عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7153 - 2022 / 2 / 5 - 22:18
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
نقد الذات الفردية والجمعية دليل حيوية، خاصة حين يستهدف النقد تشذيب ما فينا وما في مجتمعاتنا من أفكار وممارسات وعلاقات، للإرتقاء بها نحو التوافق والأنسجام مع قيم الحرية والمساواة والعدل.
وَمِمَّا يبهج حقا ان أوساطا أوسع فأوسع من النخبة المثقفة في مجتمعاتنا أنغمرت في عملية النقد الذاتي لواقعنا وتأريخنا، بما يبشر بمغادرة حالة الطفولة الفكرية التي تتغنى بالآباء والأجداد، وبما سلف من قيم وأفكار.
لكن في مجرى ذلك تجري، دون قصد غالبا، عمليات تحليل لتأريخنا تبتعد عن الموضوعية وتحيد أحيانا عن الإنصاف. وتصور مجتمعاتنا على انها كانت على طول الخط مجتمعات مصمتة ، نابذة للمختلف، لا تقبل التنوع العرقي والمذهبي والعقائدي، ويجري الإستشهاد بحالات تطهير إثني وطائفي جرت في مجتمعاتنا على انها هي القاعدة وغيرها أستثناء.
والحقيقة انه ليس من الإنصاف تقييم تأريخ مجتمعاتنا إنطلاقا من حقبة زمنية محددة خاصة فيما يتعلق بالموقف من التعددية العرقية والمذهبية.
لست في وارد الزعم أن العلاقات بين مكونات مجتمعاتنا أتصفت بالعدل أو بقيم التسامح كما نفهمها اليوم - وهذا ما لم يحدث حتى في المجتمعات الأخرى - بل يمكنني التأكيد أن مجتمعاتنا كان لديها مستوى من قبول الآخر ، ربما لم يكن متوفرا، في المجتمعات التي صارت اليوم تسبقنا في هذا المضمار، فأغلب مجتمعات أوربا كانت وإلى زمن ليس بالبعيد مجتمعات العرق الواحد والدين الواحد، وأغلب الحدود في أوربا رسمت على أساس عرقي ـ قومي أو ديني - مذهبي
وأمامنا حاليا تجربة يوغسلافيا السابقة، وتفتتها على خلفيات عرقية ودينية، ولا زلنا حتى الآن نرى إنقسام الإيرلنديين في كيانين على أساس طائفي. وحتى الستينات كانت بعض المقاعد في متنزهات أمريكا تحمل علامة للبيض فقط، وقبل سنوات قليلة توفيت السيدة السوداء الأولى التي رفضت التخلي عن مقعدها في حافلة النقل الجماعي لرجل أبيض.
وعند تأسيس الدولة العراقية الحديثة، في عشرينات القرن الماضي، لم يجد العراقيون سببا للأنزعاج من تعيين مواطن عراقي يهودي وزيرا للمالية، وبعد ذلك بحوالي عشرين عاما وجد الألمان أن على اليهود أن يتوجهوا الى المحارق.
ولهذا أسباب موضوعية، قد يمكن البحث فيها في وقت لاحق.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟