أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نصر حسن - الإستبداد ودوره في تشويه شخصية الإنسان














المزيد.....

الإستبداد ودوره في تشويه شخصية الإنسان


نصر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1667 - 2006 / 9 / 8 - 06:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قد يكون ( ديكارت ) أول من افترض أن المحيط الإجتماعي والبيئة يلعبان دورا ً أساسيا ً في تحديد سلوك الإنسان وأبعاده الشخصية وصفاته كفرد ,وبناء ًعلى ذلك تتشكل أسس علاقته مع الآخرين الذين يتعايش معهم , وعليه فإن التغييرات التي تحدث في الظروف البيئية والسياسية منها على وجه التحديد تحدث تغييرات مرافقة لها في العقل وتنعكس على آلية عمله وتبرزعلى شكل سلوك يصف إنسان محدد ويميزه عن الآخرين .
لست في صدد الدخول في بحث عن التحليل النفسي والسيكيولوجي لطبيعة البشر وعلاقتهم مع البيئة بقدر ما أريد أن أوضح دور الإستبداد كمنظومة لها فلسفتها وأدواتها في التحكم بمصير الفرد والمجتمع عبر سلسلة من الأفعال السياسية التي تتحكم بعقول الأفراد وتحداث تغييرات فيها تجعلها متعايشة مع الإستبداد , هذه التغيييرات هي في معظمها قسرية إقصائية لحرية الفرد وإرادته وتطويعه وتجريده من أبعاده الإنسانية ليصبح على استعداد للتعايش مع القمع ومع منظومته التي تشبه إلى حد كبير تحويل الإنسان إلى آلة وإفراغه من محتواه الإجتماعي والإنساني .
والمقلق (وهذه مفارقة) هو أن التقدم العلمي التجريبي والتطورالتقني الذي وصل إلى الدخول في ثورة المعلومات الهائلة والتي فتحت الطريق إلى كل مجهول وساعدت على حل الكثير من المشكلات المعقدة وهي بهذا الإطار ليس لها حدود سوى رغبة منظومة السيطرة التي تتحكم فيها على أسس الربح والإحتكاروالتحكم بمسارالحياة البشرية بشكل عام .
والمقلق أكثرهو مرافقة التقدم التقني بتخلف كبير في العلوم الإنسانية وبالتالي عدم الوصول إلى إنتاج منظومة فكرية إنسانية قادرة على التحكم بجنون الآلة وتجارها , وهذا الإخفاق المخيف الذي لم يستطع إلى فهم آلية نزعة العدوان وحب السيطرة على الآخر واستئصالها , أي عدم القدرة على إزالة المنظومة العقلية الإستبدادية العدوانية وإبعاد أو تحييد سلوكها الضار والمؤذي للإنسان والمجتمع وحركة التطور الحضاري في هذه المرحلة القاتمة من تاريخ البشرية .
واستطرادا ً فإن المهم في الموضوع هو الوقوف على ماارتكبه الإستبداد في سورية من أفعال غير إنساينة أحدثت تغييرات سلبية مخيفة في عقول الأفراد نتج عنها خللا ً كبيرا ً في السلوك أفرز هو الآخر نمط مشوه من العلاقات بين الفرد والمجتمع ,بين الفرد ومنظومته القيمية , بين الفرد وحركة التاريخ الإنساني العام , وبمحصلته العامة أوصل الفرد إلى حالة من التخلف المقلقة بكافة علاقاته مع المجتمع ومع حركة العصر.
والغريب أن ماكينة الإستبداد هي المحرك العقلي والفكري والثقافي للكثير من المثقفين والمهتمين بالشأن العام في سورية , محرك بمعنى الرديف وليس بمعنى النقيض وكأن قوة الإستبداد كافية لهدم توازنات الحياة البشرية وفيها تنهار كل أسس العلاقات السليمة بين الفرد والمجتمع , وهذا هوأشد مظاهر الإستبداد خطرا ً على حياة الأفراد.
والأغرب من ذلك أن حركة المجتمع في سورية أصبحت مولفة على حركة الإستبداد والفساد المركب الذي يعيشه المجتمع إلا بإسثناءات لاتذكر , وهذا مايوضحه إهتمام الكثيرين بوصف غامض لحالة الإستبداد وماأفرزته من تشويه سياسي عقلي فكري إجتماعي في حياة المجتمع وتصدي ضعيف وفاتر لها , وضياع الوقت في تحليل وفهم الأحداث الجزئية المرافقة لحالة الإستبداد , وعليه لابد من الرجوع إلى الأساس والأصل لفهمه ووضع الحلول العملية للخلاص من حالة الإستلاب التي طبعت كل مفردات حياة المجتمع .
بقي أن نقول على عجالة أن طبيعة النظام السياسي في سورية المؤسسة أصلا ً على الشمولية والقمع وإلغاء دور الشعب بل وشخصيته أيضا ً والمختصرة في حدود فرد هو يمثل (الذات العليا ) بالتحكم في مصائر البلاد والعباد , هو حالة عدوانية على كرامة الفرد وقيمته قد انتفخت كثيرا ً وإلى الحد التي ألغت شعب بأكمله هي بحاجة إلى العلاج الآن لأنها في طريقها إلى أن تتحول إلى سرطان مخيف في نسيج المجتمع .
وعليه إن واجب المثقفين والسياسيين وكل القوى الحية في المجتمع البحث عن الحل في أصل المشكلة وليس في ظواهرها , والركيزة الأساسية للحل هو إعادة الإعتبار لقيمة الإنسان أي السير بالتوازي بين المطلب السياسي الذي يلخصه الحاجة إلى الديموقراطية وبين المطلب القيمي الذي يلخصه حاجة الفرد إلى الخلاص من الإستبداد , يتقاطع المطلبان بل ينصهران في حالة واحدة ومطلب واحد هو الحرية التي بدورها تنج أحكام القيمة ومعايير التعايش واحترام إرادة الشعب في اختيار الطريق الذي يريد .



#نصر_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية بين خطاب جبهة الخلاص الوطني وخطاب النظام السوري
- من هم تجار حساب ال -99%؟
- من قلم رصاص ..إلى قلم اقتناص!
- ماذا أراد بشار أسد أن يقول ؟2
- ماذا أراد - بشار أسد - أن يقول ...؟!.
- بشار أسد.يكمل القصف على لبنان
- لبنان ..من أباطرة الهزيمة إلى صناع الإنتصار
- حتى لايتحول القرار(1701) من وقف نار إلى إشعال فتنة!
- النظام السوري ..والخائفين والخاسرين والرابحين
- النظام السوري في نقطة افتراق المصالح الإقليمية
- النظام السوري..ورهان البقاء-3
- النظام السوري..ورهان البقاء
- من المسؤول عن هذا الجنون ضد لبنان ..؟!.
- من عسكرة القوة إلى عقلنة الثقافة
- لبنان ..وملامح الشرق أوسط الجديد
- النظام السور ي بين فقدان الأدوار وتناقض الخيار ..!
- الجولان من رهينة في زمن الأب إلى صفقة وصفاقة في زمن الإبن .. ...
- بشار أسد ...بانتظار الضوء الأخضرلنجدة المقاومة وتحرير الجولا ...
- لبنان ..تصفية مدنيين على طريق تصفية حسابات
- العلمانية الدين والدولة والمجتمع


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نصر حسن - الإستبداد ودوره في تشويه شخصية الإنسان