أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثائر دوري - هل هناك ما يمنع أن يكون المرء عاطفيا و عقلانيا في الوقت عينه ؟















المزيد.....

هل هناك ما يمنع أن يكون المرء عاطفيا و عقلانيا في الوقت عينه ؟


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 1669 - 2006 / 9 / 10 - 10:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من ضمن الثنائيات الزائفة التي يتحفنا بها مثقفونا ثنائية "العقل / العاطفة " . فهم يقدمون العاطفة على أنها غوغائية ، ديماغوجية ،تقود إلى طريق مدمر، فهي محملة بقيم سلبية . أما العقل فعلى النقيض من العاطفة فهو هاديء رصين يقود إلى صلاح الدين و الدنيا .........
في يوم واحد قرأت مقالتين لكاتبين من كتاب جريدة الحياة اللندنية تشتركان بإقامة الثنائية السابقة " عقل / عاطفة ، بمعنى تحقيري للعاطفة و تمجيدي للعقل ، و بالمناسبة إن هذه الثنائية دارجة عند كتاب جريدة الحياة ، فأغلب كتاب هذه الجريدة يميزون بين العقل و العاطفة . فالعاطفة حسبهم محملة بقيم سلبية و تستخدم غالباً لتوصيف انفعالات المجتمعات العربية في لحظات العدوان الصهيو – امريكي ، فهي غير منتجة سوى لخطاب عاطفي ، أي غوغائي ، مدمر ......... .و هم يستخدمون تعبير " عاطفي " لوصف مواقف الجماهير الرافضة للتطبيع و للاستسلام مع العدو ، و المنحازة لخيار المقاومة و المقاومين .
و ينتصب قبالة " العاطفة" " العقل" الهاديء ، البارد ، الذي يعول عليه لبناء الحضارة و حل مشاكل الكون ، حسب زعمهم ، فالعقل ، كما يرون ، هو حلال للعقد و المشاكل ، و هم يستخدمون مصطلح "العقل" و ما يشتق منه من "عقلانية" و سوى ذلك من كلمات لوصف خطاب دعاة التطبيع و التسليم للعدو ........الخ
توسم العاطفة بأنها ذات فعل مدمر عنيف في حين أن العقل هو دبلوماسي بناء بعيد عن العنف ،و بالطبع فهم يقدمون أنفسهم كممثل لتيار العقل ، مقابل الجماهير العاطفية الغوغائية ............الخ ، فالعقل محمل بقيم ايجابية مطلقة عند هذا النمط من الكتاب ، و بالتالي فإن ثنائية "عقل / عاطفة " تستبطن ثنائية " نخب / جماهير " ، يقول أحدهم :

(( علينا أن نتذكر أن الجماهير العربية، التي صفّقت لمغامرة «حزب الله»، التي اعترف بها السيد حسن نصرالله لاحقاً، هي الجماهير نفسها التي صفّقت من قبل لـ «طالبان» و «القاعدة» عندما ضربا مركز التجارة العالمي، ولصدام حسين عندما احتل الكويت. الجماهير العربية بطبعها عاطفية، و»غير مُسيّسة» ولا يمكن أن تكون المقياس الواقعي عند اتخاذ السياسات المعتدلة وتحديد المواقف))
و يقول آخر :

(( أيا تكن إجابات هذه الأسئلة، فإن وجود شعور عربي مشترك، مستقل عن الوقائع السياسية والجيوسياسية التي يعيش في ظلها العرب المعاصرون، أمر أكيد. ونميل إلى الاعتقاد بأن من شأن تسوية معقولة للمسألة الفلسطينية وصيغة نشطة من التضامن بين الدول العربية أن يسمحا بإعادة هيكلة الشعور العربي ليغدو أقل تمركزا حول الذات، وأقل درامية وعاطفية. وهما، التضامن وإنصاف الفلسطينيين..))
و رغم أن الكاتب الثاني أكثر تهذيباً من الكاتب الأول بطرح فكرته إلا ان المقطعين تحكمهما ثنائية " العقل / العاطفة " التي تخفي في ثناياها ثنائية أخرى ، يمكن ملاحظتها بسهولة عند الكاتب الأول و بصعوبة عند الثاني و هي ثنائية " نخبة /جماهير " ، كما ذكرنا ، فالأولى عقلانية واعية و الثانية عاطفية جاهلة .
إن فكرة تقسيم الإنسان إلى متضادات "عقل / عاطفة "و " روح / جسد " ، نشأت في أوربا مع نشوء الرأسمالية حيث استخدم هذا التقسيم في البداية ضد المهمشين في المجتمعات الغربية . و من ثم تلقف الإستشراق هذه الثنائية ، فوّصف الشرق بأنه روحاني عاطفي مقابل الغرب العقلاني صاحب الإنجازات التقنية . و قد تبنى بعض الكتاب العرب هذه النظرة الإستشراقية لكن بشكل مقلوب ، فأصبح الشرق الروحاني العاطفي مصدر فخر و اعتزاز لهم ، مقابل عقلانية الغرب التكنلوجية الباردة . لكن في المحصلة تظل هذه الثنائية تستبطن احتقاراً للشرق العاطفي ، الذي يعيش في أجواء ألف ليلة و ليلة ، و لا يستطيع أن يسيطر على غرائزه و انفعالاته و بالتالي لا يستطيع أن يفكر بشكل سليم لذا فهو لا يستطيع أن يبني حضارة ، كما يمضي هذا الخطاب إلى نهايته المنطقية . تقول الكاتبة اليهودية – العربية ايله شوحاط :
(( ثمة تاريخ لهذا الفهم الذي يفصل بين العقل و العاطفة . ففي خطاب الطبقات العليا الذكوري في أوربا تم تصوير القرويين و النساء و المثليين و العمال كمخلوقات أدنى من ناحية عقلية ، و نتج عن ذلك اعتبارهم غير مؤهلين لإحتلال مناصب قيادية ، و على هذا تم اقصائهم عن مراكز القوة و حرمانهم من المساواة في الحقوق . الإيديولوجيا الإمبريالية روجت لهذه النظرية أيضا و طبقتها على كل ((المحليين ))غير البيض باعتبارهم (( مخلوقات تحركها الغرائز )) . لثنائية العقل / العاطفة المشوهة هذه نسخة أكاديمية أيضاً . فعندما يظهر مثقفون انفعالاً و يتخذون موقفاً في نقاش ما يتم تصويرهم و كأن المنطق و العقلانية تعوزهم ، و يتبع ذلك النظر إلى ما يقدمونه من تحليل بأنه فاشل في محك (( الموضوعية )) . يخضع هذا التحليل لوجهة نظر كلية طبقية و جنسية و تعريقية و قومية و عرقية و عنصرية خفية تحدد ما يليق بالأكاديمي (( رجل العقل )) أن يستخدم من حركات جسم و لباس و كلام و تعبير وجه و صياغة أسلوب كتابة كيما يجتاز امتحان (( العبء العقلاني )) . يتأسس الخطاب المهيمن في الأكاديميا ، و الذي يفصل بين (( الرأي )) و الـ(( الجسد )) ، على فكر ثنائي لا يستطيع استيعاب محاججة تكون منفعلة و منطقية في آن واحد ...))
ايله شوحاط (( ذكريات ممنوعة – ترجمة اسماعيل دبج ))
وفق ثنائية هؤلاء الكتاب ((( عاطفة / عقل )) التي تساوي (( كلام لا قيمة له / كلام مهم )) فإن خطاب فريد الغادري ،الهاديء كالروبوت ، الذي لا ينفعل أبدا مهما وجهت له من إهانات . بل يكرر جمله المحفوظة مسبقا و بنسق فكري لا يخرج عن مسار النص المرسوم سلفاً . هو أهم من خطاب و أفكار أسعد أبو خليل ، الذي ينفعل و يتدفق عفوياً فتظهر عاطفته بشكل جلي أثناء أحاديثه التلفزيونية . و بالتأكيد فإن هذا الكلام لا أساس له من الصحة فلا مجال للمقارنة بين أهمية كلام الرجلين ......!!.
من ملاحظة بسيطة كهذه يمكن تبين أي منظار استشراقي تنظر به النخب العربية نحو أمتها و شعبها .و لا يسعنا إلا أن نعيد سؤال ايله شوحاط على الكاتبين السابقين :
- هل هناك ما يمنع أن يكون المرء عاطفياً و منطقياً في ذات الوقت ؟



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفجع على خمسينيات القرن العشرين
- خمس قوى في مركب واحد
- معنى استعادة قناة المنار لنشيد -الله أكبر فوق كيد المعتدي -
- المقاومة تعيد الاعتبار للإنسان أمام الآلة
- الفرق بين الصيد في المياه العكرة و المياه الصافية
- استبداد أم احتلال ؟
- من سيحاسب من في لبنان ؟
- مع المقاومة تحت أي راية كانت
- ولادة العربي الجديد
- قنابل نووية يدوية الصنع
- الإرهابي هو كل من يعارض مصالحنا
- تلفيقات فكرية سورية
- تيمور الشرقية قصة نفطية نموذجية
- خرافة الاستعمار الجيد
- العدوان الإمبريالي على العرب بين -القوة الناعمة -و -القوة ال ...
- مصر على مفترق طرق التغيير
- التدمير المنهجي للزراعة في العالم من العراق إلى الهند
- حكاية الذئب الأمريكي الذي يجب أن يغير طبعه
- قديم بملابس جديدة . جديد بملابس قديمة
- العطب الأخلاقي للحضارة المعاصرة


المزيد.....




- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثائر دوري - هل هناك ما يمنع أن يكون المرء عاطفيا و عقلانيا في الوقت عينه ؟