|
التكامل بين القومي والوطني في تجربة كردستان العراق
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7157 - 2022 / 2 / 9 - 13:53
المحور:
القضية الكردية
الدرس الأول في مسيرة الحركة القومية الكردية منذ ظهورها وحتى الان يتلخص بالمقولة التالية : ( لانني قومي فانا وطني ) ، ولم يكن مستغربا ان الصراع السياسي الأول الذي نشب في صفوف الحركة في بدايات القرن العشرين ، وفي ظل الإمبراطورية العثمانية كان بين ماسمي بتياري – الاستقلاليين والاوتونوميين – أي بين من طالب باستقلال كردستان ( العثمانية ) ، وانشاء الدولة الكردية من جهة ، وبين من رأي احقية الاستقلال ولكن ان من مصلحة الكرد نيل الحكم الذاتي او الفيدرالية أولا ،لان الظروف الموضوعية والذاتية لاتتحمل اكثر من ذلك ، وكان هذا الشكل من الصراع ناشبا في العديد من الحركات القومية للشعوب الرازحة تحت النير العثماني ، وخصوصا في البلدان العربية . وقد اثبتت الاحداث ، والتطورات المحلية ، والإقليمية ، والدولية فيما بعد ان القوى السائدة بالمنطقة ، وكذلك المجتمع الدولي ، لم يكن مستعدا حتى بقبول الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للكرد ، وهذا ماتوضح بجلاء في بنود اتفاقية سايكس – بيكو ( الفرنسية – البريطانية – الروسية القيصرية ) ، ومعاهدة لوزان ، وسائر التفاهمات الدولية الغربية ، والشرقية الى يومنا هذا . مسألة موضوعية ، وقيمة البعد الوطني للحركات القومية الكردية ، لاتنبعان من رغبات ذاتية ، او مفاهيم فكرية ، او مواقف سياسية عابرة بل هو واقع جيوسياسي يعيشه الكرد جيلا بعد جيل ، واطار. دستوري ، قانوني يجمع الكردي بالعربي ، والتركي ، والإيراني وغيرهم في اطر دول وكيانات معترف بها دوليا ، وحدود مرسومة مثبتة في وثائق الهيئات الدولية ، تحرسها جيوش ، وتحرص عليها الارادة الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية . بطبيعة الحال كل ذلك لايعني ان مارسم ، وبني من دول ، وماتم من تجاهل لشعوب ، واقوام ، وما قسمت من اوطان الشعوب الاصلية مثل الشعب الكردي كان بمسار صحيح ، او متوافقا مع مبدأ حق تقرير مصير الشعوب ، وحتى مع ميثاق هيئة الأمم المتحدة ، وشرعة حقوق الانسان . ولابد من الإشارة هنا الى ان البعد الوطني للحركة القومية الكردية ، يبقى العامل الأهم في مختلف اشكال حل القضية الكردية من الكونفيدرالية الى الفيدرالية ، الى الحكم الذاتي ، مرورا بالادارات المحلية ، والذاتية ، وحتى في حالة الاستقلال الناجز حيث يحل عامل العلاقات الاقتصادية ، والاجتماعية ، والثقافية ، مع الدول ، والشعوب المحيطة مكان البعد الوطني وكشكل متطور عنه . القومي والوطني في تجربة كردستان العراق منذ بدايات التحركات ذات الطابع القومي في كردستان العراق ، كان البعد الوطني واضحا ، ففي عريضة المطالب التي قدمها الشيخ عبد السلام بارزاني والتي يعتبرها المؤرخون باكورة التحرك القومي لنيل الحقوق ، تطرقت الوثيقة الى ماهو مطلوب في مسالة الوضع القانوني لكرد العراق ، وتفاصيل العلاقات مع المركز الحاكم ، والبنية الدستورية لشكل العلاقة المتبادلة للكرد ضمن الكيان العراقي الوطني . وفي جميع اشكال الكفاح الذي واصل البارزانييون وسائر أطياف شعب كردستان ممارسته من مواجهات مسلحة ، ونضال سياسي ، كان البعد الوطني العراقي يتصدر تطورات الحركة القومية الكردية ، وتجلى ذلك في المعارك الدامية ضد المعتدين من جنود الاستعمار البريطاني ، ثم جيوش النظام ، والحكومات المتعاقبة على سدة الحكم ببغداد ، وكذلك في مضمون المباحثات ، مع الجانب الحكومي ، منذ العهد الملكي ، مرورا بعهد الزعيم عبد الكريم قاسم ، وحقبة تسلط البعث ، وحتى اسقاط نظام صدام حسين ، والى يومنا هذا ، فقد كان الشعار الرئيسي لثورة أيلول ( الديموقراطية للعراق ، والحكم الذاتي لكردستان ) ، أي اعتبار البعدين الوطني ، والقومي ، متكاملين بالضرورة ، فلا حل للقضية الكردية الا بتوفر الديموقراطية ، والتوافق الكردي العربي . لاشك ان زخم البعدين القومي ، والوطني لم يستقرا على نسق واحد ، فقد جاءت ظروف كانت الحركة الوطنية الديموقراطية العراقية تجتاز ظروفا صعبة في ظل الدكتاتورية ، والاستبداد ، وتتعرض الى التنكيل ، والقمع المنظم ، وكانت الحركة التحررية لشعب كردستان تثور في وجه الطغيان ، وتمارس الثورة ، وحروب الأنصار ، وتحول كردستان الى موئل ، وملاذ للمعارضة العربية العراقية بمختلف اطافها ، وفصائلها ، وفي ظل تلك الأوضاع كان التوازن الإيجابي بين القومي ، والوطني سائدا . بالمقابل وفي مرحلة انتكاسة ثورة شعب كردستان آذار عام ١٩٧٥ خلال اتفاقية الجزائر بين شاه ايران ، ودكتاتور العراق ، بوساطة دكتاتور الجزائر هواري بومدين ، وسكوت أمريكا والمجتمع الدولي ، وعندما تراجعت حركة شعب كردستان ، كان لذلك التاثير السلبي على النضال الوطني والديموقراطي العراقي ، واختل التوازن لصالح الدكتاتورية ، الى حين إعادة ماتهدم ، وصعود الحركة من جديد مما أعاد الحياة للمعارضة العراقية من جديد ، ووحدت قواها مع الحركة الكردية ، وحققت الانتصار بسقوط الدكتاتور عام ٢٠٠٣ ، وتمت إعادة التوازن الى البعدين القومي والوطني ، مما نتج عنه نظام فيدرالي ، ودستور متوافق عليه بين سائر المكونات العراقية . حتى في ذروة المطالبة باجراء استفتاء تقرير المصير ، الذي دعا اليه واجراه الزعيم مسعود بارزاني ، كان البعد الوطني العراقي حاضرا بقوة ، بل ان رفع الصوت عاليا من كردستان ، كان موجها لبغداد بالأساس من اجل إعادة النظر في مفهوم شوفيني موروث من العهود الماضية ، يتناسىى مبدأ حق تقرير مصير شعب كردستان ، ويتجاهل استحقاقاته الدستورية ، ومستحقاته فيي السلطة ، والثروة ، والقرار ، ويطالب بإزالة الخلل ، وعودة علاقات المشاركة الحقيقية قولا وعملا ، وكانت رسالة واضحة المعالم مفادها : نحن وطنييون عراقييون الى درجة الشراكة في الحاضر ، والمصير ، وكردستانييون الى حدود تقرير المصير . هناك وفي تجربة الحركة القومية الكردية ، ومجمل مسار شعب كردستان العراق بمختلف قومياته ، واطيافه ، دروس في غاية الأهمية لكل اطراف الحركات القومية الكردية ، تؤكد على تكامل البعدين القومي ، والوطني ، وعلى ضرورة اجراء التوازن الدقيق بين الجانبين بمزيد من المرونة ، والاعتدال ، وماالنجاحات التي يحققها – الحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق – على الصعيدين الكردستاني ، والعراقي ، الا ثمرة من ثمار ذلك النهج السليم الذي تسير عليه القيادة منذ ثورة أيلول وحتى الان في مجال التعاطي الموضوعي مع البعدين القومي ، والوطني . ان النهج السليم لمسيرة نضال الاشقاء في كردستان العراق بخصوص التعامل مع البعدين القومي ، والوطني ، من شأنه أيضا تصحيح مسار العلاقات القومية بين الإقليم ، والاجزاء الأخرى ، نحو المزيد من التنسيق ، وتبادل الخبرات ، والتجارب ، وايلاء البعد الوطني لكل جزء الاهتمام اللازم ، والتقدير الكامل لدوره ، في حل القضايا الكوردية في كل بلد ، كما ننظر بالاحترام الى الدور الوطني على مستوى العراق للاشقاء في الإقليم .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة أولية في ندوة الدوحة
-
عندما تنتقم روسيا – البوتينية –
-
مواجهة الإرهاب لاتتجزأ
-
المصير السوري في ميزان الخارج
-
جدلية - تساقط - المعارضة ، و - اسقاط - النظام
-
هكذا يسيطر – الاخوان – على ( الائتلاف السوري المعارض ؟! )
-
توضيح للراي العام
-
فليكن – 2022 – عام المؤتمر الكردي السوري
-
سيمالكا: بين تجسير الهوة ، وهدم الجسور.
-
مناقشة هادئة في مسألة قديمة – جديدة
-
مناقشة صريحة عن بعد لقائد قوات - قسد -
-
تداعيات - حزبنة - العلاقات الكردية – الكردية
-
مؤتمر ( الجاليات الكردية ) في أربيل : قراءة موضوعية
-
في الذكرى السابعة بعد المائة لاستشهاد الشيخ - القومي -
-
مخاطر الإسلام السياسي على تجربة كردستان العراق
-
نموذج يحتذى به في الحركة التحررية الكردستانية
-
القضية الكردية في ندوة - دهوك -
-
قراءة أولية لوثيقتي - التطبيع العربي - مع النظام السوري
-
شعوب الشرق الأوسط والقلق المشروع
-
شركاء السطو على الشرعية في سوريا : النظا
...
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|