أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى منيغ - مصر في ذاك العصر / الجزء الثالث














المزيد.....

مصر في ذاك العصر / الجزء الثالث


مصطفى منيغ

الحوار المتمدن-العدد: 7165 - 2022 / 2 / 17 - 15:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مصر في ذاك العصر / الجزء الثالث
- متحف الري تاريخ مصر الحي
سبتة : مصطفى منيغ
ومباشرة إلى " شاليهات " القناطر الخيرية ، وهي محطة سياحية قل نظيرها في العالم ، حيث يُقام مركب سياحي وسط الهواء الطلق في تناسق " هرموني " بين حداثة التشييد وجمال الطبيعة الخلاَّب ، بين نماذج من التراث الحضاري المصري القديم المجسَّد في تماثيل مُعدَّة بشكل أنيقٍ الاستراحة المُطِلَّة مباشرة على النيل ، حيث تنطلق الزوارق الخاصة فى رحلة نيلية
شاعرية لا تضاهيها أية رحلة في أي مكان آخر ، زوارق يقودها شبان مصريون يحفظون تاريخ بلدهم عن ظهر قلب ، فلا يكفيهم النطق باسم المكان بل يزيدون عليه درساً نموذجياً يغنيك استيعابه عن المزيد من الاستفسار. هناك جلستُ على الأرض فأحسست أنني أجلس على بساط مهما اخترع الإنسان من عطر لن يصل إلى تقليد العطر الطبيعي الفواح منها يغمر الصدر فيريحه من ضيق متاعب الحياة. هناك تذوقتُ الشاي الذي أعده خصيصاً لي مطبوخاً على حشائش المكان نفسه ،الرجل الطيب الكريم الحاج عبد السميع، وبجانبي جلس مرافقي العزيز عبد الله عبد الحافظ ، وكأننا نحن الثلاثة جمعنا لقاء في " الغيط " بعد عناء يوم قضيناه في زراعة أو جني القطن . أنفردُ بنفسي في بيتٍ شُيِّدَ على أعمدة كأنها ترفع ساكنيه ليطلُّوا على قُدرة الخالق سبحانه وتعالى الذي أبدع هذا الحسن وخلقَ به من الروافد ما يبهر البصائر والأفئدة فيقربها إلى الامتزاج الأمتن بنقاوة الإيمان ، في بيتٍ كل ما فيه ينطق بالكرم المصري الذي أودعه الباري جل جلاله في صدور هؤلاء الناس ، فتصرفوا مع الغريب تصرف الأسرة مع أحد أفرادها ، بل مع أحبهم إلى الفؤاد ، في بيتٍ ما شعرتُ داخله إلا (والنيل الملقى في عظمة بجانبه يبثّ في أذني حلاوة حكايات مع الحياة عبر ملايين السنين ) بالسعادة تغمرني ، وألفة المكان تنساب في خاطري لدرجة أنني ما شكوتُ صُداع الوحدة ولا إرهاق ما نسميه بوضعية التحولّ من مكان إلى آخر مجهول لدينا ، وكلما صحوتُ كان المؤنس صدى شحرورٍ حط ّجنب نافذة حجرة النوم فوق غصن شجرة انحنَى حتى يكاد يقُبِّل لجين النيل في منظر لن أنساه أبدا ، وأغيب في صحوتي مع هذا الجوّ الشاعري ولا يخرجني منه إلا صوت الرجل الطيّب عبد الله عبد الهادي عبد الحافظ وهو يصيح خلف الباب
ـ إنتَ صْحِيتْ يابِهْ ؟
ـ ايْوَ يالسِّي عبد الله
ـ صباح الفُلّ والهَنَا والإشْطَهْ .. إنت مْنَوَّرْ .. احَضَّرْ لِحَضِرِتًكْ الفِطَارْ ؟
ـ لو حًبِيتْ يالسِّي عبد الله.
ـ من عِنَيَّه يا باشا .
ولحظات وأجدُ فوق " السُّفْرَه" "صِينية "مملوءة بما تشتهيه النفس من مأكولات هي من خيرات مصر: بيض " مسلوق " و " فول مدمَّس " و " خضر مُخلّلَه " و مربى.. و" زبدة " ورقائق من الخبز " العيش " وزيتون أسود وشاي ، أصناف متعدِّدة لوجبة صباحية لم أعهدها من قبل ، ولا أدري كيف كنت أتناول كل تلك الأطعمة ؟.. ربما الأمر راجع للذة طعمها ، والأسلوب المرح المعدة به ، أو ربما للجو الهادئ الذي أحاطني به الإخوة الأشقاء ، أو ربما ـ وهذا هو الأرجح ـ خلاصة اللقاء بالحبيبة مصر .
... متحف الري بمدينة القناطر الخيرية غير بعيد عن مقر إقامتي شيد كأضخم متحف ري على مستوى جمهورية مصر العربية ،والتجول بين أركانه ، والتمعن في محتوياته من نماذج مصغّرة لكل ما يوجد فوق النيل من قناطر وحواجز وسدود ، يعد من أنفع الدروس وأكثرها وسيلة لمعرفة المجهودات التي بذلها الإنسان المصري منذ تواجده على هذه الأرض المباركة ، لاستغلال مياه النهر لفائدة استمرار الحياة على ضفتيه ، وما كان ذاك الدرس أن يطرق الذاكرة فيلجها ويتربَّع وسطها لولا كفاءة هؤلاء الأساتذة المكلفين بالمتحف والمسؤولين عن إيصال محتوياته في إطار شروحات مبسَّطة لكنها مسهبة وكافية لعشرات الزوار الوافدين على المتحف يومياً ،تعلق الأمر بالتلاميذ أو الطلبة المصريين أو الزوار المهتمين من مختلف بقاع المعمور . لقد استقبلني مدير المتحف بكل حفاوة وأدخلني مكتبه لتسجيل حوار سأنشره لاحقا وبالكامل ، وإنها التفاتة كريمة من سيادته تنم عن أخلاق عالية واحترام عميق للمغرب والمغاربة . كنت من القلائل الذين استمعوا في جلسة ضمتنا نحن الثلاثة العبد لله ومدير المتحف ومرافقي الرسمي الأستاذ محمد سعيد أبو زيد ، بعرض خاص ، داخل قاعة مبنية على شاكلة مدرج جامعي ، لقصة سريان النيل ومن عايش ذلك من إقامة حضارات متنوعة موغلة في القدم على ضفتيه .. من نبعه إلى مصبه في البحر الأبيض المتوسط ، بالصوت والصورة . كان العرض حقا في مستوى قدرة المؤرخ المصري والفنان المصري والتقني المصري على الإبداع والإتقان . ولقد أغناني العرض عن كل المراجع التي كنت في حاجة إليها لأكوِّن فكرة عن الموضوع ، فخرجت بانطباع أن الباحث على معرفة مصر يجب عليه المرور من هذا المتحف لأنه تجسيد مصغر لكل تاريخ مصر.(يتيبع)
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
[email protected]



#مصطفى_منيغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر ذاك العصر / الجزء الثاني
- مصر في ذاك العصر
- العائِد ممّن عليهم سائِد
- البرلمان واجهة مثل الزمان
- المغرب الدولة غائب
- تونس حاضر محبوس
- في المغرب مَن للإصلاح يُحارِب
- أدوات فقط لخمس سنوات
- المَخْزَن مَا يُخَزِّن وما خَزَّنَ
- المغرب لا تَنْمِيَّة لا تَرْبِيَّة لا طبيب
- هل المغرب مُستَقبَله مُرْعِب ؟؟؟
- المغرب والوَضْع المُتْعِب
- من هناك وهنا ن وقل هذا قدرنا
- بالخاوية سياسة المغرب الخارجية
- المُتمتِّع (في المغرب) والجائِع
- إسرائيل ومغامرة من الوزن الثقيل
- ابن القذافي والشوط الإضافي
- أتركيا في دُنيا غير الدُّنيا ؟؟؟
- الصِّنارة الفرنسية تصطاد في السعودية
- العراق يُخْرِس الكثير إن نطق / 3 من 3


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى منيغ - مصر في ذاك العصر / الجزء الثالث