|
الانسداد السياسي في العراق
حيدر خليل محمد
الحوار المتمدن-العدد: 7174 - 2022 / 2 / 26 - 09:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليست المرة الأولى التي يدخل فيها العراق هذا الانسداد السياسي فهي أصبحت عادة متكررة بعد كل انتخابات ، حيث تظهر أزمة الرئاسات وتشكيل حكومة جديدة ، وبالتالي تعطل مصالح الشعب العراقي . هذه المرة حدثت تغييرات جديدة ، بدأت باعتراض الكتل الشيعية عدا التيار الصدري على نتائج الانتخابات ، واتهموا قوى خارجية وداخلية لم يسموها بالتلاعب بالنتائج ، وقدموا اعتراضاتهم لدى المحكمة الاتحادية ، وكان رد المحكمة الاتحادية بأن النتائج سليمة ، ولم يرافق العملية الانتخابية أي سلبيات . ولا تزال القوى السياسية لم تصل بعد إلى تفاهمات واتفاقات حول إنهاء هذا الانسداد السياسي الحاصل في العراق والتي يلقي بظلاله على الوضع العام للبلد .
ملف رئاسة الجمهورية حسب العرف السياسي في العراق منذ عام 2003 فإن منصب رئاسة الجمهورية هي من حصة المكون الكوردي ، وحسب الاتفاقات بين الحزبين الكورديين تكون منصب رئاسة الجمهورية من حصة الاتحاد الوطني ، وحصة الديمقراطي منصب سيادي كالخارجية او المالية ، وهذا ما كان معمولا به بين الحزبين حتى عام 2018 ، حيث بدأت الخلافات من جديد فيما بين الحزبين ، مما أثر على الوضع في اقليم كوردستان من الناحية الاقتصادية خصوصاً .
وهذا الخلاف في الحقيقة بدأ بعد وفاة الرئيس الراحل جلال طالباني ، وبعد سيطرة تنظيم داعش على ثلثي اراضي العراق ، ودخل العراق في حرب ضروس لإستعادة الاراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي بمشاركة قوات البيشمركة التي كان لها دور بارز في حرب العراق ضد تنظيم داعش . أتخذ الديمقراطي الكوردستاني قرارا منفرداً ، ولم يستشر حلفائه فيه ، وهو ( الاستفتاء) ، وبعد ما جرى من احداث بسبب اجراء الاستفتاء ودخول القوات العراقية الى كركوك وخانقين والأراضي الأخرى التي كانت تحت ادارة اقليم كوردستان ، صار الديمقراطي يتهم الاتحاد بالخيانة ، رغم ان عمل الاتحاد كان وطنياً واحساسا بالمسؤولية ، وحتى لا ينجر العراق الى حرب أخرى والطرفين في غنى عنها . من المفارقات العجيبة اليوم ان الديمقراطي يريد حكومة عراقية بعيداً عن الاتحاد الوطني الذي اراد ان يحفظ دماء العراقيين ووحدة الاراضي العراقية ، وبسبب عملهم هذا اتهم الديمقراطي الاتحاد بأنهم خونة ! . في عام 2018 اراد الديمقراطي ان يحصل على منصب رئاسة الجمهورية ، ولم يحصل مرشح الديمقراطي حينها على ثقة البرلمان ، وفاز بالتالي برهم صالح بمنصب رئاسة جمهورية العراق . في الحقيقة بدأ البيت الكوردي بالتهرئ والانسداد ، وبسبب هذا الانسداد بين قطبي الإقليم ، ارتفعت نسبة البطالة في الإقليم ، وتراجعت نسبة المعيشة ، وحتى مستوى الخدمات تراجعت كثيراً ، وبدأت تظاهرات في عدة مدن بالاقليم ، بالإضافة الى ازمة الرواتب واستقطاعها من موظفي الاقليم ، مما خلق اجواء متوترة داخل الاقليم ممكن في أي ساعة تنفجر بوجه حكومة الإقليم التي بات يسيطر عليها تماما ومنفردا الديمقراطي الكوردستاني ! . والانتخابات الأخيرة خير دليل حيث كانت نسبة المشاركة في التصويت لا تتجاوز ال40% . ومن باب زرع الثقة والعودة للتفاهمات كان على الديمقراطي عدم ترشيح أي مرشح آخر بعد قرار المحكمة الاتحادية باستبعاد السيد هوشيار زيباري . ومهما قدمت الأطراف الأخرى من وعود للديمقراطي فأعتقد أن العودة للاتفاق والتفاهم مع الاتحاد أكثر ضمانة لأن المصير مشترك ، والحقوق واحدة . لكن في الحقيقة ان الديمقراطي أستغل بتحالفه مع السيد الصدر والحلبوسي ، حيث فتح الحلبوسي باب الترشيح من جديد حتى يُضمن منصب رئاسة الجمهورية للديمقراطي .
ازمة تشكيل الحكومة
البيت الشيعي ليس افضل حالا من البيت الكوردي فالصراع فيه على قدم وساق ، صراع ايدلوجي فكري بين التيار والدعوة ، صراع سياسي حول المناصب بين التيار والاطار . حسب العرف السياسي العراقي فإن منصب رئاسة الحكومة من حصة المكون الشيعي ، وكان خلال السنوات السابقة من حصة حزب الدعوة التي يتزعمها نوري المالكي ، وفي انتخابات تشرين 2021 ، تغيرت موازين القوى ، وكانت لانتفاضة تشرين دور كبير في تغيير الموازين السياسية في العراق خصوصاً في المناطق الشيعية ، حيث فازت كتل سياسية تكونت من داخل ساحات التظاهر ، وفوز كبير للتيار الصدري على حساب القوى الشيعية الأخرى ، مما خلق اجواء متوترة داخل قوى الإطار التنسيقي وشعروا بضعف وبسبب تغريدات الصدر الذي طالب فيها بحل الحشد الشعبي ومحاسبة الفاسدين وعدم قبوله التحالف مع نوري المالكي ، حيث كونت قوى الاطار التنسيقي صورة بأن هذا الخطاب موجه لهم وسوف يحاسبهم التيار ويبعدهم . لم تستطع قوى الإطار التنسيقي من إقناع الصدر بالجلوس مع نوري المالكي الذي رفض الصدر ان يشارك المالكي في الحكومة الجديدة ، رغم المحاولات الكثيرة من قبل بعض شخصيات الاطار التنسيقي . لكن الى الان ليست هناك تحركات جدية لحل المشاكل العالقة بين الكتل السياسية والخروج بحل يرضي جميع الأطراف .
في العراق وبسبب النظام الذي تأسس منذ عام 2003 ، لا يمكن ان تنجح أي حكومة أغلبية سياسية حقيقية . حتى التحالف الثلاثي ليس تحالفا جديدا في الساحة السياسية العراقية ، بل هو هو لم يتغير شيء ، ككتل كانت هذه القوى اي ( التيار الصدري وتحالف السيادة والديمقراطي) مشاركة في الحكومات السابقة وكانت تملك وزارات ومدراء عامين ، وتتحمل وزر الفساد وضياع المال العام وكل ما حصل للعراق مع باقي الكتل السياسية الأخرى .
في الحقيقة ان تشتيت او تضعيف البيت الكوردي والبيت الشيعي يخلق اجواء متوترة ومربكة ويؤخر تشكيل الحكومة وبالتالي التأخير بإقرار الموازنة ، مما يخلق مشاكل وأزمات العراق في الوقت الحالي في غنى عنها . الحل الوحيد هو العودة الى طاولة الحوارات بين الكتل السياسية والإسراع بالتوافق على مرشح تسوية لرئاسة الجمهورية بين الحزبين الكورديين ، كما يتفق البيت الشيعي أيضا على مرشح تسوية لرئاسة الوزراء وبالتالي تشكيل حكومة جديدة . وهذه التفاهمات لن تحدث مالم يتم تقديم تنازلات بين جميع الأطراف السياسية المتصارعة . يجب أن لا تستخدم الاحزاب ( فيتو) ويتركوا ( التقديس) ، والعمل السياسي يتطلب مرونة عالية، خدمة لجماهيرهم .
#حيدر_خليل_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تجميد الصدر للمفاوضات ... سببه الديمقراطي الكردستاني
-
إصرار الديمقراطي الكردستاني ترشيح زيباري استفزاز سياسي !
-
ماذا لو انهارت حمومة إقليم كردستان !؟
-
الدور الفرنسي في استقالة قرداحي
-
شكل الحكومة العراقية القادمة
-
الزواج المبكر جريمة بحق الطفولة
-
الصحافة النسوية في خانقين
-
مؤتمر أربيل للتطبيع ام للترويج....!؟
-
اختيار الحكمة والعقلانية
-
خانقين والفرصة الأخيرة
-
أهمية الوعي الانتخابي
-
مئوية الدولة العراقية
-
فاجعة مستشفى ذي قار
-
مدينة الصدر المهمشة
-
مقابلة صحفية/ في ذكرى تأسيس أول صحيفة كوردية
-
الانتخابات العراقية والتحديات
-
جرائم الانفال بحق الكورد الفيليين
-
مهرجان يوم خانقين
-
التجربة الديمقراطية في العراق
-
زيارة البابا التاريخية للعراق
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|