|
السويد تختطف أم تحمي الطفولة
فرزند عمر
طبيب قلبية ـ ناقد أدبي ـ باحث في قضايا السلام
(Farzand Omar)
الحوار المتمدن-العدد: 7171 - 2022 / 2 / 23 - 21:49
المحور:
حقوق الانسان
في الآونة الأخيرة طفت على السطح مشكلة ما تم التعارف عليه بمعضلة خطف الأطفال في السويد، سنحاول قدر الإمكان من خلال استعراض بعض الاحصائيات للتبين من هل هذه المشكلة هي خطف كما يقول به المتضررين أم هو حماية للطفولة من المخاطر المحدقة بها، كما تقول السلطات السويدية. كي نفهم هذا الموضوع يجب بداية فهم بعض المصطلحات، سأحاول تبسيطها قدر الإمكان ليستطيع الكل فهم ما سأقوم بشرحه لاحقاً، أعلم مسبقاً أن كل تبسيط قد يجر معه نسبة خطأ لا بأس بها، لكن الغاية هي الوصول إلى اقرب درجات الحقيقة و ليس الحقيقة الكاملة، فعدا عن صعوبة الحصول على الحقيقة الكاملة، في بلد مثل السويد تصبح مستحيلة، البنية التنظيمية لدولة السويد مبنية في مجملها على الظنية المعرفية، وخير مصطلح قد يدل على ذلك هو مصطلح (Ja/Nej) أو بالعربي (نعم/لا) المشهور كمصطلح لدى التعامل مع أي دائرة حكومية، بحيث تخرج بخفي حنين عند أي حوار مع أي سلطة حول أي موضوع كان، والذي يعاني منه كل من هو يعيش في السويد، اذا لا يمكن في أي حال من الأحوال للوصول الى الحقيقة رغم كمية المعلومات المتاحة للجميع، و هذا أمر يصعب كثيراً شرحه هنا. على كل حال وبغرض التبسيط سأقوم ببعض الشروحات، النظام السويدي هو نظام ليس بالاشتراكي ولا الرأسمالي، هو بين بين، ما يهمنا هنا في بحثنا هذا أن النظام يقوم على ما يسمى بنظام التكافل الاجتماعي، وهو أن المجتمع مسؤول ومكلف بأن يحمي الفئات الضعيفة، العاجزين، الكبار بالعمر، الفقراء، والأطفال...إلخ، وبناءً على ذلك تم سن القوانين لضمان حماية هذه الشرائح الضعيفة من المجتمع. قانون حماية الأطفال ليس بالجديد، لكن قبل سنة 1990 كان الموضوع في مجمله يتم بالتراضي بين العائلة و السلطات فيما يسمى بقانون حماية الطفل حسب SLO، وهو اختصار لدائرة الرعاية الاجتماعية و تتضمن الدعم و المساندة للعائلة، هذا الدعم الذي في مجمله قبل 1990 كان يتم ضمن بيت العائلة دون الاضطرار لسحب الأطفال من عوائلهم، مثلاً بتخصيص شخص يقوم بزيارة يومية للطفل الذي بحاجة لرعاية خاصة، تعليميه، أو الترفيه عنه، أو ما شابه، كذلك هناك الدعم المادي والمعنوي الذي كانت تتلاقاه العائلات المحتاجة لهذا الدعم و ذلك بعد تيقن الجهات المختصة من ان هذا الطفل قد يكون مستقبله مهدداً ان استمرت الظروف بهذه الطريقة، و كان من النادر جداً أن يتم فصل الطفل عن العائلة قسرياً، كان يتم ذلك بعد جهد جهيد، وتقارير مستفيضة تقول وتؤكد بشكل لا لبس فيه أن حياة الطفل هي على المحك وأن هناك تهديد صريح موجه للطفل يمكن أن يكلفه حياته، كمثال عليه أن يكون الراعي للطفل مصاب بأحد الأمراض النفسية التي تشكل تهديداً مباشراً على الطفل، او حالات الإدمان الشديدة، التي هي أمراض مستوطنة هنا في السويد، اذا تأتي السويد في مقدمة دول العالم إصابة بالأمراض النفسية، كذلك مستويات الإدمان في السويد تعد مرتفعة جداً. في عام 1990 جاء التعديل القانوني و الذي يعطي شيئاً من المرونة لسلطات الرعاية الاجتماعية في سحب الأطفال من العائلات حفاظاً عليهم من خلال تقليل شروط التطبيق و تخليها عن مبدأ التوكيدية إلى مبدأ الظنية، ربما جدير هنا بالذكر أن القرارات الصادرة مؤخراً وهو مجال بحثنا، خاصة تلك التي تخص المهاجرين، صياغتها في أغلب الأحوال تتضمن (Ja tror) أو بمعنى أنا أظن، وهكذا أعطيت دائرة الخدمات الاجتماعية صلاحيات أكبر في هذا المجال و كان قانون ما يسمى ب LVU الذي يسمح لإدارة الخدمات الاجتماعية في أن تتخذ إجراءات قد تصل إلى سحب الأطفال من عوائلهم بدون سابق انذار في حالات معينة، تلك الحالات المعنية التي تتطلب سحباً مباشراً في مجملها تشبه تلك الحالات التي كانت الدولة قبل 1990 تقوم بتقديم الدعم الكافي للأسر كي تصل هي و أطفالها إلى حالة السواء، أي ان كان هناك شك كبير في أن الطفل معرض لتهديدات حقيقية. السويد بلد موبوء بالإحصائيات بكل ما تحمله الكلمة من معنى، هي متاحة على مجال واسع لكافة الأفراد والمؤسسات، لكن الإشكالية دائماً أن هناك خلط ـ قد يكون متعمداً ـ للأعداد بين الفئات بحيث يصعب على غير المتخصص أن يستطيع فك الشفرة واستنتاج الأرقام الحقيقية خاصة إذا كان الأمر متعلقاً بالمهاجرين، هنا سأحاول من خلال جهد جد متواضع وحسب فهمي أن أصل إلى شيء من الحقيقة حسب الاحصائيات السويدية المذكورة لدى السلطات السويدية ذاتها بشأن قضية خطف الأطفال/الرعاية القسرية حسب القانون LVU ـ حسب التقرير الصادر عن الخدمات الاجتماعية السويدية سنة 2013(1) أن عدد الأطفال الذين وضعوا تحت اشراف الخدمات الاجتماعية عام 2013 وصل إلى 12900 طفل، من بين هذا العدد 10000 طفل قادم حديثاً الى السويد، و هنا يجب التوضيح أن هناك كثير من المراهقين و الأطفال القادمين إلى السويد بدون أهاليهم، تقوم نفس الجهة أي الشؤون الاجتماعية بحمايتهم اما من خلال وضعهم لدى أسر أو ضمن مراكز إيواء خاصة بالأطفال و المراهقين، و هذا العدد و أعني 10 الاف يدل في معظمه على تلك الفئة التي ليست منطقة بحثنا هنا، لكن على ما يبدو هناك عدد من الأطفال الذين سحبوا من عائلات قادمة حديثاً انشملت ضمن العدد 10 ألاف، بناء على ذلك يمكن أن نستنتج في البداية أن العدد المنشود الذي نبحث عنه و الذي يوصف من قبل الأهالي بالاختطاف بينما يوصف من قبل السلطات السويدية على أنه الرعاية الاجتماعية للأطفال بشكل قسري للأطفال المعرضين للمخاطر هو 2900، لكن سرعان ما نكتشف أن الرقم أكبر من ذلك بعد التدقيق، لأنه مذكور أن 10000 هو عدد الأطفال القادمين الجدد و الموضوعين تحت الرعاية حسب SLO و LVU، هذا يعني حكماً أن هناك عدد آخر يجب أن يضاف إلى العدد 2900 و هو موجود بطريقة ما ضمن الشريحة الثانية نتيجة الخلط الذي تحدثت عنه في البداية، و أستند في ذلك على تقرير صحفي في التلفزيون السويدي الرسمي SVT بعنوان " عدد الأطفال الذين تم وضعهم تحت الرعاية القسرية ارتفع بشكل كبير جداً و نحن لا نعرف السبب"(2) هذا التقرير يتناول قضية ارتفاع أعداد الأطفال الموضوعين تحت الرعاية القسرية LVU بين عام 2013 و 2017 و يقول استناداً للأرقام أن هناك ارتفاع بنسبة 27% بين عامي 2013 و عام 2017، وهو في نظرها غير مبرر و لا يوجد ما يفسر ذلك، و من بين الأرقام التي يعرضها في سياق تقريره 3689 طفل وضع تحت الحماية القسرية عام 2013 بينما وصل العدد الى 4675 طفل عام 2017, و يبدو واضحاً هنا تضارب الأرقام، و أعني بالأرقام هنا تحديداً ما تم استنتاجه من التقرير الصادر عن الرعاية الاجتماعية السويدية عام 2013 و ما قدمه تقرير التلفزيون السويدي، هذه الزيادة التي تعود لألية خلط الاحصائيات المذكورة سابقاً التي تشاهد بكثرة في الاحصائيات السويدية، و أنا أذكر هذا الشيء هنا لأنه سيكون مفيد فيما يأتي لتفسير الأرقام الصادرة عن الجهات المسؤولة و كيفية تحليلها، هذا التحليل الذي سيقودنا إلى الجواب على السؤال المهم، هل ما تقوم به السويد هو أقرب للاختطاف كما يصفه الرعاع الجماهيري، على حد المعنى المستخلص النهائي للتوصيفات التي تتم على لسان أجهزة الاعلام السويدية؟ أم هو حماية الطفولة البريئة من براثن المخاطر المحدقة به من قبل أناس لا يعرفون معناً حقيقياً للتمدن ومن السهل وقوعهم فريسة بيد الارهاب العالمي؟ أيضاً حسبما يستشف من المناقشات الدائرة في الأوساط الإعلامية السويدية مؤخراً، فبرأيهم الإسلام والإرهاب الدولي المنتمي حصراً للإسلام هو المسؤول المباشر والوحيد عن تشويه الحقائق الواضحة كالشمس والتي تكشفها الدراسات والاحصائيات، وهو أساس الاشتغال الإعلامي السويدي اليوم للرد على الأحداث الأخيرة التي تعارف عليها بقضية خطف الأطفال من قبل الخدمات الاجتماعية السويدية. ـ حسب الأرقام الأتية في التقرير الصادر عن مصلحة الإحصاء السويدية عام 2020(3) أن مجمل الأطفال الذين تم وضعهم تحت الحماية القسرية حسب SLO و LVU هو 17466 بينما المأخوذين حسب LVU هو 5670 أو بمعنى آخر تقريباً ضعف الرقم المذكور في تقرير الرعاية الاجتماعية عام 2013 و الذي هو 2900 بينما لا نعلم بالضبط العدد الحقيقي الإجمالي للشريحة المستهدفة من قبلنا، لأن هناك أيضاً عدداً لا بأس به يرجع لنفس القضية التي نحن بصدد بحثها تقع ضمن SLO كما فسرنا سابقاً، هنا يمكن الاستنتاج أن الرقم المنشود للعدد الإجمالي للأطفال الذين تم سحبهم من العائلات عام 2020 هو ربما ضعف العدد المذكور في التقرير التابع للتلفزيون السويدي، أي بمعنى آخر ضعف الرقم 3689، أي ما يقارب 7400 ، هذا الرقم قريب فيما يتم تداوله في وسائل الاعلام مؤخراً على أن الرقم حالياً هو قريب من 8000 طفل في السنة و أن عدد الأطفال المهاجرين من هذا الكم هو مساوي أو ربما أكثر بقليل من عدد الأطفال التابعين للأسر السويدية، في محاولة التبيان أن المشكلة هي أقل مما تم تصديرها، و يمكن بسهولة فهمها من خلال بعض التجاوزات الممكنة من قبل الموظفين، اذاً منطقياً يكون عدد أطفال الأسر المهاجرة هي بنفس الكمية أو ربما أكثر بقليل بشيء لا يقاس، هذا التباين جاء نتيجة ثقافة العنف التي يمتلكونها و نتيجة الاضطرابات النفسية المصاحبة للحروب، و هذا جد طبعي نتيجة موجة الهجرة التي جاءت إلى السويد في هذا التاريخ، لأنه ما من جديد قد حصل بين هذين التاريخين الا مسألة موجة المهاجرين، و هو ما لمح إليه تقرير التلفزيون السويدي عام 2017، أن شيئاً ما حصل و قد أدى لهذا الارتفاع المهول الذي كان وقتها بنسبة 27%، لكنه كما أشرنا سابقاً لم يستطع الإشارة بصراحة أن هذه النسبة الغير مفهومة جاءت نتيجة تدفق المهاجرين. ـ حسب التقرير الصادر عن نسبة المهاجرين إلى السويد من دائر الإحصاء السويدية(4) يتضح لنا أن عدد المهاجرين السنوية الى السويد بدأت بالزيادة منذ 2011 و الذي كان 96467 و وصل ذروته في عام 2016 الى 163005، بعده يبدأ بالنزول ليصل في عام 2020 لأدنى مستوى له منذ عام 2005 حيث الأرقام تدل على 82518، كذلك لو قمنا بحساب مجمل الذين دخلوا الى السويد بين عامي 2013 الى العام 2020 يكون العدد الإجمالي قريباً للمليون، و بالضبط 1015470، أي ما يعادل 10% من عدد السكان، طبعاً ليس كلهم من الشرق، أو لأكون أكثر تحديداً هنا، ليسوا من القسم الذي ينظر له هنا أنه عاش تحت سقف بنية قيمية و مرجعية مغايرة للبنية القيمية الأخلاقية السويدية، بل يمكن القول أن الأكثر هم من الدول الاوربية أو الدول المتوافقة حضارياً مع السويد، فمثلا يتردد كثيراً رقم 360 ألف مهاجر استقبلته السويد من سوريا في الموجة الأخيرة، وهي تعتبر حسب الإحصاءات الموجة التي أضافت تغييراً مهماً في إحصاءات الهجرة كما هو موضح أدناه، و يمكن الاستنتاج هنا أن العدد الإجمالي للمهاجرين الذين لا يتوافقون مع المنظومة القيمية السويدية لا يتجاوز في أحسن الأحوال 5% من عدد السكان في هذه الفترة المرصودة من قبلنا.
ـ حسب التقرير السنوي لعام 2020(5) الصادر عن إدارة الخدمات الاجتماعية أن هناك تناقص واضح في الاعتماد على الدعم الموصى به من خلال دعم الأطفال ضمن أسرهم وارتفاع واضح في الدعم المبني على العمل من خلال الإجراءات المبنية على سحب الأطفال ورعايتهم في الأسر البديلة حلال العشر سنوات الأخيرة. أي مع حصول هذه الموجة الكبيرة من الهجرة التي جاءت من أماكن تختلف في البنية القيمية للمجتمع السويدي والذين هم بأشد الحاجة لشرح البنية القيمية الجديدة قامت السلطات السويدية بالتقليل من الإجراءات التي من شأنها أن تقلل من سوء الفهم بين الطرفين على عكس ما تقتضيه الضرورة، وهذا يستشف بشكل واضح من خلال المناقشات التي تدور اليوم في وسائل الاعلام السويدية أنه يجب رفع مستوى المعرفة بين القادمين الجدد للقوانين الموجودة ضمن المجتمع السويدي، أن هناك تقصير واضح في هذا المجال. ماذا نستنتج مما سبق ـ مع التعديل القانوني ومجيء قانون تحت سقف ما يسمى ب LVU الذي رأى النور عام 1990 بات من السهولة الخلط بين الشخصي والقانوني نتيجة تحول تطبيق القانون من أساس تأكيدي إلى أساس ظني، اذ يمكن أن يكون الموظف وما يؤمن به هو أساس تنفيذ القانون بدلاً من أن يكون روح القانون وهدفه هو المنشود. ـ ما يتم عرضه ضمن وسائل الاعلام السويدي على أن عدد الأطفال المسحوبين من العائلات الغير سويدية هو مساو بالمقدار عدد الأطفال المسحوبة من عائلات غير سويدية هو استنتاج خاطئ يراد به التغطية على المشكلة الحقيقية التي ترتكب باسم القانون ضمن دائرة الرعاية الاجتماعية، و ان قرأنا الأرقام السابقة بشكل حيادي يمكن استنتاج أن عدد الأطفال المسحوبين من أسر مهاجرة هو على الأقل عشرين ضعف الأطفال المسحوبين من الأسر السويدية و ذلك بناء على أن التغيير الحاصل في العشر سنوات الأخيرة، و الذي بدأ تحديداً من العام 2013، و تضاعف بشكل تصاعدي مخيف منذ العام 2017، كذلك كما وضحنا سابقاً أن نسبة المهاجرين الذين لا تتوافق البنية القيمية له مع البنية القيمية السويدية هو 5% من بين اجمالي عدد السكان، هذه الشريحة هي التي رفعت هذه النسب التي كانت مستقرة حتى عام 2013 والذي بدأ معه هذا الارتفاع المهول لعدد الأطفال المسحوبين، اذاً هذه الزيادة التي هي في عام 2020 تشكل ضعف ما كان عليه 2013 أتت بشكل مباشر على حساب تلك الشريحة المقدرة ب 5%، و بحسبة بسيطة نجد أن النسبة الحقيقية هي 20 ضعف، لأن التضاعف حصل على فقط ال 5% و ليس على ال 100%، أي الخمسة بالمئة يساهمون بعدد مساوٍ لل 95% ـ نسبة كبيرة من الذي يتم عرضهم على أنه سحب الأطفال من أسر سويدية هو أيضاً من أسرة مهاجرة استقرت في السويد منذ زمن بعيد وحاصلة على الجنسية السويدية بطبيعة الحال، وهو ما أشرنا اليه أن قانون ال LVU جاء أساساً في العام 1990 وهو العام الذي بدأت الهجرات الى السويد بأعداد كبيرة من المجتمعات التي تصنف على أنها غير متوافقة مع البنية القيمية السويدية، و التي تستند عليها وسائل الاعلام السويدية لتفسير هذه المشكلة، رغم ما أوضحناه سابقاً أن السويد تتقدم العالم في نسبة الإصابة بالأمراض النفسية والإدمان الذي يمكن أن يكون سبباً مهما للعدوانية والعدائية الغير مضبوطة. ـ إذا آمنا أن الشريحتين السويدية أو المنتمين إلى البنية القيمية السويدية والشريحة الغير منتمية لهذه البنية بنفس درجة افراز الكم العدواني الغير مضبوط من أعداد البشر نتيجة الظروف الصعبة التي مرّت بها الشريحة الأخيرة من مصاعب وصدمات أثناء الحروب فإن الأرقام يجب أن تكون غير ما أسردناه، الذي هو عشرين ضعف قدرة الشريحة الثانية في فرز أناس عدوانيين لديهم القدرة لتهديد أقرب الأشخاص لديهم وهو أبناءهم. ـ من الواضح أن نسبة المهاجرين قد انخفضت بدءً من عام 2017، فان اقتنعنا تماماً بما يقدمه الاعلام السويدي كون أن هؤلاء القادمين لا ينتمون للمدنية، و هم بشكل أو بآخر عدوانيين بالطبيعة، و بذلك هم يشكلون تهديداً مباشراً للطفولة، و لذلك نجد هذا التباين بين أعداد الأطفال المسحوبة من أسر سويدية هي أقل بما لا يقارن من الأطفال المسحوبة من أسر مهاجرة، رغم أن كليهما يعيشان ضمن مجتمع واحد و في نفس الفترة الزمنية، و ان الإرهاب الإسلامي افتعل هذه المشكلة، ولا يوجد أساس واضح لكل هذا القلق وذلك لأن السويد تنتمي إلى منظومة ديمقراطية تراعي حقوق الانسان، إن اقتنعنا و آمنا و صدقنا كل ما سبق، كان من المنطقي أن نشهد تناقصاً في أعداد الأطفال المسحوبين بدءً من عام 2017، بينما الإحصاءات تخبرنا عكس ذلك تماماً، الأعداد تضاعفت بشكل دراماتيكي مخيف، هذا التضخم الذي وصل إلى درجات لا يكفي لنفيه بطرح مجرد التساؤلات و الاندهاش كما فعل تقرير التلفزيون السويدي SVT و اكتفى بالاستغراب و عدم تقديم تفسير حقيقي لتصاعد عدد الأطفال المسحوبين من عوائلهم. ـ هذا السحب المفاجئ لدعم الأسر والطفل ضمن بيئته رغم تزايد الحاجة لها، تزامنا مع هذه الهجرة التي أتت من مناطق مغايرة في البنية القيمية يشكل تساؤلات لا تنتهي، هل كان ذلك عن سابق إصرار وترصد من الحكومة السويدية؟ هل كان قراراً طائشاً ومتسرعاً، لا يليق بدولة عرف عنها التخطيط الدقيق ووفرة الاحصائيات والداتا؟ هل ما يحدث يتعدى كونه أخطاء فردية كما تريد وسائل الاعلام السويدية اقناعنا به؟ إن لم يكن كذلك، لماذا هذا الدفاع المستميت من قبل الاعلام والحكومة للدفاع عن هذه المؤسسة، رغم مئات الاثباتات الموجودة على تعديها الصارخ للقانون؟ التساؤلان الأخيران يبرزان أكثر على السطح عندما نتلمس التغيير الملحوظ في كافة الدوائر للتعامل مع المهاجرين، والذي أصبح فاقعاً بعد 2017 مع مجيء الحكومة الجديدة الضعيفة، التي يسيطر عليها الحزب اليميني بشكل غير مباشر من خلال كونه بيضة القبان، هذا الملموس الذي كان على ما يبدو مجرد توجيهات، تحول إلى قانون فيه تجنٍ كبير على المهاجرين عام 2021 ـ التبرير الذي يقدّم من قبل السلطات السويدية و من يحاول الدفاع عنها نتيجة عوامل كثيرة مفهومة، أقلها أن السويد كانت سخية جدا في استقبال كم هائل من اللاجئين نسبة لتعداد سكانها، و بلا منازع احتلت المركز الأول في العالم ضمن أحداث الأزمة السورية، هذا الأمر الذي لا ينكره أحد ويحسب لها ضمن المنظور الإنساني العام، حتى أولئك الذين سُحِبتْ أبناؤهم يتوجهون بالشكر لهذه الحكومة على استقبالهم قبل مطالبتهم للحكومة في استعادة أطفالهم، هذا التبرير المستند على نظرية المؤامرة التي تم تحريكها من أطراف إسلامية، هو كلام يراد به باطل، فالإسلام السياسي بغير خاف على أحد، يعيش على الأزمات و يحاول ركوب أي موجة تأتي في طريقه، لكن هذا لا يبرر حجم المأساة الموجودة و المعاناة واللامساواة التي لا تليق بدولة كالسويد، التي كانت و ربما مازالت تشكل الحصن الأخير للإنسانية، هنا أستذكر مقالة لكاتبة سويدية قرأتها فيما مضى، قالت فيها بما معناه رداً على تصاعد موجة العنصرية في السويد مؤخراً، أنه اذا اعتبرنا أن السعودية هم ملوك النفط، و الأمريكان هم ملوك المال، و الألمان ملوك صناعة السيارات، بينما اليابان هم ملوك الصناعات الاليكترونية، فنكون غير منتهكين للحقيقة اذا قلنا أن السويديون هم ملوك الإنسانية في هذا العالم، و تستطرد الكاتبة في تصوراتها و تقول، تصوروا معي لو أن المملكة العربية السعودية قالت أني لن أعطي العالم قطرة نفط واحدة، تخيلوا كيف سيكون شكل العالم، و ألمانية امتنعت عن تصدير صناعتها، أو الأمريكان أغلقوا الأسواق المالية الخاصة بهم في وجه العالم، تصوروا معي كيف سيكون شكل العالم، و هنا تختتم مقالتها بقولها الآن فقط تستطيعون تصور العالم ان ارتفعت نسبة العنصرية و كراهية الآخر في السويد ماذا سيحدث للعالم. ـ نعم سيتشح العالم بالسواد ان قررت السويد فجأة سحب يدها عن مناصرة حقوق الانسان، ستكون مأساة حقيقية في كل المجالات، ما يحدث الآن ما هي الا الأعراض الأولى لمشاكل لا حصر لها تنتظر صعودها للسطح، هذه المشاكل التي نتجت قبل كل شيء عن تزايد موجة التطرف اليميني في العالم، لكنها يبدو أنها كانت متسارعة بشكل غير مقبول هنا في الحصن الحصين لحقوق الانسان، هنا في السويد، و بدأت تحرق كل ما يأتي في طريقها، حتى الطفولة باتت مهددة من قبل حماتها، الحل فيما أعتقد لن يكون من خلال تفسيرها عن طريق نظرية المؤامرة و الإرهاب العالمي الذي صار شماعة للدول الغربية للتستر وراء مشكلات حقيقية تحتاج لحل عاجل و فوري بدلاً من التجييش الإعلامي الذي يعتبر القاعدة الأساسية التي بنيت عليها الأفكار العنصرية التي تنبذ الآخر لمجرد أنه آخر، هذه الأفكار العنصرية التي لا تهدد المهاجرين فقط بل تهدد الأساس الوجودي لدولة السويد.
الهوامش 1ـ التقرير الصادر عن الخدمات الاجتماعية السويدية سنة 2013https://www.socialstyrelsen.se/globalassets/sharepoint-dokument/artikelkatalog/statistik/2014-9-1.pdf 2ـ تقرير التلفزيو السويدي SVT عام 2018 عن الزيادة الملاحظة في سحب الأطفال من العائلات بين عام 2013 وعام 2017https://www.svt.se/nyheter/inrikes/antalet-barn-som-omhandertas-med-tvang-okar 3ـ الأرقام الصادرة عن الخدمات الاجتماعية حسب دائرة الإحصاء السويدية عام 2020https://www.scb.se/hitta-statistik/temaomraden/jamstalldhet/jamstalld-halsa/socialtjanstens-insatser-for-barn-och-unga/barn-och-unga-som-nagon-gang-under-aret-fick-vard-efter-typ-av-insats-och-alder/ 4ـ تقرير دائرة الإحصاء السويدية عن عدد المهاجرين إلى السويد خلال العشر سنوات الأخيرة https://www.scb.se/hitta-statistik/sverige-i-siffror/manniskorna-i-sverige/invandring-till-sverige/ 5ـ التقرير الصادر عن الخدمات الاجتماعية عام 2020 https://www.socialstyrelsen.se/globalassets/sharepoint-dokument/artikelkatalog/statistik/2021-8-7516.pdf
#فرزند_عمر (هاشتاغ)
Farzand_Omar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
-
مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا
...
-
اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات
...
-
اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
-
ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف
...
-
مايك ميلروي لـ-الحرة-: المجاعة في غزة وصلت مرحلة الخطر
-
الأمم المتحدة: 9.8 ملايين طفل يمني بحاجة لمساعدة إنسانية
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|