أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نبيل عودة - الكاتب العبري الكبير سامي ميخائيل في روايته الجديدة يبدأ من حيث انتهى غسان كنفاني














المزيد.....

الكاتب العبري الكبير سامي ميخائيل في روايته الجديدة يبدأ من حيث انتهى غسان كنفاني


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 1667 - 2006 / 9 / 8 - 10:06
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


رواية تحمل رؤية نبوئية حول مستقبل آخر للفلسطيني واليهودي
الكتاب : حمام الطرف الاغر ( باللغة العبرية )
الكاتب : سامي ميخائيل
اصدار " عام عوفيد " ( 262) صفحة من الحجم الصغير
سامي ميخائيل، ابن الثقافة العربية ،ابن بغداد ، الذي صار اسرائيليا وكاتبا عبريا ، ربما هو التعبير اليهودي الثقافي عن العائلة الفلسطينية التي هربت من حيفا، دون ان تستطيع اخذ طفلها معها .فعادت بعد الاحتلال الجديد عام 1967 للبحث عن ابنها في حيفا ( رواية غسان كنفاني : " عائد الى حيفا" )
لتصطدم بحقيقة مؤلمة ، ان طفلها بدير ، العربي الفلسطيني ، اصبح جنديا اسرائيليا اسمه " زئيف آ فشتاين ".. بعد ان وجدته امرأة يهودية عبرت الكارثة فتبنته .
زئيف – بدير ، هو وجه آخر للنكبة الفلسطينية ، ولكن سامي ميخائيل يقول لغسان كنفاني في روايته " حمام الطرف الأغر " ان زئيف – بدير هو التعبير للكارثة اليهودية ايضا كما يتضح في نهاية الرواية .
الأب ، ابن جيل النكبة ، لم يستطيع تحمل هذا الضياع وأن يقبل زئيف ، الجندي اليهودي – ابنه الفلسطيني ، رغم انه نتيجة للنكبة ، وشعر بالعداء له ... تماما كشعوره بالعداء لمغتصبي وطنه ، وعاد ليواصل نضاله العنيد ، وليسقط فيما بعد برصاص رجال الموساد . ولكن الأم ... قلب الأم يرفض الهزيمة ، زئيف هو ابنها رغم حواجز اللغة والزمن ، ولا تستطيع ان تفرق في حبها بين ابنها وابنتها الفلسطينيين ، وبين ابنها الذي صار " اسرائيليا" .
سامي ميخائيل ، بوعي او بدافع غير واع ، يطرح مأساتة الذاتية ايضا ، وكأني به يروي احداثا عايشها ، على المستوى الفكري على الأقل ، وربما على المستوى الشخصي ، ولكن باختلاف الأحداث والمضامين .سامي ايضا ابن ضائع للثقافة العربية ، تبنته ( خطفته ) ثقافة اخرى .
الأم تنجح في بناء علاقة حميمة مع ابنها زئيف ، متجاوزة حواجز اللغة ، والابن زئيف يعمل كل ما بوسعه ليعيش هذا الواقع المعقد بين حب امه البيولوجية و"هجرته" ، التي لم يخترها ، الى اليهودية والاسرائيلية .
امه تدخل حياته وتنشأ بينهما علاقات رائعة من المودة ، بينما الواقع الاسرائيلي – الفلسطيني ، واقع الاحتلال الوحشي والمقاومة العنيفة ضد الاحتلال ، يشكلان الخلفية المأساوية لهذه العلاقات ، التي تتسع دائرتها لتشمل لقاءه مع اخيه واخته ، ولكن في واقع مأساوي لا يترك فسحة للحب والفرح والحياة .
سامي ميخائيل في روايته المركبة والمليئة بالاحداث يبرز بقدرته الكبيرة على السرد ، وطرح الأسئلة الصعبة عن العلاقات بين الشعبين ، في ظل استمرار سفك الدماء المتبادل ، وهو يقوم بذلك باسلوب فني حساس ومؤثر ومدهش بنفس الوقت .
لماذا حمام الطرف الأغر ؟
" الطرف الأغر" هي ساحة في لندن اشتهرت بالحمام الداجن الذي لا يخاف الانسان ، بل يلامسه باجنحته ويحط على يديه وأكتافه ، وكأني بسامي ميخائيل يقول : اذا كان حمام الطرف الأغر قادرا على اجتياز حاجز الخوف من عسف الانسان ، ويرفرف في كل حرية في الفضاء وعلى الأرض ، ويحط على ايدي واكتاف الناس ، ويتجول بين ارجلها ، فالانسان قادر ايضا على اجتياز الحواجز التي تبعده عن أخيه الانسان ، لذا كانت ساحة الطرف الأغر المليئة بالحمام هي الساحة التي اعادت الحرارة للعلاقة العائلية وعلاقة المصير الواحد بين شقيها الفلسطيني والاسرائيلي .
ولكن الجيل الثاني ايضا ، جيل زئيف وأخيه ، رغم اختلاف علاقاته نوعا عن الجيل الذي سبقه ، جيل النكبة / جيل الأب ، كان عليه ان يدفع الثمن ، وهو ثمن مؤلم ولا يقل مأساوية عن الكارثة اليهودية والنكبة الفلسطينية ... وكأني به يقول : ان الكارثة والنكبة متواصلتان كوجهين لعملة واحدة .
زئيف اليهودي – الابن الفلسطيني ، يجد نفسه في معمعة الانتفاضة ، بعد احدى زياراته لأمه .. ويسرع اخوه الفلسطيني لحمايته ... ويسقط الأخوان ، اليهودي والفلسطيني ضحايا للواقع المأساوي لهذه الأرض التي شبعت دماءا وجثثا .
ولكن سامي ميخائيل لا يتوقف في هذه الميلودراما العنيفة هنا ، فها هم احفاد الأم ( ام اليهودي والفلسطيني ) حفيدها اليهودي واحفادها الفلسطينيون يلتقون في ارض غريبة ( قبرص ) لتحضنهم الأم - الجدة سوية ، بحب وحرارة وأمل ، فكلهم أبناؤها ، ولكلهم نفس الحق بالحياة ، ولكنها تكاد تبدو لوحة سوريالية في واقع مجنون ، مليء بالدم والألم والدماء والدموع .
وينهي سامي ميخائيل روايته بعتاب بين الأم وابنتها . الأم كانت تظن ان ابنتها عاملت اخيها اليهودي بكراهية عمياء ، ولكن الحقيقة ان الأخت ، التي التقت بزئيف ، اخيها ، دون ان تعرفه ، ودون ان تكشف امها حقيقته ، عانت منذ ذلك اللقاء من صراع نفسي عنيف ، كشفته لأمها في الجملة الأخيرة من الرواية اذ قالت تفند اتهام امها لها بكراهية زئيف :
"- لم تكن آية كراهية يا امي ، أنت وهو ارتكبتم خطأ مخيفا قبل سنوات ، حين التقينا به في الحديقة ، كان عليك ان تكشفي لي مسبقا ان الرجل الذي سألتقيه هو رجل انا ممنوعة عنه ، لم أكرهه حتى للحظة واحدة يا امي ، العكس تماما ، انت لا تعلمين كم تصارعت مع نفسي حتى لا احبه . "
رواية سامي ميخائيل تعبق بروح انسانية ، بل هي صرخة تدين الاحتلال الهمجي ، وتحلق بالروح الانسانية في نبؤة عن مسقبل آخر عبر عنه في اللقاء بين الاحفاد اليهود والعرب الذين احتضنتهم الام – الجدة ، ومن يعرف قيمة الحب وقيمة الحياة اكثر من قلب الأم ؟
اثارت الرواية جدلا واسعا بين بعض المثقفين العرب في اسرائيل ، واعتقد انه من حق كل انسان ان يرى احداث الرواية من زاويته الخاصة ... البعض شن هجوما عنيفا على الرواية والمؤلف .. ربما يكون سامي ميخائيل قد بالغ في محاولته لرؤية مغايرة للواقع المأساوي .. ولكني على ثقة ان سامي ميخائيل انطلق من رؤية انسانية في جذورها ، ولكن عمق المأساة الفلسطينية ، بات مرعبا ، وبات من الصعب رؤية المستقبل الذي يبشرنا به ( او يحلم به ) سامي ميخائيل . ومع ذلك تبقى الرواية ، وبغض النظر عن تفصيلاتها العامة ، صرخة انسانية لوقف التدمير الذاتي الذي يمارسه الشعبين !!



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يحتاج لجنة تحقيق؟
- نهاية الزمن العاقر
- حسابات الحرب .. حسابات خاسرة دائما!!
- حتى لا تختلط الاوراق
- الثقافة النقدية والنقد الثقافي
- بطولة المقاومة .. والواقع المأساوي للعرب !!
- قبل ان تصمت المدافع
- قصة : الحاجز
- ارهاصات ولادة شرق اوسط جديد
- هل توجد سياسة اعلامية عربية؟
- بعد اسبوعين من الحرب الهمجية - الى اين نتجه؟
- اسهال في النقد وتفاهة في المضمون
- كتب جديدة .......نادر ابو تامر و4 قصص مصورة للأطفال
- ماذا تبقى لكم؟
- موقف بلا عمود فقري، لا يخدم الشعب اللبناني - تعقيب على بيان ...
- بين الثقافة والفكر
- حتى لا نفقد الاتجاه من دروس مأساة لبنان
- الفيتوري : في هذا الزمن الساقط ، يسقط حتى الشعراء
- بصراحة مؤلمة : من يملك شرعية القرار في فلسطين ولبنان ؟
- الكاتب سامي ميخائيل العراقي الذي صار اسرائيليا


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نبيل عودة - الكاتب العبري الكبير سامي ميخائيل في روايته الجديدة يبدأ من حيث انتهى غسان كنفاني