|
الحركى* والرهان على الحصان الاعرج وتزوير التاريخ
عزالدين معزة
كاتب
(Maza Azzeddine)
الحوار المتمدن-العدد: 7208 - 2022 / 4 / 1 - 12:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عاش الشعب الفرنسي منذ ما يقرب من مائتي عام على فراش سميك من الأكاذيب التي شيدها حكامهم، وها هو رئيس الدولة الفرنسية ماكرون لا يخجل من استمراره في تزييف التاريخ والكذب على الشعب الفرنسي علانية وبكل وقاحة وحقد وضغينة على الجزائر وتاريخها ومقاومتها وثورتها التحريرية التي مرغت شرف الدولة الفرنسية ان كان لها شرف في الوحل. طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الاثنين 20 سبتمبر 2021، العفو “الصفح” من “الحرْكى” الجزائريين الذين قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي من 1954 إلى 1962 خلال مرحلة الثورة التحريرية، باسم فرنسا. أعلن الرئيس الفرنسي، بالمناسبة، إقرار قانون “تعويض” قريبا. ورفض تحميل مسؤولية ما حدث للحركى إلى مسؤولين فرنسيين سابقين، طالما ان قضية الحركى المطروحة في فرنسا مسالة فرنسية-فرنسية. وقال ماكرون، في مراسم تكريم في باريس اليوم الاثنين: “أقول للمقاتلين: لكم امتناننا، لن ننسى. أطلب الصفح، لن ننسى شرف الحركيين يجب أن يحفر في الذاكرة الوطنية”. ووعد ماكرون بطرح مشروع، قبل نهاية السنة، عن “نُضمن قوانيننا اعترافا بالحركيين والتعويض لهم”. ودعا إلى “تضميد الجراح التي يجب أن تندمل من خلال كلام يشدد على الحقيقة وبوادر تعزز الذاكرة وتدابير ترسخ العدالة”. في خطوة أثارت استياء العديد من الجزائريين أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تكريم 26 من الجزائريين الذين يعرفون باسم الحركي، ومنح ستة منهم رتبة فارس في جوقة الشرف للدولة الفرنسية. ووافق يوم 25 سبتمبر2021، اليوم الوطني لتكريم الحركى في فرنسا حيث أعلنت الدولة عن تدابير لصالحهم منها تخصيص أربعين مليون يورو على أربع سنوات لمساعدة الحركى من الجيل الثاني الذين لا يزالون يواجهون صعوبات اجتماعية في الاندماج. وكتبت جريدة لموند الفرنسية تعليقا على ذلك بقولها: " أن ذلك ما هو إلا محاولة سياسية من ماكرون لتقوية العلاقات مع شريحة استراتيجية من السكان بهدف كسب انتخابات 2022" من هم هؤلاء الحركى؟ شكلت كلمة "حركي" جزءا من هذه المصطلحات الحاملة لعديد من الأحكام المسبقة ومن ثم فهي تستخدم بمعنى دقيق لتشير إلى الوحدات العسكرية المتكونة من الجزائريين والمكملة للجيش الفرنسي من 1954 إلى 1962 أي طول مدة الثورة التحريرية الجزائرية يشترك المصطلح اليوم في الغالب الأعم مع كلمة "خائن" فضلا عن "متعاون"، ويعاني الحركى وعائلاتهم في الجزائر كما في فرنسا من صورة البؤس المشترك مع الاحتقار الذي رسم لهم لوحة ضبابية، بسبب نقص المعلومات، ولكن أيضًا بسبب الحفاظ على كثير من المحرمات تتعلق بثورة الجزائر. لا يزال تاريخ الحركى خلال الثورة الجزائرية غير مستكشَف إلى حد كبير، وقد ركز بشكل أساسي على مصيرهم بعد وقف إطلاق النار والاستقلال. وعلى أسباب وطرائق استخدام الجيش الفرنسي للجزائريين كمساعدين له في حربه الاجرامية ضد الجزائريين. وعلى الرغم من التقدم المحرز في التأريخ فيما يتعلق بالثورة الجزائرية، لا يزال تاريخ الحركى غير معروف إلى حد كبير. حتى أنه يبدو أنه يقاوم الإجماع النسبي المعتاد بين المؤرخين. ركزت الدراسات القليلة حتى الآن على أسباب انخراطهم مع فرنسا وما إذا كانوا "جنودًا جيدين" أم لا. هذه القضايا المعاصرة جدًا، مهما كانت مشروعة، لا تسمح باستنفاد السؤال. أصالة ظاهرة "الحركي" لا تكمن فقط في تجربة الحركى أنفسهم، ولكن أيضًا في الدوافع التي دفعت فرنسا إلى تجنيد هؤلاء الرجال بشكل جماعي في صفوفها. ربما سيسمح لنا هذا المنظور بفهم أفضل للطريقة التي عوملوا بها في فرنسا والجزائر، أثناء الثورة التحريرية وما بعدها. بادئ ذي بدء، يبدو من الضروري إعادة تعريف جينالوجيا المصطلح. إذا كان مجتمع الاقدام السوداء بالفعل مجموعة سهلة التحديد حتى قبل وصولها إلى فرنسا، فإن الأمر نفسه لا ينطبق على مجموعة الحركى. خلال الثورة التحريرية، شكل هؤلاء فئة من مساعدي الجيش الفرنسي، الجنود "غير النظاميين" الذين تم تجنيدهم من 1954 الى 1962 يشير البعض اليوم في فرنسا إلى الحركى بأنهم وطنيون شجعان خدموا وطنهم الأم حتى النهاية. وفيما يخص تاريخ الجزائر الرسمي منه والمؤدلج فإن المشهد يُـخْتصر في خونة وأبطال. وكلا المفهومين يرفض أن يواجه الحقيقة في تعقيداتها. قبل أن يكونوا حركى فهم بشر أولا عاشوا ضمن النظام الكولونيالي حيث اللامساواة الصارخة. البعض منهم كانوا حركى لبضعة أشهر فقط، وبعضهم لأسابيع أو بضعة أيام. ولقد كانوا ربما في جبهة التحرير الوطني قبل خدمة الجيش الفرنسي، ولكن التاريخ لا يحتفظ لهم إلا بمؤهل حركي. حتى قبل بداية الثورة التحريرية، دعا الحاكم العام للجزائر روجيه ليونارد إلى إنشاء "فرق مدنية": لتشكيل مساعدي الشرطة والجندرمة الاستعمارية مكون من جزائريين مسلمين للقيام بدوريات في المناطق الريفية. لمراقبة الجزائريين المسلمين ونقل الاخبار الى السلطات الاستعمارية ولكن الحاكم العام وجد صعوبة في تمويل هذه الوحدات. تم تعيين جاك سوستيل مكان روجيه ليونارد، ونفذ هذا المشروع في 24 جانفي 1955 من خلال إنشاء أربع وثلاثين مجموعة متنقلة من الشرطة الريفية للجزائر بأكملها (GMPR، والتي أصبحت في عام 1958 مجموعات الأمن المتنقلة -GMS). تقوم هذه المجموعات بمهام الشرطة في مناطق ذات كثافة سكانية منخفضة. رسالة من روجيه ليونارد إلى ولاة الجزائر وقسنطينة و…. يفسر اختيار تجنيد المسلمين بشكل صارم من خلال الاهتمام باستدعاء الرجال الذين يعرفون البيئة التي يخدمون فيها. إنه أيضًا استمرار لتقليد طويل للجيش الفرنسي في إفريقيا. نذكر فقط أن الحركى لا يشكلون جزءا من الجزائر الفرنسية أو أنهم ضد الاستقلال، لكنهم غالبا ما قاموا باختيارهم تبعا للظروف: كالحكم بالإعدام من قبل الآفلان، أو تحول مجاهد قديم تحت تعذيب الجيش الفرنسي أو قرار اتخذه أب بسبب جريمة شرف، أو لأجل الراتب وبعضٌ من الوفاء أحيانا للزي الرسمي الفرنسي بالنسبة لبعض أولئـــــك الذين خاضوا الحرب العالمية الثانية. هل يمكن أن نلومهم اليوم على تصرفهم في الواقع ضد اتجاه التاريخ؟ من قاتلوا لأجلهم يرفضونهم، ومن قاتلوهم يطردونهم، ألم يكن خطأهم الوحيد مجرد الانتماء إلى معسكر المهزومين؟ في فرنسا اليوم كما في الجزائر، هناك شكل من أشكال التهدئة قد أعقب المأساة، ولكن "مسألة الحركى" لم تعد أبدا من اهتمامات الماضي. ولكن لم تكن هذه هي بداية الحركي ففي عام 1954 انطلقت حركة انتصار الحريات التي أسسها مصالي الحاج بعد الحرب العالمية الثانية والتي انبثق عنها جبهة التحرير الوطني، فكلمة الحركي كانت مشتقة من الحركة. ونظرا لمعارضة الحركة فيما بعد لجبهة التحرير الوطني بات اسم الحركي يطلق على كل الذين عارضوا جبهة التحرير الوطني. وشن الحركى الحرب على "جبهة التحرير الوطني" التي كانت في نظرهم "جماعة إرهابية" وخدم 250 ألف حركي في صفوف القوات الفرنسية، وبعد انتهاء الحرب جردوا من أسلحتهم وتُرك القسم الأكبر منهم في الجزائر في مواجهة مصيرهم. واستقبلت فرنسا بعد توقيع وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 من الحكومة الجزائرية المؤقتة نحو 60 ألف من "الحركى"، ووضعوا في مراكز إيواء، وظروف وصفت بأنها غير ملائمة. و يبلغ عددهم وأسرهم حاليا في فرنسا نحو نصف مليون شخص. وتحدثت تقارير فرنسية عن الحركى الذين لم يستطيعوا الهروب إلى فرنسا أنهم تعرضوا لعمليات انتقام في الجزائر. نقطة خلاف بين الجزائر وفرنسا ويشكل مصير الجزائريين الذين قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي ضد ثورة التحرير في بلادهم نقطة خلاف بين الجزائر وفرنسا لحساسيتها التاريخية. ولم تعترف السلطات الفرنسية بحرب الجزائر إلا في عام 2000 إذ كانت تسمي الحرب، التي دامت 7 أعوام وذهب ضحيتها أكثر من المليون ونصف المليون شهيد، "أحداث الجزائر"، وتصف مهمة جيشها وأجهزتها الأمنية في الجزائر من 1954 إلى 1962 بأنها "عمليات حفظ النظام". وأثار ماكرون العام الماضي الكثير من الانتقادات في الأوساط السياسية الفرنسية، وجمعيات الحركى، عندما صرح أن الاحتلال الفرنسي للجزائر كان "جريمة ضد الإنسانية". وفي الوقت نفسه أثار انتقادات العديد من الجزائريين عندما تحدث عن حق العودة لمن ولد في الجزائر بصرف النظر عن خلفياته وكان يعني الحركي والأقدام السوداء. وقد أعد مؤرخون فرنسيون بالتنسيق مع جمعيات وممثلين عن "الحركي" تقريراً من 188 صفحة عن وضع "الحركيين" الجزائريين وعائلاتهم منذ أن وصلوا إلى فرنسا بعد إعلان اتفاق وقف النار في 19 مارس 1962 الذي مهد الطريق لاستقلال الجزائر في 5 جويلية من العام ذاته. ويحمل التقرير عنوان "فرنسا تكن الاحترام والتقدير للحركى"، ويتضمن 56 إجراء أبرزها إنشاء "صندوق للتضامن ومساعدة الحركي" بقيمة 40 مليون يورو هدفه تقديم الدعم المالي لهم ولعائلاتهم وتمويل بعض المشاريع الاقتصادية. وكان ماكرون أثار قبل أعوام الكثير من الانتقادات في الأوساط السياسية الفرنسية وجمعيات "الحركي" عندما صرح بأن الاحتلال الفرنسي للجزائر كان "جريمة ضد الإنسانية".
موضوع الحركى، من المواضيع الحساسة، ذات الارتباط الوثيق بتاريخ الجزائر المعاصر، قضية عادت إلى السطح، بعد رفع المؤرخ الفرنسي بن يامين ستورا تقريره إلى الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي أوصى فيه بحقهم وأبنائهم في زيارة الجزائر، التي غادروها مع الجيش الفرنسي صيف 1962، ضمن مقترحات أخرى ذات طابع رمزي لم يرض عنها الحركى أنفسهم، ولا المنظمات التي تمثلهم في فرنسا. الحركى، لمن لا يعرفهم من القراء غير الجزائريين، هي تلك القلة من الجزائريين التي تورطت في الدفاع عن الاستعمار الفرنسي في الجزائر، خلال فترة الاحتلال، ورطة وصلت حد حمل السلاح إلى جانب الجيش الفرنسي، ضد الجزائريين المدافعين عن حريتهم واستقلالهم، ينتمون لمختلف شرائح المجتمع ومناطق البلاد، منهم الغني والميسور، رغم أن أغلبيتهم الساحقة من أوساط اجتماعية فقيرة وأمية، من أبناء الريف، في المناطق التي ازدادت فيها ضراوة المعارك بين جيش التحرير والجيش الفرنسي، في السنوات الأخيرة لحرب التحرير، قدّرت بعض المصادر التاريخية عددهم بين 200 و400 ألف في السنوات الأخيرة للحرب، توريط الحركى في أعمال شنيعة، بما فيها التعذيب والاغتصاب، كانت مقصودة من قبل منظري الحرب النفسية، لقطع الطريق امام إمكانية عودتهم إلى مجتمعهم، ممارسات نافست ما ارتكبه الجيش الفرنسي من جرائم، الجيش الذي فاق عدد أفراده في نهاية الستينيات عدد المعمرين الأوروبيين إذ قارب المليون عنصر، أغلبيتهم من الشباب الفرنسي، الذي جاء لتأدية الخدمة العسكرية، ليجد نفسه في حرب عصابات لم يكن مؤهلا لها، رغم تجربة قيادته العسكرية المحترفة على هذا النوع من الحروب، التي استعملت فيها كل أساليب العمل النفسي، واختراق المجتمعات. لم تمنع هذه التجربة الجيش الفرنسي من الهزيمة، ومغادرة جنوب شرق آسيا، نحو شمال افريقيا، حيث وجد حربا مشابهة في انتظاره في الجزائر 1954. حرب لم يكن الجيش الفرنسي قادرا على خوضها ولا الانتصار فيها، وهو يجهل الكثير عن المجتمع الجزائري، فكان من الضروري اللجوء إلى هذا الجسر البشري – الحركى ـ تماما كما فعل في ميادين التعليم والإدارة، لإنتاج ما سمته عالمة الاجتماع فاني كلونا بالفئات الوسيطة، بين الظاهرة الاستعمارية والمجتمع المحلي، كما فعل ذلك الإنكليز في شرق افريقيا، ومع الهنود، وكما حاول، من دون نجاح، ، في حالة الحركى، ضد مجتمعهم الأصلي، منحت وجها بشعا للحرب، كان أقرب لمنطق الحرب الأهلية، بين أبناء الشعب نفسه، خاصة إذا اضفنا إلى ذلك ما حصل من تقاتل بين جبهة التحرير والحركة الوطنية – من أنصار مصالي الحاج ـ داخل الجزائر وعلى التراب الفرنسي خلال سنوات 1957- 1958 وهو ما لمح له بشكل واضح، تقرير ستورا حين تكلم عن تعدد ضحايا حرب الجزائر، وتعدد رؤيتها وهي تدافع عن ذاكراتها المتشظية. تقرير لم يجد الصدى الكبير في الجزائر، كما وجده في فرنسا، وهو يتكلم عن الحركى الذين تحولوا مع الوقت إلى قضية فرنكو – فرنسية، بالنسبة لأغلبية الجزائريين، الذين تعاملوا معهم كمتعاونين مع الجيش الفرنسي، اختاروا مواقعهم في حرب استقلال وطني، لم يكن فيها أي مجال للتردد أو الحياد، استمر البعض منهم داخل الجزائر، بعد انتهاء الحرب، ممن لم يتورطوا بشكل مستفز ومكشوف، ضد مواطنيهم، خاصة عندما تعلق الأمر بالمناطق الحضرية التي تتميز فيها العلاقات الاجتماعية بالقرب والكثافة الكبيرين كما هو حال الريف، ما عرض بعضهم إلى أشكال تعنيف وصلت للقتل، خلال مرحلة خروج الجيش الفرنسي للجزائر وتسليمه السلطة لجيش التحرير، بعد انتشار سياسة الأرض المحروقة التي بادرت بها منظمة الجيش السري الفرنسية وغلاة المعمرين، حين تأكدوا من استقلال البلد. مأساة عاشها الكثير من الجزائريين بمختلف أجيالهم ومناطقهم، آن الأوان للتعامل معها بقدر كبير من المسؤولية من كل الأطراف ممارسات رسخت شعور الحركى، لعدة أجيال، أن الدولة الفرنسية تخلت عنهم، بعد انتهاء حرب الجزائر، هي التي مازالت تعاملهم شبه مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة، يعانون، لحد الساعة، التمييز ضدهم في مختلف مجالات الحياة، عبروا عنه بارتفاع لمستويات الجريمة داخل مدنهم وأحيائهم، في فرنسا التي يتكدسون فيها منذ ستين سنة، بعد استقلال الجزائر، رغم بعض النجاحات المحدودة التي أنجزتها بعض بنات هذا الوسط الذي نجحت فيه البنت أكثر من الولد، بنات استطعن التعبير عن همومه وما عاناه، بواسطة مختلف الأشكال الفنية كالسينما والكتابة التاريخية، تعبيرات عكست حالة الهشاشة النفسية التي ما زال أبناء وبنات الحركي يعيشونها داخل المجتمع الفرنسي الذي لا يتورع عن التعبير لهم يوميا عن رفضه لهم ولآبائهم، ولتاريخهم الذي ترفض فرنسا تحمل مسؤولياتها الأكيدة فيه. الحركي وأبناؤهم الذين ما زالوا يقيمون العلاقة المتوترة نفسها، مع الجزائر والجزائريين. ستون سنة بعد الاستقلال، ما زالوا يخافون من العودة إلى مدنهم وقراهم في الجزائر، وحتى التواصل الإنساني مع عائلاتهم في المناسبات الاجتماعية والدينية المختلفة، رغم أن مسؤوليات الآباء، ليست هي مسؤوليات الأبناء والاحفاد لاحقا، الذين لم يشاركوا في الحرب ولا يعرفون عن تفاصيلها الكثير، بعد انقطاع حبل التواصل داخل العائلة، نتيجة توقف الأب عن الكلام ودخوله حالة «بكم مرضي» تعبيرا عن رفضه لماضيه الذي لم يتقبله لا هو ولا أبناؤه من بعده، أب فقد الكثير من شرعيته بين أفراد أسرته، التي ظهر عليها الكثير من علامات التفكك والانحراف، كتعبير عن هذا التاريخ المأزوم. أبناء لابد للجزائريين كمجتمع ودولة أن يغيروا في أسلوب التعامل معهم، بعدم تحميلهم مسؤوليات آبائهم من الجيل الكبير في السن، الآيل للانقراض البيولوجي، مع الوقت، ما قد يساعد على الابتعاد عن الحمولة النفسية الهائلة، لهذه المأساة التي عاشها الكثير من الجزائريين بمختلف أجيالهم ومناطقهم، آن الأوان للتعامل معها بقدر كبير من المسؤولية من كل الأطراف، بما فيها الطرف الوطني المنتصر، في حرب التحرير، الذي عليه أن يفتح الأرشيف ـ وبالتالي النقاش الوطني الهادئ – أمام الباحثين للتعرف على حيثيات ما حصل على أرض الواقع، للخروج من السرديات المعتمدة، على ثنائية الملاك والشيطان، التي اختزلت إليها حرب تحرير وطنية عملاقة، انتهت بانتصار شعب، نجح أخيرا في استعادة استقلاله، ليبقى المطلوب منه بناء بلده وتضميد جراحه، الظاهر منها والمستتر، كما هو حال أبنائه الضالين من الحركى، الذين مازالوا يسمون بهذه التسمية القدحية، الملتصقة بالخيانة في الثقافة السياسية الجزائرية. • الحركى : هم الجزائريون الذين تعاونوا مع الجيش الفرنسي ضد الشعب الجزائري خلال الثورة التحريرية 1954ـ 1962
#عزالدين_معزة (هاشتاغ)
Maza_Azzeddine#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشهيد المثقف -علي بومنجل- ينتصر على جريمة الدولة الفرنسية
-
احياء الذكرى الستين لعيد النصر
-
احياء الذكرى الستين لعيد النصر
-
وتساوى المثقفون وأساتذة الجامعات والجهلاء
-
تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر لا يحتاج إلى قانون
-
ايجابيات وعيوب اتفاقية ايفيان - باختصار -
-
ما وراء فتح أرشيف الجزائربفرنسا ؟
-
الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي إلى أين؟
-
الكتابة التاريخية في الجزائر بين ضغوط التقديس ونزعات التسيس
...
-
الفساد السياسي يُعمّق الظلم الاجتماعي ويقلل فرص التنمية
-
سلطة التراث والسياسة وانعكاساتهما على العقل العربي المعاصر
-
هل أزمتنا في جسم الأمة العربية العملاقة أم في رأسها السياسي
...
-
اركان بناء الدولة المدنية العصرية
-
من ثورات الربيع العربي إلى عودة شتاء العرب؟
-
الجزائر وفيتنام جمعتهما ثورتان كبيرتان وفرقتهما التنمية وسوء
...
-
إشكالية العقل النقدي وفقه العصور الوسطى في الفكر العربي المع
...
-
مفهوم الدولة في العالم العربي
-
الديمقراطية وانظمة الحكم في الوطن العربي
-
الانظمة العربية والتلاعب بعقول شعوبها
-
سيكولوجية التلاعب بالعقول والتحكم في القطيع
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|