أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد المصباحي - المسلمون والخراب














المزيد.....


المسلمون والخراب


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 7172 - 2022 / 2 / 24 - 18:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


121 المسلمون والخراب
المقابر مهملة عند المسلمين، لم يدخلها تنظيم القبور إلا متأخرا، وبعد الزيارات يطال الإهمال المكان حتى بعد أن سيجت جدرانها بسياج إسمنتي أو حديدي ينتهي بباب، يحرسه رجل ينظم دخول الناس ويسمح للفقهاء والبنائين والحفارين بالدخول، ينضاف إليهم من يضعون الشواهد وآخرون يسقون بالماء، إنه عالم لا يختلف عن بعضه في الدول الإسلامية، يوما سألني صديق قادم من أروبا: لماذا يهملون المقابر فتنبت بها الأشواك وتعلوها وتضيق طرقاتها وتغبر؟
أجبت حينها غاضبا) إن من يهملون الأحياء ويحتقرونهم، لا يمكنهم أن يكرموا الأموات). بعد ذلك فكرت في الأمر مليا، لماذا المسلمون يخافون الموت ولا يظهر ذلك في المقابر كما هو حال مقابر المسيحيين بحدائقها وحسن تنظيمها وأشجارها وورودها وعطر ما يحيط بها؟؟
إن العقل الإسلامي يؤرقه الزمن بسبب عدم فهمه، بل إن ما يعرفه عن الزمن هو الزوال والموت، وبذلك فهو يؤرقه، ولذلك يتجاهل كل ما يذكره به، وفي الوقت ذاته يحلم بما بعد الموت وينشده مرغما كحل لخوفه وترقبه، إنه التجاذب الوجداني المفارق، لكن ألا يمكن أن نقول أنه مهمل لحياته فكيف ينظم أمكنة الموت، التي هي المقابر؟
نعم، إنه يأكل حيث ينام ولم يتعلم التمييز بين ثياب الخروج والنوم إلا متأخرا، فالمكان عنده يمارس فيه كل شيء، قديما وحتى حاليا في حالات الفقر والعوز، يأكل ويعبد وينام في المكان ذاته، وإن نظم مكانا متسعا، يحفظه للضيوف وينعزل معه صغاره في أضيق الغرف ويتغطى بأعطية قديمة مخزنا الجديدة والغالية لمن يزورونه أو يقصدونه في الزيارات العائلية، وحتى الطعام لا يعتد فيه إلا بالعشاء، فشبع الليل أجدى من النهار، وإن تراجعت هذه العادة، ففي المدن بفعل انتشار العمران ولوازم التمدن التي فرضت قيما وسلوكات لم تكن من قبل مقبولة، فماذا عن الحديث اليومي، أليس في جله لوم وعتاب وتحامل حتى لو اتخذ أشكالا ساخرة من الآخرين أو حتى الحاضرين، جارحة إن لم تكن محرجة، لكأن الجلسات حروب دائمة، أو بكائيات لا تتذكر إلا الآلام وكوارث الحياة الفردية والجماعية مؤامرات الجيران والأقارب والأباعد، حتى لتحسب النسيج الاجتماعي ممزق ولا تشده إلا المجاملات وعادات الكرم والجود، التي تهدف للتظاهر وإشعار الضيف بما يعجز على تحقيقه لنفسه وغيره، تنضاف إلى ذلك الشكوى من الضعف والمرض، فتحسب الواقف أمامك يحتضر أو هو على عتبة الموت ينتظر أجله، فإن صاح أخافك، وإن أكل لم يوقفه إلا ألم معدته أو انكسار ضرسه، وربما لذلك، فكل مصيبة يعرفها العالم، هي سخط من الله وانتقام ممن تجاهلوه أو ارتكبوا المعاصي والكبائر، فما يحزن العالم، يتخذونه للشماتة ممن خالفوهم المعتقد والديانة، فالمحبون للحياة والأحياء، يزرعون الآمال وينظمون حتى مقابرهم لتدل عليهم، وآخرون تدل قبورهم على تحويل إقامات موتاهم إلى خراب يخيف نهارا وليلا، فتجد فيه شارد الموجودات مختفية بسبب غياب الأحياء عن الزيارات المنتظمة والمنظمة، فلا يزرعون أشجارا ولا ورودا ولا أزهارا، ويكتفون بسقي أتربة القبول وسكب العطور عليها، فلا يزيد ذلك المكان لا جمالا ولا حتى وقارا....



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام والمستقبل
- 119 الإسلام والحضارات
- عراق التاريخ والسياسة
- الوحي المحمدي
- lمفارقات الإسلام
- الوحي والتراث
- الوعي والوحي
- الحزبية الإسلامية
- كتابة الرواية
- اتحاد كتاب المغرب.الحلقة٩
- اتحاد كتاب المغرب الحلقة ٨
- اتحاد كتاب المغرب.الحلقة٧
- اتحاد كتاب المغرب.الحلقة ٦
- التعليم في المغرب
- اتحاد كتاب المغرب الحلقة ٥
- اتحاد كتاب المغرب الحلقة ٤
- الشهوة الملعون.قراءة في كتاب بالفرنسية
- التعليم بين الوطني والرهانات الدولية
- العلوم والترجمة العربية
- اللغة والتعريب في المغرب


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد المصباحي - المسلمون والخراب