أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - خرافةٌ اسمُها: قبولُ الآخر!














المزيد.....

خرافةٌ اسمُها: قبولُ الآخر!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7178 - 2022 / 3 / 2 - 11:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial

في جميع مجالسنا ومقالاتنا وحواراتنا على الشاشات ومنشوراتنا على صفحات التواصل الاجتماعي، نظلُّ نُطالب بالديمقراطية والليبرالية والتعددية، ثم نزعمُ أننا نعتنقُ تلك المبادئ الحضارية الراقية، وكم نتمنى لها أن تسودَ بين الآخرين الذين لا يؤمنون بها حتى نرتقي وننهض، وأنَّ لا سبيل مطلقًا إلى بناء مجتمعنا إلا على تلك الأعمدة الراسخة من قبول الآخر واحترامه، مهما اختلف عنّا فكريًّا، مادام لا يدعو إلى عنف ولا يحرّض على جريمة. وضجّت منّا تلك الشعاراتُ الكبرى من كثرة ما لاكتها الألسنُ على المقاهي والصفحاتُ. ثم تفتحُ تلك الشعاراتُ عيونَها دهشة وتنظرُ في عيوننا وتتساءل في حَزَنٍ غاضب: "أيها المتشدّقون بالتعددية والقبول، هل بالفعل تتبنّون ما تتشدقون به في حياتكم كمنهج يومي، وفلسفة حياة؟! بل أنتم كاذبون تتكسّر أكاذيبكم عند أول صخرة تجربة.” جرّب أن تقولَ رأيَك في موضوع. أيَّ رأي في أيِّ موضوع. ستجد مَن يسبّك ويلعنك ويطعنك في شرفك وفي عرضك ويجعل منك شيطانًا رجيمًا وعميلا مُموّلا تقبضُ من الصهيونية العالمية والماسونية البتنجانية ويطالبُ بمحاكمتك وهدر دمك، إن كان رأيك مخالفًا رأيه. وفي المقابل ستجد مَن يُطوّبك ويمجّدك ويرفعك إلى عنان السماء ويُنصّبكَ قديسًا نبيًّا، إن كان رأيك موافقًا رأيه. كلاهما مخطئ، وكلاهما غير ديمقراطي وغير عادل. فلا أنت شيطانٌ رجيم، ولا أنت ملاكٌ مُطوَّب. أنت إنسانٌ عاديٌّ رأَى رأيًا؛ قد يصيبُ وقد يُخطئ. لكن مَن لعنوك ومن طوبوك أخطأوا تقديرك، لأنهم لا يرونك أنتَ، وإنما يبحثون عن "أنفسهم" داخلك.
ذاك عَرَضٌ من أعراض مرض "العقلية الأحادية” التي تُحيلنا إلى "الثنائية الفكرية". كن معي فأسمحُ لك بالحياة، أو اختلفْ معي فتصبحُ عدوي اللدود الذي يجب أن يختفي في الحال! ولا شيء بينهما! “الثالثُ مرفوعٌ”. إما أبيضُ أو أسود، إما معي أو ضدي، إما شمالٌ أو جنوب، إما ملاكٌ أو شيطان. بين الأبيض والأسود ملايينُ الرماديات، بين "المعي" و"الضدي" ملايينُ الآراء، بين الشمال والجنوب ملاييُن من خطوط الطول والعرض، وبين الملاك والشيطان “إنسانٌ” يمتلك عقلا يفكر يصيبُ ويخطئ. "العقلية الناقدة" أين؟ خرجت ولم تعد. لقت مصرعَها إثر حادث أليم دبّرته غزواتٌ ظلامية تكفيرية ممنهجة، ضربت العقلية المصرية الحضارية في مقتل فصرعتها مع سبعينيات القرن الماضي. لهذا نتأخر، وسوف نتأخر، ولن تكفينا ألفُ ثورة. مَنَّ اللهُ علينا بحاكم حكيم يدعونا إلى التفكير واحترام الآخر، اسمه "عبد الفتاح السيسي"، لكن الداءَ مازال يسكنُ خلايانا، ونرفضُ أن نتعلم فنَّ الاختلاف دون خلاف ومُلاعنة وتكفير ونحر رقاب وتمزيق أعراض. هل علّمنا آباؤنا في طفولتنا أن مَن يُخالفنا الرأيَ أو العقيدة ليس شيطانًا؟ وهل علّمنا نحن هذا لأطفالنا؟ كم واحدًا منّا يؤمن بـ ويطبق مبدأ الإمام الشافعي: “رأيي صوابٌ يحتملُ الخطأ، ورأيُكَ خطأٌ يحتملُ الصواب"؟
دعوني أحكي لكم قصة طريفة. ذهب رجلٌ إلى مكتبة عامة يبحث عن كتاب معين. شاهد القرّاء جالسين إلى طاولات القراءة، وسيماءُ الجِدّ مرتسمةٌ على وجوههم. وثمة لوحة معلّقة على الحائط: “ممنوع الكلام". تجوّل الرجلُ في هدوء بين رفوف المكتبة يتصفحُ عناوين الكتب: الصراع، أستاذية العالم، فنون الحرب والقتال، الحرب العالمية الثالثة، عذاب القبر، …. وبعدما أعياه البحثُ عن كتابه المنشود، مضى إلى أمين المكتبة وسأله: (من فضلك، أبحثُ عن كتاب: ’قبول الآخر عند العرب‘.) نظر إليه صاحبُ المكتبة نظرة ارتياب، ثم قال في سخرية: (لا نعرضُ الكتب الخيالية يا حضرة المحترم!). جاء هذا السيناريو في لوحة كاريكاتير رسمها الفنان المصري "ميلاد ثابت"، ونشرها على صفحته. وبقدر ما يحمل الكاريكاتير من مرارة ممزوجة بالابتسام، بقدر ما يحملُ من واقعية علينا ألا نمررها دون تدبّر. علينا التوقف لمحاسبة النفس. هل بالفعل تُعدُّ قيمة "قبول الآخر" لدينا من أدبيات الفولكلور الخرافي التي نتغنّى بها في مقالاتنا، وفي أغانينا، وعلى الشاشات، لمجرد الاستهلاك و"الشوو" والمزايدة والتباهي، بينما لا نمارسها في حياتنا لغرورنا؟ أم أننا لا نقوى على ممارستها لضعفنا وهشاشتنا؟ هل هي بالفعل ضربٌ من الخيال مثل قصص الجنيّات والغابة المسحورة مما كانت جدّاتنا يحكين لنا قبل النوم، لكي نحلُم بعالم جميل ممتاز، أنيق وعادل، لكنه "خيالي" لن نراه في صحونا؟ فعلا، نحن لا نعرض الكتب الخيالية في مكتبات عقولنا. عقولنا لا تحمل إلا كتب رفض الآخر واغتياله أدبيا ومعنويا وربما فعليا. وأكاد أسمعُ الديمقراطية والليبرالية والتعددية وقبول الآخر تضحك قائلة: “آدي دقني لو فهمتونا صح يا ولاد العرب!”


***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معجزاتُ أجدادي
- نسورٌ كثيرةٌ … وفريسة!
- محمود أمين العالم… أمي خائفةٌ منك!
- أكاذيبُ زجاج الشرفة
- هابي فالنتين
- ياسر رزق … وسنوات الخماسين
- إصبعُك والثعبان … أصحاب ولا أعز
- العالمُ المخبَأ في ورقةٍ صفراءَ صغيرة
- معرضُ الكتاب … والشتاء وآلزهايمر
- عيدُ الغطاس … والقلقاسُ الأخضر
- رسالةُ سلام للعالم … من أرض السلام
- منتدى شباب العالم … ميلاده الرابع
- تهاني الجبالي … الماعت … وداعًا!
- مِحرابٌ ومَذبح … في الجمهورية الجديدة
- جرسُ الجامعة يُودِّعُ عصفورَ الأدب
- رحلة العائلة المقدسة… وجائزة فخرُ العرب
- السِّحرُ الذي ... معقودٌ بناصيتها
- شجراتُ الصنوبر تُضيءُ جنباتِ مصر
- ميري كريسماس بالمصري... أيها العالم!
- شحاذون


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - خرافةٌ اسمُها: قبولُ الآخر!