|
الأقليات السياسية، وغير السياسية ؟
حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 7183 - 2022 / 3 / 7 - 02:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كانت ثورة الخامس والعشرين من يناير بشرة خير فيما يتعلق بإعادة التلاحم بين أبناء مصر بكل تنوعاتهم وإتجاهاتهم وطوائفهم وإنتماءاتهم ، وكان من عظمة تلك الثورة أنها اعادت إحتواء من ناصبوها العداء فى البداية، فمدت لهم يد الحب والسلام والتآخى،ووثقت تاريخيا كل مايؤكد اننا شعب واحد عزيز كريم أراد الحرية والعدالة والعيش والكرامة ؟ لكن من المؤسف إنه فور تنحى مبارك ، وبداية الحديث عن الإستفتاءات والإنتخابات التى رآها البعض مسألة طبيعية تدل على أننا فى الطريق الصحيح، بدأت عمليات الإستقطاب والإنقسامات المريبة ، وبدأ التناحر عمليا فى الإستفتاء الأول على التعديلات الدستورية التى تمت فى مارس 2011 ( أى مرت إحدى عشر عاما بالتمام) حتى أن تحالفا تم بين ملياردير شهير أسس حزبا مع داعية دينى مسلم لم تكن له علاقة بالسياسة من قبل ومعهم بعض اليساريين والأقلويين الذين نشروا اعلانات ضخمة يطالبون فيها الناس بالتصويت بلا ضد مبدأ الانتخابات أولا ، فيما كانت غالبية المصريين تؤيد التصويت بنعم وترفض البدأ بكتابة الدستور أولا؟ وهو أمر كان من الممكن ان يمر بإعتباره خلافا ديموقراطيا طبيعيا لولا أن انصار التصويت بلا أتهموا غالبية المصريين بانهم متخلفين متحالفين مع ( العسكر) وانها غزوة الصناديق ؟ ثم لما مضت الأمور نحو تحقيق مسارها الديموقراطى إذا بمأساة ماسبيرو تطل علينا بلا مقدمات ، وإذا بنا ندخل نفقا دمويا لسبب واهى عجيب ومفاجئ كان من الممكن لو خلصت النوايا تجاهله أو تأجيله او إحتوائه ،حرصا على نجاح وتحقيق المطالب الأعم للثورة الوطنية الجامعة ؟ لكن رغم هذه المآسى والتناقضات ،صممت غالبية المصريين على اللجوء للإنتخابات النزيهة باعتبارها بداية الطريق الصحيح لكتابة دستور جامع يستند الى شرعية جماهيرية سيرا على خطى كل الأمم المتقدمة، وبالفعل شارك الملايين من المصريين فى أول انتخابات ديموقراطية مصرية حقيقية شهدت خلالها تحالفا سياسيا بين أحد أقطاب تيار الاسلام السياسى وأحد التيارات القومية الشهيرة فى مصر كبداية لنفض الخلافات التاريخية بين الفصيلين ، وكمدخل طبيعى للوحدة فى مواجهة اعداء الثورة، كما ترشح أيضا بعض الإخوة الأقباط على قوائم الإسلام السياسى ونجحوا لاول مرة فى دخول مجلس النواب كأعضاء منتخبين ( بإستثناء الأستاذ جمال أسعد عبد الملاك الذى كان قد نجح هو ايضا على قوائم حزب العمل وقت تحالف ذلك الحزب مع تيار الاسلام السياسى فى الثمانينيات من القرن الماضى؟ كما نجحت فى الوقت نفسه بعض الرموز الناصرية المناضلة وشاركت فى عضوية المجلس لأول مرة أيضا بواسطة تلك الإنتخابات، التى تمت بعد ثورة 25 يناير 2011،،
ورغم أن تلك الانتخابات قد افرزت مجلسا مشتتا متناقضا فى ظاهره، لكنه كان متنوعا يحتوى على كل التيارات والرموز والطوائف الوطنية الأقلوية والأغلبية ،كما وقعت به عدة مهازل مفتعلة شارك فيها اسلاميون يمثلون اقلية متطرفة، كهذا العضو الذى قام من وسط المجلس واخذ يؤذن للصلاة بشكل مستفز متعمد جهول يسيئ بجهل ومراهقة سياسية وفكرية للإسلام نفسه، كما شارك ايضا بعض اليساريين من الأعضاء المنتخبين فى رفع قضايا لإسقاط اول مجلس منتخب وتشويهه ، وإستمرت تلك المحاولات الغير مفهومة من بعض قوى الاقليات السباسية وغير السياسية لإسقاط المجلس التشريعى حتى نجح أحد السلفيين فى رفع قضية لحل المجلس ونال حكما نهائيا ببطلان ثلث العضوية وهو ما ادى فى النهاية لحل المجلس بأكمله؟ ثم تكررت نفس المأساة عقب نتائج الانتخابات الرئاسية،وإرتكب بعض اليساريين والليبراليين ومعهم بعض الأقليات الدينية والعرقية جرائم وممارسات فاشية لا يقوم بها سوى الخونة والأعداء ، وظلوا على ذلك حتى سالت الدماء أنهارا فى الميادين والشوارع ؟ ورغم كل تلك الجرائم لم يخجل هؤلاء الحاقدون الحاسدون ( على اقل وصف) بل استمروا فى غيهم حتى إنقلبت الامور ضد الجميع ، الغريب أن فلول هؤلاء المرتدين وطنيا والذين لا يعبرون إلا عن نسبة صغيرة لا تمثل عموم المصريين ، لا يزالون على عهدهم القديم ، فلا يمر يوم إلا وتجد أحدهم موجها إتهاماته يمنة ويسارا، فيصف تيارات سياسية رئيسية بالفاشية الدينية،ويؤيد القمع اينما وجد فى منطقتنا العربية فيما يتناسى أمثال هؤلاء او يتجاهلون عمدا أكبر جريمة ارتكبوها فى حق الوطن والشعب والحاضر والمستقبل عندما نكصوا وانقلبوا وساندوا الخطوات التى أخذتنا إلى الواقع الأليم الذى مسهم بعض منه ؟
فى الخاتمة نؤكد إن دعاوى الإستئصال والكراهية المستمرة لن تنتج فى أغلب الأحيان سوى المزيد من التخلف والتقهقر والإنقسام والتشرذم والإنهزام ،ولن تجدى تلك الدعاوى نفعا حقيقيا لمن يتبناها أو يتعهدها ، كما يمكن التأكيد بأن إستمرار الانقسام والتشرذم واللغة الخشبية المتصلبة المتبادلة بين أبناء الوطن الواحد سيفضى بالضرورة الى دمار وفقدان مقومات البقاء ،وبالتالى الفناء الحتمى للجميع ؟
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ممنوع دخول الديموقراطيين، أو الكلاب !!
-
كرة القدم السياسية ضد روسيا؟
-
الزمالكاوى معارض بالفطرة ،؟
-
مذبحة إكتوبر 1993 والنفاق الغربى والعربى؟
-
مشروع مصيرى معلق منذ ست سنوات ؟
-
قبيلة تغلب التى عرت ظهرنا ؟
-
كيف تتعامل مع المدير السلبي؟
-
التدليس المتعمد ؟؟
-
بوتين VS بايدن ، وماذا عنا؟
-
توقعات ما بعد إكتمال سد النهضة؟
-
بدء إنتاج الكهرباء من سد النهضة؟
-
راسبوتين ؟
-
إكفل يتامى التنمية ؟
-
مؤتمر الأفروسينتريك، ومؤتمرات المهجر؟
-
الفساد الممنهج، والإستعباد الذهنى؟
-
المفكر الراحل سيد القمنى !
-
تحية إلى صمويل إيتو وكارلوس كيروش وأبوجبل
-
وفاة ريان
-
العلمانية أُمْ الجميع !!
-
سيدة مصر
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|