قدرات الفرد و طموحاته من جهة و بين فرص تحقيقها من جهة أخرى" (عباس ، 2003 ،ص 208).
(Career) في التعريفات فيبدأ بتعريف ما هو (Mondy,2002,p.250- من جانب آخر يتدرج ( 251
ب "الأنشطة العامة التي يختار الفرد مزاولتها في حياته المهنية " ثم يعرف التخطيط الوظيفي (Career Planning) على أنها " عملية مستمرة والتي يضع من خلالها الفرد أهدافه ويحدد الوسائل لتحقيقها" أما التخطيط الوظيفي على مستوى المنظمة (Organization career planning) فيعرفه على انه "العملية التي تحدد من خلالها المنظمة المسارات والأنشطة لأفرادها الموظفين وهم في طور التطور " ويرى أن التخطيط الوظيفي من قبل الأفراد والمنظمات عملية محددة المعالم وغير متباعدة، بل أن الشخص الذي لا يجد تطلعاته الوظيفية الفردية قابلة للتحقق في هذه المنظمة سوف يتركها عاجلاً أم آجلاً، في هذه الحالة يجب على المنظمات أن تساعد موظفيها في التخطيط لوظائفهم حتى يتمكنوا من إشباع حاجاتهم. أما المسار الوظيفي (career development) فيعرفه على أنه "خط التقدم أو التطور المرن والذي يتحرك من خلاله الموظف أثناء عمله في المنشأ ة" ويرى أنه بعد رسم أو تحديد المسار الوظيفي، يمكن للموظف وبمساعدة المنشأة التي يعمل بها أن يعمل على تطوير مسار الوظيفي، ومن جهة نظر الموظف فإنه يستطيع بذلك أن ينتقل من وظيفة إلى أخرى ومن منشأة إلى أخرى لأنه استطاع أن يحصل على معارف وخبرات أكبر وأعظم . أما بالنسبة للتطوير الوظيفي فيعرفه على أنه " المنهج الرسمي الذي تتخذه المنظمة لمساعدة الأفراد في الحصول على المهارات والخبرات المطلوبة لمزاولة وظائفهم الحالية والمستقبلية " وهو يرى أن التطوير الوظيفي مهم للحفاظ عل قوى عاملة محفزة وملتزمة، كما أنه يفيد كلاً من المنظمة والأفراد على حد سواء، وعليه يجب الاهتمام به.
يمثل تطوير المسار الوظيفي مجموعة نشاطات مشتركة بين الموظف ومنظمته من أجل إعداده لوظائف معينة وتحديد ما يحتاج إليه من مهارات وتدريبات واستشارات من أجل الوصول إلى صيغة مناسبة تحقق أهداف الموظف وأهداف منظمته في الوقت نفسه. ويوضح (Armstrong,2004) أن عملية تطوير المسار الوظيفي تعد من أهم وظائف الموارد البشرية الحديثة، فكل منظمة تسعى إلى أن تكون هياكلها مسطحة، إِذ تعمل المنظمة على تطوير منظومة إدارية تتمثل في مجموعة من الوظائف الأساسية التي تعد أساس أي منظمة إلا أن هذه المناصب لا تعمل وحدها دون أفراد يشغلونها ويحققون مستويات أداء تحدد كفاءة التنظيم وقدرته على تحقيق أهداف الوحدة التي يعمل بها شاغل الوظيفة ، هذا ويركز تطوير المسار الوظيفي على تحقيق التوافق والتطابق بين الأفراد من جهة وبين الوظائف المختلفة التي يشغلونها (ديوب, 2013).
ويعرفه) صالح، السالم، (2006 بأنَّه العملية التي يتم بموجبها المواءمة بين اهتمامات الأفراد ورغباتهم في التقدم الوظيفي، وبين الاحتياجات المستقبلية للمنظمة وفرصها في النمو. فعملية تطوير المسار الوظيفي في غاية الأهمية ولاسيما ضمن بيئة الأعمال المعاصرة التي تشهد متغيرات متعددة اقتصادية وسياسية وتشريعية وتكنولوجية فضلاً عن توجهات الخصخصة والشراء والدمج بين الشركات ،وهذه الأهمية تتضح من خلال تطوير المسار الوظيفي الذي يسعى إلى تحقيق الأهداف التي يسعى العاملون والمنشأة في الوقت نفسه إليها، فإذا كان هدف العاملين هو النمو والاستقرار والرضا في العمل، فإن الإدارة تسعى إلى تحقيق أقصى إنتاجية، ومن الأسباب الداعية للاهتمام بتطوير المسار الوظيفي: مواجهة الاحتياجات الحالية والمستقبلية من الموارد البشرية ذات الكفاءة العالية، ووضع أفضل صيغة لكل من المنظمة والأفراد عن المسارات الوظيفية في المنظمة، وتحقيق الارتباط والتكامل بين نشاطات الموارد البشرية وربط إدارة المسار الوظيفي مع خطط التطوير في المنظمة، ومساهمته في تحقيق الأمن الوظيفي للعاملين وزيادة إفادة الإدارة من مواردها البشرية المتاحة، وإدارة المهارات وتجنب تقادمها، ومواجهة مشكلات دوران العاملين، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والبقاء في عالم المنافسة، وتحقيق الأمان الوظيفي للأفراد والاستقرار في المنظمة، وكفاءة استخدام الموارد المتاحة، وذلك كما يرى )باشا، 2007 ( (صالح، السالم، 2006)، (مصطفى، 2004) ، (Waldroop and Butler, 2008) هذا وقد اتفق الباحثون والكتاب في تحديد مسؤولية تطوير المسار الوظيفي كمسؤولية مشتركة بين كل من الأفراد، والمديرين (Byars, 1991 Dessler, 1999) ، ومن استخدامات تطوير المسار الوظيفي:
- في مجال إعداد القيادات الإدارية: يؤدي تخطيط المسار الوظيفي دوراً رئيساً في الكشف عن القيادات الإدارية الواعدة وتدريبها وتنميتها مبكراً حتى تكون جاهزة لتسلم المسؤولية عندما يحين الوقت لإحلال الصف الثاني محل الصف الأول من القيادات .
- في مجال الإحلال الوظيفي: يجب أن يعتمد تنفيذ أي برنامج للإحلال الوظيفي للكوادر الماهرة –إلى حد كبير- على وجود خطة لتنمية المسارات الوظيفية وتطويرها للأطر الواعدة التي سوف تحل محل الأطر غير الكفء في المواقع الوظيفية المختلفة خلال المرحلة القادمة، ذلك أنه دون وجود خطة لتنمية المسارات الوظيفية وتطويرها للأطر تصبح عملية الإحلال الوظيفي عملية عشوائية تؤثر سلباً في أداء المنظمة واستقرارها، كما تؤثر سلباً في إيمان القيادات الإدارية وثقتها في برامج الإحلال الوظيفي.
- في مجال الترقية والنقل: ففي ظل وجود خطة واضحة لتخطيط المسار الوظيفي للعاملين وتطويره تصبح قرارات الترقية والنقل والحركة أفقياً أو رأسياً مبنية على أساس علمي وعلى احتياجات واضحة ومحددة مسبقاً وليس على أساس الأقدمية أو الرغبات الشخصية. ولتحقيق تطوير مسار وظيفي ناجح في المنظمات لا بد من تكوين نموذج تطوير وظيفي متكامل يدمج المسميات الوظيفية مع متطلبات البيئة الخارجية، واستخدام أسلوب التدريب الشامل، ونشر المعلومات المتعلقة بالمهنة وتطويرها، والتعليم والتدريب المستمر من خلال برامج التدريب والتعلم الرسمي، وإتاحة الفرص للموارد البشرية لتتعلم المهارات والخبرات والمعارف الجديدة، والقيام بالنشاطات التنموية وإتاحة الفرصة أمام الفرد لاستكمال دراسته وتقديم البرامج التدريبية له، وتهيئة لجان استشارية حول الوظيفة المهنية لتوضيح أهداف الوظائف وتقديم النصح والإرشاد في حل المشكلات الناجمة بين حاجة الأفراد وحاجة المنظمة، وإتاحة الفرصة نحو التنمية العملية (تناوب وظيفي، إثراء وظيفي)، وهذا إن تحقق فإن التعلم التنظيمي يشارك بدرجة كبيرة فيه، وذلك كما يرى كل من ( ديسلر، 2000) و(باشا، 2007).
تخطيط المسار الوظيفي
لم تعد تقتصر عملية تنمية العاملين في المؤسسات و المنظمات عبر إلحاقهم ببرامج تدريبية لاكتسابهم مهارات جديدة و تطور قدراتهم في الأداء بل تتعداه إلى تنمية الحياة العملية أو الوظيفية للعاملين ، بحيث يتم رسم خط سير حياتهم الوظيفية ابتداء من الوظائف الدنيا إلى الوظائف العليا. و نتيجة لتضخم أعمال المنظمات و تعقيداتها أصبح من الصعب على العاملين معرفة الطرق والسبل التي من خلالها يمكن لهم أن يرتقوا و يصعدوا في السلم الوظيفي لشغل المناصب المرموقة، مما يحقق لهم أهدافهم التي يصبون إليها من التنمية الفردية و تحسين دخلهم وتحقيق ذاتهم، ويرى الباحثون أن تنمية العاملين قد تأخذ شكل الاهتمام الفردي المحض، فيقيم كل عامل نقاط القوة و الضعف في أدائه فيقدر فحص الترقية لديه و يمكن له الاستفادة منها في تحسين ظروف عمله من خلال تعزيز نقاط القوة و تحسين نقاط الضعف، وممكن للمنظمات أن تلجا إلى وضع رسمي لتخطيط المسار الوظيفي للعاملين من خلال توفير النصح والإرشاد لهم و توجيههم إلى الكيفية التي بإمكانهم الارتقاء و التقدم و النمو في حياتهم الوظيفية (نصر الله، 2002 ،ص 249).
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟