|
الثورة السودانية أمرأة تدعي مندي بنت السلطان عجبنا
ايليا أرومي كوكو
الحوار المتمدن-العدد: 7183 - 2022 / 3 / 7 - 19:37
المحور:
سيرة ذاتية
الثورة السودانية أمرأة تدعي مندي بنت السلطان عجبنا . مندي بنت السلطان ثورة كاملة الاركان و ان اغفل التاريخ السوداني ذكرها . انها أمرأة من جبال النوبة بل انها الجبل المئة في سلسلة تلكم الجبال الشامخات عزة و فخر و تجلي . مندي بنت السلطان جبل و تاريخ و جغرافية و انسان انها حدث تاريخ عريق يتحدث عن نفسه. ا لو قدر للمؤريخين و كتاب مسيرة و تاريخ السودان قدراً يسيراً من الانصاف و قول الحق المجرد . لو تجردوا قليلاً من النظرة العنصرية و الجهوية و المناطقية الضيقة و ارتقوا بالروح السودانية درجة واحدة في سلم الوطنية لكان السودان اليوم خيراً من السودان الذي نعيشه و نعاصره . السودان اليوم مريض و يعاني تدعيات المظالم التاريخية . لم يعط كل صاحب حق حقه و ينل كل من وقف و موقفاً بطولياً في مسيرة التاريخ السوداني الطويل حقه . في طابور المظالم التاريخية يصتف المئات و الالف من الرجال و النساء الابطال من ذلوا الغالي و النفيس و قدوموا المهج و الاروح فداً للوطن بغير من او أذي . و في ذات الطابور سلك الاف و ملايين من الجنود المجهولين و من الشهداءو ا الخالدين ليحيا الوطن السودان عزيزاً مكرماً . لو تجرد المؤرخين الذين سطروا التاريخ السوداني عن الاشياء العلقة في أذهانهم و نفوسهم و كتبوا بروح المهنية و الحرفية لتربعة مندي بنت السلطان عجبنا قائمة الثوار و الابطال و الجنود المجهولين . فهذه المناضلة الثورية الخالدة تقف شاهد عن نفسها تحكي عن ر و البطولات و التضحيات كفاحاً فريداً خاضت غماره باستبسال تحسد عليها . انها ملحمة و ملهمة و بطلة فريدة من نوعها انها سلسلة ذهبية و عقد مترابط متصل لاينفصم عراها . الثورية النوباوية مندي بنت السلطان التي تفوقت و سائر الرجال المناضلين . و ان سكت عن ذكرها هذا التاريخ السوداني سكوتاً غريباً مريباً و صمت عن قصد ذكر اسمها دعك من سرد تاريخها و الافصحاح ثورتها الكبري ضد المستعمر الانجليزي و حلفائه المصريين و السودانيين علي السواء . الا ان التاريخ العالمي الدولي حفظ حقها الادبي و الاخلاقي و البطولي و ضمن اسمها بأحرف من نور و نار كما جسد ادوارها الشجاعة في متحف التاريخ السوداني في المملكة المتحد و هو موجود في أرشيف لندن لمن احتاج التدقيق و الاستقصاء و التحري . فمن تكون هذه المرأة النوباوية السودانية الثوريةالفذة البطلة ( مندى بت السلطان عجبنا ) محاربة سودانية تمثل الأميرة مندي إحدى رائدات البطولة والنضال في الربع الأول من القرن العشرين ضد المستعمر البريطاني وتصديها الباسل للقوات التي هاجمت منطقتها ومنعت عنهم مصادر الماء وقتلت شباب وثوار المنطقة وخلد لها على أثر ذلك أجمل واقوي مارش عسكري وبرزت بطولتها في حماية منطقتهم التي تقع بالقرب من مدينة الدلنج بجبال النوبة النشأة والميلاد والدها السلطان عجبنا بن أروجا بن سبا، السلطان الثالث عشر لمنطقة الأما (النيمانغ) بالقرب من مدينة الدلنج. مندي توفت في الكلاكله ولاية الخرطوم الحالية في اواخر عام 1984م. حياتها اتخذ السلطان عجبنا منطقة الأما (النيمانغ) مسرحا لعملياته الحربية، فخاض مع رجاله الأشاوس ومن خلفهم الأميرة المناضلة مندي التي كانت تقاتل وهي تحمل طفلها الرضيع على ظهرها، جنباً إلى جنب مع فرسان القبائل، معارك ضارية شرسة ضد الإنجليز، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة الإنجليزية فيما بعد فحاولت اخضاع منطقة النيمانغ لسيطرتها وتوالت حملاتها إليها. شجاعتها ضربت مندي المثل في الشجاعة والإستبسال في العام 1908م وذلك عندما دخلت قوات المستعمر إلى منطقة الفوس ودخلت في معركة ضارية ضد الزعيم دار جول وفشل المستعمر في اخضاعه فوضعا اتفاقاً بإيقاف الحرب على أن يدفع دارجول تعويضاً للإنجليز ولكن لم يستسلم مقاتلو قبيلة النيمانغ ولم يخضعوا، مما أضطر الإنجليز إلى شن حملات ضارية لتقضي على السلطان عجبنا. وعدم تنفيذ تعليمات الإنجليز من مقاتلي اليمانغ دفع بالأخيرين إلى التفكير الجدي لشن حملات وتوجيه ضربات خاطفة قاضية علي السلطان عجبنا. وفي العام 1917 قام مفتش مركز الدلنج الإنجليزي هتون بحملات على منطقتي تندية وكرمتي ، ولكن إنتصر عليه أبناء المنطقتين وتوفي المفتش على مضارب منطقة كرمتي على يد أحد أبناؤها الذين كانوا يرابطون في اتجاه جبل حجر السلطان وبذلك كانت نهاية تلك الحملة التي فشلت في إبادة ثوار وأبناء تلك المناطق. غضب الإنجليز تلك النهاية لمفتش الإنجليز أغضبت السلطات مما حداها إلى إعداد حملة كبيرة ليكون شهر نوفمبر من العام 1917 بمثابة الجولة الثانية ضد السلطان عجبنا بعدة وعتاد ضخمين. تكونت الحملة من 31 ضابطاً بريطانياً 150 من الضباط السودانيين والمصريين ومايقارب 2857 جندياً وعدد ضخم من الأسلحة النارية ب8 مدافع و18 مدفعاً رشاشاً وعدد من البنادق كل تلك العدة والعتاد كانت تحت إمرة المقدم سميث L.K .SMITH تمرد النيمانج وثاروا ضد البريطانيين، وقتلوا (هتون) مفتش مركز الدلنج في كمين بالقرب من منطقة حجر السلطان ثارت السلطات البريطانية وجهزت جيشا للثأر لمقتل (هتون) و زودوه العدة والعتاد وقاده المقدم (سميث) و امم به صوب جبال النوبة لقتال الثوار وتاديبهم وبدأت المعركة ورغم تفوق آلة الحرب البريطانية الا ان الثوار بقيادة السلطان (عجبنا) قاتلوهم قتالا ضارى لا هوادة فيه أحكم الجيش البريطانى قبضته على المنطقة وضرب الحصار حول ثوار النيمانج.. حصار من ثلاث جهات: ضرب الإنجليز حصارارعلي السلطانرعجبنا من ثلاث مناطق منطقة ولال-منطقة كلامو-منطقة النتل وبهذا الحصار المحكم عُزل السلطان عجبنا وجيشه عن مصادر المياه المتمثلة في آبار (كوديلو بونغ) في منطقة (سلارا). ساء وضع الثوار جدا وتأزم ولاحت بوادر الهزيمة ولكنهم رفضوا الإستسلام. و صلت الأنباء إلى القبيلة عن سوء الوضع في أرض المعركة، وعرفت (مندى) فقررت إرسال التعزيزات والدعم لوالدها، وصممت على الذهاب لتحارب إلى جانب والدها. ربطت طفلها في ظهرها وحملت بندقيتها، حاول الكثيرون ثنى عزمها ولكنها لم تتراجع عن قرارها، وضربت (البُخسة) في الأرض دليلا على عزمها وإصرارها كما في ثقافة النيمانج، فضرب البخسة بالارض هو دليل على عدم التراجع والإصرار على فعل الشئ وصلت التعزيزات إلى الثوار والهب قدوم مندى الحماس بين الصفوف المقاتلين، وبدأوا القتال بروح جديدة قتال أشد شراسة وعنف. و مندى بين الصفوف تقاتل في شجاعة نادرة لم يوقفها مقتل طفلها على ظهرها برصاص العدو بل زادها إصرار. كانت بجانب القتال تعمل على تضميد الجراح ورفع الروح المعنوية والطبخ للمقاتلين كانت معركة شرف وكرامة فداء للارض والعرض، قتل فيها من قتل من أبناء النيمانج، تعطرت الأرض بدمائهم الزكية هُزم الثوار وأُسر السلطان عجبنا وصديقه كلكون وتم إعدامهم شنقا في الدلنج صبيحة يوم 27/12/1917 إستسلم الثوار بعد إعدام قائدهم الروحى والعسكرى وعادت مندى ومن تبقى إلى القبيلة بعد أن ضربوا مثالا نادرا في الشجاعة والفداء لتخلدهم أغاني القبيلة. ومن منطقة النتل تحركت 3 وحدات لمحاصرة السلطان عجبنا من ثلاثة مواقع 1- منطقة ولال، الواقعة بين منطقة ككرة وحجر السلطان، بقيادة الرائد فان ديلو VANDELEU. 2- منطقة جبل كلامو، الواقعة بين الفوس وحجر السلطان، بقيادة الرائد جرهام GRAHAM. 3- منطقة النتل، بقيادة الرائد وثنقتون ويلمر WORTHINGTON WILMER. وبهذه الكتائب الثلاثة أطبق الحصار على السلطان عجبنا الذي تضرر جداً من ذلك الحصار الذي أغلق الطرق إلى مصادر المياه خاصة آبار كوديلو بونق التي يعتمدون عليها كثيراً في حياتهم، لم تقف ولم تلن عزيمة السلطان عجبنا وقواته الثائرة الذي قاوموا وضربوا مثلاً في البسالة إلى أن حمى الوطيس للدرجة التي ادت إلى فك الحصار المضروب حولهم. حينها وصلت المعلومات إلى أبنته الأميرة مندي عن الحصار المضروب على مصادر المياه في منطقتهم، إضافة إلى انخفاض الروح المعنوية لجيش والدها، وفور سماع مندي لهذا الخبر ذهبت على وجه السرعة حاملة بندقيتها قاصدة موقع القتال، ولم تلن من المحاولات التي تدعو إلى أثنائها بحجة مخاطر الطريق ووضع جيش والدها الذي كان ماضيٍ إلى زوال قريب موقف الأميرة مندي و زمجرت الأميرة غضباً داعياً إياهم بعدم التوقف في طريقها وأصبحت تغلي كالمرجل، فحملت البخسة (القرع.) وضربت بها الأرض حتى تهشمت وقالت للجميع: "أفسحوا لي الطريق"، فأفسحوا لها الطريق. إن تهشيم البخسة "القرع" في ثقافة النمانغ يعني أن الغضب والأصرار على فعل الشئ قد بلغ قمته لا تنفع معه الرجاءات ومحاولات المنع. فربطت طفلها الرضيع على ظهرها ربطاً محكماً، وهرولت به نحو أرض المعركة وإنتظمت إلى صفوف الجيش حامية للإهل والوطن كان التحاق الأميرة مندي بمثابة دفعة معنوية عالية وبدأ الجيش من الأول ماسكاً زمام الأمر . وصلت مندي أرض المعركة وما أن شاهدها أبطال القبيلة حتى تعالت صيحاتهم فاندفعت مندي إلي الصفوف الأمامية تقاتل بضراوة وتغني بأعلى صوتها تشجع فرسان القبيلة والذين أعادت لهم مندي الروح المعنوية في المساء عندما يهدأ القتال ويركن الفرسان للراحة كانت تواصل سندها لهم بتضميد الجراح والمشاركة في صنع الطعام. إنتهت إحدى تلك الأيام بمصرع طفلها وهو على ظهرها من رصاصة العدو ولكن هذا أيضاً لم يلن عزمها. السلطان عجبنا أسيراً بل وولم تقف حمى الوطيس عند ذلك الحد بل وقع السلطان عجبنا وصديقه كيلكون وفي يوم 27/12/1917 تم الحكم عليهما بالإعدام شنقاً وتنتهي المعركة بأسر والدها السلطان عجبنا ويتم إعدامه شنقا على شجرة بمدينة الدلنج حيث أثبت الاثنان معاً موقفاً بطولياً رائعاً إذ قابلا الموت بشجاعة ورباط جأش وبذلك كانت معركة العام1917م من أشرس المعارك التي قادها النوبة ضد المستعمر من أجل حماية تراب الوطن. وخلدا ملحمة غنائية رائعة يتغني بها الصغار والكبار. في فبراير 1917 استسلم بقية المقاتلين بعد أن تم إعدام قيادتهم الروحية والعسكرية التي كانت تمثل نضال جيل اختط على صفحات التاريخ ملحمة رائعة أعطت المستعمر درساً لن ينساه أبد التاريخ. وعادت الأميرة مندي وبقية الثوار من الناجين إلى ديار القبيلة تكلل هاماتهم فيوض الفخر بسبب المواقف المشرفة تحت قيادة أميرتهم وقائدتهم " مندي " التي صارت مآثر بطولتها من بعد، أهزوجة حلوة تتناقلها الأجيال المختلفة وتتغنى بها، بل صارت المقطوعة الموسيقية المصاحبة لتلك الأهزوجة، ألا وهي مقطوعة " مندي " ، واحداً من أروع " المارشات " للقوات المسلحة السودانية منذ ذلك التاريخ وحتى يوم الناس هذا. المارش العسكري . في هذه المعركة حازت الأميرة مندي على أعجاب فرسان القبيلة لشجاعتها واقدامها، وخلدوها من خلال الأغاني الشعبية التي يرددها أهل المنطقة وقبائل الدلنج، حيث تم اعتماد أغنية مندي الشعبية وتسجيلها مارشا عسكريا بفرقة موسيقى دفاع السودان لرفع الروح المعنوبة للجنود والمقاتلين بالقوات المسلحة تلك المعزوفة الأكثر شهرة مارش ( مندي ) أو نوبا سلارا. كرو كونجا كو دون دالي مندي كورو كونجا كودون دالي اووووو.. دالي.. دالي من قبيلة النيمانج كرو كونجا كو دون دالي مندي كورو كونجا كودون دالي اووووو.. دالي.. دالي كورو كونجا كودون دالي
#ايليا_أرومي_كوكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيخ شاين رائد تعليم المرأة في جبال النوبة
-
سيناريو بوتين علي خطي صدام حسين
-
ثورات هيبان و جبال النوبة المنسية
-
الحرب و السلام
-
الدب الروسي يجتاح و يلتهم اوكرانيا
-
المسافة ما بين الوحدة و الانعزال
-
الملكة اليزابث في يوبيلها البلاتيني الحيوية و الامل المتجدد
-
عرضحال رجل أسمه النور عبدالرحمن( المساحة )
-
في عيد الحب أهدي العاشقين أجمل وردة .
-
كلنا أطفال المايقوما فلنهب لنجدتهم
-
الشاويش ايليا كوكو يترجل الخدمة المدنية بشرف .
-
أثيوبيا المارد الافريقي و بدء توليد كهرباء سد النهضة
-
كل حكومات البرهان الانقلابية ستولد ميتةً لتقبر .
-
الوحش يقتل ثائراً و حواء السودان تلد الف ثائر
-
الي الشبيبة و الشباب في كل مكان
-
الي الشباب و الشبيبة في كل مكان
-
مدنيااااو .. هوالمطلب والبرهان هو الثمن
-
يا البرهان ادوك كم عشان تقلبها دم
-
كاكا هيبان ( فرحه صديق كالو ) لك التحية
-
الشوارع لا تخون البرهان يسقط بس
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|