أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - القرآن محاولة لقراءة مغايرة 32














المزيد.....

القرآن محاولة لقراءة مغايرة 32


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 7192 - 2022 / 3 / 16 - 14:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ أَبى وَاستَكبَرَ وَكانَ مِنَ الكافِرينَ (34)
هنا تثار إشكالية السجود لغير الله، مما يعد عادة متعارضا لفلسفة التوحيد، التي تجعل السجود لله وحده. ولكن كسر قاعدة من قواعد التوحيد يأتي هنا بأمر من الله نفسه، وهنا نجد الملائكة مطيعين لله على الفور، مما يعد الأمر الطبيعي المتوقع منهم، رغم غرابة الأمر بالسجود لغير الله، ولكن هذه الاستجابة من غير مناقشة لم نجدها منهم، عندما أنبأهم ربهم بقراره أن يجعل خليفة في الأرض. ولكن الوحيد الذي لم يستجب لأمر السجود الصادر من الله، كان إبليس وحده. وهنا اختلف المفسرون في تفسير وجود إبليس وسط الملائكة، وهو وحده ليس منهم. هناك من قال أن إبليس كان من البداية من الجن، ولكنه كان مقربا من الله، ولذا شرف بالسماح له بأن يعيش في أجواء وأوساط الملائكة، ومنهم من قال إنه كان من الملائكة، وقلبه الله إلى جان بعدما عصى أمر الله وأغوى آدم وحواء. وكلا التفسيرين لا يستقيمان مع المفاهيم القرآنية نفسها. فادعاء أنه كان من الجن، واستحق حظوة أن يسمح الله له أن يكون في رحاب الملائكة، ومن ثم يتبين أنه شر محض، مما يعني تشكيكا بعلم الله بما سيكون من خلقه، خاصة أننا علمنا من القرآن أن من الجن من هم مؤمنون مسلمون صالحون مطيعون، فكيف يقع خيار الله على إبليس الرجيم اللعين من بعد ذلك في اصطفائه بحظوة أن يكون مع الملائكة من المقربين. أما التفسير الثاني فهو أكثر تعارضا مع مفهوم القرآن للملائكة، الذين ينبغي ألا ينتظر منهم غير الطاعة.
وَقُلنا يا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ وَكُلا مِنها رَغَدًا أَينَما شِئتُم وَلا تَقرَبوا هاذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكونا مِنَ الظّالِمينَ (35)
وكالعادة في كل النصوص القرآنية التي تتناول قصة آدم وحواء، نجد أن حواء لم تذكر قط باسمها، ولم تخاطب خطابا مباشرا من الله، بل عبر رسول الله إليها آدم، وهذا ما سنراه في كل خطابات الله (القرآني) للنساء، فنجده عندما يريد شيئا ما من النساء، سواء كان أمرا أو نهيا أو أي تعليمات أو نصائح أو تحذيرات، فكل ذلك يجري عبر الرجال، إذ يخاطب الله الرجال فيما عليهم إبلاغه للنساء، وكأن الزوج رسول الله إلى زوجته أو زوجاته، والأب رسول الله إلى ابنته أو بناته. هنا يبيح الله لآدم وزوجه كل ما في الجنة من نعيم، باستثناء شجرة واحدة نهاهما عن أن يقرباها. بقيت ماهية الشجرة هذه في القرآن مبهمة. ولكننا سنتبين أكثر بعض ملامح ماهية هذه الشجرة في النصوص اللاحقة. وينبئ الله آدم وحواء أنه إذا اقتربا منها، فسيكونان من الظالمين. والغريب إنه لم يقل ستكونان ظالِمَين، بل من الظالمين، بالرغم أنه لم يكن هناك أحد سواهما. نعم، يمكن تبرير ذلك إنه سيأتي منهما بشر آخرون، وسيكون هناك منهم الظالمون. ولكن الظلم المقصود في هذه الآية هو المعصية، وهي ظلم الإنسان لنفس، وليس لغيره، إذ تعبر أدبيات الإسلام عن ظلم الإنسان لنفسه، بمعنى ارتكابه معصية لربه، مما يضيع على نفسه ثوابا ونعيما أو يجلب إلى نفسه عقابا وعذابا لا يخفف ولا ينقطع.
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيطانُ فَأَخرَجَهُما مِمّا كانا فيهِ فَقُلنَا اهبِطوا مِنها بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ وَّلَكُم فِي الأَرضِ مُستَقَرٌّ إِلى حينٍ (36)
ثم أزلهما الشيطان عنها، ويبدو أن استخدام الـ(عن) في عبارة (عنها) تعني الزلل بالمعصية المؤدية إلى الإدبار عنها، وليس الإقبال عليها، مما يؤدي إلى الخروج منها والحرمان من نعيمها. المهم إن انخداعهما بإزلال الشيطان لهما، ونسيانهما لنهي الله لهما عن الشجرة، كان سببا لأن يطردهما ربهما من الجنة. وهي عقوبة لا يمكن أن تصدر من رب رحيم تجاه إنسانين حديثي خبرة بالحياة، وغير مسبوقين بخداع المخادعين وكذب الكذابين، ثم إن الله (التوراتي والإنجيلي والقرآني) هو الذي خلق الشيطان، ويعرف قدرته على الخداع والإزلال، ويعرف بألّا خبرة لدى مخلوقَيه البشرِيَّين الجديدَين. نعم، فسر بعض المفسرين هذه التجربة بدورة تعليمية وتربوية وتدريبية أعدها الله لهما، لتأهيلهما لدوريهما المخلوقين من أجله على الأرض، ولم يكن إخراجهما من الجنة عقوبة إلا بشكل محدود، بقدر ما يمثل بداية ما خلقا من أجله في خلافة الله على الأرض. وهو تفسير لا يصمد أمام كل العبارات التي تدل على أنها عقوبة، وليست درسا تعليميا. ثم إننا هنا عندما تحدثنا بضمير المثنى، عانيين كلا من آدم وحواء تسامحا، وإلا فالدور يكاد يكون لآدم حصرا، فهو الخليفة، وهو الذي علمه الله الأسماء كلها، وهو المصطفى للنبوة، وهو الذي تلقى من ربه كلمات فتاب عليه، وستكون لأبنائه الذكور إلى يوم القيامة القوامة والرئاسة على النساء.
فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيهِ إِنَّهُو هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ (37)
فهنا يبدأ التمييز بسبب الجنس، وتبدأ ثقافة هيمنة وقوامة الذكورة على الأنوثة طول خط التشريع الإلهي، حسب صورة الله التي رسمتها الأديان الإبراهيمية الثلاثة. فآدم هو الذي يتلقى كلمات من ربه، وعلى آدم يتوب الله، ولا ذكر لحواء، التي يبقى اسمها في القرآن خفيا، وهكذا لم تذكر أي امرأة في القرآن باسمها، سوى واحدة فقط، ألا هي مريم، وربما كان هذا من أجل كسب المسيحيين للدين الجديد. ولا يعلم السبب الحقيقي لاختصاص مريم بذكرها بالاسم دون سائر النساء اللاتي ذكرن في القرآن إلا الله ومؤلف القرآن.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 31
- مسؤولية الدستور عن الاستعصاءات السياسية
- غار حراء لا يقع في واشنطن
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 30
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 29
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 28
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 27
- النص المُؤسِّس وتأويلاته في الاسلام
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 26
- الإطار التنسيقي وسادوس مبادرته الفذة
- بين الأغلبية الصدرية والتوافقية الإطارية ورؤيتنا للتغيير
- المراحل الأربع لتصحيح الديمقراطية في العراق
- رسالة مفتوحة إلى أصدقائي الشيوعيين
- رأي في الانتخابات يجب أن يقال ويجب أن يسمع
- انتخابات 2021 ومعالجات دستور دولة المواطنة
- حل الحشد الشعبي مطلب وطني ذو أولوية
- انتفاضة الأهوازيين وعموم الشعب الإيراني
- تصحيح مسار الديمقراطية في العراق 2/2
- تصحيح مسار الديمقراطية في العراق 1/2
- وقفات عند لقاء المالكي الأخير على العراقية 2/2


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - القرآن محاولة لقراءة مغايرة 32