|
الحركة الاشتراكية العربية...... فشل احزاب ام فشل ايديولوجي!ا
رعد سليم
الحوار المتمدن-العدد: 1665 - 2006 / 9 / 6 - 10:41
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
في الاونة الاخيرة، كتبت الكثير من المقالات حول الحركة الاشتراكية العربية و حركة اليسار العربي و دورهما في الساحة السياسية العربية، وخاصة بعد الاحداث المريرة و المأساوية التي يمر بها العالم العربي من احداث فلسطين و العراق و لبنان بشكل عام و الاحداث اليومية الاخرى في البلدان العربية. ان الكثير من هذه التحليلات للكتاب و السياسيين البرجوازين او من السياسين القدماء من الحركة اليسار العربية يؤشرون الى شئ واحد تقريباً الا وهو فشل النظرية الماركسية في الواقع العربي، وان الكثير منهم يرى بان فشل الاحزاب و الحركات اليسارية جاء كنتيجة فشل ايديولوجيتهم. ونذكر هنا قول بعض هؤلاء الكتاب علع سبيل المثال. اذ يقولون بان "مشكلة اليسار العربي لاتكمن في نقص احزابه او شيخوخة قياداته بل في شيخوخة افكاره..." . وحتي ازيل الابهام عن قصدي من وراء هذا السطور، فانني اود التاكيد على انني لا اهدف البتة هنا مقالات هؤلاء الاشخاص الذي كانوا يعتبرون انفسهم يوما ما يساراً فيما اليوم يباركون ويقسمون بحياة الديموقراطية الغربية. الذي يهمني في هذا المقالة هو تناول تلك الافكار التي ينتقدها هؤلاء الكتاب ومن ثم الاشارة الى اوضاع الحركة اليسارية و العمالية في العالم العربي على ضوء ذالك. يعود تاريخ الحركة العمالية و الحركة الاشتراكية و الشيوعية العربية الي بداية القرن العشرين ، حيث ظهرت تباشير الراسمالية على الساحة في المجتمع العربي كطبقة سائدة وجلبت معها طبقة جديدة و حركة جديدة وهي الطبقة العاملة و الحركة العمالية. وقد كانت هجرة الايدي العاملة من الارياف نحو المدن الكبرى و انتعاش الاسواق سمة هذه الفترة التاريخية التي شهدت بروز و احتدام الصراع بين الطبقة العاملة والراسمالية التي كانت كلاهما طبقتان ناشئتين. ان تجربة الحركة العمالية في الدول العربية وخاصة في مصر وبعض دول الشرق الاوسط تعد الاقدم و الاكثر قوة و اقداما بين مثيلاتها في الدول العربية الاخرى، وذلك بحكم تطور الراسمالية المبكر فيها و الموقع الاستراتيجي وانتشار المزاج الثوري و التقاليد الثورية في صفوف الطبقة العاملة. ان وجود الاستعمار و احتلال تلك الدول علي ايدى الامبرياليات العالمية في حينه و بروز الحركات القومية و التحررية المناهضة للاستعمار، مكنت الحركات القومية العربية من الهيمنة علي كافة الحركات الاجتماعية و وضعها تحت رايتها وفي خدمة اهدافها السياسية الخاصة. ان الاحتجاجات العمالية و اليسارية المناهضة للرأسمالية كانت حركة حية و قوية في صفوف الطبقة العاملة العربية. وكانت المطاليب العمالية لتحسين مستوى المعيشية شعار العديد من التظاهرات و الاضرابات العمالية في الكثير من البلدان العربية، ولكن كانت هذه الحركة قاصرة من الناحية السياسية لكون افاقها لم تسلم من تأثير التيار القومي المناهض للامبرياليه تارة والتيارات اليسارية الموالية للمعسكر الشرقي على غرار الاحزاب الشيوعية تابعة للاتحاد السوفيتي بالاضافة الى حداثة الطبقة العاملة ايضاً. ولم تكن الاحزاب الموالية للسوفيت سوى تيار راديكالي قومي مناهض للامبرياليه. ويعود الى هؤلاء ايضأ الفضل في شيوع الاوهام في صفوف الطبقة العامله، تلك الاوهام التي كانت تقول بأن الوقت لم يحن بعد للصراع الطبقي وان المرحلة هي مرحلة النضال ضد الامبرياليه والتحرير، وان على الطبقة العاملة التضامن مع برجوازيتها الوطنية!! ضد الاحتلال والامبريالية. و ان الكثير من الاحزاب الشيوعية التابعة للمعسكر الشرقي و الصين وكانت شعارها تتمثل بـ"تحرير الوطن" او "وطن حر" و ليس دولة اشتراكية، وفي اطار هذه التصورات، استطاعت التيارات القومية مثل الناصرية، البعثية، واخرى غيرها من أن تكون صاحب دور في لف جماهير العمال والكادحين حول اهدافهم القومية، والتي شكلت قضية الصراع مع الاحتلال او اسرائيل مادتها ومضمونها. واريد هنا ان اذكر بشئ، في الكثير من المرات تعد الحركة الناصرية علي الاشتراكية والشيوعية العربية، لكن هذه التسمية في الواقع هي تشويه لصورة الاشتراكية الحقيقية. لقد كانت الناصرية حركة قومية يسارية ناضلت لاجل اهداف الوحدة العربية والمشروع القومي العربي. اما الاشتراكية الناصرية فأنها لم تكن افضل حالا من اشتراكية حزب البعث (وحدة، حرية، اشتراكية). وكان واضحا بعد تسلمها الحكم بأنها لم تتجاوز في اشتراكيتها حدود تدخل الدولة في الاقتصاد و اقامة نوع من الرأسمالية الدولة كانت حتى اقل شبها برأسمالية الدولة في المعسكر الشرقي. لم يكن عبد الناصر في يوم ما ماركسيا... اذ يعتبر نفسه انسان قومي وكان حلمه هو الوحدة العربية. و في ايام حكمه في مصر، كان يواجه الاعتراضات العمالية بالحديد والنار. الم تكن المعتقلات المصرية مليئة بالمناضلين و القادة العمالين في عهده. ان هؤلاء الذين يحسبون الناصرية على الحركة الاشتركية ربما لايميزون بين (الكتاب الاخضر) لقذافي و البيان الشيوعي لماركس. انني اود ان اقول بأن الاشتراكية والشيوعية كتيار سياسي متحزب لم يكن لة وجود في العالم العربي في يوم من الايام حتي يتحمل هؤلاء الكتاب و السياسين عناء انتقاده لها، وينصحون الطبقة العاملة العربية ويحذروها من مخاطرها!! ومساوئها!! وينبهها الي انتهاء عهدها والي ضرورة التحوط من السير وراء الاشتراكية و الماركسية. ولكنني أتسائل عن غرض هؤلاء السادة المبجلون من وراء تلك التحذيرات؟! ترى هل يريدون ان يقنعوا العمال بأن جحيم اوضاع العمل واسترقاق البشر في اسواق العمل العربية يدعوان الى الابتعاد عن النضال العمالي و الدعوة الي المساواة، و القيام بدلا من ذالك بالايمان بديموقراطية الغربية و اقتصاده الحر جدا، الحر الي حد اعتبار استعباد الملايين من البشر عملا مشروعا يحيمة القانون؟؟ او انضمام العمال في صفوف الحركات الاسلامية الرجيعة الحالية في الساحة السياسية العربية! ان فتوى هذه الدعوات يدفع ليس الطبقة العاملة في العالم العربي بل يدفع كل المجتمع المدني الى الجحيم. في الحقيقة ان عكس تحليلات هؤلاء المثقفين و الساسة هو الصحيح. بما ان غياب الاحزاب الشيوعية العمالية المؤمنة بالاشتراكية العلمية و ماركسية كانت سببا في الوضع الحالي للطبقة العاملة خصوصاً والمجتمع العربي ومشاكلهما لانه في الوضع الحالي الساحة السياسية خالية تماما من تأثير نفوذ الاحزاب الشيوعية، وان ذلك فتح مجالا اوسع للحركات الاسلامية و الحركات الرجعية الاخرى لترك تاثيرها نفوذها علي الجماهير في المنطقة. ختامأ اود ان اقول كلمة هي "مربط الفرس" ان صح القول، اي حول ما اذا كانت مشكلة الاشتراكية في العالم العربي هي مشكلة افكارها وعقائدها الجامدة، فأن نطرة عابرة علي تاريخ النضال السياسي والاقتصادي للعمال و الجماهير في العالم العربي يؤكدان على ان الازمة هي بالفعل كانت وماتزال ازمة غياب الحزب الشيوعي العمالي، وان هذا ما يدعو الي ضرورة ايجاد الحزب السياسي الخاص للطبقة العاملة . حزب يستند الى النظرية الماركسية ويناضل لتحقيق الاشتراكية وانقاذ الطبقة العاملة و المجتمع من الفقر والمأساة و الظلم و التخلف و الاحتلال و تأمين حياة حرة و كريم للجماهير، و ان هذ امر لايمكن تحقيقه دون وجود ذلك الحزب. ان بناء عالم افضل و حياة لائقة بالبشر للعمال يتطلب من الطبقة العاملة الانفصال التام عن التيارات القومية والاسلامية والالتفاف حول البديل الشيوعي العمالي على غرار نهج الحزب الشيوعي العمالي العراقي الذي يعد البديل الانساني والتحرري والراديكالي للطبقة العاملة وللجماهير التحررية في بلدان العربية والعالم بأسره.
#رعد_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات العراقية،انتصار الديموقراطية ام انتصار السيناريو
...
-
-الامتداد القومي العربي والاسلامي للعراق- ومخاطره على الجماه
...
-
اية اهداف تقف وراء تصريحات حازم الشعلان؟
-
قانون سلامة الوطنية ام قانون تقييد الحريات العامة؟
-
جماهير العراق ليست على استعداد لدفع ضريبة الحرب الرجعية!
-
لماذا غضبت طريق الشعب على وزارة الاوقاف؟!!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|