|
يا ريتك يا أبويا .. راحت عليك نومة
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7179 - 2022 / 3 / 3 - 12:20
المحور:
سيرة ذاتية
اليوم أتممت وجودى علي هذا الكوكب لمدة 82 سنة ..إنه ذكرى يوم ميلادى ..الذى لم يكن لي أى دخل في حدوثه .. و لو إطلعت علي الغيب لما جاهدت و فزت في السباق الذى تم مع الملايين من الحيوانات المنوية التي أطلقها أبي في رحم والدتي في ليلة قبل تسعة أشهر من تعرفي علي هواء هذا المكان . الحياة عبء شديد .. عليك أن تتنفس .. و يدق قلبك بإنتظام ..و تأكل و تشرب .. و تخرج البقايا الصلبة أو السائلة .. و تحافظ علي درجة حرارتك حول 37 درجة بشكل دائم بإرتداء ملابس مناسبة لتغيرات المناخ .... و تغسل جسدك وأسنانك يوميا ثم تجد مكانا تأوى إليه.. تنظفة .. و تحرسة من المعاديين و الطماعين .. و تملأة بالأثاث ..و الأجهزة .. و تستهلك كهرباء و غاز و مياة ..وألأصعب أن تشغل عقلك و تفكر و تجد منطقا في ما يجرى حولك .. و تستنتج .. و تأخذ قراراتك ..و لذلك عليك أن تعمل لتكسب ما يمكنك من دفع قيمة الفواتير المبالغ فيها التي تصلك شهريا . ثم يزيد العبء بتكوين أسرة .. زوجة و أطفال .. ترعاهم و تعلمهم ..و تدربهم علي مواجهة .. الحياة المستقبلية .. التي لا تعرف ماذا سيحدث فيها .. و تأمل أن يتوائم ألأبناء بصورة أفضل منك ولا ينظرون خلفهم بغضب .. كما فعلت .. و يلعنوا يوم ميلادهم عندما يصلون للثمانين . الحياة مغامرة سخيفة .. لا تسمح لك بالإنسحاب في الوقت الذى يلائمك ..و لكنها تحدد هي بأساليب مختلفة زمن الرحيل و ختام المأساة .. التعليم عبء .. و العمل عبء ..و التوائم مع المتغيرات عبء .. والزواج عبء .. و الطلاق عبء ..و التفوق عبء. و الحرب المستمرة ضد عوامل الفناء عبء . لا أعرف تماما ما يحدث بين أوكرانيا .. و روسيا .. و لكنني أرى الجيوش تتحرك .. و التهديد بإستخدام الأسلحة النووية قائم .. و الضحايا يتساقطون من الفريقين .. و اللاجئون يهربون لاماكن أكثر أمنا ..فأسأل كيف تعقدت حياة البشر لهذه الدرجة .. من التدمير ..؟.و كيف تحول الهدف بدلا من تحقيق سعادتهم إلي تدمير حياتهم . و لا أرى علي هذا الكوكب سبب يجعل مليارات البشر .. تستمر و تعيش..و تتصارع و يفتك بعضها ببعض بواسطة وسائل شيطانية .. أكثرها خطورة هي إسقاط مجاميع البشر من داخلهم و قيادتهم ضد مصالحهم .. من أجل مراكمة الثروة و النفوذ ..للبعض . ليل كموج البحر ارخي سدوله علي بانواع الهموم ليبتلي . فقلت له لما تمطي بصلبه واردف أعجازا وناء بكلكل . الا ايها الليل الطويل الا إنجلي بصبح وما الاصباح منك بأمثل . في الحق لقد سرق عمرى بالكامل .. أضعته في محاولة يومية للمحافظة علي جسدى من التلف .. و إستمرار التواجد لساعات قليلة .. زيادة .. و لكن ماذا ستفعل بهذه الساعات .. لا جواب .. فالفرد منا عاجز أمام مجتمعه ..و عالمة .. عندما أتامل في طبيعة الوجود البشرى أجد أننا كجماعة و نوع علي مر التاريخ مسيرون .. و أننا ندفع ثمنا غاليا .. من أجل المحافظة علي هذا النوع من الفناء . بعد ثمانين سنة تواجد .. و معاناة .. و تفكير .. أجد أنني لسوء حظي عشت كل عمرى في مجتمع خامل غير مستعدة للتطور شكلا و موضوعا بسبب أن من يتحكمون في مساره كانوا دائما .. شر البقر ..أقل أفرادة حظا بالمعرفة .. و الفهم .. و أكثرهم فسادا و طمعا و شرها للسلطة . لقد كتبت الكثير من الكتب و المقالات أوضح هذا بالتفصيل ( لم أقصر ) .. و لا أريد أن أزيد وأعيد في سبب تخلفنا و فقرنا ..و حزننا ..و خوفنا ..و لكن تبقي الملحوظة الأهم التي صاحبت عمرى و حولته إلي حلقات مستمرة من العذاب و هي..ان تعمل في اجواء فاسدة وليس لديك اى اختيار اخر .. انها موجات ليل امرؤ القيس حيث الفاسد المرتشي يصعد ويتفوق و ينال من ضعفاء القوم الذين يحتفظون بقيم ومباديء إنسانية . تمر الايام تتوالي وكل يوم اتساءل هل سيأتي الفجر هل ستتغير الاحوال هل سنصبح امة تعمل وتنتج وتشارك في ركب الحضارة ..أم سنبقي أمة يحكمها الخوف و تفتقد للأمل كل يوم تأتي لنا منتجات اعمال الاخر في الغرب والشرق و عندما ننظر الي ما بين ايدينا لا نجد الا دعاوى سلفية شديدة الرجعية تضطهد المخالفين دينيا او عقائديا و تحول الشارع الي غابة يتصارع فيها وحوش البزينيس و فتواتهم و لا نجد إلا حكام يتمتعون بحياة رخية .. و رفاهية غير معهودة في مكان يرزخ أفرادة بعبء ضرالئب مجحفة و أتاوات و سرقات للجهد و العرق .. تغلغلت حتي مستوى نهب من لا يجد قوت يومه اليوم بعد ان انقضي العمر وفتر الجهد و لم يبق الا نتاج ما زرعت اجد انني بذرت بكل سذاجة حبوبا لا تنمو في الارض المشبعة بالمجارى و قاذورات عصابات المتحكمين فينا .. ولم يبق لي الا الستر المكتسب بصعوبة في مواجهه المليارات السهلة . من سوء حظي أنني ولدت في مصر .. في ذلك الزمن الذى عندما سيقرأ أحفاد الأحفاد عنه .. سيطلقون علية ((مرحلة السقوط الكبرى)) حين حكم مصر (بالحديد و النار ) جماعات العسكرتارية المتحالفة مع الكهانة الرجعية .. في اللحظة التي كان العالم يتقدم فيها بسرعة مركبة غير معهودة .. فأدوا بها لسقوط مستمر في مستنقعات التخلف و التبعية برد الشيخوخة يغزو قلبى وعقلى فأنزوى بعيدا عن المجموع منفردا ينظر لى الأبناء بتعاطف العاجز أما الأحفاد فيضحكون من هذا الذى أصبح بعيدا عن لغتهم ،أساليبهم ،أفكارهم ، حماستهم. ويبق بيت شعر للمتنبي يتحدث فيه عن ( كافور ) الخصي حاكم مصر ((ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ)).
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثلاثين ثانية سعادة .
-
تعددت الأنظمة .. و الفكر واحد
-
الصيغة المصرية للديموقراطية
-
هذا التواجد التافه ..ليتني قلت (لا) .
-
الحرب في بر مصر
-
إستمرار الحكم العسكرى ..أهو قدر
-
تأملات في ذكرى ثورة
-
مافيا الهدم و الجمهورية الجديدة
-
هل مصدرالقيم والأخلاق هو الدين ؟
-
مش قلتلكم بلاش قنزحة .
-
المسكوت عنه في إتفاقية السلام
-
إنهم معروفون لنا، وبعضهم درس عندنا
-
و عاد يناير ليجد الوضع علي حاله
-
محنة تحقق كابوس(الجد )
-
الإبحار في ظلمات الماضي
-
أسئلة ثمانيني لم تجد الإجابة
-
ثم فقدوا الأمل ( رمز الأمل ).
-
بلاش قنزحة سيبوا لعب الكرة للأغنياء
-
مرت الأيام .. وتبخرت الأحلام (3 )
-
مرت الأيام .. وتبخرت الأحلام (2 )
المزيد.....
-
تضارب بين البيت الأبيض وترامب حول مدة إعادة توطين سكان غزة
-
هل يؤثر تصريح ترامب عن غزة على اتفاق وقف إطلاق النار؟.. مسؤو
...
-
تطوير أرضية للطرق ذاتية الإصلاح تحاكي عملية التئام الجروح
-
خبير يوضح كيف يتم التجسس عبر الهاتف
-
الحيتان القاتلة تصطاد أحد أخطر الحيوانات البحرية المفترسة!
-
علويون في سوريا ينددون بهجمات عليهم ويطالبون بالعدالة بعد سق
...
-
إسرائيليون يسخرون من خطة ترامب للسيطرة على غزة: -غير واقعية-
...
-
وساطة إماراتية بين روسيا وأوكرانيا تنجح بإطلاق 300 أسير
-
اصطدام في 10 دقائق.. الكشف عن سبب -الأخدود العظيم- على القمر
...
-
فيديو يرصد خطف عامل في مصر والفاعل -غير متوقع-
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|