عايد سعيد السراج
الحوار المتمدن-العدد: 1664 - 2006 / 9 / 5 - 10:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كلنا يعلم أن الله له جميع الأديان السماوية, وهو رب لا يعبد سواه ,وان كان ثمة فروقات في النظرة إلى الإله الواحد كل من زاوية رؤياه, فالإثنية في غالب الديانات وخاصة السماوية منها مرفوضة, وحتى الأديان جميعا التي تعبد الأوثان لتقربها من الله زلفى هي في نهاية المطاف تعبد الرب الواحد وبما أن جميع الأديان تدعو للصلاح و استقامة الإنسان وتخليصه من الشرور وجعله يعمل الخير لذا فإن
الأديان كلها بشكل أو بآخر تدعو للإخوة بين الناس, و إشاعة الرحمة و السلام, فأي دين كان قد اعتمد في قسم من مفاهيمه على الدين الذي سبقه, إن كان بالتلاقي أو بالتنافر ففي التلاقي تراه يطور جوهر الفكرة ,أو يأخذ منها الذي يناسبه, وأما في التنافر فهو يصحح وينفي الفكرة الخاطئة, أو يحاربها و بذا يكون قد استفاد من طرح الفكرة الدينية بالاختلاف, الذي يولد الشكل المعتقد انه الأكثر صحة ,وبهذا يكون الدين المختلف معه قادرعلى طرح مفاهيمه التي هي على الأرض, أي تنزيل الفكر الديني من فكر سماوي إلى فكر ارضي, طالما غايته ومبتغاه بني البشر, أما أن يعوموا الدين فتصبح كل فئة صاحبة الحق و غيرها على ضلال, فهذه هي الطامة الكبرى ,و السؤال هو كيف تستطيع فئة دينية أن تثبت أنها الصحيحة؟ ذلك لن يكون إلا بالبرهان و المنطق الذي يثبت لفئة أو لبقية الفئات أن هذه الديانة أو الجهة التي يراد الإيمان بها هي صحيحة ,هذا حتما قد يراه البعض ضربا من الخيال, و لكن هكذا مَثَل ألا يجنب الشعوب الاقتتال,و الفتنة, و يوحدهم جميعا على كلمة واحدة و تدعو لرب واحد . أو في السيء من الأمر جعل أصحاب الدين يرون أن الآخر المختلف أيضا يؤمن مثلهم بإله واحد وهو يعبده على طريقته طالما أن الإيمان هو شيء بين العبد وربه ( خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارف ) إذاً طالما التقوى هي سيدة الصلاح عند المسلمين وهذه بينة ,لاراد لها,اذا هي ركيزة رائعة لفتح جميع النوافذ إلى الآخر المتدين, أما عند المسيحيين فالمسالة لا تختلف عن هذا كثيراَ يقول السيد المسيح ( لقد حاولتم التنافس على مقعد الشرف ) والآن اضرب لكم المثل الذي يجب أن تحتذوه , تذكروا أن الخادم ليس أعظم من سيده ولا الذي أُرسل بأعظم من الذي أرسله ,وكذا يقول السيد المسيح ( أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم ) فالمحبة هي ليست كلمة الرسل جميعا إلى أتباعهم بل هي أمر مكن الله على الناس جميعا حملها ِلرُسله , لنقلها إلى البشر , لتكون أشجار رحمة ومحبة للناس , لكي يحبوا بعضهم , فلو لم يحبوا بعضهم فإنهم لن يستطيعوا أن يعبدوا الله , لأن الله محبة , وإن تُعمم المحبة , فسيكون الكره والشر هو الذي سيأخذ مكانه بدلاً منها , والشر ليس له حدود , وصنّاعه كثر , أما الخير فبالرغم من عظمته , إلا أنّه يحتاج إلى التضحية , وهو ليس سهل المنال , فعشاقه دائماً يدفعون الثمن غالياً من أنبياء , ورسل , وحكماء , وعلماء , وأصحاب فكر حر , وكذلك فعل النبي موسى في وصايا ه لقومه ألاّ يتخذوا اسم الرب لهوا ولعباً ( ولا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلاً ) أما كونفوشيوس : فيقول : ( الفضيلة الكاملة ألا تفعل بغيرك ما لا تحب أن يفعل بك ) وهكذا نرى أن الحكماء أيضاً يشبهون الرسل بالدعوة للحق والفضيلة , وهذا يؤكد أن المجتمعات وعبر تاريخها الطويل , يوجد قواسم مشتركة بينها , قواسم تدعو للخير والمحبة والسلام ليس عند الرسل والأنبياء فقط , بل أيضاً عند الحكماء والعقلاء , فالبشر يبحثون عن السلام وما الحروب والمجازر التي ترتكب أو ارتكبت عبر الأزمان إلا بسبب الظلم , أو لدفع الظلم , فالأمن والأمان حاجة إنسانية ملحة , وهي صفة ليشترك بها جميع الناس , والأديان جلها تحاول دفع الظلم عن الناس , وبما أن الناس يستمرون في التمادي بالظلم , فهم لا يلجؤن إلى المنطق وخاصة الخيّر منه , فلما لا يشكل أرباب الأديان , والقيمين على ذلك مثل مركز البابوية في روما ممثلاً برأس هرمه , وفقهاء الإسلام , ,وأحبار اليهود , وأعلام الزردشتية , وأصحاب بوذا , والطاوية , والآشورية , والمسيحية بطوائفهم , وأيضاً الديانات الأفريقية المختلفة , وكل من يؤمن بدين ما , لماذا لا يجتمع كل هؤلاء , ليقربوا وجهات نظرهم , ويعرِّفوا شعوبهم , ما هي نقاط الإلتقاء مع الديانات الأخرى , لأن ذلك لوحده كاف ٍ لإزالة نصف المشكلة القائمة بين البشر على أساس الدين , أم أن مصالحهم ومصالح أسيادهم من أصحاب رؤوس الأموال لا تريد ذلك , إذا كانوا فعلاً يؤمنون بالله الواحد , فما المانع أن يصل كل دين إلى الله على طريقته الخاصة , أم أنّ الطرق التي يريدون لا تؤدي إلى روما , وتظل الشعوب لعبة بين أيدي جهابذة الدين , اللذين هم ألعوبة بأيدي مجرمي السياسة , التي ربها المال , ولاشيء غير المال , ويستمر التقاتل بين الأقوام , على أساس الأعراق التي يُسعَّرُ نيرانها سدنة الأديان , اللذين هم الألعوبة الدائمة بيد أصحاب المصالح من تجار الحروب , وصناع الدمار الشامل , فهل هؤلاء يصنعون كل هذه الأسلحة التدميرية من أجل رفع كلمة الله على الأرض , والتي هي كلمة الحق والسلام طبعاً هذا كذب بَيّن لأنه ضد الله الذي هو محبة وعدل وسلام للناس جميعاً , أما آلهة الحروب وأرباب الموت فهم في غيهم يعمهون, فلا حل للنزاعات بين البشر إلا بالحوار , وبتغليب الطيب من الخبيث , لأن الله بما أنه هادي عباده لايمكن أن يكون إلا محبة , أما أرباب الشر والحروب والدمار واستغلال البشر , فهم من صنع البشر , فاللجوء إلى العقل والمنطق , والتفكير الحر هو الذي ينقذ البشرية من كل أوهامهم ,في تغليب طرف على طرف , أو أمة على أمة , لأنّ الأرض لا تضيق بأبناءها الخيرين , والشر وحده هو الذي يقتل أهله , لأن الذي يفعل الشر سيعدم جوازيه حتماً , والخير هو الوحيد الباقي , وخير من يمثل اللحمة بين البشر جميعاً هو الآية التالية من سورة الحجرات : ( إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم وأتقوا الله لعلكم ترحمون , يا أيها اللذين أمنوا لا يسخر قومٌ من قوم ٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساء ٍ عسى أن يكن ّ خيراً منهن ولا تلمِزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفُسُوق بعد الإيمان ومن لم يَتُبْ فأولائك هم الظالمون , يا أيها اللذين أمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم , ولاتَجّسسُوا ولا يغتبْ بعضكم بعضاً , أيحب أحدُكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ُ واتقوا الله أن الله تواب رحيم , يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن ّ أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ), كفا تطرفاً , كفا شروراً , كفا كذبا ً على الله والناس , فالدين بين , والجهل والتخلف هو وقود التطرف والكراهية , قرفنا من أكاذيبكم أيها الدجالون لأن الله محبة, والله بريء منكم ومن ألاعيبكم 0
#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟