إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي
(Driss Jandari)
الحوار المتمدن-العدد: 7156 - 2022 / 2 / 8 - 22:40
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
من خلال محاولة استقرائية عابرة للخطاب و الممارسة، على طول الامتداد العربي غربا و شرقا، يمكن أن نستنتج أن وعيا عربيا جديدا بدأ في التشكل و سيكون له ما بعده !
من خصائص هذا الوعي الجديد:
* إفلاس المشروع الإيديولوجي القومي الذي كان يختزل العروبة في شعارات سياسية قابلة للاستهلاك و الاستغلال، من طرف الدوغمائية العسكرية و نخبتها المترهلة التي تعيش على الفتات. و في المقابل، بدأت العروبة تستعيد زخمها الحضاري المتفاعل مع ثقافات الشعوب، باعتبارها مكونا أساسيا من البراديغم المعرفي الذي شكل رؤية عالم منسجمة لفضاء ممتد من آسيا إلى إفريقيا.
* إفلاس المشروع الإيديولوجي الإسلاموي، بجناحيه السني و الشيعي، الذي اختطف الإسلام، لعقود، و وظف قيمه و تعاليمه من منظور سياسي مختزل. و في المقابل، استعاد الإسلام زخمه المعرفي، باعتباره منظومة قيمية و فكرية تحكمت، لقرون، في صياغة تصور حضاري ممتد عبر قارات العالم.
** إفلاس المشروع الإيديولوجي العرقي، بلباسه الأمازيغوي و الكردي و الفرعوني، و استعادة هذه الخصوصيات الثقافية لتجذرها المعرفي باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية العربية الجامعة التي قامت، على مر التاريخ، على روح التعددية و الاختلاف، مما ساهم في تحصين هذه الخصوصيات و حمايتها من التفكك و الاندثار، كما حدث لثقافة الهنود الحمر في أمريكا، و الثقافات الإفريقية التي تعرضت للاستئصال على يد الفرنكو-كولونياليين و استبدالها بثقافة فرنكفونية هجينة .
هذا الإفلاس الإيديولوجي العابر للقوميات و العرقيات و الجماعات الدينية، فرصة تاريخية تتاح للنخبة الفكرية و السياسية من أجل تحرير العقل العربي من الاختطاف، فبعد قرن كامل من الاحتباس الإيديولوجي الذي أثر على المناخ العام و نشر الجفاف و القحط، تتاح هذه الفرصة التاريخية التي بإمكانها تحرير طاقتنا الجماعية و إطلاق فعلنا التاريخي من جديد.
هذا، كان مشروع الفكر العربي المعاصر، ذي الاتجاه العقلاني النقدي، الذي ساير المرحلة الإيديولوجية، نقدا و تفكيكا، و بين عورتها، سواء من منظور ابستملوجي يبحث عن خلل الواقع في خلل العقل، أو من منظور تاريخاني يبحث عن خلل تجربتنا التاريخية في ضوء التجارب الإنسانية المقارنة، و في علاقة بالمسار الوضوعي للتاريخ.
لحظات الانتقال/التحول/الطفرة ليست قابلة للتلقي و الهضم من طرف الكثير من النخبة فما بالك بالحشود ! لذلك، لا يجب أن نشك، لحظة، في جدوى التحول الشامل الذي يعيشه العالم العربي، يجب دعم التغيير من خلال دعم القرارات الصادرة عن الفاعل السياسي العربي الجديد، من المغرب إلى الإمارات و السعودية و مصر، و في نفس الآن يجب التجند لهدم ما تبقى من قلاع إيديولوجية منغلقة تتحصن داخلها جماعات متطرفة و نخب دوغمائية مترهلة.
#إدريس_جنداري (هاشتاغ)
Driss_Jandari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟