|
عن الإنس والجن
سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 7150 - 2022 / 1 / 31 - 14:23
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أركيولوجيا العدم 111 - الأنا المشتتة بين الإنس والجن الإنسان كائن يطارد نفسه، هو المطارد والطريدة، هو الصياد والفريسة. يريد أن يلتقي بنفسه، يتعرف على كينونته ووجوده، إمكانياته وحدوده، يريد أن يجلس على طاولة واحدة مع ذاته ويفتح جميع الملفات المؤجلة. الإنسان حاول في جميع الأحقاب والعصور التفاوض مع ذاته وعقد الصلح أو على الأقل عقد هدنة مؤقتة. وأعطى أسماء ووجوه وأقنعة متعددة لهذا "الآخر" الذي يسكن تحت جلده، فكان يكلم الله والملائكة والجن والأرواح والشياطين المتعددة التي تتجول في الفضاء من حوله وتولول مع الرياح في ليالي الشتاء الممطرة. بطبيعة الحال، يمكنك أن تكلم الله وتناجيه وتحبه وتعشقه وتطلب منه ما تشاء، ففي هذه الحالة أنت متعبد وولي صالح، ولكن عندما يبدأ الله يكلمك ويرد على تساؤلاتك، فهناك إشكالية تحتاج إلى الحل. في الماضي البعيد، عندما يكلمك الله، فأنت نبي أو قديس على أقل تقدير، أما اليوم فلابد أنك مصاب بالشيزوفرينيا أو الصرع أو أي إختلال عصبي آخر، وعادة ما ينتهي بك الأمر في مصحة لمعالجة الأمراض العقلية. وهو ما يحدث اليوم مع العديد من المصابين بالإضطرابات النفسية والعصبية، والتي بدأت تنتشر بطريقة مخيفة في السنوات الأخيرة، ومع غياب المصحات المتخصصة في الأمراض النفسية، فإن المجال يظل مفتوحا أمام الخرافات والأفكار الماورائية والشعوذة. يعد اضطراب الهوية الفصاميّ أو الانفصاليّ - Dissociative Identity Disorder - DID، والذي كان يسمّى سابقاً باسم اضطراب تعدّد الشخصية حتى 1994، عندما تم تغيير الإسم ليعكس فهم أفضل للحالة - أي أنها تتميز بتجزئة أو تشتت الهوية، بدلا من تكاثر أو نمو شخصيات منفصلة. أعراض اضطراب الشخصية الانفصامية لا يمكن تفسيرها على أنها آثار نفسية مباشرة لإختلال عضوي أو لحالة طبية عامة، وهو خلل يندرج تحت مظلة الاضطرابات الفصامية، وهي اضطرابات نفسيّة تسبّب عوائق وتعطيل للذاكرة والإدراك والفهم، وعند حدوث خلل في هذه "الوظائف" تظهر أعراض هذا الاضطراب عن طريق تطوير وخلق "شخصيّة" أو عدة شخصيات تحل محل الشخصية المعروفة إجتماعيا، شخصية لها إسمها وتاريخها وخصائصها ولهجتها وصوتها الخاص. ويمكن أن تحدث هذه الظاهرة في أيّ وقت وأي عمر. وقد تكون أعراضاً بسيطة، أو شديدة إلى درجة تداخلها مع الشخصية الأساسيّة في حياتها الداخليّة أو في العمل، وتسبّب مشاكل عديدة. في حوالي 90% من الحالات التي تعاني من هذا الاضطراب، ترجع أسبابه الرئيسية حسب الدراسات، إلى أحداث مؤلمة سابقة، وأن هؤلاء الأشخاص عانوا من الصدمات العاطفية والنفسية والإيذاء وسوء المعاملة في فترة الطفولة. التجربة المؤلمة قد تكون اعتداء عاطفي، جسدي أو جنسي عنيف، أو نتيجة بعض الحوادث الدامية، كحوادث السيارات والحروب، الكوارث الطبيعيّة، العزلة الطويلة بسبب مرض، فقد شخص عزيز أو أحد الآباء في مرحلة مبكّرة من حياته وكل ما يمكن أن يسبب صدمة عنيفة. يمكن اعتبار هذه الظاهرة من ميكانزمات أو آليات الدفاع، بمعنى أنّه عندما يختبر الشخص موقفاً أو تجربة قاسية عنيفة وصادمة أو ومؤلمة، فإن الشخص يعزل أو يفصل نفسه عن الواقع، ويخترع هذه الشخصيات الجديدة كدروع أو أقنعة واقية لحمايته، فتتكوّن هذه الشخصيات المتعددة التي تظهر أثناء الأزمات الحادة. هذه الشخصيات أو الهويات المختلفة، لكلّ واحدة منها عمرها، وجنسها، وعرقها، وصفات خاصّة مميّزة فيها، وقد تكون هوية لأشخاص خياليّة أو حتى أشياء أو حيوانات في بعض الأحيان، وعندما تكشف إحدى هذه الشخصيات عن نفسها، فإنها تتحكّم بسلوك وأفكار المريض تماماً، ويتقمص المريض هذه الشخصية ويتكلم بإسمها وبصوتها ولهجتها. وفي بعض الحالات يعاني الشخص من الاضطهاد من هذه الشخصية التي تريد معاقبته أو قتله. وتوجد أعراض أخرى مصاحبة لهذا الاضطراب، مثل الاكتئاب، إضطرابات المزاج، القلق والأفكار السوداوية الانتحارية، اضطرابات في النوم تسبب الأرق ثم الإرهاق. وقد تؤدي أيضا إلى تعاطي المخدرات أو شرب الكحول، فقدان الشهية وأعراض نفسية عديدة مثل الهلاوس السمعيّة والبصريّة، والأوهام وفقدان الذاكرة. يطبيعة الحال، تسبّب هذه الأعراض المتعددة، مجتمعة أو منفصلة مشاكل اجتماعيّة ومهنيّة وشخصيّة، ولا يستطيع الإنسان العيش بصورة طبيعيّة. يمكن أن تتسبب ظروف أو ضغوط معينة في ظهور تغيير معين في الشخصيات الجديدة ذاتها، قد تنكر الهويات المختلفة معرفة بعضها البعض، أو تنتقد بعضها البعض، أو تبدو في صراع عدواني مفتوح، الواحدة ضد الأخرى أو ضد الشخصية الأساسية. في أجزاء كثيرة من العالم، كما هو الحال في المجتمعات التي تسيطر عليها الأديان السماوية، يعتبر اضطراب الهوية الفصاميّ نوعا من الحيازة أو التلبس كجزءً طبيعيً من الممارسة الثقافية أو الروحية. غالبًا ما تظهر الهويات الشبيهة بالحيازة possession states كسلوكيات لأشخاص تحت سيطرة روح أو جن أو كائن خارق للطبيعة. تصبح حالات الحيازة اضطرابًا فقط عندما تكون مقبولة ومرغوب فيها، غير أنه في العديد من الحالات لا يتم قبولها كجزء من الممارسات الثقافية أو الدينية، وخاصة أن الثقافة الشعبية ترجع أسباب هذه الحالات إلى أعمال السحر الأسود والشعوذة. ففي الثقافة الشعبية الإسلامية، يعتبر الإنسان المصاب بهذا النوع من تفكك الشخصية، كإنسان ممسوس من قبل قوى خبيثة هي الجن، التي تدخل في جسده وتستولى على إرادته وتجعل الجن هو الذي يتكلم بدلا من المريض. والعلاج الوحيد المتاح هو الرقية وقراءة آيات معينة من القرآن بواسطة أقارب المريض أو من قبل بعض الشيوخ. وتوجد حاليا في ليبيا على سبيل المثال، ( نظرا لإزدياد حالات الفصام والشيزوفرينيا وتشتت الشخصية بشكل ملحوظ ) العديد من المراكز المتخصصة في طرد الأرواح الشريرة exorcisme ومحاربة السحر والشعوذة التي يعتبرونها السبب لهذه الإضطرابات النفسية والعصبية. المساجد وبعض الجماعات الإسلامية المنظمة هي التي تشرف على هذه المراكز. وهذه بعض المعلومات التي يمكن قرائتها على صفحات الويب والتي يصدقها العديد من المواطنين من الشباب والشيوخ : " يتواجد الجن عموما في الخلاء والغرف المهجوره والتي يوجد بها روائح كريهه أو يرتكب فيها معاصي أو الغرف التي يعلق فيها صور، وايضاَ في زوايا الغرف. أما عن كيفية دخول الجن فى جسم الإنسان فغالباً يدخل الجن لجسم الإنسان من أطراف اليدين والقدمين والفم أو الأنف لقول الرسول : "إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل من الفم". أما عن أسباب دخول الجن لجسم الأنسان هي : الغفلة وارتكاب المعاصي وترك الأذكار والفرح الشديد والغضب الشديد، والوجود في أماكن المعصية وارتكاب الكبائر. حين يخرج الجني من جسد الإنسان فإنه يضع بصمه لا يراها إلا الجن، وهذه البصمه هي بوابه تسهل لهم عبورهم مره أخرى، مالم تغلقها بالاذكار صباحا ومساء. إذا قمت بتبديل ملابسك قل ( بسم الله الحكيم ) حتى لا يرى الجن عورتك فإن نظرتهم خبيثه وقد يٌعجب الجن بجسدك فيعشقك ويدخلك، وهذا أسمه الجن العاشق ويسمى هذا النوع من المس بـ "مس العشق". عموما هم يكرهون ذكر الله، وينفجرون صراخاً حينما يشمون رائحه المسك ويبكون حينما تسجد ويتدافعون هاربين إذا قلت لا اله الا الله بصوت عال." ولا حول ولا قوة لا بالله ولا بالجن ولا بالعفاريت.
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السرير
-
العودة للحياة
-
المنطق الرياضي لمعرفة الخير والشر
-
تفاصيل يوم الحشر
-
قراءة القرآن
-
- أنا - لم تكتب هذا النص
-
الحجر الجيولوجي والحجر الأركيولوجي
-
عناقيد الهموم
-
الإنسان الإلكتروني
-
رطوبة الصمت
-
ثنائية العقل والجسد
-
الإنسان ومعجزة العقل
-
حكايةعن الجوع والحرية
-
عن الكابوس الليبي والندم
-
الحلم بليليث
-
عذاب القبر
-
سيجارة السابعة والنصف صباحا
-
الآخر ومنفى الأنا
-
الكابالا والفلسفة الحديثة
-
التصوف والعدم
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|