|
أصالةُ اللغةِ العربيةِ و(أجملُ قصّة عنِ اللغة لباسكال ولوران و جيسلان وسيسيل)
صباح علي السليمان
الحوار المتمدن-العدد: 7158 - 2022 / 2 / 10 - 12:22
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
شغلتْ نشأةُ اللغةِ تفكيرَ شعوبِ العالم ، وهذا الأمرُ مقبولٌ ؛ فهو من أسرار التفكرِ بشأنِ بدايةِ الخلقِ ، ولكنْ ما يثيرُ الدهشةَ حينما يُتصفح كتاب ( أجمل قصة عن اللغة ) ( ) أنَّ اللغاتِ المحكيةَ تنحدرُ من لغةِ أمٍ واحدة كما جاء في أسطورة بابل لورغان ساغار ،ويأخذون اللغةَ الصينية أنموذجاً ، ثم يعودون إلى تجاربَ بعض العلماء حينما عزلا طفلين ؛ ليستنتجوا من ذلك أنَّ اللفظة التي يتلفظون بها تعني أقدمَ لغةٍ في العالم ، بل وصلَ الأمرُ إلى عالمِ الموسيقى وهو ما قامتْ به الطبيةُ جيسلان مديرة الأبحاث في المجلس الوطني للبحث العلمي (CNRS) في سماعِ الجنين إلى مقاطعٍ لغويةٍ لشكسبير في فترةِ الجنين ، وبعدها قامتْ بفريق عمل مع باسكال ولوران بعزل مجموعةٍ من الأطفال الصُم في مدينة ماناغوا في نيكاراغوا ، فسمعوا نوعا من الرطانة كأنَّ الأول يقول للثاني (أنت لعب مع أنا في الملعب) ومن خلال هذه الإشاراتِ استخرجوا مجموعةً من وظائفَ اللغة ،ووضعوا لها قواعد . وهذه من الأمور البديهية ؛ إذ قال النبي محمد صلّى الله عليه وسلم :" «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ»، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] الآيَةَ" ( )، وقول الإمام علي عليه السلام :" أم هذا الذى أنشاه في ظلمات الأرحام ، وشغف الأستار نطفة دهاقا ، وعلقة محاقا ، وجنينا وراضعا ، ووليدا ويافعا ، ثم منحه قلبا حافظا ، ولسانا لافظا ، وبصرا لاحظا ، ليفهم معتبرا ، ويقصر مزدجرا ، حتى إذا قام اعتداله ، واستوى مثاله ، نفر مستكبرا ، وخبط سادرا ، ماتحا في غرب هواه ، كادحا سعيا لدنياه ، في لذات طربه ، وبدوات أربه ، ثم لا يحتسب رزية ، ولا يخشع تقية ، فمات في فتنته غريرا ، وعاش في هفوته يسيرا ، لم يفد عوضا ، ولم يقض مفترضا" ( ). وهذان القولان جاءا من دون تجارب ليعلّما البشريةَ أصلَ النشأة والتكوين في خلقِ الإنسان . وتطرقَ الكتابُ إلى أنّ90 % من مجملِ اللغات ستنقرضُ وربما تبقى الصينية أو الانكليزية باقية في العالم ، وهذا لا يقبله العقلُ فقد اعترفَ الغربيون بأصالة اللغة العربية ؛ إذ ذكرَ د. سعيد الشربيني أستاذ علم اللغة الكوني أنّ اللغةَ الباقية في آخر الزمان هي اللغةُ العربية ، فيذكر أنَّ البريطانيين يكتبون دستورهم باللغة العربية ، وحينما سألهم عن السبب وعن عالمية اللغة الانكليزية ، قالوا له : إنَّ اللغةَ الأنكليزية تتغيرُ بين الأجيال فربما يأتي جيل بعد فترة من الزمن لا يفهمون اللغة َالانكليزية الحالية ، مما يؤدي إلى تغيير الفقرات القانونية ، أمَّا اللغة العربية فهي باقية لا تتغير ، أمَّا اللغة الصينية فبسبب انتشارها ، فأكثرُ من مليار ونصف يتحدثونها زيادة ًعن أكثر من 100 مليون شخص يدرسونها خارج الصين( )،ولكنَّ لهجاتها تتغيرُ بين الحين والآخر . أمَّا أسطورة بابل فيتفقُ علماء اللغة أنَّ اللغة البابلية هي أقدمُ اللغات ومنها خرجت اللغة العربية ، وأكثر اللغات الهندوأوربية والسامية أصلها عربي كما جاء عند أسعد الهوريني ،و مجموعةٍ من الأبحاث التي ألفها العلماء من غير العرب . وتطرقَ الكتابُ في أغلبه إلى أنَّ الإنسان الحالي متطور من سلالة القردة العالية التي ترجع إلى ما بين خمس وسبع ملايين سنة ، وعن طريقِ هذا التكوينِ نشأتْ وتطورتِ اللغة . وهذا الكلام ُشائع في كتبهم من خلالِ نظرية فرويد ومن تابعه على هذا المضمار ، وهذا الأمر فنّده القرآن الكريم ؛ لأنَّ الله تعالى كرّم بني آدم ،جاء في قوله تعالى:{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)}[ المؤمنون] ، أمَّا نشأة اللغة فقد قال الله تعالى :{ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)}[ البقرة]. لا ضيرَ أنَّ كلَّ شعب من شعوب العالم يعتزُ بلغته وأصالتها ، ولكنْ على الكل أنْ يراجعَ الكتب السماوية أولاً ؛ لمعرفةِ الحقائق الربانية في ذلك ، ثُم الدّراسة العلمية ، وهذه تحتاجُ إلى مراكز بحثية ، وجهود العلماء ؛ لتتبعَ الكلمات قديماً وحديثاً وآلية نشأتها وتطورها ، فالتغييرُ يكونُ في لغات العالم ، أمَّا اللغة العربية فهي تتطور ؛ لأنَّ أصولها واحدة . أمَّا التنبؤُ ، والخيالُ العلمي ، وإسنادُ أقوال إلى الأنبياء لا صحةَ لها فهذا عبثٌ لا يرتضيه العقلُ ،ويقود الدارسين إلى طرق مظلمة ، وخلافات كثيرة لا تسمنُ ولا تغني من جوع . أجمل قصة عن اللغة ، تأليف: باسكال بيك ،ولوران ساغار، وجيسلان دوهان ، وسيسيل ليستيان، ترجمة:ريتا خاطر ،ط1،مركز دراسات الوحدة العربية -بيروت،2009 .( )صحيح البخاري ، تأليف :محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي ، تح : محمد زهير بن ناصر الناصر ، ط1،دار طوق النجاة ، 1422هـ .( ) شرح نهج البلاغة ، تأليف : أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله أبي الحديد، (ت 656هـ) ، تح : محمد أبو الفضل ابراهيم ، د.ط ، دار احياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاه ، د.ت .( )اللغة الصينية تصعد عالميًا وتهدد عرش "الإنجليزية/عبد الحليم حفينة / مقال.
#صباح_علي_السليمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|