|
صراع الناتو و روسيا حول اوكرانيا!
عادل احمد
الحوار المتمدن-العدد: 7162 - 2022 / 2 / 14 - 01:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لايزال خطر الحرب مع أوكرانيا احتمالا قويا خاصة بعد تشديد ضجة الاعلام الغربي وتصريحات المسؤولين السياسيين الغربيين حول الهجوم الوشيك للقوات الروسية على أوكرانيا. والتي حشدت عشرات الالاف من قوتها المسلحة على الحدود الأوكرانية . ولماذا كل هذه الضجة، وهذا الحشد من القوات العسكرية وارسال المعدات العسكرية الغربية الى أوكرانيا؟ اذن ماهو اصل الدعاية الإعلامية و ظاهر المسألة وما هو الجوهر والهدف الحقيقي لكل المسائل السياسية الجارية في العالم؟
اصبح اقتصاد أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية من اكبر الاقتصادات على الاطلاق وذلك بسبب تدمير وانهيار جميع الاقتصادات الدول المتقدمة مثل اليابان والمانيا وفرنسا وايطاليا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي بسبب الحرب وتدمير بنيتها التحتية وكذلك بسبب متطلبات كل من هذه الدول الى الرأسمال والقروض لبناء بنيتها الاقتصادية والسياسية، وبما ان أمريكا لم تتضرر كثيرا ولم تدمر بنيتها التحتية كما حصل لبقية الدول الغربية الاخرى تمكنت من الوقوف على قدميها وتعافت من أعباء الحرب بشكل اسرع من البقية، ليس هذا وحسب بل و اصبحت تقرض المال لأكثرية الدول الأوروبية حسب خطة مارشال لتعمير الدول الأوروبية بعد الحرب. واستطاعت من خلال هذه السياسة بسط هيمنتها السياسية أيضا على أوروبا الغربية وحمايتها من الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي. واستطاعت ايضا ضم اليابان بعد استسلامها الى داخل محور أمريكا السياسي والاقتصادي. ولكن الحقيقة والجوهر في تشكيل الناتو كان يكمن؛ الى هيمنة أمريكا على الدول الغربية واخضاعها تحت جناحها وكذلك من اجل عدم توسع نفوذ الاتحاد السوفياتي في اوروبا ، واستمر هذا الامر حتى انهيارالاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية وحلفها العسكري وارسو. وبعد هذا الانهيار للكتلة السوفياتية اصبح حلف الناتو تحت طاولة مجموعة من الأسئلة ويراد الأجوبة عنها كذلك كيفية تعريف الحلف بطريقة اخرى. وان سياسة تمدد حلف الناتو شرقا وانضمام الدول التي كانت في فلك الاتحاد السوفيتي مثل بولندا ورومانيا وبلغاريا وهنغاريا ولاتفيا واستونيا وليتوانيا وچيك وسلوفاكيا وكرواتيا …وان هذا التمدد شرقا كان متزامنا مع تحول أمريكا الى قوة عالمية بلا منازع واصبحت شرطيا عالميا خاصة بعد حرب كويت عام 1991 وانهيار السوفييت والكتلة مايسمى بالاشتراكية .
وان بعد الفية الثانية ، بدأت بظهور الى الوجود عملاق الاقتصادي العالمي اخر،الصين الشعبية والتي اعتمدت في سياستها الاقتصادية على الاستثمارات الرأسمال العالمي داخل حدودها وكذلك استثمار رأسمالها وقروضها في تنمية الاقتصادية للدول النامية. وبعكس أمريكا والتي تعتمد على الحروب والاحتلال من اجل اخضاع الأسواق عن طريق قوة صواريخها وترسانتها العسكرية كما تمت في صربيا والعراق وليبيا وسوريا و … ان تطور الاقتصاد الصيني وقوتها كانت هاجسا قويا امام تحقيق الحلم الأمريكي من اجل الحفاظ على مكانتها العالمية ولهذا السبب تحتاج امريكا الى المواجهة الاقتصادية والعسكرية لإيقاف تطور وهيمنة اقتصادات الصين على العالم. وبما ان الصين تحاول تجنب التصادم العسكري مع أمريكا وتحاول جاهدا بان يكون ثقل معركتها في مجال الاقتصاد ومن هنا فان الصين تحتاج الى روسيا العسكرية القوية ان يكون بجانبها وان يكون حليفا قويا من اجل هزيمة أمريكا وازاحت مكانتها العالمية.
وان أمريكا بما انها لا تقف متفرجة وان تنتظر ماذا يحل بالعالم وان تتهاوى مكانتها، بل وتحاول بكل ثقلها ان تقف بوجه هذا التطور: أولا تطورالاقتصاد الصيني وهيمنتها العالمية وثانيا تطور القوة العسكرية الروسية والتي اصبح متفوقة في عدة مجالات على مثيلاتها الامريكية والغربية واصبحت تشكل مصدر قلق امريكي من هذه الناحية ايضا. وبما ان حلف الناتو فقد تعريفه السابق ومهمته وفقد أيضا هيبته وخاصة بعد تورطها الفاشل في كوسوفو وليبيا وأفغانستان والتي لم تنجح فيها وتحول كل تلك الحروب إنابة عن اوروبا تقوم بها أمريكا من الناحية العملية بجنودها واسلحتها وعتادها وتورط أمريكا لوحدها واحيانا مشاركة قليلة من بريطانيا وان بقية الدول الاخرى لم تكن مشاركتها الا بشكل قليل جدا. ولهذا كان الحلف يوم بعد يوم تتضاءل قوته وحيويته حتى تم تعريفه من قبل الرئيس الفرنسي ماكرون بان الحلف ميت سريريا!! وان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حاول تخفيف أعباء الحلف على أمريكا عن طريق تخصيص كل دولة ميزانية مالية محددة للحلف وكذلك بتخصيصها القوة العسكرية وجنودها بالتساوي. ان ترامب كان اكثر واقعية من غيره من الرؤساء والذي تحدث عن الحلف، اما تجديد نواياه وهيكلية مهامه او الغائه اذا اقتضت الامور من اجل مواجهة الاقتصاد الصيني. ان سياسة أمريكا قبل كل شيء كانت تهدف نحو هذا المسار.
بعد مجيء الديمقراطيين وبايدن الى السلطة اتجهت سياسة خارجية أمريكا مرة أخرى نحو أوروبا وهيمنة أمريكا على اوروبا، ومن اجل هذا كان على الحكومة الامريكية ان تتوجه مرة أخرى نحو حلف الناتو العسكري وتحاول بكل قوتها ان تحافظ عليه واستعماله على الرغم من احتجاج بعض الدول الأوروبية على أداء الحلف الناتو مثل المانيا وفرنسا والتي تقترح بان يكون لأوروبا قوتها العسكرية من اجل ضمان أمنها. وان توجه حلف الناتو بالقرب من الحدود الروسية ومحاولة ضم أوكرانيا وجورجيا الى الحلف من الناحية السياسية تعني اعلان الحرب على روسيا وخنقها عسكريا. ومن ناحية أخرى تحاول أمريكا تنشيط حلف الناتو وإعطاءه تعريف اخر عن مخاوف و خطر الدب الروسي وخطر ابتلاع روسيا جميع الدول أوروبا الغربية سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وان محاولة بث الروح في الجثة الميتة أي تنشيط مهام الحلف و تعريفه بشكل اخر للحلف الناتو هو بحد ذاته اكبر خطر قد تواجهه البشرية اليوم والذي يؤدي الى عدم استقرار العالم.
ان الجانب الظاهر في حملة الدعاية الإعلامية الغربية حول احتلال أوكرانيا من قبل القوات الروسية والقيام بالهيستريا الإعلامية يهدف الى توجيه أنظار العالم نحو الهجوم وخطر الروسي على أوكرانيا
ولكن في الحقيقة هي محاولة تقوم بها أمريكا وبريطانيا بان تدفع بروسيا نحو احتلال أوكرانيا عسكريا وان تفرض العقوبات الاقتصادية عليها ومن ثم يثبت أمريكا للغرب بان الحفاظ على حلف ناتو بات امرا ضروريا وحيويا من اجل التصدي لخطر روسيا التوسعية والشريرة … ومن ناحية أخرى تحاول أمريكا ان تستخدم اخر ورقة حلف الناتو لديها من اجل تثبيت مصالحها السياسية والحفاظ على مكانتها العالمية.
اما فيما يخص الجانب الروسي، فان انحدار مكانة أمريكا وخاصة بعد فشل أمريكا والناتو في أفغانستان وليبيا والعراق وسوريا، وكذلك التضخم المالي التي يواجهه الاقتصاد الأمريكي بعد وباء كورونا وكذلك انشغال أمريكا في الصراع الاقتصادي القوي مع الصين، أعطى الفرصة والامكانية لروسيا بان تحاول استرجاع هيبتها و قوتها ومكانتها السياسية والاقتصادية التي فقدتها بعد انهيار الاتحادالسوفيتي. ان خوف روسيا من أمريكا والناتو من ان تكون قريبة على أبوابها وعلى حدودها الغربية أي أوكرانيا وكذلك ترى روسيا بان مصالح أوروبا ككتلة موحدة في حلف الناتو لا تأتي بثمار مع أمريكا وهذا ما تدفع الرئيس بوتين والحكومة الروسية ان تحاول فرض هيبتها ومواجهتها لأمريكا في أوكرانيا ان وجود روسيا القوية عسكريا، ومصدر غني ورخيص لتوفير الغاز المسال الى أوروبا، جعل من روسيا ان تظهر بمظاهر القوة والصلابة في مواجه الناتو وامريكا بعناد. ومن ناحية أخرى فان تحالف روسيا مع الصين بشكل وثيق أدى الى تعزيز مكانة روسيا السياسية كقوة عالمية، لان من خلال وجود الصعوبات والمواجهات بينهما ، يكمل احدهم الاخر. وان نمو وتواجد روسيا في مكان تواجد فرنسا في القارة الافريقية وكذلك اعتماد دول الشرق الأوسط الى الأسلحة الروسية الرخيصة والتدخل السريع لمنع سقوط الحكومات الصديقة كما حصل في سورية وكازاخستان قد عززت مكانة روسيا السياسية. ان كل هذه العوامل قد تفرض على روسيا ان تواجه أمريكا بقوة والتي قد ينتج بسببه حروب ودمار لا يطاق. ان كل هذه الاحداث والصراعات يمكن تفسيره سببًا لاقتسام وإعادة توزيع غنائم العالم بين اللصوص والاغنياء مرة اخرى وان أي إعادة وتوزيع مكان ونفوذ الدول الامبريالية سوف تدفع ثمنها الشعوب وخاصة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة .
يجب إلا يقع المرء في فخ المهاترات والدعايات الإعلامية البرجوازية. ان كل هذه الازمات وكل هذه الحروب بالوكالة اوالمواجهة الفعلية لا تمت بأي صلة لمصالح للطبقة العاملة والجماهير المحرومة. ان مصالح العمال والكادحين والفقراء والتحرريين تكون بالضد من كل هذه الصراعات ولهذا، فإن الوقوف بوجه العسكرتارية الروسية والأمريكية والناتو وصراعاتهم الرجعية هو مهمة الشرفاء والثوريين. وان الطبقة العاملة عليها ان تقلب صراعها الى صراع مع برجوازيتها. وان سقوط أي طرف من هذه الاطراف البورجوازية من قبل الطبقة العاملة سيرجع نفعه الى كل الطبقة العاملة العالمية بأكملها ومن واجب الطبقة العاملة بان لا تكون طرفا من هذا الصراع الرجعي أي طرفا بين اللصوص وانما عليها ان تناضل بالضد من كل هؤلاء اللصوص من الطبقة البورجوازية وان تجعل من هذا الصراع صراعا طبقيا، علينا الوقوف بوجه كل هؤلاء اللصوص معا وبصف واحد وبأفق واحد لتتخلص البشرية من مأساة وويلات الرأسمالية . طالما هنالك نظام الرأسمالي موجود فان الحروب والقتال والتهديدات سيكون مستمرا
#عادل_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشهدان يعبران عن عالمين مختلفين!
-
العالم على وشك كارثه إنسانية!
-
اوضاع بعد الانتخابات في العراق ، ومهمة الثوريين!
-
ازمة المهاجرين ، أم المهاجرون في الازمة ؟
-
من يستطيع الاحتفاظ بالسلطة في السودان؟
-
العراق ما بعد الانتخابات!
-
الاحزاب السياسية بين بين الاقوال والاعمال!
-
النفاق… في ضوء مؤتمر السلام والاسترداد في اربيل!
-
بديل آخر أمام الانتخابات البرلمانية في العراق!
-
الانتخابات أم الاحتجاجات ؟!
-
تونس ، ثورة في الثورة ان انقلاب على الثورة؟
-
حول رحيل امريكا من افغانستان!
-
موت رامسفيلد وانقطاع كهرباء في العراق!
-
اسس وضرورة ظهور الشيوعية العمالية!
-
من اجل مقاطعة الانتخابات في العراق!
-
بحث عن الحقيقة فيما بعد الفاجعة! بصدد وقف الاقتتال في فلسطين
...
-
يجب ايقاف المجزرة بحق الفلسطينيين!
-
الاول من ايار ... يوم التحدي!
-
خطورة مرحلتنا الحالية وكيفية مواجهتها!
-
حاجتنا لمن، للبربرية ام للاشتراكية ؟
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|