أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد مزيد - نجيب محفوظ .. الصانع الامهر














المزيد.....

نجيب محفوظ .. الصانع الامهر


محمد مزيد

الحوار المتمدن-العدد: 1665 - 2006 / 9 / 6 - 09:55
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


نحت الروائي نجيب محفوظ الخطاب الشفاهي الشعبي في إجراءات قصصية منحت مساحتها في البوح الدلالي والفلسفي والجدل العقلاني دون أن يفقد روح القص دراميته ونزعته الى المثالية في التجديد المدروس.. وكان ساعياً، في كل عمل روائي، الى استغوار المواقع، والنبش في جوانيته على نحو صبور وشائق دون أن يذهب بهذا الواقع الى تسطيحه وتبسيطه.
إنّ عمارة الروائي شيدت على أنواع من الحكي ما كان لها أن تبرز بهذا الشكل العبقري لولا إتقان صانعها الماهر للعبة الروائية إتقاناً يصعب على الدارسين استكناه خطوطها أو الوقوع على أرضيتها، التي غالباً ما تكون متحركة، متعددة الأساليب، منفتحة على مصراعيها في التحديث والتجديد، مسبوكة بلاغياً، ما جعل تلك العمارة الروائية تقف على أرض صلبة لا يمكنك التشكيك بهندستها وزخرفتها البديعة.
لقد أفضت الدهشة التي تتركها أعمال نجيب محفوظ في نفوسنا الى تحول في الأسئلة، وذلك التحول يجرنا الى استكشافات في منطقة يصعب ولوجها، غير أن تبسيطها الجميل الذي نجده، سيجعلنا نلتفت باهتمام بالغ الى معنى القص، إننا لا نستطيع أن نقول ماذا يريد الكاتب بوحه في هذه اللوحة أو تلك الصورة، بل يحيرنا بالسؤال: كيف استطاع إقناعنا بموجودية تلك الشخوص الروائية التي أرى أنها كائنات حية تتقافز على الورق لتترك أثرها البليغ في نفوسنا.
في “ خان الخليلي” لا يمكنني نسيان “ رباب” تلك الفتاة الجميلة، مهوى القلوب، كيف صنع منها الروائي لوحته الفنية، في علاقة الحب الدامية مع رشدي البطل الثانوي للرواية.. وكيف بقي البطل الأول “أحمد عاكف” يغلي حزناً لضياع حبه، بسبب حيائه وعدم تمكنه من البوح، إن صراع الأخوين على حب “ رباب” يندر وجوده في صناعة روائية فذة كالتي وجدناها في هذا العمل الجميل الممتع، وتتكرر قصة الحب غير المكتملة في الكثير من الأعمال الروائية لكاتبنا الكبير، ما يعكس لنا أن فناننا محفوظ قد أوغل عميقاً في رسم ملامح هذا الحب المبتور حتى جعلنا نعتقد أنها تجربته الخاصة.
في حوار مع الروائي سبق لي قراءته قبل عشرين عاماً أشار فيه الى أن الروائي لابدّ أن يعكس جزءًا من تجربته الذاتية في أعماله، وأظنني لن أستبعد تجربة “أحمد عاكف” المريرة مع “ رباب” بطلي روايته “ خان الخليلي” من التلميح الى اسقاطها الذاتي فيها..
لقد علّمنا نجيب محفوظ، كيف نحترم الكتابة، من خلال إصراره العنيد، والصبور، والإلتزام بها في التواصل والإنكباب.. وحقيقة الأمر، لم أجد حسب معرفتي المتواضعة، كاتباً، وضع منهاجاً يومياً للكتابة مثل كاتبنا الكبير... ولعل ماركيز مثله أيضاً، هذا الامر جعلني أتساءل عن مغزى أن ينصرف الإنسان بكل حياته الى مشروع الكتابة .
إن الدرس الذي يعلمنا اياه لهو من البلاغة ما يستدعي الوقوف عنده كثيراً بقصد التعلم منه وتطوير أنفسنا فيه..
كانت شخصيات نجيب محفوظ مستلة من الواقع، وقريبة الى نبضه، تحاكيه ، وتجادله، وترسم مستقبلها من خلاله، لكن هل كان الواقع بعيداً عنها؟ إن الفن، جمال الفن وروعته أن يبقي تلك المسافة من الغموض وعدم البوح بينة وغير محدودة من أجل أن يبقى الفن فناً مستمراً في جماله... يطرح أسئلته دون العثور على أجوبة محددة ومعروفة عنها سلفاً.



#محمد_مزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ينبغي قراءة نجيب محفوظ


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد مزيد - نجيب محفوظ .. الصانع الامهر