|
ثمة دواعي لاستقالة الحكومة الاردنية فهل تفعل؟ !
ابراهيم حجازين
الحوار المتمدن-العدد: 1664 - 2006 / 9 / 5 - 10:26
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
المتابع للحراك السياسي في دولة العدو يخرج بانطباع واضح عن حيوية الساحة السياسية هناك ، ويشير ذلك إلى الحرص والرغبة العميقة لديهم لحماية كيانهم ، والبحث بطريقة مسؤولة عن السبل والوسائل لمواجهة نتائج الأزمة التي دخل فيها العدو نتيجة هزيمته في لبنان بما فيه محاسبة المسؤولين عن الإخفاق الاستراتيجي الذريع الذي ألم به ويلقي بظلاله على مستقبل هذا الكيان . وفي هذا الحراك يتكشف الكثير من الحقائق عن الإعداد المسبق لهذا العدوان الذي يأتي ضمن استراتيجية كونية مخطط لها تتربص بمستقبل الشعوب العربية وبمستقبل وطنهم ،. وفي هذا الحراك يشارك الجميع كما نرى بوسائل الإعلام دون سقف أو محرمات ، وهم يبررون هذه الحرية بالديمقراطية التي يتمتعون بها. فهل يتسع صدر حكومتنا لحوار وحراك سياسي يناقش إخفاقاتها في التعامل مع هذا الحدث العظيم والخطير والذي سيكون له تأثيره على مستقبل البلاد العربية وشعوبها بما فيها الشعب الأردني ؟ تساؤل لابد منه في خضم الإحساس بأن الحكومة غير معنية بمشاركة الشعب في رسم سياساته ومستقبله . شطب العدوان ونتائجه وانتصار المقاومة المفاهيم السائدة حول السلام واستراتيجياته ، كما وقلب معادلات الصراع العربي "الإسرائيلي" في المنطقة والعالم ، ويستدعي ذلك إعادة النظر بمجمل السياسات التي دأبت الحكومات العربية على إتباعها منذ أن خطفت الولايات المتحدة مسألة الصراع العربي "الإسرائيلي " والقضية الفلسطينية من أيدي الأمم المتحدة وجعلتها ألعوبة بيد الحكام الصهاينة ضمن خطة مدبرة وسياسة مكشوفة وسيناريوهات متعددة لبسط الهيمنة الأمريكو-صهيونية على المنطقة في إطار ما كان معروفا للجميع منذ بدايات عقد التسعينيات من القرن الماضي وعادت كوندليزا رايس وذكرت به في بداية العدوان على لبنان والمقصود هنا الشرق الأوسط الجديد ، لهذا تركت الحبل على الغارب للإسرائيليين ليستثمروا الآم المخاض كما شاءوا حتى يحققوا الأهداف المشتركة ضد لبنان ومقاومته الشجاعة . كما أصبح واضحا أكثر من أي وقت مضى أن النظام العربي الذي ساد بعد الحرب العالمية الأولى قد وصل إلى الحائط ، وذلك بعد سلسلة الهزائم التاريخية التي أحاقت بالعرب نتيجة التشرذم والتجزئة والتخلف وغياب الديمقراطية الحقيقية التي تتوق الشعوب العربية لممارستها ، والديمقراطية هنا ليست ديمقراطية قنابل الليزر والكذب والتدليس الأمريكيين ، بل ديمقراطية نابعة من المصالح الجذرية للشعوب العربية المتمثلة بالوحدة والتقدم والكرامة .حيث يجري الصراع والتنافس العالمي اليوم على المنطقة العربية بعد أن تخلت الدول العربية طواعية عن سيادتها على أرضها وتركتها عرضة للافتراس من قبل الدول الكبرى والإقليمية ذات الطموح بتوسيع مجالها الحيوي .كل هذا يتم في ظل متغيرات تاريخية ومعطيات دولية جديدة وجوهرها سعي الولايات المتحدة للهيمنة على المنطقة ، وما ورضوخ الحكومات العربية للإرادة الأجنبية بدليل الاتفاقيات المنفردة مع الإسرائيليين واحتلال العراق بتسهيلات من جانب بعض الحكومات وانتشار القواعد العسكرية الأجنبية على أراضيها إلا دليلا على الموقف الضعيف للدول العربية في معادلة الصراع الدولية . في هذا السياق جاء العدوان الأمريكو-صهيوني على لبنان ، حيث وضح للجميع من أصدقاء وأعداء السياسة الأمريكية أنها تسعى لإعادة رسم خريطة المنطقة بما يتلائم مع مخططات المؤسسة الحاكمة في أمريكا لمستقبل العالم ، وعبر عن هذا الإدراك العديد من المسؤولين الحكوميين الأردنيين . فأين سياسات الحكومة الأردنية الحالية والحكومات التي سبقتها من هذا المخطط المرسوم ؟ وهل كان يلزم أن تشن إسرائيل عدوانا مدمرا بكل المقاييس حتى تصل حكوماتنا إلى مثل هذه الاستنتاجات ؟ وما هي الاستراتيجية في المرحلة الجديدة التي ستتبع لحماية الأردن من الأخطار المحدقة به ؟ وهل كانت السياسة التي اتبعتها الحكومة أثناء العدوان تجيب على هذه التساؤلات وتستجيب لمصالح الأردن الوطنية والقومية ؟ وهل عكست سياسة الحكومة نبض الشارع الأردني ورغباته والذي كان مدعاة لسخرية بعض المسؤولين عندما حملوا حزب الله مسؤولية العدوان ، خاصة بعد أن تكشفت الحقائق وظهر أن العدوان كان مبيتا ويعد خطوة في سلسلة الخطوات التي تلت الاحتلال الأمريكي للعراق في مسار الآم المخاض لبناء شرق أوسط جديد ؟ أم أن المسؤولين قد ركنوا إلى تطمينات الأصدقاء الأمريكان وابتساماتهم التلفزيونية ؟ لقد ثبت أن نبض الشارع كان أكثر إدراكا ووعيا لمجريات الأمور من أولئك السياسيين الأفذاذ . ثمة ما يدعونا للشك في مقدرة الحكومة الحالية على رسم سياسة استراتيجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار المستجدات والأخطار القادمة على المنطقة وتعيد النظر بتحالفات الأردن ، خاصة وأن الحكومة كسابقاتها كانت عاجزة عن الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للقتل اليومي على أيدي الغزاة البرابرة ، كانت ولا تزال عاجزة عن ذلك وستبقى كذلك ،لأنها اختارت "السلام" رهانا استراتيجيا وحيدا دون أن تضع بدائل سياسية عند فشله ، حتى بعد أن اتضح أن هذا السلام المزعوم ما هو إلا مجرد مرحلة من خطة لترتيب المنطقة واقتسام النفوذ فيها فلا حول ولا قوة لها ، وفي هذه الظروف لن تجدي نفعا سياسة إخفاء الرأس في الرمال في درء الأخطار المقبلة . وإلى جانب هذه التساؤلات وأجوبتها التي باتت معروفة من سياق الأحداث والمواقف ، توجد أسباب عديدة أخرى تدعونا لمطالبة هذه الحكومة بالاستقالة ومنها : 1-أن ردة فعلها الأولى على العدوان الهمجي على لبنان لم يكن على مستوى المسؤولية الوطنية والقومية وتدل على افتقاد رؤية واضحة لمجمل قضايا المنطقة. 2-موقف وزير الخارجية في مؤتمر القاهرة مع آخرين الذي حمل المقاومة الإسلامية مسؤولية العدوان مما أعطى لرئيس وزراء العدو المبرر أن يفتري بالقول أن الهجوم الإسرائيلي يتم بغطاء عربي ،كما وعبر عن هذا الرأي دينيس روس المبعوث الأمريكي النزيه ، ولم نسمع برد حكومي على هذا الافتراء. 3-إن موقف وزير الخارجية المشار إليه يدل بعد ما تكشف من حقائق حول العدوان المبيت باعتراف المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين أن الحكومة لم تكن على دراية أو تتوقع حدث بهذه الأبعد الكبيرة مما يدفعنا للتساؤل عن قدرتها في توقع الأخطار المحدقة بالأردن ناهيك عن التصدي لها . 4-عمقت هذه السياسة الهوة بين الشعب الأردني والحكومة كما دلت مؤشرات قياس الرأي العام التي كشفت أن الشعب الأردني ليس راضيا عن سياسة الحكومة بهذا الشأن . 5-فشلت الحكومة في قراءة الاتجاهات السياسية العالمية وفي المنطقة مما ينبئ بعدم مقدرتها على وضع استراتيجيات جديدة بدلا من تلك التي ثبت عدم نفعها بل مضارها . 6-التناقض بين موقف الحكومة في مؤتمر القاهرة وموقف الوفد البرلماني الأردني وهذا وحدة سبب كافي لدعوة الحكومة لمغادرة الدوار الرابع . 7-منع الشعب الأردني والقوى السياسية من التعبير عن تضامنها مع لبنان والشعب اللبناني الشقيق وهذا حق كفله الدستور ،كما انه يشل قدرة الأردنيين للتصدي لأي عدوان أو أخطار مستقبلية تحيق بالأردن ويضعف قدرتهم بالثقة بقرارات الحكومة . 8- إصرار الحكومة على استمرار العلاقات المتنوعة مع العدو الإسرائيلي وعدم قطعها العلاقات معه بالرغم من عدوانه الهمجي على دولة عربية ، وبالرغم مما يمثله هذا العدو من خطر على الأردن ضمن الاستراتيجية التوسعية الصهيونية يستدعي استقالة الحكومة واستبدالها بحكومة جديدة تلغي المعاهدة الموقعة في وادي عربة ، بالعمل المنسق مع دول الجامعة العربية وبتحالفات دولية جديدة . 9-السياسة الإعلامية التي مارسها الإعلام الحكومي طوال فترة العدوان الذي أتحفنا بالكثير من البرامج الرياضية والسياحية وكأن ما يجري في وجزر الواق واق وليس على أرض دولة عربية عضو في الجامعة العربية وكانت حتى فترة زمنية ليست بالبعيدة تشكل مع الأردن أرضا واحدة ودولة واحدة وشعب واحد . لكل هذه الأسباب أدعو الحكومة الحالية للاستقالة دون إبطاء لتحل محلها حكومة تمثيلية تدعوا إلى انتخابات نيابية ديمقراطية بالمقاييس العالمية المعتد بها وبقانون انتخابات يؤدي إلى إفراز مجلس نواب يمثل الشعب تمثيلا حقيقيا ويعبر عن أوسع الاتجاهات السياسية والفكرية والاجتماعية ، تنبثق عنه حكومة تأخذ على عاتقها القيام بالإصلاح السياسي المنشود وتمارس صلاحياتها التي اقرها الدستور وتكون مسؤولة أمام مجلس النواب وذلك حتى يقف الهرم على قاعدته ، على أساس تبادل السلطة لأن الشعب الأردني ناضج لهذه الخطوة لاكما يشيع البعض . فتحقيق الديمقراطية يتم عبر الممارسات الديمقراطية ، عندها سيشعر المواطن انه ووطنه بأمان ، وستكون الحكومات أكثر مسؤولية تجاه الوطن قادرة على وضع السياسات التي تعكس المصالح الوطنية والقومية للأردنيين .
#ابراهيم_حجازين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|