أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - القرآن محاولة لقراءة مغايرة 38














المزيد.....

القرآن محاولة لقراءة مغايرة 38


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 7208 - 2022 / 4 / 1 - 15:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وَإِذ أَخَذنا ميثاقَكُم وَرَفَعنا فَوقَكُمُ الطّورَ خُذوا ما آتَيناكُم بِقُوَّةٍ وَّاذكُروا ما فيهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ (63)
خيال عجيب يملكه مؤلفو الكتب المنسوبة إلى الله، فهنا تصور لنا هذه الآية صورة خيالية في منتهى الغرابة، إذ يقتلع الله جبلا من الأرض ويرفعه فوق رؤوس بني إسرائيل، ظنوا أنهم واقع عليهم وهالكهم، ذلك تخويفا من الله لهم، ثم إشعارهم بالمن عليهم تارة أخرى، بعدم إسقاطه عليهم، بل أعاده إلى مكانه. وبعد إرعاب الله لبني إسرائيل بهذا المشهد المخيف، يطلب منهم أن يأخذوا ما آتاهم الله من دين وكتاب وشريعة بقوة، أي أن يشددوا بالالتزام بها، ويتشددوا بالدفاع عنها، حتى لو استخدموا القتل الجماعي لغيرهم، ممن يعبدون غير الذي يعبدون، كما تكرر في العهد القديم. ولو إننا لا نعرف ماذا عنى مؤلف القرآن بوجوب أخذهم ما آتاهم الله بقوة، إلا إذا قارناها بما دعا إليه المسلمين «وَأَعِدّوا لَهُم مَّا استَطَعتُم مِّن قُوَّةٍ وَّمِن رِّباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُم وَآخَرينَ مِن دونِهِم لا تَعلَمونَهُمُ اللهُ يَعلَمُهُم». فاليهودية أقرب إلى الإسلام في التحريض على مقاتلة (الكافرين) بدينهم.
ثُمَّ تَوَلَّيتُم مِّن بَعدِ ذلِكَ فَلَولا فَضلُ اللهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الخاسِرينَ (64)
ثم تعود السورة إلى مخاطبة بني إسرائيل، الذين يكثر الكلام عنهم في القرآن، غالبا بإدانتهم، كما يكثر الكلام عن موسى، غالبا بتمجيده، كقدوة رآها له مؤسس الإسلام كما يبدو. فتتكرر حسب القرآن - ولا يختلف عنه كثيرا العهد القديم - حالات تولي بني إسرائيل، أي انحرافهم عن الصراط، رغم أفضال الله عليهم في كل مرة، وكذلك تتكرر توبة الله عليهم ومنحه إياهم فرصة أخرى، وكذلك يتكرر اختبارهم بشتى الامتحانات. فهنا تريد هذه الآية أن تقول إن النتيجة الحتمية لما تسميه بالتولي منهم، أي إعراضهم وانحرافهم، هو الخسران، ولا نعلم أتعني الخسران الدنيوي، أم الأخروي، أم كلاهما، ولكن الذي حال دون هذه الحتمية هو فضل الله المتكرر مرة بعد أخرى عليهم ورحمته بهم. جميل أن يجري تأكيد رحمة الله حتى للذين يعصونه، لولا إن هذا يمثل حسب العهد القديم والقرآن اختصاصا اختصه الله به بني إسرائيل، كما سيختص المسلمين بعدّهم «خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت للنّاسِ»، وجعلهم «أُمَّةً وَسَطًا»، وبالتالي يستحقون أن يكونوا «شُهَداءَ عَلَى النّاسِ»، وسيأتي تفصيل معنى ذلك في مكانه.
وَلَقَد عَلِمتُمُ الَّذينَ اعتَدَوا مِنكُم فِي السَّبتِ فَقُلنا لَهُم كونوا قِرَدَةً خاسِئينَ (65) فَجَعَلناها نَكالًا لِّما بَينَ يَدَيها وَما خَلفَها وَمَوعِظةً لِّلمُتَّقينَ (66)
(السبت) يمثل قضية مركزية في عقيدة وشريعة اليهود، فعلى مستوى العقيدة، فهم يوم استراحة الله بعدما بذل من جهد في خلق السماوات والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والحيوان والنبات والإنسان، وكأن الله يصيبه ما يصيب الإنسان من تعب ونصب، فيحتاج إلى استراحة كما الإنسان. أما مستوى على الشريعة، فهو تحريم الله على اليهود القيام بأي عمل يوم استراحته، يوم سبته المقدس. فلنتصور هذه المعصية، أي الاشتغال يوم السبت عموما، وصيد السمك بشكل خاص، وهو لا يشتمل على ظلم أو اعتداء تجاه آخرين، مجرد هذه المعصية تجعلهم يستحقون هذه العقوبة القاسية بمسخهم من بشر إلى قردة خاسئين، لينكّل الله بهم ويخزيهم، وليجعل ذلك إنذارا لمن بعدهم، ممن قد يجرأون على التفكير بمثل هذه المعصية التافهة، كما هدد في وقت لاحق المسلمين أن ينتقم منهم إذا هم عصوه في ممارسة الصيد في الأيام الحرم، التي يحرم فيها صيد البر، دون صيد البحر، ولكن ليجعل في هذا المسخ لصيادي السبت اليهود موعظة للمتقين. أحكام غريبة، وعقوبات أغرب؛ كل هذا من رب حكيم وعادل ورحيم، ولا ندري أين تكمن الموعظة في كل ذلك. نعم يقولون هي امتحانات من الله لعباده، فامتحن اليهود بتعذيب قوم فرعون لهم، ثم برفع الجبل فوق رؤوسهم، ثم بالسبت، كما امتحن المسلمين بالقتال وحرمة الصيد وإلى غير ذلك.
وَإِذ قالَ موسى لِقَومِهِ إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُم أَن تَذبَحوا بَقَرَةً قالوا أَتَتَّخِذُنا هُزُوًا قالَ أَعوذُ بِاللهِ أَن أَكونَ مِنَ الجاهِلينَ (67) قالُوا ادعُ لَنا رَبَّك يُبَيِّن لَّنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لّا فارِضٌ وَّلا بِكرٌ عَوانٌ بَينَ ذالِكَ فَافعَلوا ما تُؤمَرونَ (68) قالُوا ادعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنا ما لَونُها قالَ إِنَّهُو يَقولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفراءُ فاقِعٌ لَّونُها تَسُرُّ النّاظِرينَ (69) قالُوا ادعُ لَّنا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنا ما هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشابَهَ عَلَينا وَإِنّا إِن شاءَ اللهُ لَمُهتَدونَ (70) قالَ إِنَّهُ يَقولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لّا ذَلولٌ تُثيرُ الأَرضَ وَلا تَسقِي الحَرثَ مُسَلَّمَةٌ لّا شِيَةَ فيها قالُوا الآنَ جِئتَ بِالحَقِّ فَذَبَحوها وَما كادوا يَفعَلونَ (71)
لا نريد أن نتوقف كثيرا عند قصة البقرة، إلا عبرة واحدة، رغم أسطورية القصة، وهي كما يبدو تريد هذه الآيات أن تعلم به المؤمنين بالأديان والرسل، أنه عندما يؤمرون بفعل شيء دون تفاصيل، فعليهم أن يأخذوا بأيسره، ولا يكثروا الأسئلة عن تفاصيل كيفية الإتيان به، فكأن هذه الآيات تريد أن تقول لنا إن بني إسرائيل بكثرة أسئلتهم عقدوا الأمر أكثر فأكثر على أنفسهم بلا مبرر، لأن الأمر الإلهي المفترض هو أن يذبحوا بقرة، أي بقرة كانت، إلا أنهم بتكرار سؤالهم عن التفاصيل، زيد في شروطها مرة بعد أخرى. ثم يريد مؤلف القرآن أن يقول إنهم بهذا الإلحاح بطلب التفاصيل وبهذه اللجاجة السخيفة، إنما أرادوا أيضا التهرب من التكليف، ودليل ذلك ذيل الآية الأخيرة «فَذَبَحوها وَما كادوا يَفعَلونَ». ولننظر إلى العبرة من أمرهم بذبح البقرة فيما يأتي.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 37
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 36
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 35
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 34
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 33
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 32
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 31
- مسؤولية الدستور عن الاستعصاءات السياسية
- غار حراء لا يقع في واشنطن
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 30
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 29
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 28
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 27
- النص المُؤسِّس وتأويلاته في الاسلام
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 26
- الإطار التنسيقي وسادوس مبادرته الفذة
- بين الأغلبية الصدرية والتوافقية الإطارية ورؤيتنا للتغيير
- المراحل الأربع لتصحيح الديمقراطية في العراق
- رسالة مفتوحة إلى أصدقائي الشيوعيين
- رأي في الانتخابات يجب أن يقال ويجب أن يسمع


المزيد.....




- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف موقع حيوي في إيل ...
- إلى جانب الكنائس..مساجد ومقاهٍ وغيرها تفتح أبوابها لطلاب الث ...
- بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س ...
- أمين سر الفاتيكان: لبنان يجب أن يبقى نموذج تعايش ووحدة في ظل ...
- الكنائس المصرية تفتح أبوابها للطلاب بسبب انقطاع الكهرباء
- صورة جديدة لسيف الإسلام معمر القذافي تثير ضجة في ليبيا
- إسرائيل: المحكمة العليا تلزم الحكومة بتجنيد طلبة المدارس الي ...
- في -ضربة- لنتنياهو وائتلافه.. المحكمة العليا الإسرائيلية تأم ...
- ما هو تردد قناة طيور الجنة على النايل سات ؟ والعرب سات وأهم ...
- موسم الهروب من الشمال.. المسلمون المتعلمون يفرِّون من فرنسا ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - القرآن محاولة لقراءة مغايرة 38