|
إنهم يسرقون انتباهنا
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 7207 - 2022 / 3 / 31 - 15:57
المحور:
المجتمع المدني
انهم يسرقون انتباهنا
مما لاشك فيه التأثير الكبير للتكنولوجيا الحديثة على كل مفاصل حياتنا . نحن نستخدمها باستمرار ، سواء في حياتنا الشخصية أو المهنية ، ورغم فوائدها الجمة الا ان لها تأثيرات سلبية ، فقد رافقتها بعض الاضطرابات في طريقة حياتنا وسلوكنا .
ومن هذه السلبيات ظاهرة التشتت الذهني او تشتيت الانتباه التي اخذت تؤثر في حياتنا الخاصة لكثرة المعاناة من آثارها السلوكية والانتاجية . ويمكن تعريف تشتت الانتباه بانه عملية تحويل انتباه الفرد أو المجموعة عن المهمة القائمين عليها ، وبالتالي عدم تحقيق الاهداف المطلوبة او ارتكاب اخطاء جسيمة .
سرقة انتباهنا
عملت الشركات الكبرى على تحقيق الدخل العالي من وسائل التواصل الاجتماعي ، والإعلانات الموجهة ، واليوتيوب ، والتطبيقات الاخرى ، واستطاعت سرقة انتباهنا بشكل منهجي وعلى نطاق شخصي واقتصادي . حتى اصبح لدينا الكثير من الإلهاءات حولنا مما يتطلب الوقوف عندها ومعالجتها للحفاظ على التوازن بين العمل والحياة .
تقول رائدة الأعمال البريطانية بليندا بارمار "ان هناك صناعة كاملة مكرسة لإلهاءنا ، ومعظمنا لا يدرك ذلك " ، وان العبودية في الأزمنة الحديثة لاتنصب على عملنا الجسدي ، بل على انتباهنا".
مصادر تشتت الانتباه
تأتي مشتتات الانتباه من مصادر خارجية اوداخلية. وتشمل عوامل التشتت الخارجية الضوضاء والمحفزات المرئية او الطقس مثل الامطار والعواصف او ذات صلة بالبيئة المحيطة مثل الطيور والحيوانات وكذلك الموسيقى والرسائل النصية والمكالمات الهاتفية والفديوهات الموجهة والاعلانات . اما عوامل التشتت الداخلية فتشمل الجوع والتعب والمرض والقلق وأحلام اليقظة.
ربطت كثير من الدراسات مؤخرًا بين الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعى وغيرها من التطبيقات الرقمية وظهور أعراض تشتيت الانتباه . فعند تدفق البيانات من رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والاعلانات والفديوهات ، تجد صعوبة في التركيز على عملك وتصبح مضطرا لممارسة مهام متعددة في وقت واحد ، مما يتسبب في التشتت الذهني .
أن الأدلة العملية تثبت أن متعددي المهام لا يتمتعون بموهبة استثنائية، بل أشارت دراسات إلى أن الأشخاص الذين يؤدون مهمتين أو أكثر في آن واحد، مثل مشاهدة التلفاز ومطالعة البريد الإلكتروني، يرتكبون أخطاء أكثر من غيرهم ممن يركزون على مهمة واحدة.
وهذا يرجع إلى أن أدمغتنا لا تستوعب إلا عدد محدود من المعلومات في لحظة معينة، وقد يؤدي الالتزام بتأدية مهام عديدة في يوم العمل والتنقل الدائم بين المهام إلى إهدار الوقت بدلا من توفيره واستغلاله . ان تعدد المهام يتيح لك القيام بمهام كثيرة ، ويمنحك وهم بالكفاءة والقوة ، ولكنه غالبًا ما يكون غير فعال أو حتى خطيرًا على صحتك النفسية والجسدية .
إن ممارسة اعمال متعددة في وقت واحد يشتت الانتباه ويقلل من قدرتك الفكرية ، ويؤدي إلى انخفاض معدل ذكاءك ، ويجعلك ترتكب ألاخطاء ، أو تفوتك أدلة خفية ، مما يؤثر سلبا على مستوى الاداء أو حتى التوقف عن العمل عندما يتعذر مواصلته بالشكل الفوضوي ، وهذا يؤدي بالنتيجة الى عدم استثمار الوقت لصالحنا . وفي النهاية تفقد الهدف الأساسي المتمثل في تحقيق تركيز عال لانجاز العمل باتقان وبراعة .
ومن المثير للاهتمام أن استخدام وسائل الالهاء بكثرة مثل التواصل الاجتماعي والفديوهات وغيرها له آثار سلبية على الشباب وكبار السن على حد سواء ، فهو يؤدي إلى السلوك القهري والعزلة والقلق لدى الشباب . . مع انخفاظ المهارات وضعف التركيز والذاكرة عند كبار السن .
ان الانجازات الفاعلة والابداعات لا تأتى إلا بالتركيز على العمل الذي بين أيدينا ، وعدم الالتفات إلى ما عداها، لأن مشتتات الانتباه على اختلاف أنواعها ستحول بيننا وبين تحقيق الهدف ، او احيانا ارتكاب مخالفات جسيمة . وقد يؤدي تشتت الانتباه الى المسؤولية الجنائية ، فاذا كانت أفكارك المتطفلة تمنعك من التركيز على قيادة السيارة مثلا ، او انشغالك بالهاتف النقال واصطدمت بطريق الخطأ بشخص يعبر أمامك او راكب دراجة ، فسوف تواجه عواقب وخيمة .
واضافة الى ذلك فان الالهاء اوتشتت الانتباه يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التوتر النفسي ، والاثر العاطفي السئ .
ومن جانب آخر فان بعض الحكومات تعمل على تشتيت انتباه المواطن باخبار او احداث مفتعلة من اجل صرف انتباهه عن قرارات خطيرة قد تحدث ردود فعل غير مرغوبة ان تم التركيز عليها .
ان جسدنا هو محرك حياتنا . وأفكارنا تحقق إنجازاتنا . وان بيئتنا تسمح لنا بزيادة انتاجيتنا بدون المشتتات ألذهنية . ولذلك أصبح من الضروري معرفة كيفية التحكم في مشتتات الانتباه ، ونتعلم ادارة حياتنا بانضباط تام من أجل تقليل الضغط المستمر من مصادر الالهاء وعلى الاخص التكنولوجيا الرقمية التي تشتت انتباهنا باستمرار ، وهي بلا شك تسبب ضغوطًا كبيرة على صحتنا العقلية والجسدية ، وتقلل من انتاجياتنا وكفائتنا او ابداعاتنا .
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اشكالية التدين والأخلاق في مجتمعنا
-
الحرب الروسية الاوكرانية. الاصطفاف مع من؟
-
ازمة اوكرانيا وحافة الهاوية
-
الفصائل المسلحة والاغتيالات والسلاح المنفلت
-
صناعة الدكتاتور وتقديس الفرد
-
الأسباب الكامنة وراء عدم ابداع العرب في اوطانهم
-
الهوس بالمال
-
انهم اعداء الحياة والفرح
-
اسباب فشل الديموقراطية في العراق
-
التجهيل الممنهج في الفضائيات العربية
-
شبح الطرف الثالث
-
رئيس الوزراء القادم
-
عندما تصبح السلطة غاية وليست وسيلة
-
مسلسل لعبة الحبار يعكس ازمة النظم الرأسمالية
-
الانتخابات العراقية الفرصة الاخيرة للنظام السياسي
-
الأحزاب الإسلامية من الخطاب المضلل الى السقوط
-
العراق بين الديكتاتورية السابقة والدكتاتوريات الجديدة
-
سلوك بعض مستخدمي التواصل الاجتماعي يعكس مدى الانحدار في الاخ
...
-
النفق المظلم الذي دخلنا به هل هناك ضوء في نهايته ؟
-
الانسحاب الأمريكي من افغانستان. . دروس وعبر
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|