|
رحل سيد القمني.. المناهض للفكر ألمتأسلم
فهد المضحكي
الحوار المتمدن-العدد: 7160 - 2022 / 2 / 12 - 10:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يُعد سيد القمني واحد من أكثر المصرين إثارة للجدل بأرائه التصادمية الجريئة مع رجال الدين المسلمين وحركات الإسلام السياسي من جهة،واحتسابه ضمن التيار العقلاني والتنويري، مثل فرج فوده من جهة أخرى..يتأرجح الموقف منه.. علاوة على ان معظم أعماله تناولت مرحلة حساسة من التاريخ الإسلامي، فالبعض اعتبره باحثاً بالتاريخ الإسلامي من وجهة نظر ماركسية، في حين أنه يعتبر نفسه من أتباع فكر المعتزلة. وبحسب ما ذكره الأكاديمي محمود محمد علي في صحيفة المثقف الإلكترونية، ينتسب سيد القمني الى طائفة من الباحثين في علوم الدين، واجتماعيات الشريعة الإسلامية، ممن يفكرون خارج مناطق الصندوق التقليدي للفهم الديني، وهو ما جر عليه مصاعب حياتية قصوى جعلته في مرمى الكفير والتهديد بالقتل، كما فعلت في العام 2005 «جماعة الجهاد»، التي اتهمته بالخروج عن نواميس الشريعة، وبأنه «مارق» و«مرتد»، ولكن ذلك لم يمنعه من مواصلة دق جدران خزان المسكوت عنه في التاريخ الإسلامي، مواصلاً مسيرة مفكرون عرب وإسلاميين بعضهم قضى نحبه في هذا الطريق الزهرة. راح القمني منذ حصوله على الدكتوراه في تأريخ علم الاجتماع الديني، يبحث في مناطق إشكالية في التاريخ الإسلامي، وفي النصوص الدينية، اسفرت عن عدد من الكتب جرى مصادرة اغلبها من قبل الأزهر، وتعرض بسببها إلى المحاكمة باعتباره «مرتدًا».
وينقل الباحث، عن الكاتب الصحفي مجدي حسين بان القمني من الباحثين الذين وهبوا حياتهم للأسطورة والتاريخ والبحث في سراديب الاديان المقارنة، كاشفًا عن الجواهر التي تختفي وراء الانقطاع المعرفي والاغتراب عن النسق. ٱثر البقاء في صومعة البحث العلمي، راهبًا في محراب تاريخ المنطقة التي شهدت الأديان السماوية الثلاثة الكبرى اليهودية.. المسيحية.. الإسلام. رافضاً العمل في الجامعات ومراكز الابحاث، ويرجع السبب في نظره الي رفض اساليب التعليم ليس في الجامعات المصرية فحسب، بل في الجامعات العربية كلها، خاصة أن المادة العلمية التي يبحث فيها والمنهج الذي يستخدمه له من التميز والخصوصية ما قد يتعارض مع اساليب التعليم المعمول بها في مصر أو الوطن العربي، بل قد يحدث معه ما هو انكى من ذلك.. وأبحاث الدكتور القمني ترتكز على دراسة تاريخ الأديان والتاريخ المقارن وأساطير مصر القديمة، أي في المنطقة الحضارية الأولى، التى بعثت الدراسات فيها منذ أواخر القرن الماضي، وأوائل القرن الماضي، وأوائل القرن الحالي، سعيًا لإثبات هذه الوحدة الحضارية في ديانات، وثقافات الشرق القديم. في حين يرى بعض النقاد، انه لا يفرق في تحليلاته بين ما ينتمي إلى السجل الخرافي ولا ذلك المحسوب على العقل، وإنما بموضعهما معًا في إطار الشروط التاريخية والثقافية التى فعلت في إنتاجهما. إنها المسافة الضرورية واللازمة مع التراث التي تجعل الإنسان يدرك أن ذلك المأثور في كليته ما هو إلا نتاج اجتهادات أهل عصوره.. عمل إنساني. وبحكم نقده العميق للاسلام السياسي والمراجعة التفكيكية للتراث الديني جعلت القمني في عين العاصمة باستمرار. ولم يكن، كما أشار الاستاذ اسامه خيي في احد مقالاته، صدفة أن بهدر دمه قبل عشر سنوات ولا أن يلاحقه محتسبة الإخوان والنظام معا في محاكمة شهيرة ترافع فيها، ليس عن نفسه، وإنما عن الفكر الحر بمعرفة عميقة بالفقه والشريعة والاصول.وهو ما فعله مع صنوه في جبهة التنوير، المفكر الراحل نصر حامد ابو زيد يوم كالوا له تهمة الخروج عن الملة وسعوا لتطليقه من زوجته. يجسد سيد القمني، الذي ساهم في إحياء تراث المعتزلة، امتدادا لتلك المدرسة والمنارة الشاهقة التى وضع حجرها الأساس مفكرون في قامة طه حسين وعلي عبدالرازق ولطفي السيد وسلامه موسى ومحمود أمين العالم وفرج فوده وسواهم كثير.
اعتبر القمني (1947-2022) في أغلب أبحاثه أن العامل السياسي هو السبب في اتخاذ القرار الديني، وذلك في الفترة المبكرة من التاريخ الاسلامي، ويظهر هذا جليًا في عدد من كتبه مثال «الحزب الهاشمي تأسيس الدولة الإسلامية» في هذا الأصدار حاول القمني إظهار دور العامل السياسي في اتخاذ القرار الديني في التاريخ الاسلامي المبكر. ناقش دور البيت الهاشمي في التمهيد لتأسيس الدولة الإسلامية على يد النبي محمد، ورصد ما كان لديهم من تطلعات ليكونوا أصحاب حكم ورئاسة، وناقش أيضا دور مركز مكه التجاري في دعم تلك التطلعات، وإرساء قواعد الدولة الإسلامية الناشئة.
بينما يظهر في كتابه «اهل الدين والديمقراطية» أن الحداثة بشكل عام هي منجز الإنسان وكده وعقله وعمل يديه، بل رفض ونقد كل منجز جاهز، ومن الطبيعي أن تقوم ثقافة العربي على مرجعية مقدسة جاهزة، لاحل معها ولا اختلاف ولا مخالفة، فمن الطبيعي أن يتصادم مع الحداثة بكل قيمها. ولكن الاسلام الذي تقدم بالأمة خلال القرون الاربعة الأولى إلى مواقع حضارية وعلمية متقدمة لابد أن يكون قادرًا على مواصلة التقدم لو أن المسلمين اعادوا النظر في أنفسهم ومناهجهم وطريقة قراءتهم للنص. فالمشكلة بحسب رأيه ليست في الدين ولا في أي دين، وإنما في كيفية استثمار هذا الدين، فهناك من استثمره في التقدم وهناك من يستثمره في التخلف، وهناك من احترم الدين فصانه بعيداً عن الألاعيب السياسية، وهناك من يستثمره حفاظاً على خط فكري نظري واحد ليظل سيد الموقف في كل شأن وكل أمر. وبهذا الموقف لا تشغله الأمة ولا الناس ولا الدين، بقدر ما تشغله سيادته وسيطرته على العقل،واستمرار هذه السيادة في استعباد الناس. وفي أحد عناوين الكتاب يرى إن الإرهاب هو النتيجة الطبيعية والمفترضة لسوء السياسات التي استخدمت الدين في اغراضها لجر الشعوب عن رضا وإيمان، والغريب أن التفاعل مع التكنولوجيا أنتج ٱلة عملاقة من الفضائيات والصحف. ومواقع الإنترنت لترويج التخلف والإرهاب.
#فهد_المضحكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التوتر بين روسيا والغرب.. من المسؤول؟
-
عن المقاطعة الدبلوماسية الأمريكية لأولمبياد بكين
-
غالي شكري.. المثقف الموسوعي
-
حول الأزمة الأوكرانية
-
وداعًا.. جابر عصفور الناقد والمفكر المستنير
-
لماذا تجديد الخطاب الديني؟
-
مريانا مراش.. رائدة في حركة التنوير العربية
-
قمة بايدن من أجل الديمقراطية!
-
عن علاقات الكتابة والسياسة
-
المناخ والمستقبل وفرص الديمقراطية
-
المرأة في فكر رفاعة الطهطاوي
-
الاتحاد الأوروبي والاختراق التركي
-
عمر فاخوري رائد من رواد المدرسة الواقعية في النقد
-
علي حرب.. فرض الوصاية على الحقيقة والمعرفة مهمة فاشلة
-
آسيا الوسطى والأهداف الروسية - الصينية المشتركة
-
ليبيا.. دعم تركيا المرتزقة لصالح الإخوان
-
«الإخوان» والمصالح المشتركة مع الأمريكان
-
درية شفيق «إحدى رائدات تحرير المرأة في مصر»
-
دول جنوب شرق آسيا والتحريض الأمريكي ضد الصين
-
عن العلاقة بين التنمية والديمقراطية
المزيد.....
-
هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب
-
الاحتلال يسلم عددا من الاسرى المحررين قرارات بالابعاد عن الم
...
-
هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|