أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الطيب طهوري - عن مثقفينا وكرة القدم














المزيد.....

عن مثقفينا وكرة القدم


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 7148 - 2022 / 1 / 28 - 20:31
المحور: المجتمع المدني
    


الفرق شاسع بين الفرح الوهمي والفرح الحقيقي..الوهمي سرعان ما ينتهي ..الحقيقي دائم..الوهمي أكثر ارتباطا بمجتمع القطيع..الحقيقي أكثر ارتباطا بالوعي المسؤول..
عندما يستلف عريس ما مالا من غيره ويكلف نفسه فوق طاقتها لإقامة عرس مظاهري كبير استجابة للقطيع الذي يعيش فيه،ثم يجد نفسه بعد نهاية العرس مخنوقا بالدائنين أعتبر فرحه فرحا وهميا..
الانتصار في الكرة لفريق ما فرح،لكنه فرح وهمي ايضا،لأنه فرح سرعان ما ينتهي،وهو أيضا فرح قطيعي..ذلك أن الانتصار في كرة القدم أو الانهزام فيها لفريق ما على فريق ٱخر أمر طبيعي ..لكن أن يتحول الانتصار إلى احتفالات صاخبة تستمر طوال الليل،ويصبح الناس نعسانين عاجزين عن تأدية أعمالهم على أكمل وجه،ثم ينتهي ذلك الفرح..أو تتحول الهزيمة إلى يأس كبير،يرى الناس فيه وكأن الحياة انتهت،وبشكل جماعي،فان ذلك لا يدل الا على أن المجتمع يعيش أزمة كبيرة،ازمة فقدان الفرح في حياته،وهو ما يدفع به إلى ما ذكرت،فرحا جنونيا أو ياسا رهيبا..
ما أثار انتباهي بعد هزيمة فريق الجزائر أمام غينيا الاستوائية ليس ذلك اليأس الذي صار عليه العامة من الناس،فذاك أمر متوقع..ما أثار انتباهي هو هؤلاء الذين نسميهم المثقفين أو نخبة المجتمع..لقد تفاجات كثيراً وأنا أرى العديد منهم يسلكون نفس سلوك العامة فيقيمون الدنيا ولا يقعدونها حزنا على فريقهم الذي تلقى تلك الهزيمة..
بعض هؤلاء المثقفين ارجع الهزيمة إلى تٱمر الدول الأفريقية المشاركة في البطولة على فريقنا..
البعض الٱخر أرجعوها إلى ما ما سموه بالسحر الاسود وتاسفوا كثيرا على افتقاد الجزائر السحرة الذين كان بأمكانهم ،لو وجدوا ،ابطال ذلك السحر..
البعض الثالث ألغوا صداقات ،افتراضية أو واقعية، لأصدقاء غير جزائريين لأن أولئك الأصدقاء عبروا عن فرحهم بهزيمة الجزائر..
البعض الرابع تعهدوا بمقاطعة سلع دول وعدم زيارتها لأن البعض من أبناء تلك الدول عبروا عن فرحهم بهزيمة فريقنا..
البعض الخامس ملأوا صفحاتهم الفيسبوكية بالأدعية التي يطلبون من الله بها الانتصار لفريقنا يجعله يهزم الفرق التي سيتقابل معها..و..
لم يبق أمامهم سوى التوجه إلى قبر الراقي الشهير بلحمر والتبرك به،فلربما يكون منقذهم..
الغريب في الأمر أن هؤلاء المثقفين واولئك لم يروا أمامهم ما وصلت إليه حال البلاد من بؤس..
لم يروا ٱلاف العقول الجزائرية التي تكونت بأموال الجزائريين تهاجر لتخدم دولا أخرى على حساب بلادهم الجزائر..لم يحزنوا على ذلك..
لم يحزنوا على ٱلاف الحراقة الذين مات الكثير منهم في أعالي البحار وتركوا وراءهم أمهات وٱباء وأهالي يبكون حرقة عليهم...
لم يحزنوا على الذين زج بهم في السجون،فقط كونهم عبروا ،وبشكل سلمي،عن أحلامهم في بناء دولة جزائرية ديمقراطية حديثة، أو عارضوا،وهو أمر مشروع،السلطة التي تحكم بلادهم وتسير شأنها العام..
لم يحزنوا على الفقر المقنن الذي يزحف وبسرعة على اغلب الجزائريين..
لم يحزنوا على الأراضي الزراعية التي قضى عليها الأسمنت المسلح واستولي عليها المتنفذون..
لم يحزنوا على المجاري المائية مولدي الحراش ووادي سيبوس ووادي بوسلام وغيرها من الأودية والأنهار التي تلوثت كلها ولم يعد ماؤها صالحا للاستعمال..
لم يروا طوابير الزيت والحليب التي جعلتنا أضحوكة العالم..لم يحزنوا لذلك..
لم..
لم..
ما أتعسنا..
ستنتهي مقابلات البطولة الافريقية،تماما كما انتهت البطولة العربية،ونعود إلى حالنا..حالنا المؤلمة جدا جدا..وننسى كل هذا الذي حدث..
وما يبقى في الواد غير حْجارو..
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا صرنا كلنا هكذا؟..لماذا أصبحنا قطيعا كلنا، أناسا عاديين ومثقفين؟..
إنهها الزمة التي نمر بها..أزمة انغلاق كل أبواب التغيير أمامنا وبقائنا ندور في حلقة مفرغة من كل شيء، إلا من سوادها..كل شيء نراه ينهار امامنا، وبسرعة عجيبة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا..
المجتمعات التي يصير حالها هكذا تمسي مجتمعات صراخية لا مجتمعات مفكرة..مجتمعات تتعلق بما هو هامشي في حياتها، لا بما هو أساسي..
التعامل مع كرة القدم هكذا، انتصار فرق وهزائم فرق، لايدل إلا على شيء واحد..إنه يأسنا الذي وصل إلى أقصاه..



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمدين ودمقرطة المجتمعات المخرج الوحيد لمواجهة الأزمات
- عن الجزائر الجديدة
- أنظمة الحكم العربية خطر على شعوبها
- كورونا..بين الرأسمالية والتعداد البشري المهول
- عن حرية الإبداع ..عن مشاعر صائمي رمضان
- في معنى الأخلاق..كيف هي عندنا؟..كيف هي عندهم؟
- بيان مثقفين جزائريين
- عن مصالح الرعايا..عن مصالح المواطنين
- بين الدولة الدينية (الإسلامية) والدولة العلمانية
- الوانتوثريست*..البطالة والفساد الأخلاقي
- البنية ودلالات الأسماء في رواية-صخرة نيرموندا-
- عن معيقات الحداثة في عالمنا العربي الإسلامي
- بين الهند والجزائر
- أن ينتقِدوا، ذاك حقهم ..من واجبكم مجادلتهم والرد عليهم بالحس ...
- من المسؤول عما نحن فيه؟
- هذا ما يفعله مسؤولو ال تحت في شعوبنا العربية
- عن الإيديولوجيا..عن مخاطرها
- في معنى الأصالة
- عن ديمقراطية الشعر..عن لا ديمقراطيته
- عن القصيدة/ القبيلة العربية ومجتمع حاضرنا العربي


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الطيب طهوري - عن مثقفينا وكرة القدم