|
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الواحد وا لأربعون
خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب
(Khalid Goshan)
الحوار المتمدن-العدد: 7160 - 2022 / 2 / 12 - 18:44
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
استعد جيدا فى وقت مبكر
جهز نفسك للمتوقع ، ولغير المتوقع
عبر مدرب الكتابة العظيم الأمير هاملت عن ذلك أفضل تعبير بقوله : " الاستعداد هو كل شىء " ، حيث إن الكتاب الجيدين تجدهم مستعدين لمشاريع الكتابة الجديدة ، حتى وإن لم تكن موجودة بعد على شاشات رادراتهم .
فهم يتوقعون غير المتوقع ، مثلهم فى ذلك مثل شخصية الرجل الوطواط ،يتحزمون بحزام خدمات محملا بأدوات سهلة التناول والاستعمال .
وهم بذلك يملؤون خزينتهم المعرفية التى يمكن أن يستفيدوا منها فى أى لحظة .
لقد تبنت " فرجينيا وولف " رأيا شهيرا فى هذا الشأن مفاده أنه لكى تستعد النساء لكتابة الأعمالل الأدبية ، فإنهن فى حاجه إلى بعض المال و" غرفة خاصة بهن " .
أما الكاتبة العاصرة لفرجينيا ، " دوروثيا براند " ، فقد وصفت شكلا أكثر انضباطا من أشكال الاستعداد للكتابة :
" فلتتذكروا ذلك ، أنتم لم تصلوا بعد إلى مرحلة كتابتها ( أى الفكرة )، فالعمل الذى تقومون به الان هو عمل أولى .
لمدة يوم أو يومين سوف تغوصون فى هذه التفاصيل ، وسوف تفكرون فيها بإدراك ، لاجئين اذا لزم الامر الى الكتب المرجعية لتستكملوا ما ينقصكم من معلومات وبعد ذلك سوف تراودكم الأحلام عنها .. حينها سوف تبدو الأشياء التى يمكن الاشتغال عليها بلا نهاية .
كيف يبدو شكل البطلة ؟ هل كانت طفلة وحيدة ، أم كانت الأكبر سنا ضمن عدة فتيات ؟ كيف كان مستوى معلوماتها ؟ هل تعمل فى وظيفة ؟.
استشهدت فرجينيا بعد ذلك بالروائى " فورد مادوكس فورد " . الذى اتبع نظاما أكثر تشددا :
" أرتب بالتفصيل كل مشهد فى الرواية قبل أن أجلس لكتابتها .. لابد أن أعرف – من خلال ملاحظاتى الشخصية وليس من قراءتى – أشكال النوافذ ، وطبيعة مقابض الأبواب وخصائص المطابخ ، والمواد التى تصنع منها الثياب ، والجلود المستخدمة فى الأحذية ، والطريقة المستخدمة فى تسميد الحقول ، ونوعية تذاكر الحافلات .
يجب أل أستخدم أبدا أيا من هذه المور فى الكتاب ، لكن ما لم أعرف أى نوع من مقابض الأبواب أصابع شخصيتى تقبض عليه ، كيف لى .. أن أخرجه من تلك الأبواب ؟ .
فى وسع كل الكتاب التعلم من الصحافيين المختصين فى الرياضة ، أبطال العالم فى الاستعداد . فهؤلاء الكتاب يكتبون قصصا هى محط اهتمام على المستويين الوطنى والدولى ، تحت ضغط مواعيد تسليم لا تطاق ، ومنافسة هائلة تصاحبها نتائج مسابقات يصعب توقعها .
إنها مهمة شاقة فعلا . كان " بيل بلاسكى " ، الصحفى لدى لوس انجلوس تايمز ، مستعدا بالفعل عندما فاز " جاستن جاتلين " بذهبية سباق الممائة متر فى أولمبياد 2004 :
" كان أول مضمار جرى له هو المائة متر من صنابير إطفاء الحرائق ، صبى من بروكلين يهرول فى شارع كوينتين ويقفز فوق كل صنبور للحريق يواجهه فى طريقه .
أما مضماره الثانى له ، فكانت سباق المائة متر عجلات ، صبى يرتدى حذاء تنس ويسابق زملاءه الذين يمتطون دراجات هوائية .
وبعد سنوات عدة ، وفى ليلة من ليالى البحر الأبيض المتوسط بعيدا عن الوطن ، أصبح الصبى الذى لا يهدأ فى المدينة ، أسرع رجل فى العالم " . لم يكن بلاسكى لينجح فى كتابة هذه المقدمة قبل الموعد النهائى لتسليمها ، لولا أنه كان قد استعد جيدا – ساعات من استقصاء توقعات الفائز بالسباق .
تتطلب كتابة القصص الجيدة استعدادا كافيا . حاول الان أن تتخيل ما احتاج اليه مراسل أسوشيتدبرس مارك فريتز لكتابة هذا التقرير ، الذى صدر فى العام 1994 عن مجزرة الإبادة الجماعية فى رواندا : " لم يعد أحد يعيش هنا .
لا النساء الحوامل يتجمعون خارج عيادة الولادة ، لا العائلات المحشورة داخل الكنيسة ، ولا الرجل المستلقى أمام سبورة رسمت عليها خريطة أفريقيا وهو يتعفن .
الجميع هنا ميتون / " كاروبامبا " صورة من الجحيم ، مخلفات لحم وعظم من حطام البشر ، مجزرة مكشوفة سقط صمتها حفاظا على الطنين الصاخب الصادر عن ذباب بحجم نحل العسل " .
فاز فريتز بجائزة بوليتزر عن مثل هذا العمل ذى المبادىء . وأشار أحد المعجبين إلى ذلك قائلا : " إن ما يجعل قصصه رائعة ، هو أمر أبعد من المبادرة والشجاعة الخالصة التى تتطلبها هذه القصص ، وذلك هو التحضير الجيد الذى يسبق تقاريره الميدانية
والمتمثل فى القراءة والبحث وتفحص قواعد البيانات وإجراء المقابلات مع الخبراء " .
هناك قليل من الكتاب ممن يتسمون بقدرات متنوعة مثل " ديفيد فون دريهل " ، المؤلف والمراسل لدى صحيفة الواشنطن بوست .
عين فون دريهل فى العام 1994 لتغطية جنازة الرئيس السابق ريتشارد نيكسون ، وقد كان يعرف أنه سوف يكتي مقالته ضد جيش لا بأس به من المنافسين ، وأنه ملزم بتسليمها قبل موعد التسليم النهائى .
يعترق فوندريهل قائلا : " تجعلنى مواعيد التسليم النهائية أرتعش دائما " ، بيد أن الرعشات تعتبر مظاهر مادية لاستعداده لانتاج نثر كهذا :
" مدينة يوربليندا – كاليفورنيا – عندما رأتهم الأمة مجتمعين اخر مرة ، كانوا رجالا من فولاذ بقصات شعر موحدة ، جبابرة وقتهم – وقت الواقعية والماء المثلج فى الأودة .
كم كانوا يتحدثون بشجاعة . كم كانوا يبدون بواسل .لقد تحدثوا عن القضاء على أعدائهم ، وعن القضاء على جداتهم ، إذا ما كان ذلك سيحقق لهم تقدما .
كانت أهدافهم أهداف عمالقة : ضبط البلاد ، والنتصار فى العصر النووى ، والهيمنة الاستراتيجية على العالم .
تجمع اليوم مرة أخرى جبابرة عصر نيكسون فى عصرية باردة وكئيبة على غير عادة الموسم ، وقد أصبح فيهم الان من ابيض شعره واخرون أصابهم الصلع ز لقد أصبح فولاذهم صدئا وبدأت جلودهم بالترهل وضعف بصرهم .
لقد كانوا مدعويين الى التفكير فيما تؤدى اليه القوة " . يفصح فون دريهل عن أسرار الاستعداد ، فعمل كهذا ليس من قبيل المصاددفة .
فهو تحت الضغط يرجع الى الاساسيات ، ويفكر فيما حصل ، وأين تكمن أهميته ، وكيف يمكنه تحويله إلى قصة .
ويقول فون دريهل : لابد له من أن ينجز ما يكفى من العمل ، حتى يستطيع الإجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة :
اولا - ما الغرض ؟
ثانيا – لماذا تروى هذه القصة ؟
ثالثا – مالذى تقوله هذه القصة عن الحياة والعالم والعصر الذى نعيش فيه ؟
أنهى هذا الفصل بقصة مراسل وروائى أجنبى شهير ، " هو لورانس ستولينجز " الذى كلف فى العام 1925 بتغطية مبارة كرة قدم أمريكية جامعية كبرى بين بنسلفانيا وإلينوى .
وقد كان نجم تلك الأيام هو اللاعب " ريد جرانج " . المعروف بلقب شبح الجرى " . لقد أبهر جرانج الجمهور بهجمة لمسافة 363 ياردة ، أدت إلى فوز غير متوقع لإلينوى على بنسلفانيا بنتيجة قوامها 2- 42.
كان الصحافى والمؤلف الشهير مرتعبا .وكتب " ريد سميث " أن ستولينجز كان " يقبض على شعره " ويذرع مقصورة الصحافيين ذهابا وايابا ، مرددا : " كيف يمكن لاى شخص أن يغطى هذا الحدث ؟ " " إنه لحدث عظيم جدا " ، " لا أستطيع أن أكتب عنه " ،
خرجت هذه الكلمات من رجل كان يغطى أحداث الحرب العالمية الأولى .
كان يفترض على شخص ما أن يقتبس له من شكسبير قائلا " الاستعداد هو كل شىء" .
والى الأداة الثانية والأربعون
#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)
Khalid_Goshan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة لأربعون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة االتاسعة والثلاثون
-
وإحنا مالنا ، خلينا فى حالنا
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة االثامنة والثلاثون
-
مسدس بلا فائدة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السابعة والثلاثون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السادسة والثلاثون
-
اتفضل بيع عمرك كله ؟
-
الاسانسير899
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الخامسة والثلاثون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الرابعة والثلاثون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثالثة والثلاثون
-
الجنس مع الموتى
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثانية والثلاثون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الواحد والثلاثون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثلاثون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة التاسعة والعشرون
-
عذابات الشعب الفلسطينى
-
نحن بشر
-
حكاية ولاء
المزيد.....
-
الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في الضفة الغربية و-يجبر- عائلا
...
-
-ديب سيك- تطبيق صيني يغير معادلة الذكاء الاصطناعي العالمي..
...
-
الأزهر يعلن رفضه القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين
-
إقالة 12 مدعيا شاركوا بمحاكمة ترامب
-
أميركا تواصل ترحيل مهاجرين إلى غواتيمالا وتتجاوز الأزمة مع ك
...
-
سوريا.. ضبط شحنة كبيرة من الحبوب المخدرة على معبر نصيب الحدو
...
-
حرصا على كرامتهم.. كولومبيا تخصص طائرات لإعادة مواطنيها المر
...
-
مجلس الشيوخ يصوت على تعيين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة
-
تاكر كارلسون: بلينكن بذل كل ما بوسعه لتسريع الحرب بين الولاي
...
-
دراسة تتوقع ارتفاع الوفيات في أوروبا بسبب شدة الحر بنسبة 50%
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|