أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جواد كاظم غلوم - هكذا هو وعد الإنسان - الأب - الحقيقي














المزيد.....


هكذا هو وعد الإنسان - الأب - الحقيقي


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 7174 - 2022 / 2 / 26 - 22:05
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


في أواخر سنة / 1988 ؛ بُعيد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية يوم كنا نرقص فرحا بانتهاء الحرب التي أكلت الأخضر واليابس واليانع بين البلدين الجارين .. حدث حادث مفجع ومدمّر لكنه لم يلفت الأنظار عندنا كثيرا بسبب انشغالنا بالبهجة الغامرة ونحن نضع أوزار تلك الحرب ؛ كنت ألازم المذياع وأراقب شاشة التلفزيون متتبعا أخبار بلادي بسعادة فائقة يوم وضعت الحرب أوزارها ، لكن خبرا كان طارئا أشغلني وردَ في الأخبار أثّر فيّ وأغرقني في فجيعة مؤلمة ؛ وهو حدوث تدمير هائل مدمّر وقتذاك اذ حصل زلزال عنيف وكارثي بقوة تسع درجات على مقياس ريختر في دولة ارمينيا أسموه " زلزال سبيتاك " دمّر البلاد والعباد والمنشآت التحتية ومعظم عمران الدولة حيث توفي بسببه أكثر من ثلاثين ألف نسمة ومائة وثلاثين ألف معوّق ومصاب .
في خضم غضب الطبيعة والأرض التي لم تحتمل سكّانها ؛ هناك قصة مؤثرة حصلت لأبٍ معنّى فقد ابنه المسمّى ( آرماند ) حينما سارع الى مدرسته التي يدرس فيها لغرض الاطمئنان عليه ولم يرَه بين الناجين فأصابه الهلع الشديد وركض نحو أكوام الأنقاض وبدأ يزيحها طوال أكثر من ثمان وثلاثين ساعة متواصلة بلا كللٍ او مللٍ دون ان يعبأ بتوسلات مواطنيه بالكفّ عن جهده المضني بسبب حالة اليأس من الحياة لمن هم تحت الأنقاض ؛ وظل يجهد بعمله بما يمتلك من أدوات متاحة له من معول ومجرفة يدوية بجهود عضلية وبلا آليات ولا أدوات مكْننة يستعين بها وبدأ يحفر ويزيل ما استطاع من الأنقاض والركام الهائل وحده متذكرا الوعد الذي كان يحزّ في ضميره وعنقه ؛ وعدٌ بينه وبين ابنه :
" مهما كان الأمر سأكون الى جانبك ومنقذك يا ولدي "
بعد جهودٍ مضنية رأى أكثر من عشرين حجرا ضخما مُعيقا وقام بإزاحتها بعد جهد جهيد فانكشف أمامه تجويف في الأرض فبدأ يصيح من فتحة التجويف بعلوّ صوته وهو بغاية الهلع :
--- آرماند آرماند ، هل تسمعني
أتاه صوت ابنه من أسفل عاليا :
--- أنا هنا يا بابا ، لقد أخبرتُ زملائي ووعدتهم بأنك ستأتي حتما مهما كان الأمر ، اعرف يقينا انك ستكون بجانبي في أقصى وأحلك الظروف .
ناداه الأب صارخا :
هيا اخرج عاجلا ، كن حريصا نابهاً حينما تتسلق .
ردّ الابن :
لا يا أبي فليخرج زملائي وأصدقائي أولا ، أنا واثق انك ستخرجني مهما كانت الكارثة ولا أنسى ما حييت وعدك لي بأنك ستقف الى جانبي وتُعينني في أحلك الأوقات .
رضخ الأب لطلب ابنه وسارع بقية زملاء آرماند للتسلق الى الأعلى وتم إنقاذ ستة وعشرين طالبا ربما حسبهم أهلوهم أنهم قد صاروا في عداد الأموات .
خرج آرماند بعد خروج زملائه متربا غائم الوجه لكن سعادته غمرت كل قلبه وعقله رغم كل وعث التراب والخدوش البسيطة التي احتوته ونالت من جلدهِ .
تذكرني هذه القصة الحقيقية بما قاله قبلا الروائي الانكليزي تشارلز ديكنز بان الوعد لا يصدر صوتا حينما ينكسر لكن كم يتبعه من الآلام والمآسي والانكسارات العاطفية والمشاعر الإنسانية إذا أُخلفَ .
تلك هي بطولة الآباء وتفانيهم لو يعلم البنون والخلَف .

جواد غلوم



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شتاءٌ وهناء
- حزمةٌ من ومضات الشعر
- شيء من صفات ( الأحمق المفيد )
- قصيدة - قوىً خائرة أمام وقحَةٍ قاهرة -
- عندما تنزفُ شعرا
- قواعد الفساد الستُ عشرة في عراق الموبقات
- سيرتي الذاتية في أذيال العمر الأخيرة
- القواعد العشرون للظفر برفيق العمر الحنون
- وإذا الأنيسة توحّشتْ
- أين الطاقة الكهربائية أيها الواهنون ؟؟
- سفاسف شهادات التقدير والدروع والدكتوراه الفخرية
- مراثٍ لخيبة وأحزان انتفاضة تشرين
- تعيسٌ في بلاد العجائب
- هموم المرضى في عراق الأسقام
- أولادنا وأحفادنا والإفراط في استخدام الألواح الإلكترونية
- شذرات من قصائد الشاعر طاغور القصيرة
- زيارة جميلة لصديقي سائق دراجتهِ الهوائية
- هروبٌ الى الجحيم البارد
- الطريق مغلقةٌ الى توباد الهوى
- تذكرون شارلي شابلن وتنسون رفيقه الممثل الطفل - كوجان - !!


المزيد.....




- رجل يُترك ملطخًا بالدماء بعد اعتقاله بعنف.. شاهد ما اقترفه و ...
- وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده و ...
- مايوت: ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار شيدو إلى 39 شخصا وعمليات ا ...
- 2024.. عام دام على الصحافيين وعام التحديات الإعلامية
- رصد ظاهرة غريبة في السحب والعلماء يشرحون سبب حدوثها
- -القمر الأسود- يظهر في السماء قريبا!
- لافروف: منفتحون على الحوار مع واشنطن ولا نعول كثيرا على الإ ...
- زيلينسكي يدين ضربات روسية -لاإنسانية- يوم عيد الميلاد
- بالأرقام.. في تركيا 7 ملايين طفل يعانون من الفقر وأجيال كامل ...
- استطلاع: قلق ومخاوف يطغى على مزاج الألمان قبيل العام الجديد ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جواد كاظم غلوم - هكذا هو وعد الإنسان - الأب - الحقيقي