|
عصر الحجر
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7187 - 2022 / 3 / 11 - 00:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا تشتعل الحرب من عدم ، تسبقها دائما مواقف و منازعات معلقة دون معالجة.هناك حروب ينتصر فيها الطرف الذي يتمكن من الحسم بسرعة ، قبل أن يستجمع خصمه أو خصومه قواهم و حروب تتواجه فيها جيوش ذات قدرات غير متكافئة . لاشك في هذا السياق أن بعض العداوات لا تحل بواسطة العسكر ، و أن الدول التي تعتدي و ترتكب الجرائم ضد الإنسانية و تدمر العمران تحت مظلة سلاح نووي هي دول بربرية .
أعتقد أن وزير الخارجية الأميركية توعّد العراقيين ، أثناء حرب الخليج "باعادتهم إلى عصر الحجر " ، كرجع صدى لما تضمنه الإنذار الذي تلقته اليابان ، بعد نجاح التجرب الأميركية الأولى للقنبلة الذرية ، و قبل شهر من إلقاء إحداها على هيروشيما و ثانية على نغازاكي بعد أيام من الأولى " لا ننوي أن نستعبد العنصر الياباني أو أن نمحوه من الوجود " .
من الطبيعي أن نرتجع في هذه الظروف بعض الأحداث التي طبعت بطابعها المأساة العراقية و في مقدمها ، حملة القصف الجوي التي استمرت أياما عديدة ، ضد أهداف مدنية بشكل خاص مثل محطات تكرير مياه الشفة و مستودعات المواد الغذائية و ملجأ العامرية في بغداد ، اما في ما يتعلق بالأهداف العسكرية فلقد كان لافتا للإنتباه عملية الإبادة التي تعرضت لها القوات المنسحبة من الكويت ، التي لم نسمع بعد عن شهادة جندي نجا منها و لم يُكشف عن عدد الجنود الذين سقطوا و نوعية السلاح الذي استخدم ضدهم . ( لو كانت سلطات الحكم في بعض بلدان العرب و طنية لأجرت تحقيقات حول ما جرى و يجري منذ سنوات 1970 إلى الآن)
جاء في شهادة أدلى بها جنرال أميركي Wesley Clark في 2001 أنه علم بوجود خطة أميركية من أجل إسقاط الدول في سيع دول هي : العراق ، سورية ، لبنان ، ليبيا ، الصومال ، السودان و إيران Michel Collon ) ) . أظن أننا لا نبالغ في القول أن أسقاط الدولة في هذه معظم هذه البلدان هو مرادف للفوضى ، و لسيادة شريعة الغاب . فهذا معطى بات ملموسا على ارض الواقع و لا يحتاج بالتالي إلى شرح و توسع .
تحسن الإشارة أيضا باقتضاب إلى أن الحرب في أوكرانيا أماطت اللثام عن أمور كانت معروفة ، فسهل إدراكها ، و عما كان غير معروف منها ، فلا بد من أخذ هذا كله بعين الإعتبار :
ـ على الأرجح أننا حيال مسألة ملحة يجد المراقب نفسه مضطرا أمامها ، إلى البحث بجدية و موضوعية عن مدى رسوخ الثقافة العنصرية في البلدان المتقدمة ، و تحديدا الغربية حيث الدول الأقوى . يقول إدوارد سعيد ، في " الإستشراق " : " تنامت الثقافة الأوروبية و اتخذت هوية متمايزة عن الشرق ، كونه في نظرها صورة دونية ومكبوتة عن ذاتها " . يجري التعبير عن ذلك في المنعطفات و المفترقات التاريخية بمحاولات التخلص أو إبعاد هذا الشرق أو محاصرته في أضيق مساحة ممكنة و بناء جدار عال من حوله . تختلف التسميات التي تطلق على مثل هذه العملية المنظمة ، فهي تارة تطهير عرقي ، و تارة أخرى معاداة للسامية ، و لكنها تندرج في الغرب ، مهما تعددت اشكالها و ظروف معاودتها تحت عناوين العنصرية و التمييز العنصري ، والنازية الجديدة . لقد ظهر مرة أخرى أمام الملأ، أن اللاجئ في الغرب ، يختلف عندما يكون أوكرانيا عن اللاجئ السوري أو العراقي أو الآتي من الكونغو أو من الصومال .و أن المأساة التي تحل في أوكرانيا غير تلك التي وقعت في صربيا ، و أن يوغوسلافيا ليست أوكرانيا ، و أنه لا يحق لدولة مثل روسيا ، ذات الثقافة الآسيوية ـ الشرقية ، أن تهاجم دولة جارة أو بعيدة ، على عكس ما يحق للولايات المتحدة الأميركية و دول الحلف الأطلسي .
ـ السلاح النووي كاداة لإعادة المجتمعات إلى عصر الحجر : جرى البرهان على ذلك كما هو معروف في سنة 1945 في اليابان حيث ألقيت قنبلتان على مدينتين خلال ثلاثة أيام . حيث تبين أنه إلى جانب الخسائر البشرية الهائلة و الدمار الواسع اللذين يترتبان مباشرة عن الحريق النووي ، أن للاخير آثارا سلبية بعد وقوعه على المدى الطويل ، هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فمن نافلة القول أن هذا السلاح النووي يفصل في العلاقات الدولية " بين الجد و اللّعب ".
يحس التذكير في هذا الصدد أن الدول الأعضاء في مجلس الأمن تمتلك هذا السلاح . ما يعني ضمنيا ، أن وجوده يمثل ضمانة ضد الإنكسار في الحرب ، و أن الوسيلة الوحيدة المتبقية للتأثير على سلوك و سياسة الدولة النووية هي تحريض الناس ضدها في البلاد التي تديرها . يتحقق ذلك عادة باستخدام متزامن لثلاث وسائط هي الحصار التمويني بقصد التجويع و المنظمات " الإنسانية غير الحكومية " لشق صفوف الجوعي بإطعام بعضهم ، و أخيرا بواسطة الإعلام الكاذب و المخادع ، الذي أستطاع طيلة ثمان سنوات أحفاء الحرب الدائرة في شرق أوكرانيا عن الرأي العام .
خلاصة القول و قصاراه ، أن الدول التي توصلت إلى إقتناء السلاح النووي ، هي في منأى عن خطر الحرب ضدها ، و لكن بعضها يا للأسف ، يستخدم الدرع النووي لخوض حروب في جميع القارات لإعادة الناس إلى " عصر الحجر " في سياق خطة تصفوية معولمة من أجل امتلاك الكرة الأرضية بكليتها.
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السلاح النووي و الإعلام المانستريم و تصادم الحضارات في أوكرا
...
-
القرابات الروسية و القرابات السورية
-
الحرب ووباء الكوفيد و الثورات الملونة !
-
الوجه الفلسطيني لحرب التحرير الجزائرية
-
ثبات المسافة بين المركز و الأطراف !
-
ملحوظات حول المسألة الوطنية !
-
سقوط مشروع الدولة الوطنية : لبنان نموذجا
-
سقوط مشروع الدولة الوطنية العمالية ! (1)
-
سقوط الدولة في لبنان
-
مقاربات مجردة (5)
-
مقاربات مجردة (4)
-
مقاربات مجردة (3)
-
مقاربات مجردة (2)
-
مقاربات مجرّدة -1-
-
المسألة الكوفيدية و المسألة الفلسطينية
-
ملحوظات على مدلولات بعض المصطلحات -3-
-
ملحوظات على مدلولات بعض المصطلحات -2-
-
ملحوظات على مدلولات بعض المصطلحات
-
التطبع و التطبيع (5)
-
التطبّع و التطبيع (4)
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|