|
القانون العنصري الصارخ -منع لم شمل العائلات-
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
الحوار المتمدن-العدد: 7199 - 2022 / 3 / 23 - 23:32
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
أقرت الكنيست (البرلمان الإسرائيلي مطلع هذا الشهر) القانون العنصري المعروف بقانون منع لم شمل العائلات الفلسطينيةت، وما يلي تعريف بالقانون وخلفياته ُعرّف إسرائيل نفسها على أنها "دولة يهودية وديمقراطية" وهذا التعريف هو مصدر كثير من التناقضات والأزمات التي رافقت إسرائيل منذ إنشائها حتى الآن، نتيجة التناقض بين شرط "اليهودية" الذي ينطوي على معاني وقيم عنصرية تفضل اليهود على غيرهم من البشر، وبين الطابع الديمقراطي الذي تستغله إسرائيل لتعزيز مكانتها في العالم الغربي، في السنوات الأخيرة وتحديدا خلال العقدين الماضيين أخذت إسرائيل تجنح أكثر فأكثر نحو اليمين واليمين المتطرف وهو ما انعكس في سياسات استيطانية وتوسعية وأمنية سعت إلى تقويض اي فرصة لقيام دولة فلسطينية وتكريس الاحتلال كواقع نهائي. هذا التناقض بين ديمقراطية الدولة ويهوديتها انعكس ايضا على الصعيد الداخلي وفي مجال التشريعات حيث جرى سنّ نحو 60 قانونا عنصريا ينحاز ليهودية الدولة على حساب ديمقراطيتها (التي تعني من بين امور أخرى المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات) ، أبرز هذه القوانين هو قانون القومية الذي شُرّع في تموز/ يوليو من العام 2018 واعتبر بمثابة قانون اساس (أي له صفة دستورية) بالإضافة إلى قانون العودة الذي يعطي اي يهودي في العالم حق الجنسية الاسرائيلية لمجرد وصوله إلى فلسطين، إلى جانب سلسلة من القوانين التي تحد من حقوق الفلسطينيين المدنية والسياسية وتعطي أولوية لليهود في خدمات الدولة، وفي تخصيص الموازنات والأراضي والمياه، وقوانين تنظيم المدن والقرى، ومحاباة/ المعاملة التفضيلية للاشخاص الذين خدموا في الجيش (اي اليهود) في جميع المجالات بما فيها التوظيف والقبول في الجامعات والحصول على مخصصات دعم اجتماعي. إلى جانب قوانين مكافحة الارهاب، واستثناء الأراضي الفلسطينية المحتلة من سريان المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعتها إسرائيل، كل هذه القوانين خلافا للتمييز الفعلي والواقعي الذي تمارسه أجهزة الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة من دون الحاجة لإقرار قوانين وتشريعات. من القوانين العنصرية التي اثارت جدلا واسعا قانون منع لم شمل العائلات وهو قانون مُفصّل خصيصا لمنع الفلسطينيين/ الفلسطينيات الذين يتزوج أحدم من فلسطيني/ة يحمل الجنسية الاسرائيلية من الاجتماع بشكل طبيعي ضمن اسرة، من المعروف أن إسرائيل تمنح حملة الجنسية الاسرائيلية من الفلسطينيين حقوقا أكبر في الحركة والسفر والتنقل والعمل أكثر من الفلسطينيين سكان الضفة والقطاع، ولذلك من الطبيعي ان تسعى الأسر إلى الاجتماع ولم الشمل بالحصول على تصريح لدخول القدس أو إسرائيل ، وقد وجدت حكومة الاحتلال في هذا الأمر خطرا داهما من شأنه زيادة عدد ونسبة الفلسطينيين في القدس والداخلن فأقرت قانونا مؤقتا لمنع ذلك. جرى سن هذا القانون في العام 2003 وبسبب طبيعته العنصرية وغير الدستورية الصارخة جرى سنه كقانون مؤقت ( يسمى أمر يوم أو قانون طوارىء) حتى لا يجري نقضه من قبل المحكمة العليا التي لا يمكنها تمرير مثل هذا القانون الذي ينطوي على تمييز عنصري صارخ بحسب العرق ومكان السكن. وذلك لجأت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى تجديد هذا القانون بشكل سنوي، وقد تعثرت عملية إقراره السنوية بسبب المناكفات بين الحكومة الحالية والمعارضة برئاسة رئيس الوزرا ءالسابق بنيامين نتنياهو الذي يسعى لانتهاز اي فرصة لإسقاط الحكومة. ولكن في نهاية المطاف سحبت المعارضة اعتراضها على القانون ( وهي التي كانت في العادة تبادر إلى تمريره حين كانت في الحكم) وهذا ما مكن الحكومة من تمريره في النهاية. مركز عدالة القانوني وهو مركز متخصص في حقوق الأقلية العربية في الأراضي المحتلة عام 1948 ( اسرائيل) وصف هذا القانون بأنه من أكثر القوانين عنصرية في العالم مشيرا إلى أنه ليس هناك اي دولة في العالم تمنع مواطنيها من ممارسة حقهم في تكوين اسرة على أساس الانتماء القومي أو العرقي، لكن هذا الأمر بات متاحا وممكنا (حسب مركز عدالة) تماشيا مع قانون القومية العنصري الذي يرسخ "الفوقية" اليهودية كمبدا دستوري. والحقيقة التي يعرفها جميع الفلسطينيين أن إسرائيل لم تكن بحاجة إلى هذا التشريع لممارسة التمييز العنصري فالإجراءات الإدارية الروتينية التي تتبعها الإدارات الحكومية المختلفة كانت تضمن تنفيذ جوهر هذا القانون من دون تشريعه من خلال الشروط الأمنية والإدارية المعقدة وبطء الاجراءات، والحاجة إلى مصادقة عدة جهات حكومية من بينها الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية والبلديات، لكن إسرائيل وبسبب ذعرها مما تسميه الخطر الديمغرافي اختارت أن تسد الأبواب في وجه محاولة اي فلسطيني/ة اكتساب وثائق تمكنه من دخول القدس والمناطق المحتلة عام 1948. لا شك ان للقانون آثارا اجتماعية ونفسية سلبية على الحياة الطبيعية والإنسانية السوية حيث تصبح طبيعة الوثيقة التي يحملها الشخص هي الشرط الأول لارتباطه باي شخص من الجنس الآخرن مع العلم أن عشرات آلاف العائلات الفلسطينية منتشرة على جانبي الخط الأخضر ( حدود العام 1967) ويندر أن نجد فلسطينيا في اي مكان ليس له اقارب مقربون ممن يحملون وثيقة مغايرة عن وثيقته وهذا يسري على أزواج وعلى أخوة واخوات، وآباء وأمهات مع ابنائهم وبناتهم، وهويضاف إلى سائر اشكال المعاناة والاضطهاد التي يقاسيها الفلسطينيون في جميع جواتب حياتهم.
#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)
Nihad_Abughosh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هشاشة أوضاعنا والأزمات العالمية
-
تركيا واسرائيل: المصالح أولا
-
عن يامن جفال وأترابه
-
المناضل الأردني - الفلسطيني عارف الزغول
-
إسرائيل وحرب أوكرانيا: تهديدات وفرص ( 3 من 3)
-
إسرائيل وحرب أوكرانيا: تهديدات وفرص ( 2 من 3)
-
إسرائيل وحرب أوكرانيا: تهديدات وفرص ( 1 من 3)
-
حول عنصرية الغرب تجاهنا
-
عالم جديد متعدد الأقطاب يتشكل
-
فلسطين بين روسيا وأوكرانيا..
-
الإعلام الرسمي الفلسطيني والانقسام (2من 2)
-
الإعلام الرسمي الفلسطيني والانقسام (1 من 2)
-
إسرائيل.. تقرير الأمنستي.. والأبارتهايد ( 3 من 3)
-
إسرائيل تقرير الأمنستي..والأبارتهايد ( 2 من 3)
-
إسرائيل ..تقرير الأمنستي..والأبارتهايد ( 1 من 3)
-
ما بعد المركزي
-
الإعلام والربيع العربي والتحولات*
-
تحديات الإعلام التقدمي في ظل تسارع الثورات التكنولوجية
-
عن الشهيد الطفل نسيم أبو رومي
-
عن رفض الاتحاد الافريقي قبول إسرائيل كعضو مراقب
المزيد.....
-
فيديو جديد يظهر لحظة الكارثة الجوية في واشنطن.. شاهد ما لاحظ
...
-
عملية سرقة مجوهرات -متفجّرة- في متحف.. كيف نفّذها لصوص الفن؟
...
-
-قلق من جيش مصر-.. سفير إسرائيل يثير تفاعلا بحديث عن القوة ا
...
-
حماس وإسرائيل.. إطلاق سراح الرهينتين عوفر كالديرون وياردين ب
...
-
-واشنطن بوست-: ترامب يطهر FBI.. إنذارات بالاستقالة أو الفصل
...
-
الرئيس الصومالي يعارض اعتراف واشنطن بأرض الصومال
-
رسوم جمركية جديدة يفرضها ترامب على الصين، فما تأثيرها؟
-
جدل في ألمانيا - هل سقط -جدار الحماية- من اليمين الشعبوي؟
-
تقرير: أكثر من 50 ألف مهاجر قاصر مفقود في أوروبا
-
مظاهرة في ساحة الأمويين بدمشق تطالب بإنهاء سيطرة -قسد- على ش
...
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|