أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسماعيل شاكر الرفاعي - آلهة البدو / الجزءالثاني / 5من 5















المزيد.....


آلهة البدو / الجزءالثاني / 5من 5


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 7186 - 2022 / 3 / 10 - 21:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مفهوم كبير الآلهة

في الأزمنة البعيدة ، لم تكن السياسة مستقلة عن الدين بأهداف منفصلة خاصة بها . كان الطموح السياسي لكل دولة - مدينة يتمثل في مد نفوذها لأبعد من حدودها الزراعية والسياسية ، والسيطرة على باقي دويلات / المدن ، وتكوين شكل آخر للدولة يمتد على مساحة جغرافية مترامية الأطراف متنوعة التضاريس : جبال وسهول وصحاري ووديان وبحار ، بعد ان كانت مساحتها تمتد على مساحة سهل زراعي لا اكثر ، كما كان حال دويلات المدن السومرية في بلاد ما بين النهرين ، ودويلات المدن اليونانية لاحقاً . وكان الغطاء الآيدلوجي لهذا الطموح السياسي يتمثل بمفهوم : كبير الآلهة القادر على كل شئ : على الخلق ، ومنح الخصوبة للأرض المزروعة ، وما يتفرع عن هاتين الصفتين من صفات الخير والجمال والعدل والرزق الوفير ، وكبح الفيضان ودرء مساوئه ، ومنح النسيم العذب ، وانزال المطر في موسمه وتنظيم جريان المياه بإقامة السدود وشبكات الري . وهكذا تمت صياغة كبير الآلهة بهذه الصفات النفعية وتسويقه في سوق المنافسة السياسية في الشرق الاوسط : تمهيداً لنفوس سكنة المدن الاخرى للقبول به كبيراً لآلهتهم ، وتهيئتهم سياسياً لتقبل فكرة : الدولة الكبيرة التي تضم العديد من دول - المدن في اهابها .
كبير الآلهة { آمون رع في الحضارة المصرية القديمة ، أنو كبير آلهة السومريين ، مردوخ عند البابليين ، وآشور كبير آلهة الآشوريين ، وبعل في بلاد الشام ، واهورا مزدا عند الزرادشتيين والاخمينيين ، زيوس في الحضارة الإغريقية ، جوبيتير عند الرومان ) تقليد ديني شرق أوسطي ، يشير وجوده الى أسبقية وجود دولة - المدينة على أشكال الدول الاخرى ، وانه كان الغطاء الآيدلوجي الذي استعمله : الكهنة - الملوك في التأسيس لأشكال جديدة من الدول التي تضم مدناً كثيرة ( اي مع مفهوم كبير الآلهة ولدت الامبراطوريات ) فمثلاً زحف جيش مدينة : كيش الى جميع المدن السومرية وضمها ، فأصبحت الدولة تضم عدة مدن . في هذا التقليد الديني والجيوسياسي يكون كبير الآلهة هو الاقوى في مجمع الآلهة ( والمجمع وجد لدى جميع الحضارات القديمة قبل ان ترفع الأديان السامية الثلاثة شعارها عن وحدانية الله وقتل المشركين وكل من لا يؤمن بهذه الوحدانية ) اذ كان الكهنة ينسبون كل ظاهرة طبيعية لإله في مجمع الآلهة ، فيقولون : هذا اله الرياح وذاك اله الأمطار واله الخصب والجمال والحرب .. وهكذا ، وهكذا ، ولكن جميع ظواهر الكون تنقاد بسهولة لكبير الآلهة لانه خالق كل شئ ، ومانح النظام والانسجام للطبيعة والكون : كما تقول ملاحم الخلق السومرية والبابلية وملاحم اخرى صينية وهندية ويونانية ، ودائماً يخوض كبير الآلهة الصراع مع قوى الشر ، ما عدا الفارسية التي ركزت على صراع النور والظلمة . والفكرة الأخلاقية ولدت في الشرق الاوسط مع ولادة فكرة كبير الآلهة والحرب من اجل الامبراطوريات : وليست الفكرة الأخلاقية مقصورة على الحضارة المصرية القديمة كما يرى برست في كتابه : فجر الضمير . اذ ان الآخرة والحساب والإله العادل متضمنة جميعاً في فكرة : كبير الآلهة ألذي يوزع عدالته على الارض قبل يوم الحساب الآخروي ووسيلته الى ذلك : الحرب التي يتوجه بها دائماً ضد : الشر فيوقع به الهزيمة ، وفكرة الهزيمة في الحرب مغلفة بغلاف اخلاقي كعقوبة آلهية ، والنصر في الحرب يكون دائماً مكافأة لقوى الخير . وبمرور السنين تداخلت فكرة العقوبة السماوية ( عقوبة كبير الآلهة ) بالفكرة الأخلاقية ، فاقترنت نتيجة الحروب في وعي شعوب منطقة الشرق الاوسط : بما كان قد قرره كبير الآلهة ، وليس بما ارادت اطراف الصراع لها ان تكون ، حتى وان كان احد اقطاب الصراع قد امتلك خططاً تعبوية جديدة مبنية على ادخال أسلحة جديدة ومهارات قتالية جديدة ، كما ان الكوارث والأوبئة ارتبطت منذ القدم في وعي شعوب المنطقة بانها نتيجة طبيعية لما تقترفه تلك الشعوب من آثام . كانت جميع الامبراطوريات التي قامت في المنطقة ذات آيدلوجية دينية تنطلق من تصدير مفهوم كبير الآلهة الى دول - المدن المجاورة وتكوين امبراطوريات مترامية الأطراف . وقد ورث بدو الجزيرة العربية هذه الآيدولوجية الدينية في مرحلة متأخرة ، وأسسوا إمبراطوريتهم الاسلامية في ضوء منها : لقد اصبح الله هو كبير الآلهة ، ولم يكن كذلك قبل ( حروب دولة الرسول *) لقد فرض الله عبادته على قبائل اخرى ، وأزاح طقوس عبادة آلهتها ، ولم يتم ذلك من غير حروب ، ومن غير هزيمة ونصر . وقد تعزز هذا المنهج في تكوين الامبراطوريات الاسلامية بعد حروب " الردة " ، وبعد مقتل عثمان وانفجار القتال العنيف الذي جرى بين صحابة النبي في " الفتنة الكبرى " ، فنبذ الفقهاء مفهوم " الشورى " ، واستبدلوه بمفهوم : التغلب ، ومنح شرعية الحكم للشخص الذي ينتصر في الحرب الأهلية الداخلية للمسلمين . وهكذا منح الفقهاء لمعاوية بن ابي سفيان شرعية الحكم لتغلبه في الحرب ، وكذلك اسبغوا الشرعية على قراره حين جعل الخلافة وراثية . وقد استمر هذا المنهج حاضراً في تكوين دول الاسلامية الى يومنا هذا ، وهذا يشير الى ان شعوب منطقة الشرق الاوسط لم تستطع كسر نزوع السياسة الى استغلال الدين : وظلت تعتاش فكرياً على خليط من افكار زراعية ورعوية بدوية . هذا الخليط الفكري لا يمكن كسره الا بدخول شعوب المنطقة : بوابة الحضارة الصناعية بغطاء فكري جديد غير ديني ، أي من غير مفهوم : كبير الآلهة ، ولا بد وان تكون طريقة ولوج بوابة الحضارة الصناعية قريبة الشبه من الكيفية التي ولجت بها الشعوب الاوربية بوابة هذه الحضارة : اذ قاموا باستبدال رؤية " كبير الآلهة " و " صحيح الدين " في بناء دولهم الحديثة : برؤية سياسية تقوم على نقد هذه الافكار ، بل ونقد عموم الموروث ، وكل ما يقيد حرية الانسان . فيما ظل قيام الدول وسقوطها في الشرق الاوسط : مستمراً بالانطلاق من مفهوم : كبير الآلهة ، وما زال وكلاء كبير الآلهة يلعبون الدور الرئيسي في التحشيد العسكري ، وتأسيس الجيوش ، كما هو واضح من تأسيس المملكة العربية السعودية ، والجمهورية الاسلامية في ايران بعد ثورة 1979 .

انتهى الجزء الثاني من مقال : آلهة البدو ، ويليه الجزء الثالث .



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلهة البدو الجزء الثاني ، 4 من 5
- آلهة البدو : الجزء الثاني 3 من 5
- 1 و 2 من 5 / من مقال آلهة البدو - الجزء الثاني ،
- أوكرانيا - العراق
- آلهة البدو
- حفلات رئيس الوزراء البريطاني وقوانين محاربة - كورونا -
- محطات
- هي التي لا يحدها اسم إشارة
- من يجدد وحدة العراق ؟؟؟
- مجلس الامة واكفان مقتدى الصدر
- احذروا هذه الظاهرة
- هل ستنبت لي اجنحة ؟
- عبور الازمنة
- من - ديوجين - الى شنور
- خطاب وزير المالية البائس
- الفنان محمد رمضان وموسم كشف الصدور في العراق
- على طريقة المتنبئين
- البيت الشيعي العراقي
- هل العراق واسرائيل دولتان من دول الديمقراطية الليبرالية ؟
- علي السوداني في مناظره الرائعة


المزيد.....




- الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب ...
- المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف - ...
- حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو ...
- الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر ...
- أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام ...
- اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع ...
- شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه ...
- تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال ...
- مستعمرون يقطعون أشجار زيتون غرب سلفيت


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسماعيل شاكر الرفاعي - آلهة البدو / الجزءالثاني / 5من 5