أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبد الرحمن حمومي - قراءة في ديوان * حجر الملح*للشاعر إبراهيم ديب















المزيد.....

قراءة في ديوان * حجر الملح*للشاعر إبراهيم ديب


عبد الرحمن حمومي

الحوار المتمدن-العدد: 1664 - 2006 / 9 / 5 - 06:37
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


توطئة
هل أمسى الشعر يتيماً؟
هل كان دائما هكذا بينما نتصور العكس؟ أو لم يكن الشعر منذ بدء الخليقة صرختنا الأولى ونحن نكتشف الأشياء إثر انقذافنا من رحم الأرض، أو لم يكن تلك اللثغة البكر للبشرية في سلم الخليقة؟ أو لم يكن إلى جانب الفنون الأخرى ذلك الفن الذي به عبرت البشرية إلى ضفاف المعرفة؟ أسئلة كثيرة لا شك أن هناك إجابات ثرة صاغها الشعراء أنفسهم والفلاسفة وحتى العلماء... تجمع معظمها على ضرورة الفن باعتباره تعبيرا عن روح الإنسان في كل زمان ومكان.
هل أمست الدواوين الشعرية منذورة للنسيان منتبذة مكانا مغبراً في مكتبات المتثقفين تعبث بأوراقها العثث دونما التفاتة، ومتابعات نقدية تضيء أسرارها وتقدم للقراء مفاتيح عوالمها الغافية؟
أقول قولي هذا لولا المتابعات الدؤوبة و العجولة في ملحق جريدة المنعطف للتعريف بأعمال العديد من الشعراء الجدد، دونما تعال كاذب أو حذلقات زائدة، ولا أخفي سرا أن هذه الجريدة المحترمة، بفتحها الأحضان لهذه الأقلام المتطلعة إلى بهو الكتابة الفسيح- بغض النظر عن معيار الجودة، إنما قد كسرت هذا التواطؤ المقيت، وبإصرار مجيد، يسترعي الانتباه، ويستدعي في نفس الوقت إسهام أقلام جادة لا زالت لم تتنبه إلى هذه الحساسيات الجديدة وتتناولها بالدرس والتحليل خدمة للكتابة عموما وللشعر بشكل خاص.
ديوان "حجر الملح" باكورة الشاعر الهادئ الصموت، إبراهيم ديب، واحد من الأعمال التي لم تحظ بأية التفاتة، على بناء القصيدة على الرغم مما يحويه من نصوص تستحق القراءة، لتوفرها على رؤية شعرية متميزة، واشتغال محمود على بناء القصيدة إن من ناحية الصور الشعرية أو من ناحية ما يطرحه من أفكار وموضوعات، فهل من الضروري- كما يشاع- أن تكون على معرفة بصاحب العمل حتى تكتب عنه؟ هل ولى زمن كنا فيه، في الثمانينيات، وما قبل ، نتراكض كي نحصل على نسخة من ديوان صدر حديثا، نتلقفه ونقرأه بشغف من
زوايا مختلفة، ومقاربات، بعضها يستند إلى خلفية إيديولوجية، وبعضها إلى مقاربة بنيوية وجمالية أو ما إلى ذلك، المهم كان يتم تقييم العمل بإثارته أتون النقاش الذي لن يقضي إلا إلى إثراء الممارسة الإبداعية.... أين أولئك الذين يتحدثون عن الشعرية، ففيما هم يحتفون بنصوص مشرقية أو غيرها، تجدهم يزدرون تجارب شعرية تنبثق من حواليهم وتترعرع من بين أقدامهم مقتاتة مما يوفره "الهامش" من دعم ومؤازرة ؟ علما أنها تتوفر على جمالية تبز نظيراتها في أصقاع أخرى، فهل يتم الاحتفاء بالشعر حقا على كثرة المنابر والمهرجانات؟ سؤال نقذفه بين أيدي المهتمين علهم يتنبهون إلى أن هذا التغاضي وهذا الازدراء لن يكون في صالح الإبداع المغربي ولا في صالح الثقافة عموماً.
عن الديوان:
ديوان * حجر الملح" صدر منذ سنة في إطار برنامج الكتاب الأول، الذي تنظمه وزارة الثقافة، للشاعر الشاب، إبراهيم ديب " وهو يتكون من واحد وثلاثين قصيدة تراوحت بين الطويلة والمتوسطة وأخرى مقطعية، اجتهد الشاعر في إعطائها عناوين تحاول لملمة أطرافها، في حين تتنوع موضوعاته بين كتابة الأحلام/ الكوابيس وبين الاحتفاء بالشعر كتعبير واختيار، وموضوعات أخرى كالهجرة السرية واستحضار تجارب الكتاب والشعراء الذين أعلوا من شأن الهامش (نموذج شكري وعز الذين التازي و زفزاف...) الملاحظ في هذا العمل أن إبراهيم ديب، على اطلاع بأنماط الكتابة الشعرية السائدة حاليا. والتي تعطي للتجريب حيزا مهما من اشتغالها، فيكون الشاعر بذلك قد انخرط إلى جانب آخرين في البحث عن الصياغات التعبيرية الملائمة مع ما يتبع ذلك من نجاح أحيانا وفشل في أحايين أخرى.
في حضرة النصوص:
لا أزعم أني سأقدم قراءة نقدية لهذا العمل، فلست ناقداً على أي حال ولكن هذا لا يعفيني من محاولة الغطس في نماذج من هذه النصوص من زاوية عاشقة علما أنني أعتقد، وقد أكون مخطئا، أن الحديث عن الكتابة الشعرية بغير لغة الشعر، خيانة له، لسبب بسيط هو أن الكتابة الشعرية، لها خصوصية معينة لن نحصرها قطعا في ظواهر الإزاحة والاستعارات والاشتغال على اللغة الخ ...
تمتاز نصوص الشاعر إبراهيم ديب بتلك النظرة الصافية ذات الخلفية البدوية حيث الاحتفاء بعناصر الطبيعة على تنوعها، والتملي بظلالها وسديمها ، ونقل كل ذلك في صور شعرية تأخذ برقاب بعضها البعض كي تقدم للقارئ أفكاراً نقف عند بعضها:
• السعي إلى الانتساب إلى سلالة الشعراء القابضين على جمر الكلمة.
• امتداح المخيلة بوصفها النافذة الوحيدة لتنفس الشاعر من اختناقات اليومي.
• السفر بلا توقف في مراتع الحلم وتهشيم العادية .
• الحديث بلغة الأشياء وليس عنها.
يقول في قصيدة "مدح اللامرئي"
هاهم يمرون فوق جسر مخدوع
أولئك الأصدقاء المريبون
هاماتهم تربك الحياة
كما لو كانوا نثار بارود ...
.....
.....
أرى هزيجا يكتنف كل الأعشاب
وها أعود إليك تكتنفني الأسرار
في كفي حصاة لامعة .
يحاول الشاعر قراءة في سميولوجية الليل / مجمع الأسرار ، حيث الشعر يشيد قلعته المضيئة فيما وراء الظلام إلى درجة التماهي مع الليل والتوحد بأسراره :
يقول في قصيدة " الورثة" :
أيها الليل يا شبيهي
هل أنت أنا
أم أننا وجهان غريبان في صورة واحدة .
الليل إذن يحل في الشاعر بوصفه الأفق المفتوح على كل الاحتمالات .
يقول :
الشعراء كالنجوم
يبرقون بلا مقابل .
ينحو الشاعر إلى استقطار حليب الصور التي تفضي إلى خلفيتها الحلمية(نسبة إلى الحلمة ) ، عودة بموسيقى يائسة أو تكاد إلى مرابع طفولة مفتقدة، حيث الشعر- الضرورة التي لا نعرف لم منذور لحب مستحيل ، للقلة أو ليس أن بغاث الطير أكثرها ولودا ؟ وحيث الواقع بجهامته بالمرصاد:
أيها الشعر لا تتركني وحيداً
كاحتمالات الحب بين شرفتين*
من قصيدة " أحلام الصعاليك".
و: * فاتحاً صدري لأجراس الذكريات
لأسماء غربية توقد جمر الطفولة*
من قصيدة "أجراس".
ولكن الأمل يظل منتصبا بأيدي أولئك الذين يزرعون فتنة الجمال بكلماتهم، يقول :
هؤلاء الصعاليك الممتعون
كأساطير طالعة من بئر القيامة الموسرون كالشجر*
من قصيدة "أحلام الصعاليك".
الشعر بوصفه مقاومة للموت، وبوصفه أيضاً تنبؤا بالخراب القادم حيث يعلن الشعراء "خرابهم البهيج " بأساور ترن من سهو" مطرز بالفائدة"على إيقاع التداعي فيما تتيحه المخيلة من عوالم . يبدو أن هذا الشاعر البدوي الطليق وهو يتقدم إلى سديم الأشياء بمبضع اللغة ومتقبلا لسعة الشعر وما يتركه من ندوب غائرة يسعى جاهدا إلى الكتابة من داخل الرؤيا متوسلا إيقاع الأشياء غير مكتف بتوصيفها الحرية سيدة هذا الكوكب
مجرى يقود الأفكار
نحو باب اللحظة العظيمة
أعني باب الحياة"
من قصيدة" أفكار ومعادن"
أستحضر هنا سيرة الشاعر الروسي "سيرغي يسنين" يسعى بروحه البدوية المتوثبة إلى التغني بعناصر الطبيعية غير عابئ بشخصه الذي يتلاشي بين حانة وحانة عارضا قصائده على السكارى... أين الشاعر من كل هذا غير هاتة الرأس المقتطعة عنوة وقد حلت في حضرة الكواكب والأنجم تتملى طلعتها ؟ كان صادقاً حتى الثمالة، عاريا إلا من حلمه، أو لم يكن " دييغو ذي أونامونو" على حق حين قال: " كل ما لم يكن معرضا للعراء، فهو مزيف أصلاً " و كان يعني بقوله الأدب.
نتوقف عند هذا الحد، ونحن نعلم أننا لم نستوف كل النصوص حقها الذي تستحق، وإن كان من غاية وراء ذلك فإنما الدعوة إلى الإقبال على قراءة هذا العمل لما يزخر به من متعة جمالية مؤكدة.



#عبد_الرحمن_حمومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنون(1


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبد الرحمن حمومي - قراءة في ديوان * حجر الملح*للشاعر إبراهيم ديب