|
نعم هناك ألوهة !!!
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 7205 - 2022 / 3 / 29 - 23:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أعيد نشر هذا المقال للإجابة عن أسئلة جديدة طرحتها في كتاباتي ومنها : هل تعتبر الطاقة العقلانية القائمة بالخلق نفسها إلها ، وإذا لا هل تقبل ما أطلقه عليها العقل البشري من صفات ألوهية ؟ فإلى المقال ألذي آمل أن يكون فيه إجابات مقنعة بقدر ما : الدخول في الأسئلة الصعبة مسألة معقدة جدا بالتأكيد ، لأن الإجابة عنها أكثر تعقيدا ، خاصة وأننا مهما اجتهدنا في الإجابة لن نتوصل إلى حقيقة مطلقة . غير أن عدم التوصل إلى حقيقة مطلقة ينبغي أن لا يثنينا عن خوض غمار طرح الأسئلة والإجابة عنها ، فقد نتوصل في أحسن الأحوال إلى حقيقة نسبية ، وفي أسوئها إلى اكتشاف خطأ الإجابة أو حتى خطأ الطرح ، مما يقودنا إلى إجابات مختلفة لمفكرين قد ينتج عنها حقيقة نسبية تساهم في إغناء الفكر الإنساني ، أو إلى طرح الإسئلة بشكل مختلف يؤدي إلى نتائج مختلفة قد تساهم في إغناء الفكر الإنساني أيضا . إذا اتفقنا على أن الوجود مكون من مادة وطاقة ولا شيئ غيرهما : مادة ينتج عنها، طاقة تعيد تشكيل وخلق المادة في ملايين الأشكال المختلفة من كائنات في الوجود ، تقوم بدورها بإنتاج طاقة ينتج عنها خلق وإبداع ينتجان حضارة ، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا من أسئلة في هذه الحال : هل هناك ألوهة أم أنه لا يوجد ألوهة على الإطلاق، وإذا كان هناك ألوهة فهل تتمثل في المادة والطاقة أم أنها خارجهما؟ والأهم من ذلك هل تعي الألوهة وجودها كألوهة في المادة والطاقة أم أنها لا تعيها ؟ وهل ترى أن التمظهرات المادية والأفعال الناتجة عنها في الكائنات كلها هي تمظهرات وأفعال لها أم لا ؟ هذه هي أهم الأسئلة التي يمكن أن يطرحها المرء . سنستبعد إمكانية وجود ألوهة خارج المادة والطاقة سواء قبلهما أو بعدهما لأن ذلك لا ينسجم - كفكرغيبي لا يستند إلى أي منطق - مع تفكيرنا . وسنشرع في الإجابة استنادا إلى المنطق الثاني أي إمكانية وجود ألوهة في المادة والطاقة ، وفي الإمكان استباق الإستدلال لنقول، إذا كان ثمة ألوهة في المادة والطاقة فإن وجودنا المادي وفعلنا الطاقوي لا ينفصلان عن وجودها كمادة وطاقة وبالتالي فإن الألوهة موجودة فينا أيضا كما هي في كل خلق مهما كان، كون كل خلق هو مادة وطاقة . وبهذا نريح أنفسنا من أي منطق آخر للإستدلال .لا، لن نكتفي بهذا القدر من الإستدلال لإمكانية ألا تدرك الألوهة أنها ألوهة وبالتالي لا يوجد ألوهة على الإطلاق. لقد سبق وأن تحدثنا عن أن مفردات لغوية من نوع إله ورب وخالق وخلق وألوهة لم توجد قبل اختراع اللغة من قبل الإنسان في زمن قريب جدا من عمر الخلق لا يتجاوز سبعة آلاف عام في أحسن أحواله ، في الوقت الذي يوجد فيه عملية خلق قائمة منذ أربعة عشر مليار عام ، وهذا يعني أنه لم يكن هناك خالق مهما كان يخضع لمفهوم لغوي قبل اختراع اللغة ، وبما أن اختراع اللغة هو فعل طاقوي إنساني فإن اختراع مفردات لغوية تعبر عن ألوهة ما هو فعل بشري إنساني ، وفي هذه الحال تكون الألوهة وكل المفردات المعبرة عنها نتاجا إنسانيا وليس إلهيا . لكن مهلا . ليس الأمركذلك رغم ما يبدو من منطقية الإستدلال. فما تم هو نفي وجود مفهوم لألوهة وليس نفيا لمفهوم وجود خلق، كذلك ليس نفيا لوحدة مادة وطاقة موجودة قبل اللغة لم يتم التعبيرعنها لغويا إلا في القرون الحديثة ، كما تم تناول المسألة بمعزل عن عملية الخلق القائمة منذ قرابة أربعة عشر مليار عام ، والتي يأتي خلق الإنسان كذروة تطورها . فإذا ما ذهبنا في هذا الإتجاه فإننا سنجد أن خلق الإنسان هو نتاج فعل مادي طاقوي قائم منذ بدء عملية الخلق ، شكل خلق الإنسان ذروة تطوره ، وأن اللغة اعتبرت هذه العملية الجارية المتحولة خلقا، استدعت بدورها وجود خالق أو ألوهة ، أطلقت عليها اسم الخالق أو الله كمفردة توصلت إليها اللغة، لم تجد حتى الآن أفضل منها للتعبير عن عملية الخلق . ونظرا لأن الإنسان غير معزول عن عملية الخلق هذه كمادة ينتج عنها طاقة ، وطاقة ينتج عنها مادة ،فإن الألوهة كمادة تتمظهر فيه كما تتمظهر في كل كائن، وأن طاقة الألوهة تسري فيه كما تسري في كل كائن ، وبالتالي فإن كل ما ينتج عنه يمكن اعتباره نتاجا إلهيا ، وأن اختراع اللغة وإنشاء مفردات تعبر عن الألوهة هو اختراع من قبل الألوهة نفسها ممثلة في جانب متمظهر منها في الإنسان ، كون تمظهر الألوهة هو تمظهر في كل شيء في الوجود حتى في الكواكب والنجوم . وبالتالي فإن هناك ألوهة ! والألوهة إضافة إلى ما تطرقنا إليه من كونها مادة وطاقة ، فهي من حيث المبدأ ، أوجدت نفسها بنفسها لنفسها منذ الأزل وما زالت توجد نفسها بنفسها لنفسها دون أن تصل إلى كمال ما مطلق . وبناء عليه يمكن اعتبار اللغة ومفهوم الألوهة مرحلة في تطورفهم عملية الخلق وفهم الألوهة لنفسها ، وإدراكها لوجودها، لكنها ليست الفهم الأخير المطلق وليست الإدراك الوجودي المطلق. نستنتج مما سبق وتحديدا عن المرحلي والمطلق ، أن عملية الخلق لم تخرج حتى الآن عن مفهوم النسبية ، سواء في إدراك الألوهة لوجودها أو وعيها لنفسها . وأن الإدراك المطلق لن يتم دون إدراك الألوهة لوجودها المطلق ، وأن وعيها لنفسها لن يتم دون إيجاد الوعي المطلق . ويمكن تعريف الوجود المطلق بأنه الوجود الذي ليس بعده وجود ، وأن الوعي المطلق هو الوعي الذي ليس بعده وعي . وهذان الأمران في الحالتين شبه مستحيلين على المدى المنظور والممكن تبصره، إلا إذا اعتبرنا أن وجودنا ووعينا ( الإلهيين ) مطلقان. وإذا ما انتقلنا إلى الغاية من الوجود فإن استحالة التحقق في الحقب القريبة القادمة تغدو شبه مؤكده . فإذا كانت الغاية من الوجود هي تحقيق قيم الخير والعدل والمحبة والجمال وبناء الحضارة الإنسانية الإلهية ( إن شئتم ) فإنه لم يتحقق من هذه القيم إنجاز على مستوى أممي يدعو للفخر . وإذا ما ذهبنا إلى عملية الخلق بحد ذاتها فإننا نجد أنها غير مكتملة من نواح كثيرة ،كخلق مخلوقات ضارة ، وخلق الإنسان غير الكامل ، وغير ذلك كثير . لكل ذلك يمكن القول إن عملية الخلق ما تزال في بداياتها ،وإن كمالا ما لن يتحقق على كافة الصعد ما لم يتحقق كمال الخلق في كافة الجوانب المتعلقة بعملية الخلق. وإذا أردنا أن نوجز الإجابات عن الأسئلة التي طرحناها ، فإننا نقول حسب مفهوم نسبي غير مطلق : - نعم يوجد ألوهة ، وأنها تتمثل في المادة والطاقة وتتمظهر كمادة في كل شيء ،وأن أسمى تمظهر لها هو في الإنسان ، وأنها كطاقة تسري في الكون والكائنات كلها ، وأنها تدرك وجودها المادي لأنها تحتويه وتتمظهر فيه ، وتعي وجودها الطاقوي لأنها تنتجه. *****
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل كان القائم بالخلق مكتفيا بذاته ؟
-
رواية سجالية جدا فلسفيا ودينيا وفكريا!
-
الفلسفة المثالية حاولت تجريد مفهوم الخالق
-
هل بدأ علماء الفيزياء يتفقون معي ؟
-
ما جوهر الله ؟
-
يها العالم القاتل متى تتخلص من الحروب؟
-
الاعتقاد بوجود عقل طاقوي خالق مسألة لصالح البشرية .
-
تجليات الخلق والخالق !
-
تحولات الألوهة من الأنوثة إلى الذكورة (2)
-
محمود شاهين يعين الدكتورة سلمى الجيوسي في قصتيه: نار البراءة
...
-
العقل السليم في ما يتعلق بالمعتقدات !
-
محمود شاهين وحزنه على فراق ميلينا في -رسائل حب إلى ميلينا -
-
محمود أبو الجدايل يلتقي الله في قصة الخلق !
-
ماهية الخالق والغاية من الخلق في رواية - قصة الحلق-
-
الثلوج تهطل على عمان
-
إيمان محمود أبو الجدايل في رواية - زمن الخراب -
-
محمود أبو الجدايل يبكي دمشق في -زمن الخراب-
-
رواية زمن الخراب والتباين مع الأدب السائد
-
وح والطوفان في رواية - عديقي اليهودي -
-
أصل اليهود في رواية -عديقي اليهودي-
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|