|
الأمة العربية المعاصرة بحاجة إلى نقد راديكالي لفقه العصور الوسطى
عزالدين معزة
كاتب
(Maza Azzeddine)
الحوار المتمدن-العدد: 7161 - 2022 / 2 / 13 - 11:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كل الأمم والشعوب الحية التي استطاعت أن تتخلص من موروثها التاريخي ـ الثقافي، في جوانبه المظلمة، تمكنت من فرض نفسها على التاريخ المعاصر وعلى الأمم التي ما زالت تستمد خارطة طريقها من المقابر، كأمتنا العربية الإسلامية، للأسف ما زال ابن تيمية إلى الان يملي علينا فتاواه التي تجاوزها الزمن وأكل الدهر عليها وشرب كما يقال في تراثنا العربي .. "إن الأمة ضعفت عن شريعة القرآن، فحاولت أن تبدل القرآن ليلائمها [تأويله]، ولم تحاول أن تغير نفسها لتلائم القرآن" محمد إقبال. حياة البشر فوق الأرض عمل دائم ورُقيٌّ مستمر نحو الاحسن، يُسخِّرون كل الصعاب والمعوقات التي تعترض طريقهم عن طريق العلم والعمل الجاد. وحقيقتهم أن يخلقوا دائمًا مطالب ومُثلًا جديدة تتماشى مع ظروف زمانهم ومكانهم. ولن نستطيع نحن العرب أن تخلص من إعادة انتاج مآسينا التي مرت عليها حضارتنا زمن تقهقرها وانحطاطها بفعل عوامل داخلية اكثر منها خارجية ، حينما يتعطل العقل وتحارب السلطة كل مفكر حر وقلم نزيه لا يعرف التزلف والتملك للسلاطين والامراء نصبح اسرى للجهل والفقر والاستبداد والتخلف وتصبح حياتنا فوق جغرافية الوطن العربي عذابا وظلما ، وكما يقول ابن خلدون : " الظلم مؤذن بخراب العمران " جنت الدولة العباسية على الأمة العربية والإسلامية وعلى نفسها بملاحقة الفلاسفة والمفكرين وتصفيتهم جسديا ، وها هو اليوم حكام العرب سائرون على درب الدولة العباسية في مرحلة انحطاطها بتأييد من فقهاء السلاطين والامبريالية العالمية . تأويل النصوص لا بد أن يسعى لالتماس أكثر المعاني احترامًا لكرامة الإنسان وحقوقه. فالتأويل من أجل الإنسان وكرامته وحريته وما كان خارج ذلك فهو شعوذة وخزعبلات القرون الماضية، لا يقِلُّ أهميةً عن التأويل ابتغاءً لتنزيه التصورات العقدية للإله وصفاته. والتأويل يجب أن يصدر عن منهجية علمية تتصل بدراسة لغة النصوص، وعلوم اللغة، والحقيقة والمجاز، والأخذ بالاعتبارِ السياقَ الموضوعي للآية، والسياق التاريخي. " عمر حافي ، بَشَرِيَّةُ التأويل والنص المقدس ، مجلة تعددية الإلكترونية ، 12/02/2022 أن نقد الفكر الديني اليوم وإعادة قراءة فتاوى العصور الوسطى قراءة عقلانية لخدمة الانسان وحده ، بات ضرورةً ملحة لفهم تاريخ الدراسات الدينية، ومعرفة كذلك أسباب تخلفنا عن الركب الحضاري ، وللمضي بالفكر الديني العربي إلى منحى التأسيس لفلسفة التقدم ودعوة الإنسان العربي للانخراط فيها، ولن يتم ذلك ما دامت هناك قطيعة جلية ومؤثرة بين الوسط الأكاديمي في كليات الشريعة وبين نظيره في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية، مما يستدعي إرساءَ حوار فاعل؛ لإزالة الهوة بين طرف يزعم الحداثة والآخر يدعي الأصالة " نقد الفكر الديني: حوار مع المفكر التونسي عز الدين عناية ، مركز نهوض للدراسات والبحوث ، أبريل 14, 2020 " لقد سبقت النزعة الإنسانية التنويرية الإسلامية على يد المعتزلة والفلاسفة حركة النهضة الأوروبية ونزعتها الإنسانية أيضاً بعشرة قرون على الأقل. لكنها لم تستمر للأسف، فقد انطفأت وعوقب الفلاسفة والمفكرون شر عقاب، وبهذا الأسلوب الهمجي المعادي للفكر والعلم والحرية الإنسانية انتصرت الظلامية الدينية على الأنوار العقلانية في العالم العربي الإسلامي، وما زالت تعيد انتاج نفسها إلى هذه اللحظة. ومعلوم أن المفكر الجزائري "محمد أركون"، قضى حياته كلها وهو يتحدث عن النزعة الإنسانية العربية في القرن الرابع الهجري-العاشر الميلادي. وقد تأسف كثيراً لأن حركات الإسلام السياسي، قضت كلياً على النزعة الإنسانية وشوّهت صورة الإسلام العظيم والمسلمين، وأغرقت الجزائر في عشرية سوداء دموية مرعبة لا أعادها الله. وما داعش وأخواته الهمجيين ما هم إلا امتداد للظلامية الدينية التي استمرت معنا لعشرة قرون، ففقه العصور القروسطية الظلامي، للأسف الشديد، ما زال له أنصار كثيرون في وسطنا العربي الإسلامي بسبب الجهل والفقر والاستبداد السياسي. سوف تظل الشعوب العربية، محكومة بكابوس الدولة اللاهوتية الثيوقراطية القروسطية الاستبدادية التي تخنق الحريات وتشل الطاقات الإبداعية للعقل العربي. وبالتالي فلا يمكن أن تخرج من كهوفها المظلمة ونوم أهل الكهف ولا أن تلحق بركب الأمم المتقدمة. كيف يمكن أن ينهض من هو مقيّد بأصفاد فقه القرون الغابرة؟ أعطني حريتي أطلق يديّا!
#عزالدين_معزة (هاشتاغ)
Maza_Azzeddine#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انعكاسات الاستبداد السياسي على الأمة العربية
-
هل غاب المثقفون في وطننا العربي أم غُيبوا؟
-
متلازمة الإستبداد السياسي والفساد في الوطن العربي
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|