أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فلورنس غزلان - المرأة السورية والحجاب















المزيد.....

المرأة السورية والحجاب


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 1666 - 2006 / 9 / 7 - 10:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رغم أن هذه الظاهرة ليست بالجديدة على مجتمعنا السوري، لكنها كانت مقتصرة على المدن الكبرى في سورية كحلب وحماة ودمشق، واللاذقية، وحمص، أما بقية المدن فكانت ذات طابع ريفي بعيد كل البعد عن التزمت والتعصب الديني، فالانسان الريفي بطبعة منفتح على الطبيعة والحياة ، ولا يفهم لغة البيوت المغلقة، سواء على المرأة أو الرجل، ففي دمشق على سبيل المثال، لم تكن صفة التزمت والحجاب للمرأة منتشرة بشكلها البارز بحدة كما هي الحال عليه اليوم، وكانت مقتصرة على بعض الأحياء ذات الرمز الإجتماعي المتزمت نوعا ما مثل ( الميدان، الشاغور، باب الجابية، دوما، القابون...الخ ) أما بقية الأحياء فكانت مختلطة وملونة السكان بدون تعقيد أو تصنيف، يقطنها المسيحي والمسلم وابن الريف إلى جانب ابن العائلات الدمشقية العريقة، وخاصة بعد انتشار التعليم النسوي، وافتتاح الجامعات واقبال المرأة السورية عليها، فحتى المرأة المنتمية لأسرة متزمتة ، كانت لاتعرف الحجاب، ولا ترتدي أكثر من فولار يغطي جزءا من شعرها ويبرز القسم الأكبر منه، ولم تتميز عن باقي زميلاتها إلا بهذه القطعة الصغيرة فوق رأسها، ومعظم الطالبات في الثانويات أو الجامعات سافرات، وندرة بل القلة القليلة من تعرف غطاء أسودا يخفي شعرها بأكمله، وبدأت هذه الظاهرة تأخذ طريقها إلى دمشقنا في نهاية الستينات، وبعد انتشار حزب الأخوان المسلمين في مصر قادما مع الطلبة السوريين الدارسين هناك، وأذكر دهشتنا كتلميذات حين وقع نظرنا للمرة الأولى على مدرسة اللغة العربية ، ترتدي تايورا أنيقا في منتهى الذوق وحسب صرعات الموضة آنذاك، لكنها تغطي رأسها بفولار أسود محكم الالتفاف حول شعرها، ووجدنا فيه شيئا من الغرابة والطرافة، لكنه يحمل الكثير من الجمال والإثارة أيضاً.
وبحكم أننا ننتمي لمدينة صغيرة أي ريفية التقليد والتربية، فإني لا أذكر أني شاهدت طيلة عمري امرأة تغطي وجهها إلا من زوارنا الدمشقيين وترتديه نساء في سن الكهولة أو الشيخوخة غالباً، وكل ما أحمله بجعبتي من صور ذكرياتي عن بلدتي، هو الثوب المزركش بألوانه المطرزة الرائعة، وغطاء الرأس الحريري الأحمر، تبرز من ياقة الثوب ظفائر الصبية تمسك إلى جانب الشاب من حيها أو من جيرانها في الأعراس وترقص الدبكة معه ويسمونها( المودع ) أي المشكل ..شاب ثم فتاة ثم شاب وفتاة...ناهيك عن غناء الحقل والبيدر وقصص العشق والغرام وقصائد الشعر النبطي التي كانت تلقى في الأعراس والأفراح، يتغنى بها الشاب ويصف معشوقته ولوعته ... بل كثيرا ما كان يحمل بعضها صورا ايروتيكية، لا أعتقد أن أحدا اليوم يملك الجرأة و يقولها في عرس من الأعراس .. هذه هي سورية حتى نهاية السبعينات تقريبا
في هذه البلدة الصغيرة ارتدت الفتيات الميني جيب وكل صرعات الموضة كما في أوربا بالضبط، ولم يكن هذا بغريب أو شاذ ، ولم ينظر إلي أي فتاة كمومس كما ينظر إليها اليوم ، لأنها سافرة بين جموع المحجبات!!..لأن الحجاب لم يكن موجودا أصلاً، وان بدأ بالظهور فهو لقلة متعصبة أو قادمة من العاصمة..
السؤال ... لماذا انتشرت؟ وما الذي شجع على ظهورها؟ ولماذا غزت المدن كما القرى دون تمييز؟
ولكي نكون أكثر صدقا ووضوحا في قراءتنا لهذه الظاهرة وبحثنا عن أسبابها ، وتنوع هذه الأسباب
أؤكد أن شرارة انطلاقتها الكبرى بدأت تظهر بشكل فاعل بعد الثورة الإسلامية في إيران، وقد رأى الكثير من الملتزمين دينيا بما فيهم الإخوان المسلمين آنذاك ، أن نموذج الثورة الإيرانية نموذجا يمكنه أن ينتشر ويحتذى به في بلادنا أيضاً، ولا أنكركم أني دخلت أحيي جارتي الجديدة، والتي سعت جاهدة مع زوجها المنتمي للإخوان المسلمين آنذاك لتقطن بجوارنا ولم تضع الحجاب أثناء زيارتها لنا!! وفوجئت بصورة كبيرة للامام الخميني تتصدر غرفة صالونهم!! .
والسبب التالي ، الذي ساهم بشكل واضح أكثر بانتشار الحجاب كالهشيم ، جاء بعد حادثة مظليات السيد رفعت الأسد في عام 1981 حين تم إنزالهن لشوارع دمشق وقمن بتعرية رؤوس النساء في الحافلات والمحلات التجارية وفي كل مكان، وكانت تكافأ المظلية حسب عدد الأغطية التي جمعتها!!..
فقد اعتقد السيد رفعت آنذاك، أنه سينقل المرأة السورية بطريقته الثورية هذه ، من حالة استلابها الطويلة اجتماعيا وتاريخيا وسياسيا وثقافيا وقانونيا، بمجرد أن يخلع عنهن غطاء الرأس!!
لكنه لم يفكر يوما، منذ كان قائدا لسرايا الدفاع، إلى أن تسلم منصب نائب الرئيس، أن ينصفها بقانون أحوال شخصية يتناسب ودورها في بناء الانسان في المجتمع السوري، ويتناسب والعصر الذي تعيش فيه، ومن سخريات القدر اليوم ، أنه يتسلق سلم المعارضة، ومع أن هذا ليس موضوعنا لكن اقتضى التنويه فقط..
ومنذ تلك الحقب ، استمر انتشار الأسلمة بالترغيب والترهيب ، أو كردود فعل على واقع سياسي يغيب الإنسان ويحتقر طائفته وانتمائه الديني أو الاثني ( كما جرى للأكراد من إبعاد وتهميش ومحاولة تمييع لجنسيتهم ) ، وبما أن النظام السوري احتكر السياسة ، وحرم المواطن من ممارستها إلا عبر الانتماء للحزب القائد للدولة والمجتمع، فمن البديهي أن يعزلها أكثر عن المرأة لأنه يساهم بعزلها عن الحياة العامة، وعن مساواتها.
أولا:ــ في الايغال بهضم حقوقها وتشييئها وتجييرها لسخرة السلطة.
وثانيا:.. باستنساخ شيوخ جدد موالين ومطبلين للنظام ومسبحين بحمده قبل حمد الله، ونقطة الضعف الكبرى التي يسقطون عليها كل نقائصهم الاجتماعية والسياسية والدينية هي المرأة، فيقيمون عليها الحدود ، ويحاصرون حياتها بفواصل تحريمية وتكفيرية، وتصبح رهينة لقيودهم الهجينة ، المصاحبة لتفسيراتهم السلفية المغرقة في الجهل ، والتي تعود بالانسان السوري وبمجتمعه إلى إحياء عصور لم تعد موجودة إلا بكتب التاريخ الماضي، فيتم إحياء نصوص وردت بمناسبة لا يمكنها حسب مسيرة التطور البشري والعلمي أن تتواجد أو تتشابه، لكنه يبحث في مخيلته عن اجتهادات وتلفيقات تليق بانتمائه الجديد وطرقه في تخريب وتفتيت المجتمع لمذاهب وطوائف وشيع، أشبه بالمجتمعات القبلية في أول الحقبة الخلافية.
هذه الولادات القيصرية صنعتها أنظمة الاستبداد لتمسمر مقامها ، وتمركز وجودها ، خاصة بعد ضرب حركة الإخوان المسلمين في سورية بعد أحداث حماة، واصدار القانون 149 ، والذي يعتبر كل منتم لهذا الطيف بمثابة الخائن وطنيا، بل يحق تصفيته.. وكي يمتص النظام نقمة المواطنين، راح يغدق ويمنح كارت بلانش ..لبعض أتباعه ويفبرك منهم شيوخ زور وبهتان، يهتفون ويدعون باسمه في المساجد، ويترك لهم حرية القول والفعل، وافتتاح صفوف القرآن ، وجمعيات القبيسيات، والحسينيات في الضواحي الدمشقية...ووصل بهم الأمر لاباحة زواج المتعة!!..
بعد كل ما تقدم ، نستخلص أن الوضع السياسي المأزوم..خلق أوضاعا معاشية جديدة، واقتصادية متردية، إلى جانب استشراء للفساد في كافة مناحي الحياة وقطاعات الدولة الخاصة والعامة، ناهيك عن ممارسة التطييف السياسي، من خلال تطييف الجيش والأمن، وكل المراكز الفاعلة والحساسة، والإبقاء على صنع القرار بيد أضيق الدوائر وحصرها بيد العائلة المالكة......ثم التضييق على كل تجمع أو حزب سياسي غير حزب السلطة والأحزاب الجبهوية المنضوية تحت جناح من أجنحة الحزب ــ لأنها لا تستحق جناحين ــ، ومحاربتها وتخوينها وتلفيق كل التهم وفبركة كل القوانين التي تحرم على المواطن أن يخاطب إلا نفسه، من قانون الطواريء ، إلى الأحكام والمحاكم الاستثنائية والعسكرية وتسييس القضاء وخروجه نهائيا من ثوب النزاهة وعباءة الاستقلال ، وتحكم السلطة التنفيذية بالتشريعية، بل سلطة أجهزة الأمن هي من يقبض الحياة والأرواح ، لهذا فباعتقادي أن عزرائيل أحيل على التقاعد في سوريتنا، وبعد هذه الصورة الواضحة والمشرقة لسورية النظام ، كيف يمكننا أن نجد صورة المرأة؟؟!
هل يعقل أمام انحدار سياسي وانغلاق فكري وتوقف عن التطور الحضاري ــ اللهم إلا بمظاهر الاستهلاك
أن نجد المرأة تنطلق من عقال التقليد وأسر العادات وظلم القوانين؟
هل يمكن لإمرأة يهان زوجها وأخوها وأبوها وتسلب كرامته من أصغر مخبر، أن تتمكن من شهر سيف العدالة والمساواة والحرية العامة والشخصية بوجه مجتمع بطريركي وتقليدي مهزوم ومحروم من أبسط حقوقه الانسانية، فهل يمكن فصل حق المواطن عن حق المواطنة؟ ، رغم أنها بمثل هذه الحالات تعيش الاستلاب مضاعفاً، وهذا بالذات ما سأحدثكم عنه كظاهرة تأخذ منحى مختلف بصوره، ومغاير بتحايله ، وما هي أحيانا إلا نوع من أنواع الرفض السياسي للأوضاع القائمة....
وربما هناك جانباً ثانويا ، لكنه ساعد وساهم بظهور هذه الآفة الاجتماعية السياسية الطارئة على مجتمعنا، وهي اغتراب المواطن السوري نحو دول النفط العربية بحثا عن لقمة العيش نتيجة الضائقة الاقتصادية وتدهور مستوى الحياة ، وانحسار الطبقة المتوسطة ودورها الفاعل كحامل مجتمعي أساسي في انتاج الكادر العلمي والثقافي والسياسي في سورية، وهذه الهجرة جعلت من المواطن وخاصة الشباب صغار السن وحديثي التجربة، إلى السقوط ضحية النهج السلفي لمجتمعهم الجديد، وقد عادت أموال النفط لسورية لتبني الكثير من المساجد وتنشر الفكر السلفي ، فلم يسبق لي أن رأيت شابا سوريا يرتدي جلبابا أبيضا قصيرا مع بنطال واسع كلباس أهل الباكستان ويحمل لحية تصل حتى منتصف صدره، وبالطبع ليس هذا من الموضة الشبابية بشيء !!، لكنه موضة دينية سلفية بالتأكيد وهو شكل يدل على أتباع معينين لفئة معينة..وتصحبهم زوجاتهم بجلباب أسود وغطاء لا تظهر معه إلا عيون المرأة بالكاد ترى طريقها ، وللوهلة الأولى تعتقد أنك في عالم الأشباح، فلا تكاد تميز خلفية المرأة من مقدمتها..وكأنها في كيس من أكياس القمامة السوداء...أكل هذا من أجل الحفاظ على المرأة؟ ..وهل هؤلاء النسوة أكثر إبهارا وجمالا من السافرات؟
وهل غدت المرأة عبارة عن قطعة من الماس الثمين ويجب حفظها بقارورة وإحكام الغطاء والمزاليج حولها؟ ..خوفا من السرقة والضياع والزلل والضلال ..وكونها خاصة الرجل وملكه؟؟؟
إذن أين هي إنسانيتها؟ أين هي شخصيتها؟ ولماذا يكون محور الشر هو جسدها وليس جسد الرجل مثلا؟ ..هل هي قطعة لحم شهية للأكل؟ ومتى كان الإسلام وحشا بهذه الصورة؟ ومن منحهم الحق لتشويه المرأة ، سبب وجودهم وحياتهم..؟
لن أدخل بتفاصيل الأسئلة الموجعة والملحة، وسأكتفي بكشف النقاب عن صور الحجاب في سورية.
بعد زيارتي للوطن وبعد انقطاع عقدين من الزمن، فوجئت وصعقت، رغم أن المشهد السياسي أكثر من قريب والاجتماعي صورته الحسية، ورغم أن زيارات الأهل والأصدقاء لم تنقطع..لكن أن تأتي يملؤك الحنين ويشدك الحب لمواطن هذه الأرض ولترابها...فيصدمك التشويه وتغيير الوجه الصادق والنقي للانسان السوري وقيمه التي نشأ عليها، كما يصدمك وضع المرأة، وهي تعود القهقرى عقودا نحو الخلف، في الوقت الذي تسعى فيه نساء الأرض قاطبة لمكاسب أكثر ولحصد نجاحات أكبر في عالم الحق والمساواة، وانتفاء التمييز في كل مجالات الحياة، تقف عاجزا عن النطق والحركة، أمام امرأة تضرب، أو امرأة تحارب من أخوتها من أجل أن تلفع رأسها بحجاب إسلامي...حدث هذا مع قريبة لي
طالبة مجدة ومثابرة، لم تقتنع بالحجاب ولم ترض بأن تكون عورة عليها أن تتستر ...وطالما كان والدها على قيد الحياة وهو الماركسي فكريا، لم يستطع أيا من أخوتها أن يفرض عليها رغبته، لكن وفاة الوالد جعلتهم ينقضون عليها كالذئاب، ووصل الأمر بأن يرفض أحدهم أن يخاطبها أو يتحدث إليها، أي أعلن عليها حربا شعواء وساومها بأخوته بكل دناءة، كي ترضخ وتضع غطاء على رأسها، بل وصل حد الجهل الأعمى، إلى قولهم ..هناك في الجامعة بدمشق ارتدي ما تشائين...لكن هنا في الحارة ...ضعي غطاء على رأسك ..كي لانكون عرضة للأقاويل!!!!
أي أن غطاء الرأس الشكلي هو حامي الشرف والعفة ورمز النقاء!
بل تشجيع الأهل على الانفصام الشخصي، والكذب والعيش بوجهين متناقضين!!
وهذا ما يشدني لرواية مشاهدات ومواقف ، استجوبت خلالها العديد من الفتيات ، التقيتهن بحكم القرابة أو الصداقة ، أو الصدفة..
أحب دمشق العتيقة وطرقاتها وحواريها وبيوتها الجميلة...دخلت بعض أزقتها ، الواقعة خلف المسجد الأموي، وبعد تجوال طويل ..هدني التعب والجوع، فدخلت أحد المقاهي ، وبحكم الصدفة أيضا عرفت أنها ذات طابع شبابي..وان لم تخني الذاكرة فكان الاسم ...أما على البال ..أو موال ..شيئا كهذا..
اتخذت لنفسي طاولة في يسار صحن البيت ، الذي تحول لمقهى ومطعم، وهذا يجعل مني مراقبة لكل من حولي ولكل من يدخل ويخرج... لم يكن المتواجدون إلا نفرا قليلا ، مالبثت الطاولات أن اكتظت بالنزلاء
جلس على يميني شاب وفتاة، كانت الفتاة ترتدي حجابا ، وعلى يساري كذلك شاب وفتاة محجبة أيضا
وبمجرد دخولهما طلبا نارجيلة، لم تنتظر صاحبة الجهة اليمنى قدوم النارجيلة ، فاختطفت من علبة صديقها سيجارة وشرعت تدخن بشراهة..كنت أستمع لحوار العشاق وعتاب صاحبة الطاولة اليسار..
بعد قليل حضر كوبل جديد جلسوا بالمقابل حول النوفرة في صحن الدار، وكانت الصديقة أيضا ممن يضعن الحجاب، ويبدو انهم مشتاقون، فأمسك على الفور بيدها وبدأت الملامسات الملتاعة ..والعيون الغارقة في النعاس والهيام، والأحاديث الهامسة، أيقظه من هيامه رنين هاتفه المحمول، فأمسك يرد على المهاتف قائلا:ـــ " طيب طيب ..أنا هلأ بالجامعة، بس أخلص محاضراتي سأمر عليه، واحضر ما تريدين "!!! وعلى مايبدو أن أمه على الخط المقابل..فغلبتني الابتسامة العريضة ووقعت عيناه علي ، لكنه لم يرف له جفن ..فاكتفى بالابتسام وكأن الأمر طبيعي...أن يكذب على أهله ..وبالتأكيد كل الفتيات الموجودات يعتقد أهلهن أنهن مواظبات على المحاضرات...
لست هنا بمعرض اللوم، أبدا ..بل إن ما يفعلنه مشروع ..أمام موقف الأهل المتزمت، واضطرار الفتاة للمراوغة وكذلك الفتى..أليس من الأفضل الاعتراف بأننا نعيش بأكثر من وجه مزيف ..أليس من الأفضل منح الثقة لأولادنا وتركهم أحرارا ومن حقهم كبشر أن يحبوا ويخطئوا ليتعلموا...ويكتسبوا خبرة الحياة ومفهومها الصحيح الصادق؟ ..نسيت أن أخبركم أن شابا وفتاتين حضروا وكانت الفتاتان سافرتان
..المدهش أن الشاب فقط من طلب نارجيلة..وشاركته احداهن بعدة ( مجات ) ..ولم يدل مشهدهم أن بينهم عاشق وعاشقة، بل مجرد زملاء ... وفي مقدمة الحديقة جلس بعض الأجانب..
وفي إحدى الجلسات مع بعض الفتيات ومن نقاشي معهن حول ارتداء الحجاب ، اختصرت الأسباب بما يلي:ـــ
ـــ فئة من ينفذ رغبة الأهل وغير مقتنع اطلاقا بهذا الأمر، وعند أول فرصة تتاح لها نزع الحجاب، فإنها ستكون أول من يفعل.
ـــ فئة من ، رضخ لضغوط الأسرة والجو المدرسي لزميلات وصديقات، وقد تمسكت بها العادة، وصار من الصعب عليها التراجع، ولو تجرأت وفعلت، لما تقبل هذا أهلها.
ــ فئة من يقول ، أن المجتمع هو الذي يفرض علينا هذا المظهر، ثم أن أي شاب لا يتقدم للفتاة عندما تكون سافرة ويفضل عليها المحجبة، وفرص المحجبة أكبر حظا من السافرة!!
ـــ فئة من يقول ، أنها ترى في الحجاب طريقة للتخلص من ضغط الأهل ومراقبة المجتمع، لأن الحجاب نوع من الضمانة، ومن خلفه تتمتع بكامل حريتها، وتحصل على ثقة الأهل والناس بها دون عناء، " فماذا يضيرني لو وضعته ، وملكت حريتي بهذه القطعة من القماش "؟!
ــ فئة من يرى أن الحجاب موضة جميلة ومثيرة، ويمكن للفتاة أن تجعل منه طريقا للاثارة وشد الانتباه ولا يمنعها من ارتداء كل صرعات الموضة وتخترع له ألوانا زاهية وتضع كل المساحيق والمستحضرات التجميلية، إلى جانب البنطال الضيق والقمصان الشفافة المغرية، والتنانير المشدودة
كما يمكنها أن تجعل من شكل الحجاب مغريا ويبرز مفاتن وجهها أكثر!.
ــ الفقيرات منهن، يجدن في الحجاب والجلباب ، طريقة من طرق التوفير، فارتدائه يجعلها تبتعد عن الموضة و عن شراء فستان جديد كل يوم، وليس بمقدورها مجاراة الموضة، إنه يمكنها من اخفاء فقرها !
ــ وفئة لابأس بانتشارها وهي الأخطر على المجتمع عامة ووضع المرأة خاصة، هي فئة من يضعن الحجاب عن سابق تصميم وقناعة، ومعظمهن ينتسبن لأتباع الشيخة فلانة أو الشيخ فلان، ويمارسن كل الطقوس ، ويساهمن باقناع غيرهن من الفتيات، أي يقمن بالوعظ والإرشاد ، وهناك من يلجأن للتفرغ من أجل هذه المهمة، بل ووصل الحد ببعضهن لترك مهمات المنزل وشؤون الأولاد يديرها الزوج، ولو اعترض أو أبدى انزعاجه ، فهذا يعني أنه ضد الاسلام وانتشاره !..
بعد هذا الاستعراض السريع لوضع الحجاب في سورية، لا بد من التساؤل ، ماذا فعل النظام العلماني البعثي حيال هذه الظاهرة؟
انه يعمل على إغراق البلاد بمظاهر السلفية، في حين يضرب بعنف وشدة كل من يطرح العلمانية والديمقراطية، ويدحض كل توجه ديني بعيد عن التطرف والتشنج، ويعمل على إيقاظ هذه الفئات المتطرفة ليجعل منها سلاحا بوجه الولايات المتحدة والغرب، مدعيا أن وجوده هو الضامن ، لمحاربة هؤلاء الارهابيين الذين صنعهم ويرسل ببعضهم للموت في العراق، وهذا فعلا ما شاهدته وعاينته بأم عيني ، ففي العام الماضي ، أقيم سرادقا لشباب لايتجاوز عمر أكبرهم ال19 عاما، ومن الفاشلين دراسيا وسييء السمعة، لكن بعض المرشدين في مساجد البلد، غسل أدمغتهم خلال شهرين أو أقل ، وأرسلهم للموت باسم ( الجهاد المقدس في العراق )...
هذا غيض من فيض، فهل يمكن ضمن هذه الأوضاع المزرية سياسيا، أن تجد المرأة طريقها للتحرر والحرية، للانطلاق نحو رحاب المساواة ورحاب قانون يحمي إنسانيتها؟ لكني أرى أن هذا مرتبط إلى حد بعيد بحرية الوطن ككل، فالوطن بحد ذاته أسيرا ، تحكمه أسرة واحدة منذ أربعة عقود، وسلطة أجهزة أمنية، فهل يمكن أن نرى في يوم قريب وطننا السوري حرا وديمقراطيا ، يعيش فيه المواطن دون تمييز، وتجد فيه المرأة من يستمع لصوتها ويقف معها في نضالاتها لتحقيق موقعها كمواطنة وانسانة؟



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صارت كبيرة بحجم بيروت
- ما الذي ينتظر المنطقة بعد حرب ال 33 يوماً...حزب الله...سورية ...
- هل يحق لإيران امتلاك السلاح النووي، وعلى من يشكل خطراً؟
- دور المواطن الفرد في دولة الاستبداد والفساد
- الشرق الأوسط الجديد بين نفوذين، الإيراني من جهة والإسرائيلي ...
- بين الشد الإيراني والجذب العربي، يغلي مرجل المنطقة
- هل ستتمكن الحكومة اللبنانية من بسط سيادتها على كل الأرض اللب ...
- لن تخرج سورية من الشرنقة، طالما أن نظامها حريص على إضاعة الف ...
- رسالة حب للبنان...حين ينبت الزهر من جديد فوق الرز
- قراءة في نتائج الحرب اللبنانية الاسرائيلية
- للبنان أقدم اعتذاري...ورؤيتي لنتائج حربه مع إسرائيل
- ثلاث نساء حطمت حياتهن..باسم الحق الشرعي!
- الفارق كبير بين انتصار حزب، وانكسار وطن
- ما الذي ينتظر لبنان بعد هذا الجنون؟
- أما آن أوان غضب الشارع العربي، أو رحيل زعماء الهزيمة؟
- لعنة الشرق الأوسط
- عدنا والعود أحمدُ ...من روما بخفي حنين!
- من هنا إلى روما ... ويستمر الطوفان
- ناموا ياقرود السيرك العربي
- ماهي نتائج الحرب في لبنان؟، وماهي معالم المنطقة مستقبلاً؟


المزيد.....




- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فلورنس غزلان - المرأة السورية والحجاب