كثيرا ماترددت وانا احاول التفكير بالتعليق على السلسلة الطويلة من المقالات التي نشرها ويستمر بنشرها الدكتور كاظم حبييب عبر مواقع الانترنيت وربما بالصحافة ايضا والتي تحدث فيها عن استعدادات صدام حسين ومن معه للمرحلة القادمة ومايخبأه تحت الارض من خلايا سرية مزودة بالمال والسلاح مشبها اياها بخلايا المافيا الاجرامية التي عرفتها امريكا في الثلاثينيات ويدعوا ابناء العراق للتصدي لها او اخبار السلطات عنها، وجاءت سلسلة مقالاته هذه تحت عنوان ( نشاط قوى صدام حسين ما بعد سقوط النظام في الداخل والخارج ) ان المعلومات الكثيرة التي اوردها في مقالاته والقوة الخارقة اشار الى تمتع صدام حسين ومن معه بها والتي صورها على انها حقيقة موجودة تتمتع بامكانية مفاجئتنا في اي مكان ومعرفتي بالدكتور الذي ذاع صيته والذي يقول في مقالاته بانه تحاور مع صدام حسين شخصيا و لساعات منتقدا تجربة البعث الاقتصادية في العراق جعلتني اترددت كثيرا وترددي ناتجا عن الخوف الذي تسرب الى نفسي من نفسي ومن هذه القوى الشبحية التي يحملها الهواء للدخول في جهازنا التنفسي عبر الاستنشاق يوما ما وقد يكون ترددي ترددي بسبب الهجوم المعاكس الذي اتوقعه من الدكتور وانصاره ولاني اعرف جيد السلوك العشائري الذي تتمتع به احزابنا العراقية.
قررت الكتابة اخيرا معتمدا على الله وعلى الحرية التي منحتنا ايها المواقع التي تؤمن بالحوار وعلى الديمقراطية التي جائنا مع العم سام وابو ناجي والتي جعلت من الفأر اسدا .
شعرت بالخوف من نفسي على نفسي بسبب انتمائي لحزب البعث العربي الاشتراكي وخوفي ناتج عن عدم معرفتي بالاشياء التي تحدث في الحزب الذي انتمي اليه والتي ذكرها الدكتور في مقالاته بالرغم كوني ابن التجربة البعثية وهو من خارجها وبالرغم من السنوات الطويلة التي قضيتها في صفوف الحزب فالسؤال المحير الذي وجدت نفسي امامه هو هل مايقوله الدكتور حقيقة ام خيال واين انا من هذه الحقيقة؟ الحقيقة التي اتصورها الان وانا اكتب هذه السطور كانها الخيال، ان الاستنتاجات التي توصل اليها الفاضل عبر كراس حزبنا الداخلي الثورة العربية واحاديث طارق عزيز لاترتقي الى الحقيقة ولانه انتهج منهجا مخالفا لمنهجه في الدراسة والتحليل والاستنتاج ، ان الاعتماد على نص اوجملة اومفردة في كتاب او مجموعة كتب هو منهج بنيويا قد عفى الزمن عليه وان اول من اشار الى موت هذا المنهج هم الذين تبنوا البنيوية التوليدية وهم رفاق فكر للدكتور.
اما القوة الخارقة التي نسبها الى صدام حسين والصداميون ان جاز لي ان اقول ذلك فهي من الامور المبالغ فيها وان من وراها اهدافا اراد تحقيقها ومن اهمها الثأرالذي يستعر في نفسه بسبب سجن قد تعرض له او طرد من وظيفة كان يعمل بها وهذا الثأر الذي يريد اخذه من كل ماهو بعثي بغض النظر على مايترتب على ذلك من عنف وعنف مضاد هو الدافع من وراء مقالاته وهذه الطريقة في التحريض لاتتناسب مع مكانته العلمية وعمره فهو يعلم جيد قبل غيره بان شعبنا في العراق جريح مطعون في كرامته يواجه مصيرا مجهولا وان المطلوب من ابناءه الشرفاء تضميد جراحه والاخذ بيده نحو مستقبل افضل وعدم اجترار الماضي الذي سيعيدنا الى دوامة لاتنتهي، عرفت الدكتور قديما عبر كراسه في الموسوعة الصغيرة التي كانت تصدرها وزارة الاعلام اقتصاديا يدرس الاموردراسة علمية والنهج العلمي يفرض عليه دراسة الواقع دراسة دقيقة ليجد البديل المناسب والواقع الحالي الذي يمر به العراق وماتعرض له صدام حسين وحزب البعث ابعد مايكون عن اجتهادات الدكتور التي ارى انها ضرب من الخيال وتقترب في فنطازيتها من افلام هوليود رغم اعترافي بانه ادخل الخوف الى نفسي من الحزب الذي انتميت اليه وقد يكون الدكتور بصدد جمع هذه المقالات في كتاب يأمل ببيعه في عراق مابعد صدام ويكون هذا الكتاب مشابها لكتاب اضواء على الحركة الشيوعية في العراق والذي بيع في العراق بعد انفراط عقد الجبهة الوطنية والقومية التقدمية والذي كتبه سمير عبد الكريم .
لم اتحاور مع صدام حسين ولم اقابله في حياتي ولم انتقد تجربة البعث كما فعل الدكتور لكني اعرف جيدا ان الناس في ذلك الزمن الذي اشار اليه والذي قال بانه قابل صدام حسين وتحدث معه بشكل مباشر، الزمان كان زمان صدام الذهبي فالرجل كان محاطا بالمعجبين من ابناء اليسار العراق والرفيقان فيدل كاسترو وبريجنف استقبلوه بالاحضان ودخن معهم السيكار الكوبي ولم اسمع اوارى رجلا حاول نقد التجربة البعثية في حضرته ولانها كانت تجربته وكل شيء كان يصدر عنه هو الصواب بعينه وبسبب فرمان ومباركة الباب العالي في موسكو، ان الشيء الوحيد الذي كنا نراه هو الاعجاب والتصفيق الذي يقابل به من قوى واحزاب عديدة من غير البعثيين وهذه القوي هي السبب من وراء تجنبنا مناقشت رفيقنا نحن اعضاء الحزب وهي السبب في تغير مبدأ الديمقراطية المركزية في الحزب الى المركزية الديمقراطية وعلى منوال دكتاتورية البروتارية، يتذكر الدكتور جيدا مؤتمر الانتاج والانتاجية وجلوس عامر عبدالله على يمين صدام حسين ويتذكرالبعثيون الذين ابعدوا عن وظائفهم اثناء جلسات المؤتمر بسبب حديث عامر عبد الله عن التجربة السوفيتية.
اناشد الدكتور ورفاقة اليمقراطيون من ابناء اليسار ان يكونوا بمستوى الديمقراطية التي ينادون بها ويتحملوت ملاحظات بعثي اراد محاورتهم وان لايندفعوا باتجاه المغالات في الامور ولانهم اصحاب تجربة مماثلة لتجربتنا، فالكتلة الشيوعية الشرقية عندما انهارت مع انهيار جدار برلين، لم يتهم الحزب الشيوعي بمثل ما يروج ضدنا و رغم كل الذي حصل من اخطاء والذي نعرفا ولسنا الان بصدد ذكرها ولم تنسج حوله الحكايات كما هو الحال في مقالات الدكتور التي تناولت حزبنا، ان الاحزاب الشيوعية بعد تجاوزت ازماتها استمرت في العمل السياسي وفق اللعبة الديمقراطية، لم نسمع ان الامريكان طالبوا باجتثاثها كما يحصل اليوم في العراق مع حزبنا واعتقد بان قوى اليسار وخاصة الحزب الشيوعي العراقي بحاجة اليوم للوقوف طويلا لمعرفة مايدور خلف الكواليس ومايدورعلى الارض العراقية وان يتذكر اعضاءه بانهم كانوا متحالفين مع حزب البعث العربي الاشتراكي قبل عام 1958 وانهم كانوا في جبهة مع الحزب في السبعينات والاسباب معروفة والاخطاء التي ارتكبت معروفة ومعروف من يقف وراء ارتكابها، واليوم اعتقد ان من حقي ان احلم واجاهر في حلمي باسم الديمقراطية في ان ارى التحالف القديم يعود من جديد رغم الذي جرى وذلك لنفس الاسباب التي كانت قائمة قبل ثورة تموز 1958 فالعراق محتل والقوى المحتلة هي نفس القوى القديمة والقوى المتحالفة مع قوى الاحتلال هي نفس القوى بل واكثر خيانة من القديمة، فمن غير المنطقي ان يتحالف الحزب الشيوعي وقوي اليسار مع القوى العميلة المرتبطة بالاجنبي او مع القوى الدينية التي تسيطر اليوم على الشارع العراقي يصل الامر ستطالب يوما ما باجتثاث اليسارعلى قاعدة التكفير كما يطالب الاخوة الامريكان ومن معهم باجتثاث حزب البعث العرابي الاشتراكي.
مالمو ـ السويد
18/5/2003