|
العلم العراقي ..والسيد مسعود البزاني ..!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 1666 - 2006 / 9 / 7 - 10:18
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بعد وفاة القائد الكوردستاني ، الملا مصطفى البارزاني ، في المنفى ، أعاد ابنه ، السيد مسعود البرزاني ، تشكيل الحزب الديموقراطي الكوردستاني ، وفصائل المقاومة الكوردستانية ، ولقد امتاز السيد مسعود ، بين فصائل المعارضة العراقية ، بهدوء الطبع ووضوح الرؤية والتزامه بما وعد ، وتنفيذ ما اتفق عليه معهم من قرارات ، وهذا ما أكسبه مصداقية الخصوم قبل الحلفاء والأصدقاء ، وظل وفيا لتحالفاته وعهوده المبرمة مع الفصائل والقوى العراقية المعارضة . بعد سقوط النظام والاحتلال الأمريكي للعراق ، وتشكيل حكومة كوردستان وفق صيغة التحالف مع القوى والأحزاب الكوردية ، تغير الحال ، بعد أن غدا السيد مسعود رئيسا لإقليم أو فدرالية كردستان ، أصبح له مستشارون سياسيون وغير سياسيين ، ليس من كوادر الحزب فقط ، بل ومن خارج الحزب أيضا ، يشيرون عليه تنفيذ خطوات ما للوصول إلى هدف أكبر لشعبه ، وهذا حصيلة تغير الظرف والمسؤوليات المنوطة به تجاه شعبه وتجاه حلفائه ، فمسؤوليات المعارضة غيرها في الحكم.حقق السيد مسعود نجاحات كبيرة في بناء كوردستان قوية وآمنة ، وخصوصا بعد الإنتخابات ، الأولى والثانية ، من خلال تحالف القوى الكوردستانية مع القوى الإسلامية ، وبعض الفئات القومية ، حيث تم تشريع دستور دائم للبلاد ، ضمن حق الشعب الكوردي في إقامة حكم فدرالي ، مسارب الإنفصال فيه ، أكثر من الطرق المؤدية للوحدة ، ولا ضير في هذا ، فقد أقرت الحركة الوطنية والديموقراطية ، وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي ، ومنذ عهود طويلة حق تقرير المصير للشعب الكوردي ، بما فيه حق الأنفصال ، وطيلة الفترة التي مرت بها مرحلة تشكيل حكومة إقليم كوردستان ، قبل سقوط النظام وبعده كان العلم العراقي ـ البعثي مرفوعا على كافة دوائر الدولة ، ومن ضمن هذه الدولة حكومة الأقليم ، وقد أقر الدستور الجديد ـ الدائم إعادة النظر في تشكيل وصياغة النشيد الوطني والعلم العراقي ، ضمن أمور أخرى ،وهذا الأمر لم يجد معارضة ما حتى من الأطراف القومية ، كما لم تكن كافة الأطراف المشاركة في الحكم ، ومن ضمنها القوى الكوردستانية ، قد طرحت بجدية أمام المجلس النيابي ، أو طلبت تنفيذ ما أقره الدستور بصدد الكثير من القضايا ، ومن ضمنها العلم والنشيد الوطني ، باعتبار الأمر قضية مستعجلة .إثارة عدم رفع العلم العراقي على إقليم كوردستان في مثل هذا الظرف السياسي والأمني السيئ ، الذي يمر به العراق ، ودون مقدمات ، وضع القوى الديموقراطية ، الصديقة للكورد في موقف لا تحسد عليه ، لذا يستوجب الأمر ، النظر ، والتدقيق في المبررات التي ساقها السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم أو فدرالية كوردستان في إثارة مثل هذا الأمر . يقول السيد مسعود أن هذا العلم هو علم البعث ، كما هو في نفس الوقت ، العلم الذي تمت في ظلاله تنفيذ الجرائم ضد الكورد في الأنفال وغيرها ، وكل جرائم الحرب الأخرى على إيران والكويت ، لذا تقرر العودة على رفع علم ثورة 14 تموز الوطنية ، ورغم المفارقة في هذه الحجة ، فعلى المرء أن ُيذكر بداية ، أن الحزب الديموقراطي الكوردستاني بقيادة المرحوم الملا مصطفى ، قد ساهم في إسقاط حكم ثورة 14 تموز الوطنية في العام 1963 ، وهذا الأمر مناقض للدعوى التي يطلقها السيد مسعود ، برفع علم ثورة 14 تموز ، إلا إذا تم تصحيح الموقف وهذا ما لم يعلن عنه رسميا ، وحتى إن تمت إدانة حكم 8 شباط ، بشكل ما ، فهذا لا يسجل رفضا للعلم البعثي ، حيث تم استدعاء قوات الجيش العراقي ، في منتصف تسعينات القرن الماضي ، من قبل السيد مسعود البرزاني لنصرته على قوات الإتحاد الوطني الكوردستاني ، وظل العلم ـ البعثي مرفوعا ، حتى لحظة التوجه الجديد ، في مناطق كوردستانية عراقية . علم البعث ، علم كل القوميين ـ الذين تآمروا على جمهورية 14 تموز ، وهذا ما يدعوهم للدفاع عنه ، كما يدافع عنه الإسلاميون بكل فصائلهم لآنه يحمل " عبارة الله أكبر " ، على الرغم من أنهم يكرهون صدام ونظامه ، وكل البعثيين ، والقوميين أيضا الذين ساندوا صدام في جرائمه ، هذا العلم منذ شباط 1963 لحظة سقوط الجمهورية الوطنية الأولى ، كان معاديا لكل القوى الديموقراطية ، وخصوصا الشيوعيين ، وحزبهم الشيوعي ، حيث ُقتل الآلاف من جماهير الشعب ، ومن الشيوعيين وأصدقائهم ، وهؤلاء إذ ناضلوا من أجل إسقاط النظام البعثي ـ الفاشي ، إنما كانوا يناضلون ، أيضا ، إسقاط هذا العلم الذي تستر على جرائم كثيرة وفظيعة مرتكبة بحق أبناء الشعب العراقي ، فالقوى الديموقراطية وجماهير الشعب ، طالبت استبداله ، بعلم ثورة 14 تموز ، إلا أن أغلب مكونات مجلس الحكم السابق ، ومن ثم أعضاء المجلس النيابي في مرحلتية الأولى والثانية ، من القوى الإسلامية والقومية ، الحاقدة على تلك الثورة الوطنية ، لم ترفض عودة العلم السابق فقط ، إنما قامت بالسطو على منجزات تلك الثورة باستبدال أسمائها ، وفرض أسماء جديدة عليها . كل ما تقدم لا يستوجب ما أقدم عليه رئيس إقليم كوردستان ، السيد مسعود البرزاني ، والأنفراد برفض العلم العراقي ، طالما هناك دستور أقره ويخضع له السيد مسعود ، حيث ساهم هو ومواطنوه الكورد في التصويت عليه ب "نعم " ، وهو يمثل منجزا من منجزات التحالف الكوردي مع القوى الإسلامية ـ الطائفية ، فالقوى القومية بمجملها ، عارضت هذا الدستور ، والقوى الديموقراطية ومنظمات المجتمع المدني ، لها ملاحظات على الكثير من مواده ، ولولا الكورد لما فاز في الإستفتاء ، فالعملية الديموقراطية ، تفرض نتائجها على الجميع ، وبغض النظر عن نتائجها ، تستوجب الإلتزام بها ، ومن خلال المجلس النيابي ، وعن طريق الدستور ، أيضا ، يجري ديموقراطيا تغيير واستبدال الكثير من الأمور التي لا تتماشى مع الوضع الجديد ، أو التي لا تنسجم مع التوجهات القومية الكوردية ، وهذا ما كان على السيد مسعود ان يلجأ إليه . ماذا سيقول السيد مسعود لرئيس الجمهورية وللوزراء الكورد وهم يضعون على مكاتبهم العلم الذي يرفضه ، وأي علم سيرفعه رئيس الجمهورية والوزراء الكرد عندما يزورون الدول الأخرى ؟ .الأسلوب الذي يفرضه السيد مسعود البرزاني ، يتنافى مع مصداقية الالتزام بما أقره المجلس النيابي العراقي ، الذي شارك ، هو ، و ممثلو الإقليم في تشريعه ، فخرق مبادئ الدستور ، لأي سبب كان ، يمثل سابقة يمكن أن يبني عليها الخارجون على النظام ، بما فيهم المناوئون للحكم الكوردستاني ، إلا إذا كان ما أقدم عليه السيد رئيس إقليم كوردستان ، خطوة أولى لإعلان جمهورية كوردستان ، وهذا من حقه ، ولكن كان عليه أن يكون جريئا وصادقا مع نفسه ومع حلفاء القوى الكوردية ، في طرح المبررات الحقيقية والمقنعة ، التي تكمن وراء إجرائه هذا ، ومن دون اتخاذ العلم ذريعة لموقف لاحق ، سيفقده الكثير من الأنصار والحلفاء الذي يكرهون هذا العلم ومن كون ألوانه ، ومن خط العبارة عليه .، .!
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصابئة المندائيون ..ومسؤولية الدولة ..!!
-
- معا إلى الأمام -...إلى أين ..؟!!
-
الأنفال مجزرة الحقد العنصري ..!
-
نقد الذات ..وصراحة المسؤول..!
-
عشتار وتموز ..وقصة الخلق العراقية ..!
-
أمريكا عدوة الشعوب ..!
-
الكورد الفيلية ..والمحكمة الجنائية العراقية العليا ..!
-
من الذي شبك سيار الجميل ..؟؟
-
في الذكرى الثامنة والأربعين لثورة 14 تموز ..!
-
الكورد الفيلية ضحية حكم عنصري وفاشي ..!
-
!...خاطرة / عن حسن سريع ..وقطار الموت
-
ثورة العشرين ..وواقعنا الراهن ..!
-
علمانية الدولة ضمانة للديموقراطية..!
-
لحية العنزة ..والسروال الشرعي ..!
-
الحكومة وخططها الأمنية ..والمليشيات ..!
-
عن صراحة ابن عبود مؤتمر اتحاد كتاب السفارة العراقية في السو
...
-
الزرقاوي والمتياسرون ..!!
-
المليشيات ..ووعود المالكي ..!!
-
..!أمجاد نعاديها
-
الطبقة العاملة ..وطموح حزبها السياسي ..!!
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف
...
-
زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|