|
فلنحدد قواعد الصراع في الساحة الكردية السورية
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7160 - 2022 / 2 / 12 - 14:42
المحور:
القضية الكردية
تعابير ، وكلمات دالة ، مثل ( حالة الضياع ) و ( الى اين نحن سائرون ) وعلامات الدهشة والتعجب حول ( التقلبات السريعة ) و ( لم نعد نفهم ماذا يجري ؟ ) باتت احاديث الساعة المتداولة ليس بين النخب المتعلمة فحسب ، بل حتى في الأوساط الشعبية ، وفي مجالس المواطنين العاديين في المدن ، والارياف ، ومخيمات اللجوء بالداخل ، والخارج ، وهي من دون شك ظاهرة سورية عامة ،تعبر عن خيبة الامل الى درجة انعدام الثقة من كل المتصدرين للشأن السياسي المعارض ، ولكن وقعها اشد تأثيرا في الساحة الكردية ، التي نرى لزاما علينا الولوج في تفاصيلها ، ومناقشة جوانبها المختلفة. ولان الظاهرة – الدويخة باللغة العامية – المتعددة المصادر هذه ، نشأت في ظروف استثنائية سريعة التقلب ، فان أكثرية ردود الفعل عليها شابتها العفوية ، والتعميم أيضا ، من قبيل وضع المسؤولية على النظام ، والقوى الإقليمية ، والدولية المحتلة ، وكيانات المعارضة ( الرسمية ) ، وسلطات الامر الواقع ، والفصائل ، والميليشيات المسلحة ، وقد يكون كل ذلك صحيحا ، ولكن لابد الانتقال من التعميم الى التشخيص ، والتفصيل ، ووضع الاصبع على مكامن الخلل ، ومصادر البلاء ، للتمكن من المعالجة السليمة في مرحلة لاحقة . في الساحة الكردية ، وعلى غرار الساحة الوطنية العامة ، يكاد يجمع الرأي العام على وضع مسؤولية الضياع ، وحالة التدهور ، والانقسام ، أقله بالعشرة أعوام الأخيرة ، على عاتق سلطة الامر الواقع ، وادارة ب ي د ، وأحزاب ( الانكسي ) ، والنظام ، والأطراف الدولية المحتلة ، ويذهب البعض اكثر في الإشارة الى وقوف المحورين في العمق الكوردستاني ( أربيل ) ، و ( قنديل ) وراء تفكك الحركة الكردية السورية ، وتاجيج الصراع الداخلي في أوساط الكرد السوريين ، وهذه التوجه كما أرى يحمل نوعا من الاجحاف عندما يساوي بين الطرفين . إعادة الفرز والتعريف من اجل ان لاتبقى الاحكام عامة ، والكشف عن محاولات التزييف للحقائق ، وقطع الطريق على التهرب من المسؤولية ، لابد من عدم إضاعة الخيط الواصل بين الحاضر والماضي ، والبحث عن جذور الصراع ، وتعرية وتبديل قواعده المتبعة الان من جانب أحزاب طرفي الاستقطاب الكردي السوري التي لاتخلو من التضليل ، والمزايدات اللفظية الانشائية ، ثم تحديد الجوهر الحقيقي لقواعد الاختلاف الفكري ، والسياسي ، والثقافي الكفيلة بتوفير التراكمات النوعية على طريق التقدم ان سارت في مجراها الطبيعي ، وشكلها الحواري المدني الديموقراطي . من جملة الدروس التي استقيناها من تجربة حركتنا الكردية السياسية الخاصة خلال العقود الخمسة الأخيرة ، ومن ابرزها لجوء بعض أحزابها الى الخارج، وتحديدا التوجه نحو العمق الكردستاني كتعويض عن الفشل في انجاز مهام الداخل ، وذلك ليس من باب التضامن القومي ، او مد يد العون في الأوقات المناسبة ، بل في ظروف لم يكن ذلك الخارج فيها بحاجة الى أي دعم ، وفي مراحل لاحقة انعكست الآية عندما وجد البعض من ذلك الخارج الكردستاني الكرد السوريين خزانا بشريا للتزود بشبابهم ، وشاباتهم ( حتى القصر منهم اكثر الأحيان ) لاستخدامهم وقودا في الحروب العبثية ، واستثمار مناطقهم الغنية بالنفط والغاز ، كمصدر لتمويل المشاريع ، في خدمة الاجندات الحزبية . ومن اجل تقويم الاعوجاج الحاصل ، وإعادة تعريف مصادر ، وجذور الصراع ، وتفكيك المفهوم الخاطئ التدميري للخطاب الحزبي السائد بالوسط الكردي السوري ، ووضع الأسس الصحيحة والمفيدة لقواعد الصراع الفكري والثقافي والسياسي ، الخلاقة وليست الهدامة كما هي الان ، لابد من العمل الذهني الجماعي ، والفردي ، على توضيح ، وتحقيق الآتي : أولا – التأكيد مجددا لشركائنا السوريين بالوطن ، وبشكل خاص للمؤمنين منهم باهداف الثورة الوطنية المغدورة ، وبالشراكة الحقيقية بين الكرد والعرب والمكونات الاخرى ، وبسوريا جديدة تعددية ديموقراطية ، بأن أحزاب طرفي الاستقطاب الكردي ( ب ي د – انكسي ) ماهي الا احد الأطراف في الساحة الكردية ، وليست الطرف الوحيد الى جانب الكتلة التاريخية ذات الغالبية ، من الوطنيين المستقلين ، ومنظمات المجتمع المدني ، الذين يسعون الى تنظيم صفوفهم ، تماما مثل مايمثله – الائتلاف – في الساحة الوطنية ، وبالتالي فان كليهما لايمثلان السوريين وكردهم ، ولايعبران عن طموحاتهم المشروعة كاملة . ثانيا – تفنيد مايذهب اليه خطاب – ب ي د – ومسمياته الأخرى ، بتحويل وتبديل مصادر ، ومسارات الصراع انطلاقا من مصالح حزبية او قطرية ، وذلك عندما لايعتبر النظام المستبد الحاكم على راس أعداء الكرد السوريين وقضيتهم ، وسبب مآسيهم منذ عقود وحتىى الان ، وانكار ان مسلحيه جاؤوا ، وانتقلوا من قنديل لنصرة النظام ومحاربة الثورة السورية في عامها الأول ، ثم التعامل الإعلامي الشعبوي لمنح الاولوية لصراعات مع اطراف أخرى قد تكون من أولويات – ب ك ك – بغرض الاستهلاك ، والتستر على الفشل في ساحته الرئيسية . ثالثا – كما لابد من التوضيح للمهتمين بالملف السوري بالمجتمع الدولي ، وللاطراف الإقليمية ، والكردستانية ، ان أحزاب طرفي الاستقطاب ، وبالإضافة الى. رفضها وعجزها فيي الوقت ذاته عن توحيد الصف الكردي ، فان علاقاتها ، وتحالفاتها ، مع الجهات المتناقضة ، لاتستند الى مبادئ ، وتفاهمات موثقة ، ولاتعبر عن مصالح الكرد السوريين ، بل تبقى في نطاق المصلحة الحزبية الضيقة ، وتخدم الدعاية الاستهلاكية الذاتية ، ولاينتج عنها سوى المزيد من الضياع ، والعبث بالقضية الكردية ، ودورها ومستقبلها . رابعا – التميز الكامل والقاطع بين كل من إقليم كردستان العراق وأحزاب – الانكسي - من النواحي التنظيمية ، والفكرية ، والسياسية ، فلاقليم كردستان العراق ، وشعبه ، وقيادته ، ومؤسساته ، ونضالاتهم ، قيمة كبرى في نفوسنا ونفوس الكرد السوريين اجمعين ، وهم حققوا إنجازات قومية استراتيجية في جزئهم ، وفي اطار برامجهم السياسية ،ومن واجب الجميع الاستفادة من دروسها ، والحفاظ عليها ، وتطويرها ، اما أحزاب – الانكسي – فهي سورية و لارابط عضوي – تنظيمي – تاريخي ، او قيادة مركزية مشتركة بينها وبين البارتي الديموقراطي الكردستاني – العراق ، او الاتحاد الوطني الكردستاني ، والاشقاء ليسوا مسؤولين عن سياساتها ، ومواقفها ، ولايتحملون تبعات فشلها في مختلف الأصعدة ، وليس لاي حزب كردستاني عراقي فروع في القامشلي او كوباني ، او عفرين ، او دمشق . خامسا – محاولة الفصل الكامل بين كل مايتعلق بآيديولوجية ، وتنظيمات ، وسياسات حزب العمال الكردستاني – ب ك ك – وبين كرد سوريا ، فارتباط ب ي د ومسمياته الأخرى ، فكريا ، وتنظيميا ، وعسكريا ، وامنيا بمركز – قنديل – قد جلب الكوارث لشعبنا ، ووطننا ، والحق الضرر بنضال شعبنا القومي ، والوطني ، وشكل خطرا على مضمون حركتنا ، ومفاهيمها ، وتاريخها ، وتراثها ، وتقاليدها ، ولكن بكل اسف حتى المراهنات القليلة المتواضعة على إمكانية فرز تيار كردي سوري مستقل ، من منظمات – ب ك ك السورية وضمه الى صفوف الحركة الكردية السورية ، لم يعد مضمونا ، وهذا من احد الإشكاليات القائمة في الساحة . سادسا – الحركة الكردية السورية ، مفككة، ومشتتة ، ولا تتبع لمركز واحد ، وهي بوضعها الراهن ليست مهيأة تنظيميا ، وسياسيا ،. ودورا ، ان تكون فاعلة في المحاور الكردستانية ، والإقليمية ، والدولية ، وفي حال اقدام أحزاب معينة في التموضع هنا وهناك ، فانها لن تكون الا في عداد التابعين الاذلاء ، الخادمين لاجندات الاخرين لقاء منافع مادية ، ومن ودون المشاركة في أي قرار يخدم كرد سوريا ، وقضيتهم المشروعة . سابعا – كلما تاخرت المساعي الجادة ، والجماعية ، من نظرية في مجال صياغة ، وإقرار المشروع السياسي الكردي بجانبيه القومي والوطني ( حراك " بزاف " الطرف الوحيد الذي قدم مثل هذا المشروع ) ، والعملي بإنجاز الخطوات اللازمة للوصول الى عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، كلما تضاعفت المخاطر على الوجود ، والحقوق ، جغرافيا ، وبشريا ، واجتماعيا ، وكلما ازدادت فرص تحول – المؤقت – الى دائم ، و( الطبع الحزبي الآيديولوجي ) الى تطبع ، أولم تسخر جماعات – ب ك ك – طاقاتها بمناطقنا وللمرة الأولى في خدمة – الحرب بالوكالة - ؟ أولم تغذي سلطة الامر الواقع خلال العقد الأخير نمو طبقة مستغلة في مجتمعاتنا ، من امراء الحرب ، والفئات الدنيا الرثة ، بحسب التوصيف الماركسي ؟ ، اولم تدشن الأحزاب الأخرى في الأعوام الأخيرة أرضية ازدهار وتدفق المال السياسي ؟ . وهكذا تبقى الأولوية القصوى لترتيب البيت الكردي السوري ، وإعادة بناء وتوحيد الحركة لترتقي الى مصاف الأداة الفكرية ، والسياسية ، والتنظيمة الفعالة الموحدة ، وتصحيح الاعوجاج قبل فوات الأوان ، ولاشك بتوفر الوسائل المدنية الديموقراطية لتحقيق ذلك ، وبانتظار استكمال الشروط الذاتية في التصميم والإرادة ، والعمل الجماعي الطوعي .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التكامل بين القومي والوطني في تجربة كردستان العراق
-
قراءة أولية في ندوة الدوحة
-
عندما تنتقم روسيا – البوتينية –
-
مواجهة الإرهاب لاتتجزأ
-
المصير السوري في ميزان الخارج
-
جدلية - تساقط - المعارضة ، و - اسقاط - النظام
-
هكذا يسيطر – الاخوان – على ( الائتلاف السوري المعارض ؟! )
-
توضيح للراي العام
-
فليكن – 2022 – عام المؤتمر الكردي السوري
-
سيمالكا: بين تجسير الهوة ، وهدم الجسور.
-
مناقشة هادئة في مسألة قديمة – جديدة
-
مناقشة صريحة عن بعد لقائد قوات - قسد -
-
تداعيات - حزبنة - العلاقات الكردية – الكردية
-
مؤتمر ( الجاليات الكردية ) في أربيل : قراءة موضوعية
-
في الذكرى السابعة بعد المائة لاستشهاد الشيخ - القومي -
-
مخاطر الإسلام السياسي على تجربة كردستان العراق
-
نموذج يحتذى به في الحركة التحررية الكردستانية
-
القضية الكردية في ندوة - دهوك -
-
قراءة أولية لوثيقتي - التطبيع العربي - مع النظام السوري
-
شعوب الشرق الأوسط والقلق المشروع
المزيد.....
-
أول تعليق من المحكمة الجنائية الدولية على استشهاد السنوار
-
الأمم المتحدة: 345 ألفا من سكان غزة سيواجهون جوعا كارثيا هذا
...
-
بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: مقتل السنوار سيعزز روح المقاوم
...
-
سفير ومندوب ايران الدائم لدى الأمم المتحدة يؤكد في رسالة الى
...
-
مندوب ايران الدائم لدى الأمم المتحدة: نحن على استعداد تام لل
...
-
الأول من نوعه.. تقرير حول مكافحة الفساد في المغرب يخلق جدلا
...
-
ممثلية ايران بالامم المتحدة: اوربا تتخذ مسارا خاطئا وخطيرا ح
...
-
صدور مذكرات اعتقال بحق الشيخة حسينة وقادة حزبها وحكومتها الس
...
-
الأمم المتحدة: 345 ألف شخص في غزة مهددون بالجوع هذا الشتاء
-
غوتيريش: خطر المجاعة في غزة “لا يمكن قبوله”
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|