أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ازهر عبدالله طوالبه - حرب أوكرانيا وروسيا: الإنسان هو الخاسِر الوحيد فيها.















المزيد.....

حرب أوكرانيا وروسيا: الإنسان هو الخاسِر الوحيد فيها.


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 7183 - 2022 / 3 / 7 - 19:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدايةً، لا بُدّ مِن التأكيد على أنَّني ‏لا أُنكِر حقّ الدِّفاع لأيِّ دولةٍ كانَت، وأنّ هُناك ضروارت تُحتِّم عليها -أي الدّولة- أن تُدافع عن نفسها بأيّ ثمنٍ كان، كما أنّني لا يُمكِن أن أكون ناصِرًا أو مُناصِرًا لدولةٍ ظالِمة، أيًّا كانَت هذه الدَّولة. لكن، هذا لا يعني أنّني أقبَل بأن يكونَ هناكَ حَرب دمويّة بينَ الدَولتين.

وحقيقةً، فإنّ عدَم قُبوليَ بهذه الحَرب، ليس الحِفاظ على النّظام السياسيّ في كُلّ مِن الدولَتين، أو للحِفاظ على الدولَتين مِن الناحية السياسيّة والجُغرافيّة، وإنّما لأنَّني أُدرِك بأنّ أكثَر ضحايا الحَرب لَن يكونوا إلّا مِن المدنيّين الذينَ يقعونَ بينَ البَينين.

إنّ الحَرب الروسيّة-الأوكرانيّة هي حربٌ تختَلف، مِن حيث التّأثيرِ، عَن كُلّ تلكَ الحُروب التي سبقتها، حيثُ أنَّ تأثيراتها لا تقتَصر على شعوب أطرافها فقط، وإنما تمتَد لتطول كُلّ شُعوبِ العالَم ؛ وذلكَ ليسَ لأنَّها قَد أظهرَت الوجه الحقيقيّ للكثير مِن الأنظِمة السياسيّة الغَربيّة - ذات الوجود المؤثّر على وفي الساحة الدوليّة-، التي كانَت وما زالَت تحتَمي ب"الديمقراطيّة وحقوق الإنسان" تارة، و " مبدأ الإستعلاء والفوقيّة" على غيرها تارةً أُخرى، والأخير، هو الأمر الأكثَر اتّباعًا في كُلّ وجُلّ تعامُلاتها مَع مَن يشاركونها العيَش على هذا الكوكَب.

فقَد يرى البَعض أنّ أعداد قتلى هذه الحَرب قَد تصِل إلى تلكَ الأعداد التي عرفتها الحَرب العالميّة الثانية، وربّما قَد تفوقها ؛ إن كانَ هُناكَ استِخدام للسّلاحِ النوَوي مِن قبلِ الرّوس، وهو الأمر الذي يُحتِّم على كُلّ دول العالَم أن تكونَ مُشارِكة في هذه الحَرب التي ستتحوّل مِن حَرب توسعيّة تستَند على  "المطامِع الأيديلوجيّة والإقليميّة " إلى "حربٍ عالميّة ثالِثة " مجهولَة الهُويّة وخالية مِن الأهداف الحقيقيّة، كما أنَّ السلاح الذي سيُستخدم فيها، هو السّلاح النوويّ، والنوويّ فقط . لكن، هذا ما لا أحسبهُ التأثيرِ الأكبَر . فوفقًا لكُلّ المُعطياتِ والدّلائل، فإنّني أرى بأنّ الحَرب النوويّة مُستحيلة، حتى لو أمر بوتين " بوضع قوّات الردع النووي في حالة التأهُّب القُصوى "، وحتى لو كانَ هناكَ شيء مِن الردّ الغربيّ الخجول، على تحرُّكات بوتين، وإنما لأنّني لا أقتَصِر تأثيرات الحُروب على الخسائر الماديّة فقط، بل أَحسب التأثيرات المعنويّة، وآخذها على أساس أنّها هي صاحبة السطوة في مثلِ هذه الحُروب ؛ إذ أنَّها تزرَع الأحقاد والضّغائن بينَ الشُّعوب، وتُلبِسُها كُلّ أثواب الإزدراء والإقصاء، وأنّها تُدعّم القاعدة التي تقول بأنَّهُ "حتى يعيش أبناءَ أمّة ما فلا بُدّ مِن قتلِ أبناء أُمّة مُقابلة لها، أو على الأقَل العمَل على إقصائها مِن كُلّ حقولِ الحياة، ورميها بالتخلُّف والرجعيّة، ونهشِها بمعاولِ العنجهيّة والبدائيّة."
وفي هذه الحَرب، فإنَّ هذا الأمر الذي بدا واضِحًا للعيان، هو الذي أقصُدهُ في مقاليَ هذا . فهو ما ستخلِّفهُ هذه الحَرب، ولَن يكون مِن السّهلِ أن يتمّ التخلُّص منهُ، لسنواتٍ طويلة . فبينما الجُنود تُقتَّل والدبّابات تُحرَق، والأراضي تأنّ مِن ثقلِ العسكَر عليها، اشتعَلت في ساحاتِ "مواقع التراشُق الاجتماعيّ" حربًّا بينَ مُعظم أبناء الشَّرق، العَرب على وجه التّحديد، وبينَ أبناء الغَرب، بعد أن قامَ ثُلّة مِن الساسة الغربيين وتبِعهُم عدَدً مِن المُراسلينَ في عددٍ مِن الصُحف الغربيّة، بالتهكُّم علينا، والتّسخيفِ الكبير لنا، مِن خلالِ الإستهتار البشِع بنا، والانتِقاص التاريخيّ لنا، وأنّ دماءنا العربيّة هي ملكٌ للجميع، على عكس دماء أبناء الغَرب الطاهِرة، التي لا يُمكِن أن تكون إلّا ملكًا لأصحابها، على حدّ تعبير بعض المُراسلين.
مِن هُنا أقول بأنَّ لوثَة هذه الحَرب قد طالَت الجميع، حتى نحنُ العَرب، قد طالتّنا، نُحنُ العرب، وسأوضّح فيما هو قادِم كيف طالتنا.
هذه الحَرب هيّأت كُلّ أجواء الشّتيمة، و وفَّرت كُلّ الظُروف المُناسِبة للعِداء والمُخاصَمة، وحرَثَت كُلّ الحقولِ لبذر بذار إقصاء الآخر، وليسَ الآخر المُختَلف أيديلوجيًّا أو فكريًّا فقط، بل حتى الآخر المُختَلف لسانًا ولون بشَرة.
هذه الحَرب قَد جهّزَت الجميع، وجعَلت الجميع يُحارِب الجميع، فالكُلّ يحمِل الفأس، والكُلّ يرى بأنَّ الكُلّ عدوّه.
كما أنَّ هذه الحَرب قَد أظهرَت الوجه الحقيقيّ للكثيرِ مِن أبناء الغَرب الذي يحملونَ عداءً تاريخيًّا لنا نحنُ أبناء الشَّرق، مَن نُنعَت بأنّنا "صنّاع التخلُّف، وسادَة الجهِل، وأباطِرة الإقصاء"، وأثبَتت أنّهُم مشحونونَ بالغضَب والعُنف، وأنّهُ لا ينقُصهم سوى الفُرصة المُناسبة للإنقضاضِ علينا، وسحقنا مهما كلَّفهُم هذا السّحق مِن ثمَن.
ومِن مُنطلَق تأثيراتِ هذه الحَرب على كُلّ شعوب العالم، ومِن خلالِ التعامُل الدّنيء الذي شاهدناهُ مِن قبلِ الغَرب في تعامُلهم مع لاجئي أوكرانيا على أساس الدّين، والعِرق، ولون البشَرة، فإنّني أقول بأنّ هذه الحَرب ذات تأثيرٍ كبيرٍ على شعوب العالَم، وأنّها ترسِّخ الحُدود الفكريّة والإنسانيّة بينَ الغَرب والشّرق . فالغَرب في هذه الحَرب، قد أثبتَ بأنَّ ديمقراطيّتهُ التي يسعى لتصديرها إلى كُلّ العالم، هي ديمقراطيّةٌ هشّة غير قادِرة على الوقوف على أرضيّة غير تلكَ الأرضيّة الغربيّة، التي أيضًا، بالكاد تقِف عليها، كما وأنّها، عرَّت إنسانيّتها، ونزعَت عنها القِناع الذي ألبستهُ لنفسها، والذي كانَت تطلُّ علينا بهِ في كُلّ محفلٍ دوليّ، وتبدأ بحياكةِ الكلام الإنسانيّ العاطفيّ، الذي يأسُر القُلوب. لكن، هذا في ظلّ الحَرب الدّائرة الآن، قد سقطَ سقوطًا مُدوّيًا.

أمّا فيما يتعلَّق بإيضاحِ كيفَ أنّ لوثَة هذه الحَرب قد طالتنا نحنُ كعرَب، فإنّني ومِن أجلِ عدم الإطالة عليكَ أيّها القارئ الحصيف، فإنّني سأوضِّح هذه المسألة بالكيفيّة التالية:

إنّ مِن أسخَف وأوضَع وأرذَل ما قرأتُ في هذه الأيّام، هو أنّ البَعض يجلِد الإنسانيّة بسياطِ الكُره، ويعمَل على قتّلها بينَ الشُّعوب الشرقيّة، تحتَ حُجّة أن "الغَرب موجِد الإنسانيّة ومُصطلحاتها ومفاهيمها الرنّانة، ها هو يرتَكب أبشَع الجرائم بحقِّها، وهو الذي اصطَعنها."

‏يا عزيزي، ليسَ مِن حقّ أحَد أن يمنعكَ مِن وعن أن تتصدَّى للغَرب، والمقصود هُنا بالغَرب، أنظِمة الغَرب، وكُلّ وضيعٍ لا يؤمِن بالإنسانيّة، وليسَ كُلّ الغرب بأنواعهِ وأطيافهِ المُتعدِّدة. لكن، ليسَ مِن حقكَ أن تستَخدم هذا التصدّي كسلاحٍ لتقتُلَ فيه كُلّ معالمِ الإنسانيّة، ‏أو أن تُجرِّدها مِن كُلّ مكامنِ قوّتها، ومِن ثَمَّ تّعرّضها لضربٍ مُبرِح، يرمي بها على أسرَّة البشريّة المُتهالِكة مِن أصلِها، والتي تعيشَ أنواعًا مِن الصِّراع، وتعيشُ أشكالًا مِن التمايُز الطبقيّ، والعِرقيّ، والدينيّ.
نعم، أتّفق معكَ بأنَّ أغلَب الأنظِمة الغربيّة، هي أنظِمةٌ قذِرة وتكيلُ بمكيالين. ‏لكن، هذا لا يعني أنّ نُعادي الإنسانيّة، لأنّنا في لحظةٍ مِن التّيه، أُقنِعنا بأنَّ الإنسانيّة، بكلّ معالِمها، هي إنتاجٌ غربيّ ولا بُدّ أن نتخلَّص من هذا الإنتاج.
فالإنسانيّة ليسَت حصرًا على نطاقٍ جُغرافيّ، ولا مِلكًا لفكرٍ أيديلوجيٍّ مُعيّن، ولا مكرمةً تُقدَّم لأُممٍ على حساب أمم أُخرى.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حرب المعلومات أوسع نطاقًا من حرب العسكر-
- مجلس الأمن لا يملك مِن الأمر شيئا
- -الأفكار لا تُشخصَن، والاختلاف بالفكِر سبيل لتقدُّم الأُمم-
- نحن من نصنع طغاتنا
- شُهداء الوطن وأبناء الأصالة الوطنيّة.
- الإنسان وتغيُّر السّنين
- السُلطة التشريعيّة...ما بينَ الهدِم والبِناء
- تجّار الدّين يشترونَ الإستبداد.
- وصفي الماضي والحاضِر والمُستقبل..
- سياسة النُّخبة، أضاعَت البلاد وذهبَت بها إلى الهاوية.
- صراع الأقوى : الدولة ومراكز صُنع القرار
- حُزن العِراق، لا يشبههُ حُزن.
- استغلال حرب اليمن:الإمارات كمثال .
- أميركا لَم تُهزَم مِن قبلِ طالبان.
- تعطَّلت مواقِع التّواصُل، فبانَت هشاشتنا.
- عبيدٌ لما صنعناهُ بعقولنا....مواقع التواصُل الاجتماعي
- صيدليّات تبيع الدّاء بدلًا من الدّواء.
- النظام الفارسي والهيمنة على الأراضي العربية
- الحياة الشخصيّة في المُجتمعات الحشريّة
- أيّ عبثٍ تعيشهُ هذه البلاد..!!


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ازهر عبدالله طوالبه - حرب أوكرانيا وروسيا: الإنسان هو الخاسِر الوحيد فيها.